بين جنيف 2 وجنيف 3 .. روافع سياسية

محمد محفوض

كشف قرار مجلس الأمن 2254 الحالة المزرية للمعارضة السورية في الأروقة الدولية فمنذ تبنّي القرار أعلنت الحكومة السورية جاهزية وفدها للمشاركة في الحوار، فيما شغلت معارضة الرياض العالم بأسره بتشكيلة وفدها الذي سيحضر المؤتمر.

تارة تقصي تيارات معارضة أخرى وتارة تطلق الشروط لحضور المؤتمر.. تعبير واضح عن حالة الضعف والانقسام التي وصلت إليها هذه المكونات السياسية الذي يقاتل منذ خمسة أعوام تقريباً للوصول إلى السلطة وقيادة الدولة والمجتمع السوريين.

السلوك السياسي لهذه المعارضة دفع بالوزير الأميركي جون كيري لزيارة الرياض وتوبيخ هذه المعارضة سياسياً بوجوب التوقف عن إملاء الشروط وتهديدها بانطلاق المفوضات بمن حضر.

مصادر مطلعة لـصحيفة «الحياة» قالت إن كيري أبلغ حجاب تفاهماته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وتضمّنت المشاركة في مفاوضات لـ «تشكيل حكومة مع النظام وليس هيئة انتقالية ، والعمل على انتخابات يحق للأسد الترشح فيها من دون جدول زمني لرحيله»، ووفقاً للصحيفة فإن «رسائل» كيري تضمنت «إنذاراً» من أنه على الهيئة التفاوضية أن تذهب إلى جنيف وفق هذه الشروط «وإلا فإن دعمنا للمعارضة سيتوقف».

منذ جنيف 2 أدركت هذه المعارضة أن العمل بات لإعادة الاعتراف بالحكومة السورية، بعد طول الحديث عن فقدان الشرعية، حيث تمت يومها دعوة وفد الحكومة السورية للحوار كاعتراف غير مباشر بشرعية هذا الوفد ليتجاوز الموضوع في جنيف 3 حد الاعتراف إلى التعاون والإقرار بدور الحكومة السورية وعلى رأسها الرئيس الأسد في أي حل لسورية.

المعطيات الجديدة بين جنيف 2 وجنيف 3 كانت الرافعة السياسية التي حوّلت السلطة في سورية إلى لاعب فاعل وحوّلت المعارضة إلى لاعب معطل باتت تصاريح الحزم والتهديد توجه إليه.

إقرار الاتفاق النووي مع إيران ودخوله حيّز التنفيذ وفشل محاولات إفشاله ودخول الروسي على خط الاشتباك المباشر مع الإرهابيين في سورية وليس آخراً تقدم الجيش السوري تقدماً نوعياً وضعه في مناطق استراتيجية جداً لم يدخلها منذ اندلاع الحراك المسلح في سورية… معطيات كان على الأميركي أن يتعامل معها كما يتعامل الآن.. اعتراف بالأسد.. اعتراف بدور الجيش السوري الإيجابي في هذه الحرب وتهديد وتوبيخ للمعارضة السورية لإفهامها بأن الوقت يأزف.

الخارجية الأميركية ترجمت لقاء كيري في الرياض بلغة ديبلوماسية مهذبة، بالقول إن على المعارضة السورية أن تذهب لحوار جنيف من دون شروط مسبقة.

المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر قال إن المعارضة قد تكون محقة في بعض مطالبها، ولكن أمامها «فرصة تاريخية للذهاب إلى جنيف وينبغي أن يفعلوا ذلك من دون شروط مسبقة».

ومع غياب الصدى الدولي لشروط المعارضة بالتنحي والإصرار على هيئة الحكم الانتقالي ووجود البديل الجاهز في حال قاطعت معارضة الرياض المؤتمر بات سقف ما يتركز عليه الحوار هو مكافآت سياسية على شكل مقاعد وزارية للمعارضة والاتفاق على وقف لإطلاق النار يحاصر داعش والنصرة وغيرهم من الإرهابيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى