«الإخوان»… والإرهاب الإلكتروني ضدّ مصر

بشير العدل

لم يكن يوم الاثنين الذي وافق 25 كانون الثاني الحالي، سوى يوم عادي من الأيام التي يعيشها أبناء بلادي مصر، فلم تستطع قوى الشرّ التي تمثلها جماعة «الإخوان» وأنصارها من معدومي الوطنية والأخلاق، أن تنال من استقرار بلادي أو من أمن شعبها، ولم تنجح دعوات إشاعة الفوضى التي أطلقتها الجماعة المسلحة، ومن يعاونها من قوى الإرهاب الداخلي والخارجي، في ذكرى أحداث يناير، ولم تزد الحالة المصرية سوى مزيد من الارتباط بين الشعب وقيادته السياسية، التي تريد بمعاونة جيشها وشرطتها الباسلين، أن تصل ببلادي إلى برّ الأمان والاستقرار.

ورغم فشل جماعة الإرهاب والتضليل في الحشد الجماهيري كما ادّعت، وادّعى أنصارها من أتباع الشيطان، ظلّت على غيّها في ممارسة الكذب والتضليل، وقامت بإصدار بيانات مزعومة، بأنها حشدت لمئات الفعاليات في ذكرى أحداث يناير من عام 2011، وروّجت عن طريق كتائبها الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي أكاذيب بأنها نجحت في تنفيذ ما وعدت به من العودة الى الشوارع والميادين ضدّ نظام الحكم، وساعدتها في ذلك آلات الدعاية الإعلامية من ناحية، ورموز الجماعة الهاربة إلى الخارج من ناحية أخرى، والتي مارست التحريض على الفتنة.

يأتي ذلك ضمن مخطط للجماعة وهو الاستمرار في تشويه الصورة المصرية عبر الشبكة العنكبوتية، بهدف زعزعة الاستقرار وإشاعة الفوضى، وإحداث الانقسام فيها، وهو مخطط لن يتوقف، على الأقلّ في المدى القصير، رغم كلّ ما قيل ويُقال عن إمكانية تعايش المصريين مع الجماعة واحتفاظها بأفكارها لنفسها، شريطة عدم القيام بأي أعمال لهدم الدولة.

فبعد أن فشلت الجماعة وأنصارها في حرب الإرهاب التي شنّتها، وما زالت، ضدّ الدولة في أعقاب الإطاحة بالمعزول محمد مرسي، ونجاح أجهزة الدولة العسكرية والأمنية في تطويقها ومواجهتها ومحاصرة بؤرها الإجرامية والقضاء عليها بشكل كبير، والتي كانت تهدف إلى هدم بناء الدولة في صور مختلفة، منها السياسية التي تجسّدت في تظاهرات غير سلمية، أو اقتصادية وقد تجسّدت في بعض الأنشطة الخفية، التي تموّل العمليات الإرهابية وأنشطة الجماعة عموماً، فبعد ذلك لجأت الجماعة إلى نوع آخر من الحرب وهي الحرب الإلكترونية الإعلامية، بهدف الاستمرار في تشويه الدولة، وإفشال مخططات التنمية التي بدأت تخطوها مؤخراً.

والجماعة في حربها الجديدة، اعتمدت على محاور ثلاثة…

الأول يتمثل في كثرة الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تروّج لأفكار الجماعة، وتدعو من خلالها أعضاءها وأنصارها إلى بث الفوضى في الدولة تحت مسمّى التظاهرات السلمية، واستعادة ما تقول عنه «ثورة».

والثاني يتمثل في محاولة اختراق مواقع وزارات وجهات مهمة في الدولة، أو إنشاء صفحات مزوّرة باسمها.

والمحور الثالث، وهو الأخطر في تصوّري، ويتمثل في المواقع الإلكترونية التي يتمّ بثها إلكترونياً تحت مسمّى مواقع وصحف إخبارية، وهي في الحقيقة مواقع تتعمّد تزييف الحقائق، ونشر أخبار كاذبة، إما عن شخصيات، أو جهات وأجهزة في الدولة بهدف تشويه الآراء والأعمال أمام الرأي العام، بدعوى حق ممارسة المعارضة.

والجماعة في سعيها لنجاح تلك الخطة، خصّصت أموالاً طائلة لتمويل تلك الحرب، سواء عن طريق الداخل أو الخارج المصري، هذا بخلاف وسائل الإعلام المرئية التي يتمّ بثها من خارج مصر لخدمة أهداف الجماعة في هدم دعائم الدولة المصرية، وهو ما تفسّره المواقع الإخبارية، وما أكثرها، التي تناهض سياسة الحكم الحالية وتتعمّد تشويه القيادة السياسية وخطط الحكومة، وتتعمّد الترويج لفشلها، وهي المواقع التي يظهر عليها أيضاً بذخ الإنفاق المالي بشكل واضح، سواء كان ذلك من الناحية الإدارية أو التقنية، وكلها مواقع لا تنتمي لصحف رسمية، أي أنها بلا تراخيص ولا تخضع لأي رقابة من أي جهة، ما يسهّل عليها بثّ سمومها في المجتمع.

وتعدّ الحرب الإلكترونية إحدى الوسائل الجديدة التي لجأت إليها الجماعة، بعد فشلها في بثّ سمومها عبر قنواتها الرسمية في المجتمع، الذي حوّل تلك الجماعة ودعاة أفكارها إلى تجمّعات منعزلة، بل ومنبوذة غير مرغوب فيها لدى الشعب، ما جعلها تلجأ إلى هذا النوع من الحرب، اعتقاداً منها أنها سوف تنجح في التأثير على الرأي العام، مستغلة بعض الأزمات التي تتعرّض لها الدولة، خاصة التي تواجه صعوبات في بداية تطبيقها، سواء من حيث فهم المواطن لها ولآثارها الاقتصادية، أو من ناحية قدرة أجهزة الدولة على تطبيقها بشكل عملي، وما يتطلبه ذلك من وقت لإحداث التغيير المطلوب للتطبيق السليم، وهو الأمر الذي جعل الجماعة تلجأ إلى كثير من الأزمات لاستثمارها في ترويج أكاذيب، مثل إلغاء الدعم والسلع التموينية، وزيادة الأسعار وخلافه من الأمور التي تؤثر في المواطن البسيط، بهدف التأثير عليه وزرع كراهية الحكومة بل الدولة عموماً في نفسه.

وعلى ذلك فإنّ آثار تلك الحرب الإلكترونية من الممكن أن تمتدّ إلى كثير من المواطنين، خاصة في ظلّ غياب الرؤية الإعلامية السليمة لدى كثير من الوسائل، وافتقادها للقدرة على توعية المواطنين بحقيقة الأمور، وتحويل أغلبها إلى موادها الإعلامية خاصة المرئي منها، إلى برامج حوارية، لا تحسن اختيار الضيوف المتخصّصين، حتى أنّ بعض المذيعين ومقدّمي البرامج تحوّلوا إلى نشطاء سياسيين من خلال نوافذهم الإعلامية، وهو الأمر الذي يتطلب ـ على الأقلّ عندي ـ أن تكون هناك إجراءات حكومية لمواجهة تلك الحرب، وذلك بالمتابعة المستمرة لتلك المواقع التي تخدم الجماعة المسلحة، سواء التي تتمثل في شكل مواقع، أو صفحات، أو اختراقات لبعض المواقع الرسمية لأجهزة الدولة، أو تزييفها، ومواجهتها قبل أن يستفحل خطرها، بجانب ضرورة قيام أجهزة الإعلام المؤمنة بالدولة، بالدفاع عن بقائها وإعادة بنائها، والحثّ على كلّ ما من شأنه العمل على ازدهارها، بما يتطلبه ذلك كله من انتهاج منظومة إعلامية جديدة تتناسب مع خطورة المرحلة التي تمرّ بها مصر.

كاتب وصحافي مصري

مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة

eladl254 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى