بين حرائق الإرهاب… وجليد جنيف!
فاديا مطر
لم يغب الحرج الأممي عن جميع محادثات السلام السورية التي عنونتها «جنيف ـ فيينا ـ موسكو» سابقاً، لعدم القدرة الأممية على تجاوز عتبة الطواعية للأجندات الغربية الرامية إلى إفشال أي مساعٍ سلمية دبلوماسية في حل الأزمة السورية عن طريق الحل السياسي، الذي طالما تشدقت به أطراف غربية وعربية طويلاً.
فبين ما يطرحه وفد الجمهورية العربية السورية من حلول واستعداد للعمل بالحل السياسي، يبرز الطرف الأسود الذي مازال يُحضّر لنسف المؤتمر كما فعل أتباعه في حي السيدة زينب في يوم 31 كانون الثاني المنصرم، من هجوم إرهابي استهدف الحي المكتظ جنوب دمشق وسقوط أكثر من 45 شهيداً وعشرات الجرحى، والذي تبنّاه ما يسمى تنظيم «داعش» الإرهابي بتفجيرات ثلاثة عشية انعقاد محادثات «جنيف» السياسية بين الوفد الحكومي الرسمي وما يُسمّى «معارضة الرياض»، التي بدت أصابعها ببصمات سعودية واضحة للعيان في كل مكان من تفجيرات «السيدة زينب»، فهي كما صرّحت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي «فيدريكا موغيريني» تهدف إلى إفشال محادثات السلام السورية في «جنيف»، والتي أكد فيها رئيس وفد الجمهورية العربية السورية الدكتور «بشار الجعفري» أن تأخر وفد «معارضة الرياض» عن الحضور إلى جنيف وعدم معرفة أسمائه هي دليل على عدم الجدية والمسؤولية، وأن من يتحدث عن «شروط مسبقة» يعني أنه آتٍ لإفشال الحوار، وهو ما ترمي إليه هذه البصمات «السعوداعشية» لتغطية الفشل الذريع في الخضوع السعودي للرغبة الأميركية في إفشال أي مساعي حل سياسي لتحقيق بعض التقدم الدبلوماسي «المشروط»، أو تفخيخ الوصول إلى حل سياسي شامل وحقيقي، مثلما فعلت تركيا التي استضافت نائب الرئيس الأميركي «جو بايدن» في 23 كانون الثاني لإعلان الحل العسكري على أنقاض ما يتمّ هدمه من حل سياسي، والذي اعتبرته الدبلوماسية الروسية «يحمل طابعاً هداماً» في وقت الحديث الدولي عن الحلول السياسية.
فالتفجيرات تهدف في طيات باطنها لإفشال المخطط الروسي لبدء العملية السياسية، وستر ما طفا على السطح من استسلام للاعتراف بدور الجيش العربي السوري وقيادته وبقاء الرئيس الأسد كحجر صلب في طريق ضرب الدولة السورية عن طريق حرب بدأت منذ ما يقارب الخمس سنوات، تخللتها مفاوضات عديدة في عواصم عديدة ساوت بعضها بين اليد الإرهابية بطاولات الحوار السياسي عبر السيارات المفخخة، وعادلت فيها الأطراف الغربية بين القاتل والمقتول. فالتفجيرات المتوازية مع أربطة الحل السياسي هي إثارة للغبار في جو لم تنفع فيه محاولات إعماء الحل السياسي المتوازي مع مكافحة الإرهاب، ولن تكون غباره ذات تأثير على الشعب السوري الداعم للدولة السورية وحلها السياسي، فالغبار انكشف عن البصمات السعودية، والتي أتقنت الدولة السورية رفعها وإبرازها عبر ما يتقدّم به الجيش العربي السوري في أرياف حلب واللاذقية ودرعا وغيرها من جبهات القتال لتكون معطياته الميدانية الاستراتيجية هي أساس رسم الحل السياسي على أعمدة التشاركية الدفاعية مع الحلفاء الإقليميين والدوليين، والتي لن تهدمها تفجيرات المشروع التكفيري بكل رعايته الإقليمية والدولية، من اسطنبول إلى الرياض إلى واشنطن وغيرها، ليكون خروج بعض الأطراف الإقليمية من معادلة الحل السياسي والعسكري هي أول الرد على نار الإرهاب الذي ضرب سابقاً حي «السيدة زينب» في عشية الاحتفال في مولدها في 23 شباط من العام الماضي والذي ما زال على أجندته نيران أخرى في محاولة لحرق الحل السياسي والتمويه الدخاني عبره لمرور الفشل في القدرة على التأثير والخضوع للأسياد في البيت الأبيض، وتعويم الإرهاب كحل واقع، لكن التضليل والازدواجية لن تنفعا ولن تقدرا على إخراج الميدان السوري من المعادلة الدولية، والذي أطاح بكل بصمات الإرهاب وأظهرها على حقيقتها بشكلها «الغرب ـ عربي»، ليكون السلام «خيراً وأبقى»…!!أثيأ