انهيار السياسة الدعائية الصهيونية ضدّ إيران

حميدي العبدالله

كان واضحاً أنه عندما تقرّر الولايات المتحدة أنّ مصالحها تتحقق من خلال تسهيل التوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، سوف ترضخ لذلك جميع الأطراف المعارضة التي ذهبت بعيداً في محاربة إيران، سواء تحت تأثير مصالحها الخاصة، أو مراعاة للاستراتيجية الأميركية السابقة، بما في ذلك تل أبيب، وإذا كان من المتوقع أن يحدث تكيّف في مواقف حلفاء الولايات المتحدة، وإنْ تدريجياً، إلا أنه ما لم يكن متوقعاً أن تقود سياسة التكيّف إلى انهيار الحملة الدعائية التي قادها رئيس حكومة العدو ووزير حربه ضدّ هذا الاتفاق، بالتعاون مع الجمهوريين وأنصار تل أبيب في الولايات المتحدة، وحتى داخل إدارة أوباما.

الحملة الدعائية ضدّ إيران كانت تؤكد على أنّ برنامج إيران النووي هو برنامج عسكري وليس سلمياً، وتجاهلت كلّ التأكيدات الإيرانية واستعداد طهران لتقديم ضمانات للمجتمع الدولي بأن يستمرّ برنامج إيران في إطاره السلمي، ولكن لم تؤخذ مواقف طهران على محمل الجدّ لا من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة، ولا من قبل حكومات العدو «الإسرائيلي».

الحملة الدعائية الصهيونية ضدّ إيران تحوّلت في الآونة الأخيرة إلى حملة مزدوجة، موجهة ضدّ إيران وضدّ إدارة أوباما تحت دعوى أنّ الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 يصبّ في مصلحة إيران ويكرّسها دولة نووية، ويساعد لاحقاً على تمكينها من امتلاك سلاح نووي متى أرادت وبالتوقيت الذي تختاره. لكن يبدو أنّ هذه الحملة الدعائية آخذة بالانهيار ليس فقط لأنّ الصوت الصهيوني بات محاصراً في ظلّ تهافت الدول الغربية حليفة الكيان الصهيوني في القيام بزيارات إلى طهران للحصول على عقود لشركاتها، بل وأيضاً لأنّ الخلاف حول الموقف من الاتفاق انتقل إلى داخل الكيان الصهيوني، وتحديداً إلى المؤسسات التي تلعب الدور الأساسي في رسم سياسة تل أبيب وعلى رأسها المؤسسة العسكرية.

انهيار الحملة الدعائية الصهيونية ضدّ إيران كشفت عنه وقائع مؤتمر «معهد أبحاث الأمن القومي» الذي عقد مؤخراً، ولا سيما الخلاف الذي وقع بين وزير حرب العدو «موشي يعالون» وبين رئيس أركان جيش العدو «غادي إيزنكورت»، الذي أكد على عكس الحملة الدعائية التي يقودها نتنياهو ويعالون التي تتهم إدارة أوباما بالتفريط والتنازل أمام إيران «أنّ الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 «ليس سلبياً بكلّ بنوده» بل ذهب أبعد من ذلك وقال إنه «يمثل فرصة».

لا شك أنّ هذا الانقسام داخل المؤسسات الصانعة للسياسة والاستراتيجية الصهيونية هو صدى للموقف الأميركي الجديد، وبديهي بعد أن تخرج أصوات بوزن صوت رئيس أركان جيش العدو، وتتخذ هذا الموقف، فإنّ الرهان على استمرار الحملة الدعائية الصهيونية ضدّ إيران، أو على الأقلّ استمرار فعاليتها على النحو السابق، فهو رهان لا يستند إلى أيّ أساس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى