التقارب السعودي التركي.. من المنافسة إلى الشراكة!
ناديا شحادة
مَن اختلفوا في مناهج قتل السوريين توحَّدوا من أجل ربع الساعة الأخير.. الوهابية السعودية تلتقي بالإخوانية التركية في الرياض في 31 كانون الثاني من أجل لململة الأوراق ورص الصفوف بحثاً عن مكاسب يمكن تحقيقها في ما تبقى لهم على الأرض السورية، فبرغم اختلاف وجهات النظر بين السعودية وتركيا في ما يتعلق ببعض القضايا الإقليمية والرغبة في السيطرة على المنطقة فإن الرياض وأنقرة حافظتا على علاقات ثنائية جيدة وهذا ما أشارت إليه صحيفة المونيتور الأميركية في تقرير لها.
تعتبر الأزمة السورية أحد أبرز عوامل التقارب بين البلدين، إذ إنه وبعد دخول روسيا المباشر على خط تحالف طهران دمشق الاستراتيجي ظهرت العديد من البوادر التي عززت العلاقات بين أنقرة والرياض، بدءاً من التأكيد والتعنت على قضية رحيل الرئيس بشار الأسد كشرط مسبق لأي حل سياسي، حيث أكد كل من وزيري الخارجية السعودي والتركي في تشرين الأول من العام الماضي على الاستمرار في دعم المعارضة السورية بهدف إقامة دولة موحدة في سورية لا مكان للرئيس الأسد فيها.
يؤكد الخبراء الاستراتيجيون على أن العلاقة بين البلدين تطورت بشكل سريع ولافت فجأة من منافسة إلى شراكة، حيث كانت السياسة الخارجية متضاربة لكلا البلدين، فلم يعد خافياً على احد أن موقف حزب العدالة والتنمية من تنظيم الإخوان المسلمين عموماً وتشعب صراعات المنطقة واختلاف التوجهات والرؤى حول تفاصيل بعض ملفاتها الإقليمية قد ألقى بظلال سلبية على العلاقات السعودية التركية فتصريحات أردوغان التي اعترف فيها بوجود نقاط ضمن ملفات سورية ومصر وفلسطين لا تتفق حولها الرؤية التركية مع الرؤية السعودية، مؤكداً أن بلاده لا تريد أن تتيح الفرصة لهذه الاختلافات أن تعكر العلاقات الثنائية بين البلدين ومعرباً عن أمله في أن تتخلى المملكة مع موقفها السلبي ضد جماعة الإخوان المسلمين، اكبر دليل على ان هناك مساعي لإعادة إنتاج وتقويم العلاقة التي أصبح أمراً لا مفر منه في ضوء التحديات والمستجدات الأخيرة، لتتحول العلاقة من تحدٍّ إلى دعم فالتصريحات الأخيرة التي أطلقها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره التركي مولود اوغلو في 31 كانون الثاني، والتي أكد فيها موقف بلاده الداعم لحق تركيا التام في الدفاع عن نفسها أكبر دليل على تعزيز العلاقات بين أنقرة والرياض في الآونة الأخيرة. وهذه التصريحات كفيلة برسم منحى جديد للعلاقات يتسم بالتعاون والتقارب للملمة ما تبقى من إمكانية الصمود بوجه الرئيس الأسد الذي استطاع أن يجمع الخصمين السياسيين من الحلف نفسه على قلب واحد.
فالتطورات المتسارعة على الساحة السورية ميدانياً، حيث استطاع الجيش السوري وحلفاؤه تحقيق العديد من المكاسب، وسياسياً فبعد تأجيل استمر لأربعة أيام بدأت الجولة الأولى من مفاوضات جنيف حول الأزمة السورية، بحضور معظم فصائل وأحزاب المعارضة إلى جانب الحكومة السورية بقيادة السيد بشار الجعفري، حيث وصل وفد الهيئة العليا للتفاوض المنبثق عن مؤتمر الرياض إلى جنيف مساء السبت 30 كانون الثاني، برئاسة رياض حجاب على متن طائرة سعودية خاصة بعد تلكؤ استمر ثلاثة أيام ونتيجة لضغوط مكثفة كان آخرها إصرار الأمم المتحدة ومبعوثها دي ميستورا على عقد المؤتمر في موعده بمن حضر.
فهذه المتغيرات التي شهدها الملف السوري حتمت التقارب بين بلدين يلعبان دوراً رئيسياً في هذا الملف، فبعد خمس سنوات من ضخ الأموال والأسلحة إلى الجماعات الإرهابية، بدأت الكفة تميل لمصلحة الحكومة السورية والتحالف الداعم لها، فهل يبدد هذا التقارب حالة القلق التي تسود الجانبين السعودي التركي؟ وهل هو محاولة لتأسيس استراتيجية مضادة لتعديل الكفة في الملف السوري؟