قيادات معنيّة تجتمع وتعد بالإطلاق التدريجيّ لـ«قادة المحاور»
حسن سلامه
ساد القلق في الأيام الأخيرة في أكثر من موقع سياسي رسمي وحكومي وشعبي، خاصة بين أبناء طرابلس، من لجوء بعض المتضررين من نجاح الخطة الأمنية في المدينة إلى محاولة تخريبها، واستخدام المنطقة لغايات باتت معروفة لأهالي عاصمة الشمال قبل سواهم، إذ اختبروها طوال ثلاث سنوات من الحروب العبثية التي طالت المدينة وأهلها وأدت إلى سقوط مئات الضحايا وإلى دمار كبير.
بدا واضحاً أن هؤلاء المتضررين استغلوا تحرك أهالي قادة المحاور وغيرهم من المسلحين الذين أوقفوا بعد انطلاق الخطة الأمنية، خاصة أن عمليات التوقيف حصلت وفق ما يمكن وصفه بـ«عملية حبية» كان وراءها بعض قيادات «المستقبل» في المدينة إذ طلبوا من قادة المحاور وبعض المسلحين تسليم أنفسهم للجهات المعنية على أن يُطلق سراحهم خلال فترة قصيرة لا تتعدى الشهرين.
إلاّ أن استمرار توقيف هؤلاء المسلحين اضطرّ أهاليهم إلى النزول إلى الشارع إذ اعتبر الأهالي أن مسؤولي «المستقبل» تخلّوا عنهم، فشنّوا حملة عنيفة على «المستقبل» وبخاصة على بعض المسؤولين في طرابلس، بدءاً بالمسؤول العسكري للتيار عميد حمود. لكن بعدما وسع أهالي المسلحين تحركهم، عمد البعض إلى استغلال هذا التحرك، فقاد بعض نواب «المستقبل» وفي مقدمهم محمد كبارة ومعين المرعبي وخالد الضاهر حملة تحريض طائفية ومذهبية لاستيعاب حملة الأهالي ضدهم، لكن الأخطر في عملية الاستغلال ـ وفق مصادر واسعة الاطلاع ـ لجوء بعض الأطراف المتضررة من الخطة الأمنية إلى تخريبها وإسقاطها من خلال حملة تحريض غير مسبوقة للأهالي ضد الأجهزة الأمنية والقضائية، وحتى التهديد بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الخطة الأمنية، وذاك ما ظهر عبر التوترات الأمنية التي شهدتها المدينة الأسبوع الفائت، بدءاً من اتساع دائرة إلقاء القنابل اليدوية إلى ظهور تجمعات مسلحة في بعض الأحياء.
إزاء هذه المحاولات لضرب الخطة الأمنية، عقدت اجتماعات بقيت بعيدة عن الإعلام حكومياً ومع بعض الجهات المعنية بُحث خلالها بالتفصيل في أوضاع طرابلس وكيفية معالجة ما يحصل في المدينة، بما يقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر، وكان التركيز في الاجتماع المفصلي الذي خصص لبحث هذا الوضع على كيفية الحؤول دون تمكن بعض الجهات المتطرفة والمعروفة بدورها التحريضي والتوتيري من استغلال تحرك أهالي المسلحين، أولاً لاستقطابهم إلى شعاراتهم التحريضية والمتطرفة، وثانياً لتوتير الوضع في المدينة، على نحو يمكّن تلك الجهات من ضرب الخطة الأمنية. وأشارت المصادر إلى التوقّف مليّاً عند أدوار بعض المشايخ، بدءاً بالشيخ سالم الرافعي وآخرين، وما يحاولون القيام به من استغلال لتحركات أهالي المسلحين ودفعهم نحو التطرف.
في ضوء هذه المناقشات التفصيلية حول ما حصل ويحصل في طرابلس على خلفية توقيف قادة المحاور وعدد من المسلحين، تمّ التوافق على ضرورة سحب فتيل التوتير من المدينة من ناحية، والحؤول دون دفع الأهالي إلى الارتماء في أحضان المتطرفين من ناحية ثانية، وبالتالي معالجة ملف الموقوفين في أسرع وقت ممكن لحفظ الساحة الطرابلسية وإسقاط محاولات الاستغلال.
لذا تشير المصادر إلى أن هذا الملف سيُقفل في فترة قريبة، من خلال البدء في إطلاق الموقوفين تدريجياً، بعد إيجاد «تخريجة» معينة لكل منهم، فاستمرار هذه القضية بات يشكل مادة دسمة للمتضررين من الخطة الأمنية كي يعيدوا الوضع إلى ما كان عليه قبل انطلاق الخطة، بل إن البعض يسعى إلى استغلال التوقيفات خدمة لمشاريعه المتطرفة التي تلاقي مخطط «داعش» وأخواتها في المنطقة.