تقرير استخباري أميركي نوعي حول الدعم الأمني الأميركيّ للسلطة الفلسطينية والتنسيق مع «إسرائيل» 3/3

يرى دايتون أن مجموع عناصر قوات الأمن الفلسطينية التي ستدرب في الأردن يبلغ عشرة فيالق واحد لكل محافظة من المحافظات التسع في الضفة الغربية، والعاشر يشكل احتياطاً استراتيجياً . هناك شك في قدرة نحو 5000 جندي في قوات الأمن الوطني المتدربة في مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن برعاية أميركية، إلى جانب القوات الأمنية الموجودة حالياً، على حفظ النظام وتعطيل الشبكات الإرهابية في الضفة الغربية التي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني ونصف مليون نسمة . كذلك ثمة شك في مدى توافق رؤية دايتون التي تشمل 5000 مدرّب فلسطينيّ مع مبدأ «الدولة الفسطينية المنزوعة السلاح» التي تحدث عنها رئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو في خطابه في الرابع عشر من حزيران 2009 في جامعة بار-ايلان في «تل أبيب».

يرى بعض المحللين أن قوات الأمن الوطني هي أقرب إلى «جيش حديث الولادة» منها إلى شرطة فرض النظام والقانون، رغم أن الولايات المتحدة لا تقدم سوى الأسلحة غير القاتلة ولا تسمح «إسرائيل» سوى للقوات التابعة للسلطة الفلسطينية بامتلاك «الأسلحة الخفيفة». إن استمرار غموض طبيعة قوات الأمن الوطني قد يؤثر سلباً في التنسيق مع نظيرها «الإسرائيلي» مستقبلاً حول موقفها من قوات حماس في غزة وحول قدرتها في الوقت نفسه على:

1 – تحقيق الإصلاح نحو سلطة مدنية مسؤولة ولا حزبية.

2 – تطوير قدراتها في مكافحة الإرهاب. وإقالة الضباط الأقل نشاطاً وغير المرغوب فيهم واستبدالهم بمجندين جدد في الحرس الرئاسي وقوات الأمن الوطني والشرطة. مع نهاية آذار 2008، يصبح عدد الضباط المتقاعدين بموجب النظام الجديد هو 6000 ضابط،

كذلك يتم تدقيق الأسماء الجديدة لدى كل من وكالة الأمن «الإسرائيلية» المعروفة بـ»شن بيت» والشرطة «الإسرائيلية» والحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية، وتفاصيل تجنيد المتدربين واختبارهم إذ يجب أن يكونوا بعيدين عن الحزبية والكره الناجم عن الاحتلال «الإسرائيلي». بين شباط وآذار 2008، أنشأت السلطة الفلسطينية نظام تقاعد لافتاً بحيث يقال بموجبه الضباط الأقل نشاطاً وغير المرغوب فيهم ويستبدلون بمجندين جدد في الحرس الرئاسي وقوات الأمن الوطني والشرطة. مع نهاية آذار 2008، يصبح عدد الضباط المتقاعدين بموجب النظام الجديد 6000 ضابط، ما يحضّ على تفعيل جهود تجنيد الجدد. ويعتبر الانتماء إلى قوات الأمن الفلسطينية وظيفة واعدة ومستقرة لكثر من شبّان الضفة الغربية، ما رفع عدد الطلبات المقدمة لدى فتح باب التجنيد. هذه المنافسة أمنت لمكتب التنسيق الأمني الأميركي اختيار المجندين الأفضل. وقبل قبول التحاقهم بمواد التدريب الدركية التي تجرى برعاية أميركية في مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن، يتم اختبار جميع العناصر، سواء المجندين الجدد أو القدامى.

تمرّ الأسماء أي أسماء المجندين المحتملين عبر العديد من البرامج في واشنطن للتحقق من أي علاقات بمنظمات إرهابية أو انتهاك لحقوق الانسان. إذا وجدت الوزارة دليلاً كافياً على أن أحد عناصر قوات الأمن الوطني أو الحرس الرئاسي ارتكب انتهاكاً لحقوق الانسان أو هو على علاقة بمنظمات إرهابية، يُطرد هؤلاء من التدريب. لذا يتم تدقيق الأسماء لدى كل من وكالة الأمن «الإسرائيلية» المعروفة بـ»شن بيت» والشرطة «الإسرائيلية» والحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية، للوقاية من تجنيد أي عنصر ذي سجل جرمي أو خلفية أو روابط إرهابية. على ولم يتم استبعاد أكثر من 4.4 في المئة من المجندين الجدد، بحسب مسؤول غربي بارز في المنطقة. ويبلغ معدل عمر المجندين الجدد بين 20 و22.

مواد التدريب

يخضع المجندون الجدد لتدريبات أساسية في مراكز تابعة للسلطة الفلسطينية داخل أريحا أو قربها، ثم ينقلون إلى مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن ليتلقوا تدريبات برعاية أميركية لمدة 19 أسبوعاً. ويعتبر مكتب التنسيق الأمني أن الأشهر الأربعة التي يمضيها المجندون الذين يغادرون الضفة الغربية إلى مركز التدريب في الأردن بعيداً عن أسرهم وعشائرهم وارتباطاتهم الحزبية والكره الناجم عن الاحتلال «الإسرائيلي»، توفّر جواً فريداً يساهم في تعزيز الالتحام والنظام والشعور بالوطنية الفلسطينية. وتقدّم المواد المتخصصة في مركز التدريب في الأردن وفي الضفة الغربية مباشرة قبل التدريب الأساسي أو بعده. وقسم من هذه المواد يدرّب فيالق كاملة على مهارات محددة، في حين يهدف القسم الآخر إلى نشر معرفة معينة ضمن الفيلق المقصود. إضافة إلى ذلك، قدمت منذ تشرين الأول 2008 ثلاث مواد في رام الله متخصصة للقادة البارزين، الواحدة منها لمدة شهرين، إلى مواد إضافية تصمم بحسب نظام الاستئناف. كل مادة من المواد التي تمولها الولايات المتحدة تعرض تدريباً من متعاقدين دوليين في حين يكون مدير التدريب جنرالاً فلسطينياً من قوات الأمن الوطني وتضم المادة 36 ضابطاً برتبة مقدم أو عقيد أو عميد . ويتم اختيار هؤلاء الضباط من جميع التنظيمات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، بما فيها منظمة الأمن الوقائي وجهاز الاستخبارات العامة التي كما ذكر آنفا تعرضت لانتقادات بسبب عدم احترامها والتزامها بمعايير حقوق الإنسان. ويتم اختبار جميع الضباط البارزين المشاركين للتحقق من براءتهم من أي انتهاك لحقوق الإنسان أو علاقة إرهابية أو سجل إجرامي بالطريقة نفسها التي يتم فيها اختبار جميع المجندين المتدربين في مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن راجع مقطع «تجنيد المتدربين واختبارهم» أعلاه .

الاستثناء الوحيد هو أن الأردنيين لا يخضعون لهذه الاختبارات. بالاضافة إلى ذلك يخضع الضباط الأقل رتبة لشهر من التدريب على المهارات الأساسية للقيادة في مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن قبل الالتحاق ببرنامج التدريب العام الذي يستمر أربعة أشهر كما ذكر سابقاً ، وهناك عدة مواد أخرى مصممة لهؤلاء الضباط لوقت لاحق.

يأمل مكتب التنسيق الأمني في الولايات المتحدة في أن تنعكس جهوده في تدريب قادة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية إيجاباً في غرس المهارات المهمّة كالتزام بالنظام وحكم القانون وحقوق الإنسان في القادة البارزين، ومن ثم نقل هذه المبادئ إلى الآخرين. إلا أن المتدربين الذين ينهون مادة «القادة البارزين» يعودون إلى منظماتهم ويلتزم كل منها بتراثه.

تبوّأ كثر من هؤلاء المتدربين مراكز حيوية في عمليات فرض النظام والقانون ومكافحة الإرهاب لدى السلطة الفلسطينية كما شغل أحدهم مركز الضابط المسؤول عن تدريب اللواء الخاص الرابع في مركز التدريب في الأردن بعدما أنهى تدريباته في حزيران 2009 .

الدعم الأميركي في تقديم التجهيزات والتسهيلات

قدمت وزارة الخارجية الأميركية تجهيزات غير قاتلة بقيمة 32 مليون دولار إلى الحرس الرئاسي وقوات الأمن الفلسطينية راجع الجدول 1 أعلاه . تضم التجهيزات التي تؤمّنها شركة «دينكورب» ملابس عسكرية ومعدات تخييم خيم، شراشف، بوفيهات، الخ ، وآليات، وتجهيزات مراقبة منظار ، معدات الإسعافات الأولية، معدات التحكم عن بُعد، كمبيوترات، وتجهيزات أخرى.

تفحص التجهيزات بحسب معايير محددة لضمان قيام الشركة المتعاقدة بعمليات الإيصال بسلام. كما تخضع التجهيزات للمراقبة حتى نهاية الخدمة EUM للتحقق من أنها تستخدم من قبل الهيئات المقصودة وللأغراض المقصودة.

في ما يأتي وصف وزارة الخارجية الأميركية للاختبارات:

وقعت الوزارة رسالة اتفاق مع السلطة الفلسطينية حول منح الولايات المتحدة حق اختبار الممتلكات التي قُدّمت إلى السلطة الفلسطينية وفحص شروط الخدمة الخاصة بها. كذلك قدمت الوزارة إلى السلطة الفلسطينية بعض الأجهزة والبرامج والتدريبات الكافية لتنفيذ نظام تلقائي للتحقق من إيصال التجهيزات التي تقدمها الولايات المتحدة وتوزيعها. أخيراً، قدمنا تعليمات إلى الفلسطينيين لإجراء تقرير مراقبة سنوي لتقويم حالة التجهيزات وشرح وضع أي تجهيزات لا يمكن تغطية نفقتها. ولضمان فاعلية إجراءات مراقبة نهاية الخدمة، على الشركة المتعاقدة الاطلاع على التدريبات وعلى الموقع لحظة وصول التجهيزات للفلسطينيين المعنيين بتصنيفها وعليها إعانة شخصين في إدارة عملية المراقبة والتصنيف.

القاعدة المتبعة ألا تُقدّم أي تجهيزات للسلطة الفلسطينية من دون الموافقة المسبقة من قبل «إسرائيل». على سبيل المثال، لم تقدّم السترات الواقية التي تلقتها قوات السلطة الفلسطينية في آب 2008 إلاّ بعد الموافقة «الإسرائيلية» على ذلك، إذ كانت عملية تقديمها معلقة بسبب قلق الحكومة «الإسرائيلية» من أن السماح لقوات السلطة الفلسطينية بامتلاك تجهيزات دفاعية قد يشجع الفلسطينيين على الاعتداء على «الإسرائيليين». ويتسبب التأخير في إيصال التجهيزات إلى السلطة الفلسطينية بغضب الأطراف الدولية المقدمة للدعم الأمني مثل كولن سميث، المدير الأسبق للـ EUPOL COPPS. «تقول التقارير إن «إسرائيل» قد منعت أو أخرت عملية ادخال معدات قاتلة قدمتها بعض الدول للسلطة الفلسطينية. إذ يقال إنها منعت السلطة الفلسطينية من إدخال 50 ناقلة جند مدرعة مقدمة من روسيا إلاّ بعد إزالة المدافع عن رأس الناقلات رغم إصرار السلطة الفلسطينية على حاجتها للمدافع لضرب حماس».

التسهيلات

إلى ما سبق، تم تحويل 40.4 مليون دولار راجع الجدول 1 أعلاه من حساب الـINCLE لمصلحة بناء منشآت التدريب وقواعد عسكرية في الضفة الغربية. تضمنت هذه المصاريف كلفة بناء كلية الحرس الرئاسي Presidential Guard College وهي مركز تدريب في أريحا افتتح مطلع عام 2009 بلغت كلفة بناؤه 10.1 مليون دولار وهو يتسع لتدريب نحو 700 عنصر إضافة إلى بناء معسكرات قواعد عملية لقوات الأمن الوطني في كل من أريحا وجنين، وبناء معسكر للتدريب الأساسي لقوات الأمن الوطني في أريحا.

نشر القوات الفلسطينية المتدربة برعاية أميركية في JIPTC

ربما يكون أداء الفيالق المتدربة هو الطريقة المثلى لقياس الدعم التدريبي الذي قدمته الولايات المتحدة إلى قوات الأمن التابعة لسلطة الفلسطينية. الأثر الأبرز للتدريبات ظهر في أداء القوات التي تدربت في مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن JIPTC برعاية أردنية، وتعمل حالياً في مدن مثل جنين والخليل، وقد أبدت هذه القوات مهارتها في ضبط الحشود حين لم تمنع التظاهرات الشعبية في الضفة الغربية خلال العملية «الإسرائيلية» على غزة في كانون الأول 2008 كانون الثاني 2009 لكنها نظمتها وتحكمت فيها.

يقول تقرير صادر عن المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات في تموز 2008 إن نابلس وجنين اللتين كانتا يوماً نموذجاً للخلل الأمني، باتتا الآن مثالاً لمحاربة الجريمة. كذلك شاركت قوات الأمن المتدربة برعاية أميركية في الـ JIPTC في الضفة الغربية في ملاحقة ومقاتلة مسلحين مرتبطين بتنظيمات إرهابية مثل حماس والجهاد الإسلامي. كما شاركت عناصر الشرطة المتدربين وفق برنامج EUPOL COPPS مع قوات الأمن المتدربة في الـ JIPTC في الكثير من العمليات.

جنين، الخليل، قلقيلية، ومناطق رئيسية أخرى

في مدينة نابلس، أطلقت السلطة الفلسطينية حملتها لفرض القانون والنظام في المناطق التابعة لسلطتها، في تشرين الثاني 2007، لكن أول اختبار لأداء القوات الفلسطينية المتدربة برعاية أميركية كان دور اللواء الثالث في الحرس الرئاسي في عملية جنين بين أيار وحزيران 2008، وعرفت باسم «عملية الأمل والابتسامة».

جزئياً، بفضل التدريب الذي تلقته القوات في الـ JIPTC، أضحى اللواء الثالث في الحرس الرئاسي ويضم نحو 400 رجل، ويقع مركزه في رام الله يعتبر وحدة متخصصة في مكافحة الإرهاب واحتياطياً اسراتيجياً لجميع التنظيمات الأمنية الأخرى التابعة للسلطة الفلسطينية. يتفق معظم المراقبين على أن عملية جنين تعتبر ناجحة في فرض القانون والنظام، وأن اللواء الثالث في الحرس الرئاسي لعب دوراً بارزاً في هذا الانجاز من حيث رد فعله السريع وقدرته على اعتقال مصادر الخطر. وأقر البعض بزيادة الشعور الأخلاقي لدى العامة نتيجة تقدم القانون والنظام. وتأمل السلطة الفلسطينية في أن يستمر هذا التقدم وأن يرافقه تحسن اقتصادي ملحوظ، وأن ينعكس تمسك الشعب بهذا التقدم وبتحسين أوضاعهم المعيشية في إزالة القاعدة الشعبية لحركة حماس والميليشيات الأخرى. هذه الآمال أثارت جدالاً حول ما اذا كان ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تضاعف موارد وإعلانات جهود تنمية جنين بدلاً من تسخير المزيد من الجهود في نابلس والخليل، والأخير يعتبره رئيس حكومة السلطة الفلسطينية سلام فياض أكثر أهمية من الأول للاقتصاد، لكن في الوقت نفسه أكثر مجازفة. في النهاية، فور الحصول على الموافقة «الإسرائيلية»،

أقرّت السلطة الفلسطينية تكثيف عملياتها في الخليل المقاطعة الأكبر في الضفة الغربية لناحية عدد السكان، والمعقل غير الرسمي لحركة حماس في الضفة الغربية، ومرتع المشادات بين المستوطنين «الإسرائيليين» والعشائر الفلسطينية وفق نموذج جنين.

انطلقت الجهود في تشرين الأول 2008 بنشر نحو 600 عنصر من قوات الأمن الفلسطيني بينهم 250 تلقوا تدريبات برعاية أميركية في الـJIPTC وبعض أفراد الشرطة الذين تدربوا وفق برنامج الـ EUPOL COPPS لدعم الوجود الأمني الحالي. سميت العملية «قيام أرض الوطن». واعتبر الإعلام والمسؤولون الأميركيون و»الإسرائيليون» والفلسطينيون أن العملية حققت نجاحاً باهراً، بعدما أقدمت القوات الأمنية على فرض القانون في مناطق لم تعرف النظام منذ سنوات، وعملت على وقف المعارك بين المواطنين الفلسطينيين والمستوطنين «الإسرائيليين» في كانون الأول، ولاحقت عدداً من مقاتلي حماس المطلوبين.

أما حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى المعارضة لأجندة عباس، فإنها انتقدت استهداف القوات الأمنية لعناصر حماس واستغلالها بعض المؤسسات، وخلصت من هنا إلى أن الفلسطينين لن يثقوا بأن القوات التابعة للسلطة الفلسطينية ستطبق القانون بحيادية. كذلك سعت هذه المجموعات إلى تصوير قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على أنها دمى في يد دايتون ومتعاونة مع «إسرائيل». هذه الانتقادات ليست سوى محاولات من قبل حماس لتشتيت الانتباه عن النجاح التي تحققه قوات السلطة الفلسطينية.

إلى هنا، تم نقل عناصر الأمن التي تتلقى تدريبات في الأردن برعاية أميركية، إلى جانب بعض عناصر الشرطة التي تتلقى تدريبات برنامج الـEUPOL COPPS إلى جنين والخليل لأجل غير مسمى أملاً أن يفحظ هؤلاء الإنجاز ويعزّزوه. كما يتم توزيع المتدربين الموقتين بين المناطق المهمة مثل بيت لحم وطولكرم ونابلس وقلقيلية.

كشفت قوات السلطة الفلسطينية في نيسان مختبراً للسلاح تحت قاعة أحد المساجد في قلقيلية وفككته، كما عثرت على 80 كيلوغراماً من المتفجرات واعتقلت سبعة أشخاص متورطين في تفجيرات. بحسب مسؤول غربي بارز في المنطقة، تلت عملية الكشف عدة مواجهات بين مقاتلي حماس وقوات السلطة الفلسطينية في أواخر أيار وأوائل حزيران، ما أدى إلى مقتل ضابط عسكري بارز في حماس في قلقيلية كان على لائحة المطلوبين لدى «إسرائيل» لمدة عشر سنوات ، مع معاونه وثلاثة مقاتلين من حماس، إلى مقتل أربعة من عناصر الأمن في السلطة الفلسطينية وأحد المدنيين. وعلقت «واشنطن بوست» على إحدى العمليات التي قامت بها القوات الفلسطينية المتدربة برعاية أميركية بأنها تشبه عمليات مكافحة الإرهاب التي تنفذها القوات «الإسرائيلية» في الأراضي المحتلة. ونقلت «ynetnews» «الإسرائيلية» في أيار 2009 عن أحد المسؤولين الفلسطينيين الذي رفض ذكر اسمه أن الأشهر القليلة الماضية شهدت تكثيف جهود حركة حماس في إرسال الأموال إلى الضفة الغربية لدعم مزاولة نشاط جناحها المسلح هناك. هكذا، ورغم جهود السلطة الفلسطينية، استطاعت خلايا حركة حماس في الضفة الغربية الحصول على المزيد من السلاح والخبرة. ويضيف المسؤول الفلسطيني أنها جذبت المزيد من أبناء حركة فتح والفصائل الأخرى نتيجة عدم رضاهم عن تصرف السلطة الفلسطينية علماً أن التصريح الذي قدمه المسؤول الفلسطيني لم يحدد مدى صحة القول إن تصرف السلطة الفلسطينية هو السبب ، والدليل على أن حماس تسعى بالفعل إلى إضعاف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية قيام السلطة الفلسطينية في حزيران باعتقال فلسطيني في نابلس اعترف بتسلمه مبلغ 1.5 مليون جنيه من قيادة حماس في غزة لإطلاق هجمات ضد مسؤولي ومنشآت السلطة الفلسطينية داخل نابلس وحولها.

من ناحيتها، انتقدت حماس استهداف مقاتليها في قلقيلية واعتبرته «خيانة»، متعهدة بالانتقام لهم. كما استغلت العمليات الأمنية التي تقوم بها السلطة الفلسطينية في الخليل وقلقيلية لتبرير تعليق محادثات الوحدة الفلسطينية التي ترعاها مصر بين فتح وحماس، مرتين في تشرين الأول 2008 وحزيران 2009، أو التهديد بتعليقها. ليس ضرورياً أن تصر حماس على تشكيلة سياسية تقر نشاطها العسكري، لكنها تشترط عدم الثقة بالتعاون «الإسرائيلي» والأميركي والدولي مع قوات الأمن الفلسطينية، إذ تؤمن حماس بأن التسليم بهذا التعاون سيحول دون ما تعتبره حماس حقاً شرعياً للفلسطينيين، وهو العودة إلى المقاومة المسلحة في حال وجود الاحتلال «الإسرائيلي» بقواته ومستوطنيه على أراضي الضفة الغربية.

أثناء حرب غزة

مع انطلاق العملية «الإسرائيلية» العسكرية على غزة في كانون الأول 2008، تخوّف البعض من تضاعف الغضب الفلسطيني إلى حدّ تعرض «إسرائيل» لاعتداءات من الضفة الغربية. بدوره دعا خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من مركزه في دمشق، إلى «انتفاضة ثالثة» وتحدث كثيرون عمّا هو أسوأ.

بمجرد إنهاء تدريباتهم تحت الرعاية الأميركية في الأردن، انتشر عناص اللواء الخاص الثالث في قوات الأمن الوطني التابعة للسلطة الفلسطينية في مختلف أرجاء الضفة الغربية خلال العملية «الإسرائيلية» على غزة لمساعدة القوات الأمنية الأخرى حتى بلغ مجموع القوات المنتشرة نحو 1600 عنصر في حفظ النظام العام، مع ازدياد حركات التظاهر والنزول إلى الشارع المنددة باعتداء الجيش «الإسرائيلي» عسكرياً على غزة. كما ساهمت عناصر الشرطة التي تلقت تدريبات برنامج الـ EUPOL COPPS في عمليات ضبط الحشود. وبلغ عدد أفراد الشرطة الذين أتموا هذا البرنامج حوالى 1000 عنصر تعلموا ضبط حالات كهذه. نظراً إلى مشاكله الخاصة مع المتظاهرين، سلم جيش الدفاع «الإسرائيلي» المسؤولية المباشرة في ضبط الحشود إلى السلطة الفلسطينية بعدما تحقق من أن قوات السلطة الفلسطينية قادرة على الوصول إلى المناطق المهمة. يستذكر دايتون الوضع آنذاك قائلاً:

«إن الجيش «الإسرائيلي» شعر أيضاً بعد الأسبوع الأول من الحرب على غزة بأن الفلسطينيين كانوا موجودين وبأنهم يستطيعون الثقة بهم. في الواقع، قسم لا بأس به من الجيش «الإسرائيلي» توجّه من الضفة الغربية إلى قطاع غزة والضابط المسؤول كان متغيباً أيضاً لمدة ثمانية أيام متتالية.

هذا يبين طبيعة الثقة التي يضعها الجيش «الإسرائيلي» في قوات السلطة الفلسطينية الآن».

إجمالاً، اعتبرت كل من «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية ومكتب التنسيق الأمني في الولايات المتحدة الأمر نجاحاً، على الأقل لأن التظاهرات لم تتصاعد إلى مستوى العنف في الضفة الغربية عامة. صحيح أن قوات السلطة الفلسطينية سمحت للفلسطينيين بالتجمع والتظاهر غالباً بطريقة سلمية إلاّ أنها اتخذت اجراءات لاحتواء كثافة التظاهرات والعامل الحزبي فيها.

في مدينة الخليل، حيث الكثافة الأكبر للتظاهرات، قتل ما لا يقل عن واحد من المتظاهرين وجرح آخرون من جراء إطلاق نار من قبل قوات السلطة الفلسطينية، إلاّ أن الوضع الأمني عامة بقي مستقراً. ويعتقد بعض المحللين أن الارتباك الفلسطيني حول الاصطفاف إلى جانب حماس ضد السلطة الفلسطينية والشعور باليأس حيال علاقتهم ببعضهم وبـ»إسرائيل» ساهم في التقليل من الدافع الشعبي لتصعيد العنف.

تقويم أثر الدعم الأميركي

بكل ما تمثله العمليات الأمنية التي ينقلها الإعلام من نجاح، لا يزال باكراً الآن تحديد أثر التدريب الذي تقدمه الرعاية الأميركية على أداء القوات الأمنية كذلك الأمر بالنسبة إلى EUPOL cOPPS . هناك عدة أسباب متداخلة في النجاح الملموس مثل كلل الميليشيات وتشتت تركيزها، والانتباه الخاص الموجه نحو التخطيط الاستراتيجي والتكتيكي، وتوظيف طواقم أمنية على جميع المستويات، والأهم من ذلك كله رفع القيود الزمنية والمكانية «الإسرائيلية» عن حرية تحرك قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

في المقابل، قد يحاجج البعض بأن السلطة الفلسطينية و»إسرائيل» لن تعتبرا الأسباب المذكورة أعلاه عوامل فاعلة لولا الدور الذي قام به مكتب التنسيق الأمني الأميركي أو الدعم المعنوي الذي وفرته الموارد والخبرة الأميركية والتي قُدّمت لتنظيم قوات الأمن الوطني وتدريبها. وقد يصل هؤلاء إلى القول بأن العمليات الأمنية الناجحة قادتها ألوية سابقة في الجيش وليس مجندون جدد، فاللواء الثالث في الحرس الرئاسي الذي قدم يده في عملية جنين هو فيلق قوي من الأساس، ولدى اللواء الثاني في قوات الأمن الوطني نجاحات سابقة، تحديداً عملية نابلس في أواخر عام 2007 والتي كانت قبل خضوعه للتدريبات في مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن. في أيّ حال، إن تكرار النجاحات التي شهدناها في جنين والخليل وقلقيلية وفي عموم الضفة خلال الحرب على غزة يرجح إمكان اعتبار التدريبات ناجحة، أو على الأقل إمكان اعتبارها جزءاً مكملاً لنهج استراتيجي متقدم.

ترجمة مركز دراسات

وتحليل المعلومات الصحافية

تقرير الذراع البحثية للكونغرس الأميركي،

Congressional Research Service CRS

بطاقة التعـريـف بالـترجـمة:

العنوان الأصلي: الدعم الأمني الأميركي للسلطة الفلسطينية.

المؤلف: جيم زانوتي – محلّل في الشؤون الشرق أوسطية.

جهة الإصدار: مركز خدمة الأبحاث التابع للكونغرس الأميركي.

تاريخ الإصدار: 24 حزيران 2009.

جهة إصدار الترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحافية.

تاريخ إصدار الترجمة: 20 تموز 2009.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى