«سعيد تقيّ الدين ومسرح الحياة»… ندوة لـ«مركز التراث اللبنانيّ»

عقد «مركز التراث اللبناني» في الجامعة اللبنانية الأميركية ندوة عنوانها «سعيد تقيّ الدين: حياة المسرح من مسرح الحياة»، على خشبة مسرح «أروين هول» في الجامعة.

افتتح الندوة مدير المركز الشاعر هنري زغيب فأشار إلى ريادة سعيد تقيّ الدين مؤلفاً مسرحياً في مطالع العشرينات من القرن الماضي حين كان معظم الكتّاب اللبنانيين يترجمون أو يقتبسون من المسرح الغربي. منوّها بأهمية تقيّ الدين الأدبية بين القصة القصيرة والمقالة النقدية والمقالة السياسية والالتزام العقائدي، وكلّ ذلك بأسلوبه الساخر النابض الحيّ الشخصيّ.

المداخلة الأولى كانت للدكتورة إكرام الأشقر مؤلفة كتاب «سعيد تقيّ الدين بين التنظير والتطبيق»، منطلقة من ندرة أن يجتمع في رجل واحد ما جمعه سعيد تقيّ الدين باحثاً دارساً محللاً أديباً مسرحياً ومفتشاً عن الأصالة. «وسواء أيدتَ مواقفه أو عارضتها، أو جذبتك رؤيته أو أبعدتك، فهو ترك بصمة مهمة في سجل التاريخ المسرحي».

وأضافت: «إنه مثقف ساخر واجه الحياة بسلاح سخرية عميقة سلخ لها لغة خاصة هي جزء من تكوينه النفسي واللغوي، استعملها بأسلوب مميز في أدبه، وفي مسرحه الذي تجلّى في وحدة عضوية غير منفصمة بين آفاق وأعماق، بين فكر وحياة».

وختمت: «بكون تقيّ الدين أدرك أن الدراما تعالج داء تأصل في النوع البشري، وأن خلوّ أدبنا من الدراما يعود إلى تفكك اجتماعي نعاني منه في أدياننا واجتماعياتنا ولهجاتنا وعباداتنا. وعلى الدراما أن ترضي جميع الناس على اختلاف صفاتهم، فهي أكثر الفنون ديمقراطية لأنها تستمد قوتها من الشعب».

المداخلة الثانية كانت للدكتور نبيل أبو مراد عن «خصائص اللغة المسرحية لدى سعيد تقيّ الدين وتفرّدها في زمنها»، معتبراً أن المسرح عنده جزء مهم من نتاجه الأدبي. وهو كتب ست مسرحيات: «لولا المحامي» 1923 ، «قضي الأمر» 1925 ، «نخب العدو» 1937 ، «الدروب الموحشة» 1944 ، «حفنة ريح» 1947 ، و«المنبوذ» 1953 .

ورأى أن في مسرحية «نخب العدو» عناصر درامية جيّاشة متنوّعة غنية جديدة في عصرها، ولا مثيل لها في تراثنا المسرحي القديم من حيث لغتها وحواراتها وحبكتها وحيويتها. فشخصياتها تكاد تقفز من الورق وتصفع القارئ وتوبّخه وتحرّضه وتضحكه وتبكيه وتشدّ لحيته وتعيده إلى وعي ذاته ووعي مجتمعه وبيئته وأمراضه»… وكان تقيّ الدين رائداً في معالجة الموضوع الاجتماعي. سبقه ميخائيل نعيمة في «الآباء والبنون» عام 1916 وفي أعمال أخرى قليلة. وهو كتب بفصحى سهلة مرنة يمكن التمثيل بها أو تحويلها إلى العامية بتعديل بسيط على بعض ألفاظها.

وختم: إن فرادة سعيد تقيّ الدين هي في إعادته الاعتبار للمسرح الكوميدي، مهّد له ليتلقفه بعده كتّاب شعبيون. لكن فرادة مسرحه ليست فقط كمسرح كوميدي بل كمسرح شامل يحمل الكثير من شروط المسرحية المعاصرة الناجحة، وكمسرح نقدي هادف غاص في هموم شعبه ونقل معاناته الحقيقية في زمانها وكل زمان، وكمسرح ثوري تخطّى الشروط القديمة الجامدة لغة ومواضيع، وأخرج المسرح من إطار الأدب وقفز فوق عشرات كتّاب جايلوه وجاؤوا بعده، ومهّد للحركة المسرحية اللبنانية الجديدة في أوائل الستينات.

بعد المداخلتين، قدّم طلاب جامعيون مشاهد من مسرحيات سعيد تقيّ الدين «لولا المحامي» و«نخب العدو» و«حفنة ريح»، اختارها وأشرف عليها المخرج موريس معلوف.

وختاماً، أعلن مدير المركز ندوة الشهر المقبل، الاثنين 7 آذار: «الأزياء التراثية في لبنان: حكاية الأناقة والإرث والجمال» مع المصمّمة بابو لحود سعادة والدكتورة ياسمين طعان رئيسة قسم تصميم الأزياء في الجامعة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى