الخارجية الأميركية تُنهي دلع معارضة «ببكي وبروح» بالتحذير من ضياع الفرصة «جنيف 3» الجمعة… وموسكو تؤكد ترؤس المعلم للوفد الرسمي… والجيش يتابع مهامه

كتب المحرر السياسي

اكتملت تحضيرات عقد لقاء جنيف للحوار بين الحكومة السورية ووفود المعارضة التي ستتوزّع في غرف جانبية يتجوّل بينها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، قبل أن يحمل حصيلتها، كما يراها هو من موقع تطبيقه للقرار 2254 وما تمّ التفاهم عليه بين وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، والمكتوم بات معلوماً، فوظيفة الحوار كما تقول مصادر جماعة الرياض هو تشريع العلاقات الغربية والعربية مع الحكومة السورية، خصوصاً مع الرئيس السوري، الذي كرّس القرار الأممي الصادر بعد التموضع الروسي في سورية وفي مناخات ما بعد التفاهم على الملف النووي الإيراني، منع أيّ تدخل خارجي في تحديد مستقبل الرئاسة السورية، والتزاماً أميركياً بالاعتراف أنّ خطر تجذّر الإرهاب لا يتيح ترف تحقيق الأحلام ولا وقت يمنح من حساب الحرب على الإرهاب ليروي السعودي حسده التاريخي من سورية، تاريخها وجغرافيتها، انتقاماً مازوشياً برؤيتها تحترق ولا وقت في المقابل ليشفي التركي العثماني ولا الفرنسي المستعمر، حقدهما التاريخي لاستعصاء سورية عليهما تاريخاً وجغرافيا وعصيانها على مشيئتيهما.

المعارضة التي منحت أهل الحسد والحقد فرص تخريب بلدها، تجد نفسها أمام ساعة الحقيقة، وتعيش أسوأ أيامها باللطم والندب، وهي تتحدّث عن التخلي والضغوط والغدر والخيانة من الحلفاء، والبيع والشراء، متجاهلة طبعاً عن عَمْد أنها أصلاً آخر من يحق له ادّعاء المفاجأة بما يجري، وبين صفوفها من ألّف كتباً، مثل برهان غليون، عن إشكالية الإصلاح وإشكالاته، يضع فيها المسؤولية على السياسات الغربية التي تجعل مصالحها النفطية والتزامها بأمن «إسرائيل» وتغاضيها عن اللعبة المزدوجة لأجهزة مخابراتها مع التطرف الإسلامي الذي ينتج الإرهاب بعيداً عن المدنية وخيارات الحداثة، فوق كلّ ادّعاءاتها بالتزام الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهذا قبل أربع سنوات فقط من تحوّله إلى أحد قادة المعارضة التي استوطنت حضن النفط وتماهت في استهداف جيش دولتها الوطنية مع مقتضيات الأمن «الإسرائيلي»، وتخندقت بسبب إفلاسها الشعبي والعسكري وراء تنظيمات التطرف والتوحش والإرهاب.

تذهب معارضة «ببكي وبروح»، وهي تسمع بيان وزارة الخارجية الأميركية يهدّدها بخطورة تضييع الفرصة، وتعلم أنّ الجولة العسكرية التي ستكون في حال الغياب ستتمّ بتغطية أميركية وتكون قاصمة لظهر ما تبقى من الجماعات المسلحة التي تمنحها الغطاء، بينما سيستمرّ الجيش السوري في مهامه يتقدّم على الجبهات كلّها في الأحوال كلّها، لكن سيكون للنار الروسية عيارات تتناسب مع درجة فهم وفد المعارضة لمبرّر لقاء جنيف ووظيفته ودرجة تجاوبها معهما.

موسكو التي أكدت أنّ الحكومة السورية ستتمثل بوفد رفيع يترأسه وزير الخارجية وليد المعلم، لا تُخفي أنّ ما يهمّها هو إقفال الحدود ووقف التمويل والتسليح للجماعات المسلحة من بوابة تفاهم على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تؤدّي إلى رفع العقوبات عن الحكومة السورية وعودة العلاقات معها والسفارات إليها، وأنّ جائزة الترضية لمن يلعب هذا الدور من المعارضين هي مقاعد وزارية في حكومة تشكل تحت مظلة الرئيس السوري بشار الأسد وفي ظلّ ممارسة صلاحياته الدستورية الكاملة.

للمعارضة التي تقول إنها تملك أغلبية التأييد الشعبي السوري، يقول الأميركي والروسي، إنّ زمن الاحتكام إلى السلاح انتهى، وكلّ مَن يقف في وجه معادلة جنيف سيصنَّف إرهابياً وسيُضرب بغير رحمة، ومَن يريد إثبات مكانته الشعبية فأمامه منافسات انتخابية تراقبها وتصادق على نتائجها هيئات دولية مشهود لها، وعندها يعرف العالم مَن وماذا يريد السوريون؟

مع الاقتراب من الخطوة الأولى من وضع المسار السوري على سكة الخلاص المزدوج السياسي والعسكري، لا يبدو لبنان يقترب أيّ خطوة من مسارات الحلحلة، حيث الحكومة التي تجتمع اليوم تنام على تفاهم حول تعيينات المجلس العسكري، قد تصحو على نقيضه، وحيث الحوار الوطني الذي عقد جولة جديدة أمس، بغياب لافت لعدد من أركانه عاد إلى تكرار المكرّر وتسجيل المواقف المعلومة، وليس أمامه سوى تأكيد تفعيل الحكومة، ليختصر النائب وليد جنبلاط الغائب عن الحوار، المشهد بقوله، «قوموا عالدبكة» والدبكة تبدو خيامية نسبة إلى أهل بلدة الخيام الجنوبية حيث يبدو الجميع في حراك، لكنهم يتحرّكون في أماكنهم.

جلسة حوار محورها الحكومة بلا رئاسة

انعقدت الجولة الـ14 من جلسات هيئة الحوار الوطني في عين التينة وكان محورها الوضع الحكومي، حيث أجمع المتحاورون على ضرورة تفعيل عمل الحكومة انطلاقاً من الاتفاق على بند التعيينات في المجلس العسكري. بينما لم يتم التطرق خلال الجلسة إلى الملف الرئاسي سوى ما صرح به رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية فور خروجه من عين التينة، بأنه «مستمرّ» بترشحه، مضيفاً: «لا أفهم كيف ينسحب صاحب الـ70 صوتاً لمن يملك 40 صوتاً»، قائلاً: «أهلاً وسهلاً بالجنرال عون في بنشعي ونحن مستمرون في الترشح».

وكانت الجلسة قد انعقدت بحضور معظم رؤساء الكتل المشاركة باستثناء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، الذي مثله وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ومعه النائب حكمت ديب، وغياب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وناب عنه الوزير السابق غازي العريضي، كما مثل الدكتور حسن حمادة رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، وقد سجل غياب النائب ميشال المر. ورفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة إلى 17 شباط المقبل.

التتمة ص. 2

هل تمّ الاتفاق على التعيينات؟

في ضوء إجماع المتحاورين في جلسة الحوار أمس، على تفعيل العمل الحكومي، يعقد مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم جلسة عادية على جدول أعمالها 379 بنداً، على أن يُطرح بند تعيينات المجلس العسكري من خارج جدول الأعمال بعد التّوصل إلى شبه اتفاق عليه، وبالتالي من المتوقَّع أن يبتّ مجلس الوزراء ملف التعيينات في جلسة اليوم بعد استكمال النقاش، كما سيتمّ البحث خلال الجلسة في قضية الوزير السابق ميشال سماحة وإمكان إحالتها إلى المجلس العدلي بناء على طلب فريق 14 آذار.

حناوي: «قربت تنحلّ»

وعلّق وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي لـ«البناء» بالقول: «قربت تنحلّ»، مؤكداً أن الأسماء لم تحسم بعد حتى الساعة، نافياً أي تسوية سياسية لهذا الملف رغم الجهود الذي يبذلها الرئيس بري.

وأضاف حناوي: «إذا حضر وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر، فإن وزير الدفاع سيقوم بواجباته ويمارس صلاحياته وفق القوانين وسيطرح على مجلس الوزراء ثلاثة أسماء من كل طائفة لكل مركز وسيحدّد مَن الأفضل والأكفأ وستجري مناقشتها، وإذا تمّ التوافق عليها سيتمّ التعيين».

وأعلن حناوي أنه سيصوّت ضد أي اسم يطرح وفقاً للمحاصصة السياسية، «لأن الأصول تقتضي أن يطرح وزير الدفاع الأسماء مع جدول مفاضلة وأي ضابط لديه ملف مسلكي يتمّ استبعاده».

لا صيغة نهائية للحلّ

ونفى وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن يكون قد تم التوصل إلى تسوية أو صيغة نهائية بملف التعيينات في المجلس العسكري، وأكد أن «الأمر يحتاج إلى مزيد من الدرس والنقاش»، لافتاً إلى أن «الاجتماعات والاتصالات ستستكمل مساء اليوم على مستوى وزراء وقيادات مع وزير الدفاع لتذليل العقبات قبل موعد الجلسة».

وأوضحت مصادر وزارية لـ«البناء» أن «العقدة تتمحور حول أن أحد الأطراف يريد إجراء التعيينات من دون احترام مبدأ الأقدمية والكفاءة ويريد تغليب الانتماء السياسي على أي اعتبار آخر».

وزراء «التيار» وحزب الله سيحضرون

بينما أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أنه تمّ التوافق على تسوية التعيينات في المجلس العسكري وأن وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله سيحضرون جلسة اليوم».

وأشارت إلى أن «الرئيس بري هو الضامن لهذه التسوية، حيث سيعرض وزير الدفاع سمير مقبل أسماء المرشحين على مجلس الوزراء ليتم الاختيار بينها»، ورجّحت المصادر بتّ هذا الملف في جلسة اليوم إذا لم تحصل أي مستجدات تعرقل هذه التسوية.

باسيل يزور فرنجية قريباً

على صعيد الملف الرئاسي، لا جديد سوى تأكيد الوزير فرنجية من عين التينة الاستمرار بترشحه في ظل مراوحة المبادرتين الرئاسيتين حتى اليوم، بانتظار معطيات جديدة تغيّر مسار جلسة 8 شباط المرتقبة والتي سيكون مصيرها التأجيل. وقالت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن «اتصالات تُجرى للتمهيد لزيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى الوزير فرنجية في الأيام المقبلة للبحث معه بمبادرة ترشيح جعجع لعون، في إطار الاتصالات واللقاءات التي يجريها وفد التيار مع رؤساء الكتل النيابية لتأمين دعم أوسع لترشيح العماد عون».

وإذ أكدت المصادر أن من حق الوزير فرنجية الاستمرار بترشحه، لفتت إلى أن الملف الرئاسي سيراوح مكانه حتى وقت طويل إلى أن يقنع عون فرنجية بترشّحه، أو يقنع فرنجية عون بترشّحه.

وأوضحت المصادر أن «الملف الرئاسي يتجه اليوم أكثر لأن يكون استحقاقاً داخلياً، لكن توقيت الانتخاب لا يزال خارجياً، مرجّحة تأجيل جلسة الانتخاب في 8 شباط، ومؤكدة أن نواب التيار الوطني الحر وحزب الله سيمارسان حقهما في الغياب عن الجلسة».

جعجع لبري: لقاء معراب وطني

ورداً على قول الرئيس بري «أنّ التوافق بين «القوات» و»التيار الوطني الحر» لا يكفي وحدَه لانتخاب الرئيس، إنّما يتطلّب توافقاً مسيحياً ووطنياً على هذا الاستحقاق»، علّق جعجع عبر «تويتر» فقال: «صديقي الرئيس بري، لقاء معراب هو ليس فقط لقاء مسيحياً بل وطني أيضاً لأن أحد أطرافه في 14 آذار والآخر في 8 آذار».

جنبلاط: لا رئيس في الوقت الحاضر

وقال النائب جنبلاط في تغريدة عبر «تويتر»: «على كل حال هيئة الحوار في لبنان نجحت. السؤال كيف؟ لقد وضعت مواصفات الرئيس، أولاً ألا يكون موظفاً، أي استبعدت قائد الجيش وهو أصلاً غير راغب. وثانياً أن يكون للرئيس حيثية مسيحية ووطنية، فانحصرت الأمور بسليمان فرنجية وميشال عون، وهذا جيد. لكن يبدو أن شيئاً آخر ينقص في المواصفات، لذلك لا رئيس في الوقت الحاضر. ما هذا الأمر، لا أعرف».

وتابع: «هيئة الحوار، أصبحت مثل هيئة تشخيص مصلحة النظام في إيران، تبقى كلمة السر الديموقراطية طبعاً من المرشد ولعيونك. وعلى قول أهل جبل العرب، دبكة يا شباب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى