تمّوز يعود بالمعجزات… وحماس إلى الواجهة مجدداً

هلا دواي

تتسارع الأحداث في المنطقة العربية بعد كلّ تراجع لأحد المشاريع الأميركية وتتدحرج بدائل الخطط للسيطرة الجغرافية والاقتصادية على بلاد الشام حتى تنتهي كل حقبة بفلسطين وبعدوان إسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة لتبيان مدى قدرة الصهاينة على الردع وارتكاب المجازر ومدى فعالية قبتهم الصاروخية أمام صواريخ المقاومة ولاكتشاف ماتخفيه هذه الفصائل من أسلحة وصواريخ نوعية واستراتيجية.

مايجري اليوم من اعتداء إسرائيلي على قطاع غزة بحجة اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين غير منطقي، إلا ان كان الاعتداء بحد ذاته مخطط له منذ زمن ، حتى الحجة نفسها مخطط لها وليست محض صدفة، ومالم يتوقعه الإسرائيلي ان يكون الرد الفلسطيني بهذا الحجم وهذا الوابل من الصواريخ التي بدأت تأخذ مدىً أبعد من المعتاد لتصل الى حيفا وتل ابيب وغيرها مستقبلاً، هذا الأسلوب في الرد الذي يعتمد على الحرب الصاروخية كانت قد اعتمدته المقاومة اللبنانية سابقاً في حرب تموز والمقاومة الفلسطينية في حرب غزة، واستطاعتا خلق معادلة رعب لدى الرعايا اليهود في فلسطين باعتبارهم لم يعتادوا على مثل هذه الحروب.

هذا العدوان الاسرائيلي وهذا النوع من أساليب الرد الصاروخية والذي جاء بديلاً عن العمليات الاستشهادية في قلب تل أبيب يعيد لبعض الفصائل الفلسطينية كحماس، الجماهيرية التي فقدتها في حرب غزة الماضية بعد استئثار حركة الجهاد الاسلامي بالواجهة الإعلامية العسكرية في الرد على العدو حينها، وبعد إنكارها لفضل المساعدات العسكرية والميدانية لحلف المقاومة عليها وتحوّلها عن هذا الحلف لصالح الحلف الخليجي القطري الذي يجاهر بعلاقته مع «اسرائيل»، وبهذا يقدم «الإسرائيلي» خدمة مجانية لحماس، لإعادة إثبات نفسها على الساحة ولتعيد بناء قاعدتها الشعبية أمام الرأي العام العربي، فهي أمام هذا الاعتداء «الإسرائيلي» لا تستطيع البقاء على الحياد، وبالتالي لابد من حفظ ماء وجهها أمام الشعب الفلسطيني باعتبارها حركة « مقاومة» بالإسم وبالتالي العودة بعد فترة حياد طويلة عن الخط المقاوم وفترة هدنة أطول مع العدو «الإسرائيلي».

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو من المسؤول عن تحريك الوضع في فلسطين في هذا التوقيت؟ ولصالح من ؟ وللتغطية على ماذا؟

هنالك من يقول إنه رد على محاولة إشعال منطقة الخليج بإلهاء حلف المقاومة في سورية والعراق وفلسطين، وأن هذا التوقيت هو للتغطية على فشل « داعش « في العراق وسورية في السيطرة على خطوط الغاز والنفط المتقاطعة في الموصل وحمص، وبالتالي محاولة للقضاء على ماتبقّى من مقاومة ومخزون صواريخ في غزة، بعد إبعاد حماس عن خط الحلف الإيراني- السوري ومحاولة استيلاء قطر إسرائيل على خط الغاز القابع هناك كما أشارت صحيفة الغارديان البريطانية، ولكنها رأت ان العقبة الأساسية أمام هذا المشروع هو حركة حماس ولا بد من إنهائها سياسياً ورفع مستوى التوترات بينها وبين فتح، ومانراه اليوم بعد المقاومة الشرسة من الفصائل، محاولة قطر الدخول على خط التفاوض لإيقاف التصعيد ماهو إلا محاولة إعادة تكريسها كمرجعية لحل مشاكل العرب.

مما سبق نستنتج التساؤلات التالية: هل قامت حماس باللعب على الأطراف جميعها طيلة هذه السنوات، وحصلت على ماتحتاجه من أموال وسلاح من كل الجهات لتعود اليوم على الساحة، مخالفة توقعات الإسرائيلي والقطري ؟ هل نفيها لمصدر الصواريخ السورية متفق عليه مع الجهة المعنية، أم محاولة لإيهام القطري أنها مازالت في الخط

نفسه ؟ هل ترضى القسام بأفعال حماس وانحرافها عن الخط أم متفق عليه أيضاً؟ هل خيار سورية الأول « فلسطين» سيجعلها تسامح حماس على كل أفعالها؟ وهل سعي سورية اليوم لاستعادة حماس هو لجعل إسرائيل تدفع ثمن مافعلته وماخططت له على الأرض السورية ؟

بعد استمرار العدوان والرد الصاروخي عليه وحالة الهلع والرعب التي يعيشها المستوطنون، هل سنشهد إطاحة برئيس حكومة العدو « نتنياهو» كما شهدنا إطاحة أولمرت بعد حرب تموز ؟ وهل سيبقى هنالك رعايا يهود في فلسطين لمحاسبة الحكومة «الإسرائيلية» على الورطة التي ورطتهم بها؟.

إذا صحّت المصادر التي تقول إن هناك ضغطاً أميركيّاً على «إسرائيل» لإعادتها الى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، فالسؤال هنا هل ستكون التسوية لصالح الفلسطينيين هذه المرّة؟ والى متى ستكون التسويات الموقتة إبراً مخدّرة موضعية لا تعالج القضية الفلسطينية جذريا؟ إنما ُتبقي على التشكيلة السياسية الفلسطينية الحالية متحكمة بمصير القطاع والضفة مرتهنين لصالحها ولصالح العدو «الإسرائيلي».

ألا يستحق توازن الردع مع العدو الذي خلقته الفصائل الفلسطينية حركة تصحيح سياسية جديدة تطيح بكامل قيادات السلطة الفلسطينية والحركات المحسوبة على المقاومة، وتنتج طبقة أكثر حرصاً على مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه ومطالبته بفلسطين كاملة والقدس عاصمة لها.

الخوف ثم الخوف ان يكون الهدف هو جعل الشعب الفلسطيني يعتاد حالة التعايش مع العدو الإسرائيلي فيرتضي لنفسه أبسط الحقوق وارتضى بالقطاع والضفة من كل أرض فلسطين وان يصير كل مايرتجيه بعد كل جولة من جولات الموت هوالعيش بسلام الى جانب عدوّه متنازلاً عن كل حقوقه ، وأن يكون لتمارين الموت المفتوح التي نراها نجاحها المخفيّ الذي لا نراه .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى