«صوت فايسبوك»… إذاعة فلسطينية بستّ لغات
غزّة ـ أيمن الجرجاوي
استطاع شبّان فلسطينيون من قطاع غزّة التواصل مع العالم بطريقة مبتكرة عبر إذاعة تبثّ على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك». ولاقى مشروعهم اهتماماً من الجاليات الفلسطينية والعربية في أوروبا.
وتقوم الفكرة التي ابتكرها الإعلامي الفلسطيني عصام أبو خليل على دمج الإعلام التقليدي بالاجتماعي، وهو ما اعتُبر إحياءً جديداً لعصر الراديو في ظلّ سيطرة الإعلام الاجتماعي هذه الفترة.
يقول أبو خليل 27 سنة إن هدف إذاعة «صوت فايسبوك» خدمة الفلسطينيين، لا سيما اللاجئين والمغتربين منهم، بطريقة مبتكرة تضمن تفاعلهم مع الأحداث بلغات مختلفة، إضافة إلى إيصال صوت المحاصَرين في غزّة للعالم.
وتبث الإذاعة برامجها مباشرة عبر صفحتها على «فايسبوك» من مقرها في قطاع غزّة بستّ لغات هي: العربية، الإنكليزية، الفرنسية، التركية، الألمانية، والإسبانية، ولها تطبيق على الهواتف الذكية.
وتشمل برامج الإذاعة ـ التي يعمل فيها 45 متطوّعاً من فلسطين والعالم العربي وأوروبا ـ برامج شبابية واجتماعية ووطنية، وتركّز بشكل أساس على القضايا الوطنية المتعلقة بالأسرى واللاجئين باللغات الستّ.
وعملت الإذاعة، وفق مديرها العام أبو خليل، على إيصال صوت المحاصَرين في غزّة منذ عشر سنوات إلى العالم، من خلال تناول قضايا منع الطلاب من إكمال دراساتهم في الخارج، وعدم مقدرة الفلسطينيين على السفر للعمل، أو العلاج.
ويضيف أبو خليل: الإعلام الفلسطيني موجّه للفلسطينيين والعرب فقط، لكننا نستهدف الجميع، لا سيما في أوروبا، وهذا ما نطمح لترسيخه من خلال خططنا التطويرية.
لكّن جهود تطوير الإذاعة ـ التي بدأت بثّها عام 2013 ـ تلقّت ضربة موجعة بقصف الاحتلال مقرّها خلال العدوان «الإسرائيلي» الأخير على غزّة صيف 2014، وتدمير محتوياته بشكل كامل.
ولم تتكبّد الإذاعة خسائر مادية فقط، بل فقدت الشهيدة الصحافية نجلاء الحاج وعائلتها بقصف منزلها خلال العدوان، لكن القائمين عليها بدأوا من الصفر بجهود فردية وتمويل ذاتي.
ويقول أبو خليل إنه يرفض مقترحات «التمويل المسيّس» كي يحافظ على سياسة الإذاعة وتوجّهاتها الإعلامية، متطلعاً للحصول على تمويل غير مشروط من جهات داعمة للمشاريع الإبداعية.
ويطمح القائمون على الإذاعة لفصل اللغات الستّ بإذاعات منفصلة، ويعملون حالياً على إضافة الصينية إلى لغات البثّ لمخاطبة أكثر من مليار شخص لا يصلهم الإعلام الفلسطيني. كما بدأوا بثّ بعض البرامج بالصوت والصورة عبر «فايسبوك» و«يوتيوب».
ويعمل مراسلو الإذاعة المتطوّعون في عشر دول أوروبية وسبع عربية، ويستطيعون بثّ برامجهم من منازلهم في أوقات انقطاع التيار الكهربائي في غزّة.
ودفع إعجاب الشابة المغربية مريم سعيد بالإذاعة إلى التواصل مع القائمين عليها لتقديم برنامج بالفرنسية، وهو ما كان، إذ تُقدّم برنامجاً لساعتين أسبوعياً في حلقتين.
وقبل أن تبدأ مريم ببثّ الحلقة الأولى من برنامجها، سوّقت له عبر حسابها على «فايسبوك» وساعدها أصدقاؤها في ذلك، عن طريق الترويج على صفحاتهم أيضاً.
وتقول مريم: «كان هناك عددٌ من المهتمين يتواصلون مع البرنامج عبر فايسبوك وعبر الاتصال بالبرنامج للمشاركة في لقاءات الرأي التي تتيح المداخلات».
ولمست مريم تجاوباً من المهتمين من خلال الرسائل التي كانت تصلها عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي، والتعليقات على المنشورات الخاصة بالبرنامج على صفحة الإذاعة. وتضيف: «كانت التعليقات جيدة، وتشكر البرنامج، وتشجّعني على المواصلة».
ورغم أن معظم جمهور البرنامج من المغرب العربي، ومن الفرنسيين من أصول عربية، إلا أن فكرته لاقت استحسان فرنسيين، وكانوا يهتمون بموعده، ويعلّقون على مواضيعه، وفق مريم.
ويبدي مستمعو الإذاعة إعجاباً بفكرتها، لا سيما أنها الأولى على مستوى العالم، وفق القائمين عليها، كما يشيدون بتنوّع برامجها واستهدافها مجتمعات متعدّدة.
ويقول مؤمن عبد الرزاق أحد مستمعي الإذاعة من القاهرة: «إنه لأمر ممتع أن تجد إذاعة قادرة على بثّ مواد أكثر تنوّعاً، وتتميّز بالعالمية، وتراعي اختلاف الثقافات والتوجّهات والمعتقدات، وتضمّ مذيعين من دول مختلفة وبلغات متنوّعة.
أنا معجب بالفكرة وبِاسم الإذاعة وطريقة عرض الأخبار والبرامج، وكلّما أتحدّث عنها لأحد الأصدقاء وعن مميّزاتها أجده منبهراً، ويعبّر عن إعجابه، ويعدني بمتابعتها».
وعن استفادته من متابعة الإذاعة، يوضح عبد الرزاق أنه حصل على شيء من الإثراء الثقافي والمعرفي، إضافة إلى متابعة أخبار الشأن الفلسطيني.