كيري للرياض: الأسد ينتصر في الميدان… وجنيف يسابق حلب بولادة حكومة هيئة الحوار تفتقد جعجع لإثبات جدّية ترشيح عون… وقانون الانتخاب يتصدّر
كتب المحرّر السياسي
تتجه أغلب التقديرات نحو توقّع مشاركة جماعة الرياض في لقاء جنيف يوم الجمعة المقبل، بعدما تقاطعت المعلومات عند رسائل ضمانات طلبتها الجماعة من السعودية وتركيا وفرنسا، بالانسحاب معها من اللقاء عندما تجد أنّ الطريق مسدود أمامها، بينما تعمّم جماعة الرياض مناخات رفض المشاركة في لقاء جنيف الجمعة، وتورد ما يكفي من الأسباب التي أجملها بلغة اليائس أحد رموزها برهان غليون، بقوله إنّ واشنطن باعت المعارضة إلى موسكو وطهران، وإنّ ما سيجري في جنيف هو لمجرد صورة تذكارية تستمرّ على إيقاع تقدّم عسكري مضطرد تسقط معه المواقع بيد الجيش السوري حتى تقبل المعارضة بالمشاركة في حكومة تحت راية الرئيس السوري بشار الأسد وهو ما قاله غليون وقبله المتحدث بِاسم هيئة مفاوضات جماعة الرياض منذر ماخوس إنّ وزير الخارجية الأميركية جون كيري قاله بوضوح لرئيس الهيئة رياض حجاب، بينما قال رئيس الوفد المفاوض أسعد الزعبي إنّ كيري قال بصراحة ووضوح: أمامكم فرصة واحدة لإزاحة الرئيس السوري، وهي أن تكسبوا الانتخابات الرئاسية في وجهه ما دمتم تقولون إنّ أغلبية الشعب السوري معكم. ونقل أعضاء آخرون في الهيئة أنّ كيري أبلغ السعوديّين الذين نقلوا إلى جماعة الرياض كلامه بالدعوة لاستغلال فرصة جنيف للإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية في ظلّ الرئيس السوري الذي يحقق انتصارات متسارعة في الميدان، وقد يكون أنهى معاركه في شمال وجنوب سورية بما في ذلك حسم أمر العاصمة الثانية حلب بصورة نهائية، في الربيع.
معارضة «ببكي وبروح» مدّدت مشاوراتها إلى اليوم تمهيداً لاتخاذ القرار النهائي، الذي تقول مصادر متابعة إنه كان سهلاً حسمه أمس، لو كان القرار الراجح هو عدم المشاركة.
يجري التحضير لجنيف على قدم وساق بعدما وجه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الدعوات، ولا تزال الصورة غامضة حول ما إذا كانت ثمة تعديلات ستطرأ بعد إعلان جماعة الرياض موقفها، خصوصاً إذا قررت المقاطعة، ما سيرتب تعديلاً في الوفد المعارض وتوجيه دعوات جديدة.
بالتوازي يخطف الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني عناوين الصفحات الأولى في الصحافة الأوروبية، خصوصاً في التعليقات على السخاء الإيراني في الاتفاقيات والصفقات التي سيوقعها وفد إيراني كبير يجول العواصم الأوروبية برئاسة روحاني، غادر العاصمة الإيطالية نحو العاصمة الفرنسية باريس، وباليد اليمنى عقود وصفقات وباليد اليسرى عقود وصفقات، وتناولت رسوم كاريكاتورية في الصحافة الأوروبية صور روحاني وهو يمسك دفاتر شيكات متعدّدة ولعاب المسؤولين الأوروبيين يسيل وهم يقفون صفاً طويلاً بانتظار أن ينالوا دورهم، بينما وصفت «نيويورك تايمز» ديبلوماسية الصفقات الإيرانية مع الغرب، بالخسارة المطلقة لـ»إسرائيل» ورئيس حكومتها نتنياهو، ناقلة رسماً كاريكاتورياً لصحيفة سويسرية تشبّه اللقاء الأميركي الإيراني بحمامتَيْ سلام تتعانقان وترميان أوساخهما على رأس نتنياهو.
لبنانياً، حيث لا يزال مصير جلسة الحكومة بانتظار حسم الاسم الأرثوذكسي في المجلس العسكري، تنعقد هيئة الحوار الوطني، وسط التساؤل عن سبب مواصلة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في مقاطعة الحوار، بعدما كانت ذريعته غياب القضية، وقد صارت لديه قضية بعد انضمامه إلى ترشيح العماد
ميشال عون يقوم نجاح مسعاه وقيمته في خدمته بمشاركة من تجمعهم هيئة الحوار أولاً وأخيراً في خيار رئاسي يؤدّي إلى تحقيق النصاب.
في ظلّ المبادرات الرئاسية التي يُعطِّل بعضها بعضاً، يرجح متابعو الحوار أن يصير البحث في أمور جانبية تقليدية مثل تفعيل العمل الحكومي، المتوقف عند عقدة المجلس العسكري، بينما سيذهب تيار المستقبل إلى إثارة ملف المحكمة العسكرية من باب قضية إخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، وسط التساؤل أمام الانسداد السياسي عن سبب تفادي الدخول على خط نقاش جدّي لقانون انتخابات يعتمد النسبية، بعدما زاد التلاقي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر من الأسباب الموجبة لتفكير جديد لدى كتلتي الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط يجد في التمثيل النسبي ضماناً من مخاطر طغيان طائفي في بعض الدوائر يغيّر جذرياً في المشهد النيابي، ما قد يساهم في اصطفاف كتلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند مشروعها الأصلي القائم على النسبية، بدلاً من صيغة القانون المختلط الهجينة التي تفقد النسبية مهابتها دون أن تحقق شيئاً من أهدافها، ويكتمل العقد نحو النسبية بمواقف التيار الوطني الحر وحزب الله والقوميّين والبعثيّين وعدد من القوى والشخصيات.
حوار على وقع لقاء معراب بغياب عون
على وقع لقاء معراب والسجال الذي دار بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حزب القوات سمير جعجع على خلفية دعمه ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون تعقد اليوم جولة جديدة من الحوار الوطني في عين التينة، بغياب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي سيحضر عنه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وبغياب رئيس حزب القوات. وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن جلسة الحوار اليوم ستكون أقل من عادية فالضوضاء الذي يحيط بها لأنها تلتئم بعد لقاء معراب».
وإذ أكدت مصادر المتحاورين لـ«البناء» «أن ملف تفعيل الحكومة سيحضر في الجلسة اليوم من باب التعيينات الأمنية في المجلس العسكري». ورجحت المصادر «أن يكون موقف رئيس الحكومة تمام سلام الذي أثاره في دافوس محور النقاش وإن كان حزب الله ينظر نظرة إيجابية إلى رئيس الحكومة ولا يريد إثارة أي مشكلة».
وعلى ضوء ما يتم التوصل إليه اجتماع هيئة الحوار سيتحدّد مصير مشاركة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله والطاشناق في جلسة مجلس الوزراء يوم غد الخميس التي ستبحث في جدول أعمال من 379 بنداً أبرزها ملف إحالة الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي الذي يُصرّ وزير العدل عليه.
وأكدت مصادر وزارية لـ «البناء» أن الأمور ستبقى تحت السيطرة وجلّ ما يستطيع أن يقوم به تيار المستقبل في هذه القضية هو الإسراع في محاكمته مما يؤدي إلى إصدار حكم جديد وإن كان هذا الأمر غير مضمون أيضاً». ولفتت المصادر إلى «أن إحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي لن يمر، لا سيما أن الهمروجة التي حصلت عقب الإفراج عنه المستهدف الأول منها كان حزب الله». واعتبرت «أن الأمور ستبقى تحت السيطرة والحوار الذي جمع تيار المستقبل وحزب الله أول أمس، بكثير من الصمت ومن دون مشاكل وبإرادة من الطرفين خير دليل على ذلك».
العقدة الأرثوذكسية
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» «أنه من الصعب أن يطرح بند التعيينات في المجلس العسكري على طاولة مجلس الوزراء إذا لم يتم التوافق اليوم في جلسة الحوار على حل هذه العقدة»، مشيرة إلى عقدة تعيين العميد الأرثوذكسي الذي سيرقى إلى رتبة لواء لا تزال مستعصية، واتصالات الأيام الماضية لم تتوصل إلى نتيجة، واللقاء الذي عقد بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع سمير مقبل لم يغيّر في واقع المشكلة لا سيما أن وزراء اللقاء التشاوري يصرّون على تعيين العميد سمير عسيلي في المقعد الأرثوذكسي في المجلس العسكري».
ونفى وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» ما يتم التداول به أن الكتائب يعرقل التعيينات في المجلس العسكري. وشدّد على «أن لا مطلب لدينا سوى تعيين الأقدم والأكثر كفاءة أياً يكن الاسم في المقعدين الكاثوليكي والأرثوذكسي».
قوّة المرشح في بيئته
وأكد أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان «أن موقف التكتل معروف لناحية آلية العمل الحكومي بالتوافق والتعيينات الأمنية التي تمّ بحثها والتفاهم عليها. فإذا ما ترجمت المواقف إلى أفعال، فالتكتل سيشارك في الجلسة». وشدّد على الثوابت الدستورية والميثاقية لمواصفات الرئاسة، والتي تمّ التوافق عليها على طاولة الحوار الوطني وأبرزها قوة المرشح في بيئته، ومبدأ العودة إلى الشعب، للوصول إلى رئيس يتمتع بشرعية شعبية واسعة غير قابلة للتشكيك. ولفت إلى «أن التكتل سيتواصل مع مختلف الكتل النيابية بهدف دعم الاتفاق المسيحي ـــ المسيحي والذي يشكل بمضمونه أساساً لالتقاء كل من الثامن والرابع عشر من آذار، على ثوابت وطنية مشتركة أبعد من الحزبين ومن التمثيل المسيحي الكبير الذي يتمتع به كل من الطرفين.
وأكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد عودته من الفاتيكان أن «قداسة البابا وأمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين والأمين العام للعلاقات مع الدول كلهم يحملون همّ لبنان، وبخاصة هم انتخاب الرئيس فيه، ويناشدون اللبنانيين والكتل السياسية والبرلمانية انتخاب رئيس، لأنه لا يجوز أن يستمرّ لبنان هكذا، وهذا الاهتمام هو اهتمام على الأرض، وهم يتابعونه مع كل الأطراف الذين لهم دور في هذا الشأن، ولكن يبقى على اللبنانيين الدور الأساس.
إيران: الشأن الرئاسي داخلي
وفي هذا السياق، بحث البابا فرنسيس مع الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس، في الدور المهم الذي من الممكن أن تضطلع به إيران في الشرق الأوسط بشكل طبيعي مع ما يعنيه ذلك من ممارسة قوتها لحل الموضوع الرئاسي لما له من انعكاسات على الوضع المسيحي، في ظل المتغيرات الحاصلة في المنطقة وما يتعرض له المسيحيون».
وذكرت مصادر مطلعة على الزيارة الأوروبية للرئيس روحاني لـ«البناء» بدعوة الراعي قبل أيام البابا فرنسيس «التوسط لدى إيران والعواصم الفاعلة التدخل لإنهاء الفراغ الرئاسي».
وإذ لفتت المصادر إلى «أن الملف اللبناني ليس سبب الزيارة»، جددت القول إن إيران أكدت أكثر من مرة استعدادها العمل لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين حيال الملف الرئاسي من دون التدخل لدى أي طرف».
وفيما تتجه الأنظار إلى القمة الإيرانية الفرنسية في الأليزيه التي يتوقع أنها ستبحث في الاستحقاق الرئاسي، أشارت المصادر إلى «أن الرئيس روحاني سيستمع إلى وجهة النظر الفرنسية من الرئيس فرنسوا هولاند، لكنه سيجدد وجهة النظر الإيرانية في أن القرار في الملف الرئاسي شأن لبناني بحت وأن طهران تدعم مساعي الأفرقاء اللبنانيين لإيجاد حل للفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس. وشددت المصادر على «أن الموقف الإيراني الثابت هو أنه لن يتم الدخول في أسماء المرشحين، وإن كان هناك نية فرنسية للدخول في المبادرات الرئاسية وما قد يخرج عنها من ترشيحات».
لجنة الانتخاب .. إلى التمديد
انتخابياً، تتجه لجنة قانون الانتخاب إلى تمديد فترة عملها إلى نهاية شهر آذار. وعلمت «البناء» من مصادر نيابية في اللجنة «أن القرار اتخذ داخل اللجنة من دون اعتراض من أحد بسبب سفر عدد من النواب الأعضاء إلى واشنطن ضمن اللجنة النيابية المكلفة القيام بالجولة من العاشر إلى الخامس والعشرين من شباط المقبل»، مشيرة إلى «أن قرار التمديد ينتظر موافقة الرئيس نبيه بري الذي سيلتقي منسق اللجنة النائب جورج عدوان في الساعات القليلة المقبلة لوضعه في أجواء عمل اللجنة، لا سيما أننا لا نستطيع أن ننهي إعداد التقرير في الجلسة المقبلة». ورأت المصادر «أنه كلما اقتربت الاجتماعات من النهاية تصبح النقاشات حساسة ودقيقة»، مشيرة إلى «أن اللجنة نجحت في تحديد نقاط التلاقي وفي تظهير الخلافات». ورجّحت المصادر مشاركة رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان في الجلسة المقبلة إذا تحسّنت صحته لأنه يعاني من وعكة صحية ليكون على دراية من فحوى النقاشات الدائرة حيال تقسيم الدوائر لكونه غير ممثل في اللجنة على غرار الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان الذي شارك مرة واحدة».