حمية: انتصارات الجيش السوري غيّرت مسار «جنيف 3»… والحرب تنتهي بالقضاء على الإرهاب وإفشال أهداف داعميه

اعتبر مدير الدائرة الإعلامية في الحزب السوري القومي الاجتماعي العميد معن حمية أنّ ما يحدث في سورية لا يصحّ توصيفه بـ«الأزمة»، لأنّ ذلك يمثل اختصاراً لحجم التحدّيات التي تواجه هذا البلد. فتوصيف الأزمة ينطبق على الحالات التي ينشأ فيها حراك سلمي في بلد ما، يسعى وراء مطالب واضحة، وهذا ما لم يحصل في سورية. فلو أنّ المسألة متعلقة بمطالب إصلاحية وديمقراطية لكان أصحاب الشعارات تفاعلوا إيجاباً مع رزمة الإصلاحات الكبيرة التي أعلنتها الدولة السورية، في مقابلة مع وكالة «إسلام تايمز»، أجراها ستيفن صهيوني. وهنا نص الحوار كاملا:

وجواباً على سؤال قال حمية: إنّ شعارات الحرية والإصلاح التي رُفعت في سورية عام 2011، كانت مجرّد واجهة أو سيناريو للتغطية على تنظيم الخلايا الإرهابية التي حملت السلاح ووجّهته إلى صدور الناس والعسكريين فقتلت الآلاف من السوريين.

أضاف: الواقع أنّ ما يحصل، هو حرب كونية إرهابية هدفها إسقاط سورية دوراً وموقعاً، لأنها البلد العربي، ربما الوحيد، الذي ثبّت استقراراً داخلياً على مدى أربعة عقود، وبنى مؤسسات دولة حقيقية رفعت الأثقال عن كواهل المواطنين صحياً وتعليمياً وغذائياً، وبموازاة ذلك استمرّت على دعمها واحتضانها للمقاومة ضدّ العدو الصهيوني سواء في لبنان أو في فلسطين، وكذلك دعمت المقاومة في العراق ضدّ الاحتلال.

وتابع: علينا أن نفصل بين مفهومي الحرب والأزمة، فالحرب تنتهي بالقضاء على المجموعات الإرهابية المتطرفة التي هي أدوات في يد الدول الغربية والعربية المشتركة في الحرب على سورية، وبإقرار الدول الداعمة للإرهاب بخسارتها وفشلها في تحقيق أهدافها.

أما الأزمة فأعتقد أنها تنتهي حين تضع الحرب على سورية أوزارها، لأنه في الأصل لم يكن في سورية أزمة داخلية، بل واجهت حرباً كونية.

وعليه، فإننا لا نستطيع أن نستبق نتائج مؤتمر «جنيف 3»، لكن بالطبع نستطيع القول إنّ «جنيف 3» في 29 الحالي، قد يكون عاملاً مساعداً في تسريع خطوات إنهاء الحرب، خصوصاً أنّ «جنيف 3» يتناغم مع إيقاع سوري ـ روسي، يفرض أجندته على المستويات العسكرية والسياسية، وينعقد بموازاة تقدّم سريع يحققه الجيش السوري في ميدان المعارك، وهو مسار متقدّم على طريق القضاء على المجموعات الإرهابية.

وأكد حمية أنّ جنيف 3 هو مسار طويل، كما أعلن المبعوث الدولي ستيفان دي ديمستورا، لكنه بالتأكيد مسار مفيد يكشف حقيقة أنّ المعارضات لا تمثل على الأرض شيئاً، وإنْ شكلت خلال السنوات الماضية مطية للإرهاب والتطرف.

وعن التقدّم الاستراتيجي الذي يحققه الجيش السوري وحلفاؤه على الأرض وتأثيره على «جنيف 3»؟ أجاب حمية: بالتأكيد، إنّ تقدّم الجيش السوري وتحريره مناطق استراتيجية، كمناطق جبلي الأكراد والتركمان ومدينتي سلمى وربيعة، ومدينة الشيخ مسكين في الجنوب، يؤثر على مسار «جنيف 3»، فما يُسمّى معارضات سورية لا تزال تطلق مواقف وتصريحات ماضوية، أقصد بذلك أنها لا تزال تعتبر ظروف «جنيف 3» كظروف «جنيف 1»، وهذا خطأ، لأنّ أوضاع الميدان والسيطرة على الأرض بات الجيش السوري هو من يتحكّم بها، وبالتالي بات يتحكّم بمصير الجغرافيا السورية كلها، إذ إنه حين يقرّر السيطرة على أيّ منطقة يحقق ذلك في بضع ساعات.

وقال: «جنيف 3» يُعقد في ظلّ إنجازات كبيرة يحققها الجيش، وهذا عامل مهم يقوي موقف الدولة السورية في مفاوضات «جنيف 3» التي هي بالشكل مع ما يُسمّى معارضات، وفي الجوهر مع الدول الراعية للإرهاب.

لا مكان للإرهاب في مستقبل سورية

ورداً على سؤال عن دور «معارضة الرياض» المتطرفة في مستقبل سورية؟ قال حمية: لا اعتقد أنّ هناك معارضات سورية محسوبة بالمطلق على الرياض، هذا إذا كنت تقصد المعارضات السورية المتوزّعة على الفنادق الأجنبية والإقليمية والعربية، فهذه ليست محسوبة على الرياض فقط، بل مرتبطة بكلّ الجهات التي توفر لها الإقامة الهانئة في الفنادق ومنصات الكلام على شاشات الفضائيات. وبالمناسبة هذه المعارضات ليس لها أيّ تمثيل على الأرض، وهي بمثابة «بورتوكلي» للشكل وليس أكثر.

أما إذا كان القصد ما يُسمّى «جيش الإسلام» فهذا بالتأكيد لا يصنّف في خانة المعارضة، بل هو تشكيل إرهابي، مارس الإرهاب بكلّ أشكاله، وقتل المدنيين، بل آلاف المدنيين، وخطف المئات، وتاجر بقوت الناس وأخضعهم لشتى صنوف التعذيب والتنكيل… إنه بالتأكد تشكيل إرهابي، وبالتأكيد يتبع للسعودية في كلّ صغيرة وكبيرة، ولذلك أستطيع القول بكلّ ثقة إنّ كلّ تشكيل إرهابي ليس له أيّ دور في مستقبل سورية، وهذه حقيقة تدركها السعودية وحلفاؤها، ولذلك تُصّر على طرح اسم محمد علوش وتتعاطى مع كلّ الأمور بطريقة هستيرية جنونية، لكن الجنون دائماً يرتدّ على أهله.

وفي سياق الردّ على السؤال أودّ الإشارة الى أنّ هناك مكوّنات سورية متعدّدة، أقصد الأحزاب والقوى السياسية، وبعضها يشترك بقوة وفعالية في مواجهة الإرهاب… وتحديداً حزبنا، الحزب السوري القومي الاجتماعي.

الحزب القومي قدّم رؤيته للحلّ في سورية

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يُعقل الحديث عن مستقبل سورية بمعزل عن هذا الحزب العريق في نضاله ومواقفه وثباته وتضحياته. نحن نشارك بقوة في المعارك ضدّ قوى الإرهاب والتطرف، وقدّمنا كوكبة كبيرة من الشهداء في العديد من المواقع والجبهات، ونحن حزب يمثل كلّ أطياف النسيج السوري، ولنا رؤيتنا وتصوّرنا لمستقبل سورية المتجدّدة. وقبل أيام أعلن المكتب السياسي للحزب في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه بدمشق بحضور شخصيات سياسية وحزبية وإعلامية، ملامح عن رؤيته وتصوّره، فحدّد الثوابت بالتأكيد على وحدة الدولة السورية المدنية التي تقوم على فصل الدين عن الدولة، والحفاظ على مؤسساتها، وتحديداً مؤسسة الجيش والقوات المسلحة وعقيدتها القتالية، وصون موقعها المقاوم ودورها السياسي في مقاومة الاحتلال «الإسرائيلي» وسياسات الهيمنة. كما أكدت هذه الثوابت أولوية العمل بكلّ الوسائل الممكنة سياسياً وعسكرياً لاسترجاع جميع الأراضي السورية المحتلة.

وفي ما خصّ العملية السياسية شدّدنا على أن تكون سورية صرفة، تتمّ عبر حوار سوري ـ سوري لا يشمل التشكيلات الإرهابية، والمطالبة برفع العقوبات الاقتصادية، ووضع خطة لإعادة إعمار سورية عبر إنشاء صندوق وطني سوري لإعادة الإعمار ومطالبة الجهات الدولية المعنية بتعويضات من الدول الداعمة للإرهاب، تتناسب مع ما ترتب على الدولة السورية من خسائر مادية بشرية واقتصادية. وكذلك إطلاق ورشة عمل إصلاحية من خلال الحوار لتعزيز مشروع الدولة وتحديثه عبر إجراء تعديلات في الدستور والقوانين، وقد طرحنا مجموعة عناوين إصلاحية في هذا المضمار على مختلف المستويات.

الحوار في لبنان هو قاعدة انطلاق التفاهمات

وبالانتقال إلى الوضع اللبناني والتطوّرات الحاصلة على صعيد الترشيحات الرئاسية، قال حمية رداً على سؤال: لا أعتقد أنّ شخصية في وزن العماد ميشال عون قد يبدّل في قناعاته وخياراته. كما لا اتصّور أنّ سمير جعجع قد ينقلب على ممارساته وخياراته التي أدخلته السجن، والذي أخرج منه في لحظة ارتجاج الوضع اللبناني… لكن كلّ ما في الأمر أنّ جعجع وفريق 14 آذار، أصبحوا مكشوفين أنهم هم من يعطل الاستحقاقات في البلد، فخرجوا بسيناريوات الترشيح المنفرد، ليس لرفع التهمة عنهم، بل لأنهم يدركون أنهم يضعون عراقيل إضافية.

في جانب آخر، نرى أنّ الحوار بين سائر القوى في لبنان، أمر ضروري، وهو يشكل قاعدة الانطلاق نحو توفير الحلول المطلوبة، ونعتبر طاولة الحوار القائمة، قاعدة صلبة تؤمّن الوصول إلى تفاهمات وطنية عامة تصبّ نتائجها في مصلحة لبنان واللبنانيين. خصوصاً أنّ معظم القوى السياسية موجودة على هذه الطاولة، وناقشت مطوّلاً في مواصفات رئيس الجمهورية، لأنّ انتخاب الرئيس موضوع كبند أول على هذه الطاولة. وهناك فائدة بأن توضع المواقف والمقترحات على الطاولة، لتنضّج وتصل الى خواتيمها الحقيقية، ضمن سلة متكاملة تبدأ بالرئاسة وتشمل الحكومة والمجلس النيابي وقانون الانتخابات والجيش وكلّ المسائل الأساسية والجوهرية.

وأشير هنا، إلى أنّ حزبنا قدّم على طاولة الحوار تصوّراً حول مواصفات الرئيس، وهذا الأمر حظي بموافقة معظم الكتل، لذلك، فإنّ كلّ مرشح يحوز على المواصفات المتوافق عليها، تذهب الكتل باتجاهه وتنتخبه رئيساً لكلّ اللبنانيين. أما الذهاب إلى من يحوز المواصفات المتوافق عليها بمبادرات جهوية، فهذا يفرز تعقيدات إضافية، من شأنها تمديد الفراغ والشغور، وتمديد حالة الشلل والعطالة في المؤسسات، وخلق بيئة تساهم في مضاعفة المخاطر على لبنان.

وعن تأثير اختلاف الترشيحات الرئاسية على فريق 8 آذار، خصوصاً في ضوء إصرار العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية على الاستمرار في الترشح؟ قال حمية: حتى الآن ليس هناك قواعد اشتباك سياسي بين الرجلين حتى نذهب الى القول بفرضية «الخلاف» وتأثيراته على الحلفاء. هذا الأمر لا يقاربه حلفاء التيارين حتى الآن، كما أنّ الترشيحات لا تزال قيد بحث ونقاش.

وعن الانعكاس الذي يمكن أن ينتظره لبنان جراء الاتفاق الإيراني ـ الأميركي؟ أجاب حمية: بالتأكيد يتأثر لبنان بهذا الاتفاق، طبعاً إذا كان السؤال مرتبطاً باستحقاق الانتخابات الرئاسية، فرئيس الجمهورية في لبنان لم يُنتخب يوماً بأصوات اللبنانيين، بل كان نتاج تفاهمات دولية وإقليمية وعربية.

نتمسّك بالطائف ومندرجاته الإصلاحية

لكن ما نراه نحن، أنّ مصلحة لبنان تكمن في التمسك باتفاق الطائف، بكلّ مرتكزاته وإصلاحاته ومندرجاته، إنْ لجهة التأكيد على وحدة لبنان أو لجهة التشبّث بالحق في مقاومة الاحتلال وتحرير ما تبقى من أراض لبنانية يحتلها العدو الصهيوني، والتزام كلّ مقتضيات العلاقة مع المحيط القومي والعربي، وكلّ مقتضيات ومتطلبات العداء لـ«اسرائيل». وعليه، فإننا نحرص على السلة الكاملة والمتكاملة للخروج من واقع الفراغ والشلل في المؤسسات، ونجدّد التأكيد بأن تحصين لبنان يتطلب التزاماً فعلياً من كلّ الأفرقاء بثوابت لبنان، وهذا يحتاج حكماً الى تكريس معادلة الجيش والشعب والمقاومة، معادلة ذهبية شكلت الحصن الحصين في مواجهة العدو الصهيوني وفي مواجهة الخطر الإرهابي المتأتّي من المجموعات الإجرامية المتطرفة. وفي سياق التحصين، هناك ضرورة وطنية لقيام جبهة شعبية لمواجهة الإرهاب، تأخذ على عاتقها ترسيخ ثقافة مجتمعية تسهم في مكافحة الإرهاب والتطرف على الصعد كافة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى