هل المُراد تفكيك لبنان لتفكيك حزب الله؟ أم تفكيك حزب الله لتفكيك لبنان؟
محمد احمد الروسان
واشنطن وحلفاؤها من غرب وبعض عرب، يريدون دولة عربية قطرية جديدة مبنية على فرز ديمغرافي وجغرافي، بأساس التجانس المذهبي وليس التجانس السياسي وخير مثال على ذلك: العراق وسورية، وباقي الدول التي يغلب عليها عدم التجانس الطائفي بدواخلها الاجتماعية ستؤول نحو التفكك والفرز الديمغرافي والجغرافي، في حين أنّ الدول التي يغلب عليها التجانس المذهبي كمصر وليبيا سيصيبها ضعف في المركز، وعدم قدرة هذا الأخير المركز على السيطرة على الأطراف، ومن هنا تعتبر واشنطن أنّ ليبيا وما يجري فيها في مفاصل وتمفصلات جغرافيتها وديمغرافيتها، من صلب عمل مجلس الأمن القومي الأميركي تصريحات أوباما الأخيرة والتمهيد لتدخل عسكري أميركي بحجّة مكافحة الإرهاب والقضاء على «داعش» بغطاء بعض عربي عبر الجامعه العربية الجثّة المتفسّخة والمتقيّحة حصان طروادة وأممي في ليبيا، والمعني الجزائر ومصر وليجعلوا منهما سورية ثانية وثالثة. سلّة التحالفات الأميركية ومن ارتبط بها، تعمل على محاصرة الإرهاب الآن ومحاربته في العراق وسورية ومحاولة إيجاد حلول سياسية في سورية، حيث يمكن اعتبار الهدفين بمثابة حصان طروادة لإكمال مسيرة التفتيت والتقسيم للمنطقة بجانب ليبيا ومصر، ولكن هذه المرّة في إطار البناء الجديد المتساوق مع مصالحها وليس الهدم، حيث الأخير كان المرحلة الأولى من مشروع استراتيجية التوحش، والآن بدأت المرحلة الثانية: البناء في إطار تقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ وتفتيت المفتّت.
نواة البلدربيرغ في الولايات المتحدة الأميركية، لن تسمح لمجتمعات الدواعش التي أنتجتها من رحم القاعدة وأخواتها باستقطاب السنّة، ولن تترك الرئيس بشّار الأسد في السلطة رغم تغيّر مزاجها السياسي، وتعمل على طرد حزب الله من سورية، وتسعى للتغلغل داخل مفاصل الدولة الإيرانية من خلال دخول الاتفاق النووي حيّز التنفيذ لتفجير إيران من الداخل وعبر استراتيجيات الاستدارة…
حرب الاستنزاف كاستراتيجية أميركية
كما تسعى لتفكيك المحور المقاوم لبنة لبنة وحلقة حلقة، وتستثمر بخبث في المعتدل من الإرهاب وكأنّه هناك إرهاب معتدل وإرهاب غير معتدل عبر بناء معارضة سورية معتدلة قويّة من بقايا ما يسمّى بـ«الجيش الحر» و«جبهة النصرة» وأخواتها، تضمّ من يتقاطع مع رؤاها في المسألة السورية من خلال ساحات دول الجوار السوري، صنعوا الأميركان داعش كعصابة فيروسية مغرقة في التطرف نيولوك إرهاب ، بعد استثماراتهم في فكر ابن تيمية وبالتعاون مع المنظومات الوهابية، لتقديم «جبهة النصرة» بنيولوك مستحدث على أنّها معتدلة وعبر عصابة ما يسمّى «جيش الإسلام» وعصابة «أحرار الشام» وهذه صفاقة سياسية أميركية بل وقاحة أميركية بامتياز. باراك أوباما الرئيس الناطق الرسمي باسم حكومة الأغنياء في الداخل الأميركي، والأخيرة تعبّر عن مصالح المجمّع الصناعي الحربي الأميركي، والأخير أحد صور جنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأميركي ، يؤكد سيادة الناطق الرسمي باسم حكومة الأرستقراطيين الأميركان وغيرهم، أنّه لا تغيير في الرؤية الأميركية ونمارس حرب الاستنزاف كاستراتيجية حقيقية لإنهاك الخصوم واجبارهم على الاستسلام، وطائرات سلاح الحرب الأميركي تلقي المساعدات العسكرية والمواد الغذائية لـ«داعش» في صحراء الأنبار في العراق، وفي إقليم درنه على الحدود الليبية المصرية، يا الله كم هي وقحه توليفة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، تعلم أنّ وليدها عصابة «داعش» تعاني من نزف جهادي عميق، إنّها أميركا تبدأ بخلق المشاكل ثم وضع الحلول لها المشكل الحلّ . الولايات المتحدة الأميركية خلقت لنا «داعش» وهي بمثابة «بلاك ووتر» عربية إسلامية من المرتزقة، وتحت ستار وعنوان معركة الموصل القادمة واستعادتها، تلتفّ ادارة أوباما، صدى البلدربيرغ الأميركي، على مسألة إرسال قوات بريّة الى العراق أولاً ومن خلال القوّات الأميركية الخاصة المارينز تعود اليه، وعبر التعاقد مع شركات أمنية من القطاع الخاص الأميركي مواردها البشرية من المتقاعدين من الجيش الأميركي، ومن مجتمعات المخابرات واستخبارات البنتاغون الأميركية، وتقول المعلومات إنّ أكثر من ألفي مظليّ من اللواء 82 تمّ إنزالهم في العراق مؤخراً.
روسيا تقطع الطريق على الاستفراد الأميركي
الروس يدركون أنّ المحور الدولي الخصم بزعامة العاصمة الأميركية واشنطن دي سي والمتحالف مع بعض العرب، يعملون على توظيف وتوليف مسارات واتجاهات التطرف الديني وبث الفتن لتقسيم المنطقة وإعادة ترسيمات تشكلها على الجغرافيا وخلط الديمغرافيات لتبقى أسباب الفرقة والاشتعال قائمة. ويمتدّ هذا الإدراك الروسي الى أنّ الأستراتيجية الأميركية البلدربيرغيّة تقوم على مجالاتها الأمنيّه القومية في الشرق الأوسط والمتمثله في «إسرائيل» ومصادر الطاقة. والروس يستثمرون هذا الأوان لا أقول فشل استراتيجية نواة الدولة الأميركية في محاربة «داعش» في العراق وسورية بقدر تعثرها وبطئها، حيث هي في الأصل والأساس إعادة هيكلة الإرهاب ثمّ هندرته وتوجيهه نحو مساحات ودول أخرى، وليس لها علاقة بالإرهاب أصلاً بقدر علاقتها بإدارة الإرهاب إدارة أزمة، لتفكيك محور خصومها المقاوم حلقة حلقة عبر بث الفتن الطائفية والتركيز على «مظلومية السنّة» في مواجهة «ظلم الشيعة»، حيث من المعتقد لدى الروس وفعلهم الديبلوماسي والاستخباري أنّه يمكنهم فعل شيء حقيقي لقطع الطريق على الاستفراد الأميركي بالمنطقة وشؤونها، عبر السعي نحو تطوير ستاتيكو الحلّ السياسي في سورية وحولها، عبر جنيفات مقبلة بما فيها الحالي «جنيف 3»، أساسها لغة الميدان السوري التي تخلق البيئة السياسية المناسبة، ووفقاً للمنظور السوري الروسي وليس لإنتاج «14 اذار سوري» كما تسعى وترغب كلّ من السعودية وقطر وتركيا، بحيث أنّه قد يكون ذلك بداية لحلّ سياسي لكثير من البؤر الساخنة في المنطقة.
الفعل الروسي يدرك أنّ واشنطن تعمل على تحويل النفط من سلعة الى سلاح لمحاربة روسيّا وإيران وفنزويلا في أبشع صور وتجليات الخبث السياسي، في المقابل تتلمّس موسكو وترصد بقرون استشعاراتها شعور واشنطن بضعف قوتها، من خلال سعي الأخيرة إلى توريط بعض حلفائها في المنطقة في شكل جديد قديم من الاستعمار، فبعد أن سحبت واشنطن قيادة أسطولها الخامس من البحرين، ها هي لندن تنشئ قاعدة عسكرية مقابل القاعدة العسكرية الفرنسية في الإمارات بالاتفاق مع مملكة البحرين، وكلا الدورين البريطاني والفرنسي في سياق التعاون والتكميل للدور الأميركي وتابع له، وانْ كان الدور البريطاني والذي هو أصلاً في جوهره وباطنه دور صراعي مع الأميركي، ويسعى لاستعادة مناطق نفوذه التي خسرها بعد الحرب العالمية الثانية، بعكس الفرنسي الملتهَم بالكامل أميركيّاً، وأعتقد أنّه من باب التكتيك وافقت لندن على أن تشترك مع باريس في خدمة المجال الأمني القومي الأميركي الى حين أن تلوح اللحظة التاريخية الانجليزية، وحسب رؤى «أمّ أي 6» في فوكسال كروس وتقاطعاتها مع زميلتها «أم أي 5» في تيمس هاوس في لندن.
سورية… المدخل الاستراتيجي
سورية بديكتاتورية جغرافيتها السياسية، وموردها البشري ونسقها السياسي وجوهره «توليفة» حكمها السياسي، تعدّ بالنسبة للغرب بما فيه الولايات المتحدة الأميركية وعبر حلف الناتو الحربي، المدخل الاستراتيجي للسيطرة وبتفوّق على المنظومة العسكرية الأممية الجديدة المتشكّلة بفعل المسألة السورية، ولاحتواء الصعود المتفاقم للنفوذ الروسي الأممي، والساعي الى عالم متعدّد الأقطاب عبر فعل ومفاعيل الحدث الدمشقي، وصلابة مؤسسات نواة الدولة الفدرالية الروسية إزاء ما يجري في الشام من صراع فيها وعليها وحولها، فالروس يصحون وينامون ويتسامرون على وقع أوتار ما يجري في سورية. نتيجةً لعمليات رصد دقيقة أجريتها وما زلت أجريها لتقارير استخباراتية منشورة باللغة الانجليزية مع عدم التسليم بصحتها، بعضها سرّب بقصد للتضليل وحرف الاتجاه في التفكير والمتابعة، وبالتالي العمل المضادّ، والآخر بدون قصد نتيجة دفع وشراء للمعلومات استخباراتياً، فيه الكثير من الصحّة والأحداث اللاحقة لتاريخ تسريبها أثبتت صحتها، وفي ذات الوقت بذل العميق من الجهد في «قراءة الممحي» بين سطورها وربطه مع جلّ المشهد الدولي والإقليمي وعقابيله وتداعياته على المحلي من الساحات، لاستنباط الرؤى والأفكار وما يُحاك بليل لمنطقتنا والعالم، وقد سردتها وناقشتها بعمق مع الدليل ومنذ أكثر من ست سنوات خلت وأزيد من ذلك بشهور، وعلى صفحات صحيفة «الديار» الأردنية وجلّ المواقع الألكترونية الدولية والإقليمية والمحلية عد الى المارشال غوغل والجنرال ياهو ، وفي أكثر من تحليل استخباري وسياسي، والمعنية بشؤون الساحة الأفغانية وشبه القارة الهنديّة، أنّ كلّ المعلومات والمعطيات الجارية هذا الأوان الأممي الساخن بفعل الحدث السوري والحدث الأوكراني كنتاج للأول، أكّدت أنّ المفاوضات والمحادثات السريّة الأميركية والأطلسية مع حركة طالبان، والتي جرت بثبات على قدم وساق ومنذ عام 2009، والتي توقفت سرّاً قبل ثلاث سنوات وثلاثة أشهر تقول المعلومات إنّها عادت من جديد وتجري في قطر هذا الأوان وبتأكيد من كادر استخباري وسياسي وإعلامي من حركة طالبان، تبعه وعلى الفور نفي أميركي سريع له ، وبتفاعلات غريبة عجيبة في حينه قادت إلى افتتاح مكتب سياسي لحركة طالبان الأفغانية في مشيخة قطر وما زال هذا المكتب قائماً، حيث تمّ تفعيله بعد وفاة العاهل السعودي الملك عبدالله وخلال حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، وتشي وتقود هذه التقارير والمعلومات المستنبطة من بين السطور، بأنّ شيئاً في الأفق يلوح باستمرار استعداداً للولادة ومن خاصرة الأزمة الولاياتية الأميركية في شبه القارة الهندية والصراع مع الفدرالية الروسية، وما زال يعاني من حالات مخاض ليس عسيراً، لجهة التوصل الى اتفاق قد ينهي، حالة الصراع المسلح الجاري حالياً في أفغانستان المحتلة، للخروج من المتاهة الأفغانية تكتيكيّاً، للدخول في متاهات أخرى استراتيجية وأكثر عمقاً، لترجمة رؤية البلدربيرغ الأميركي في شبه القارة الهندية، حيث الرسائل بكافة الاتجاهات وخاصةً للصين وروسيّا وايران والباكستان والهند.
كما تؤكد معلومات التقارير الآنفة، أنّ خلفية المفاوضات والمحادثات الأميركية والأطلسية الحالية، مع حركة طالبان لجهة المباشرة، وانْ لجهة غير المباشرة عبر أطراف أخرى، خلفيتها كانت محادثات سريّة جرت عبر وكلاء لحركة طالبان بنسختيها الأفغانية والباكستانية من أطراف عربية واسلامية، من داخل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين من جهة، وأطراف من المخابرات الأميركية والأوروبية والحليفة لهما من جهة أخرى، جرت في أكثر من مكان وأكثر من مرة في أوروبا، وتحت عناوين حلقات نقاش استراتيجية، تبحث الشأن الدولي وشؤون الشرق الأوسط والشأن الأفغاني، وتعرّج على مسألة حوار الأديان وتلاقح الثقافات، والبحث في القيم والموروثات والقواسم المشتركة، وتزامن كلّ ذلك مع تغيّرات في المزاج السياسي السعودي إزاء الجمهورية العربية المصرية، وإزاء الأردن ولبنان، وزاد هذا التفاقم في تغيّر المزاج السعودي في بدء العدوان على اليمن ومرور أكثر من عشرة أشهر عليه وما زال يتفاقم، وما جرى ويجري في اليمن بفعل الفاعلين الحوثيين والجيش اليمني. من ناحية أخرى…
لبنان «يسرق» استقراره من فم التنين
وتعليقاً على حديث أمين عام حزب الله الأخير، والذي شرّح فيه المشهد السياسي اللبناني وتطوّراته، فسالت منه عناقيد الواقعية السياسية العميقة وتفّاح المنطق، أتساءل كمراقب وباحث التالي: هل المُراد من قبل البعض المتآمر تفكيك لبنان لتفكيك حزب الله؟ أم تفكيك حزب الله لتفكيك لبنان؟ هل يسعون الى خلق دولة درزية من لبنان الى السويداء، والدخول هذه المره عبر الخاصرة السورية؟ انّه اللعب ذاته، اللعب في الخارطة اللبنانية والخارطة السورية معاً، انّه استراتيجية الطوق النظيف مؤامرة أميركية بجذور ديمغرافية.
ما يدركه المبعوث الفرنسي الرئاسي السفير جان فرنسوا جيرو للمنطقة ولبنان لم نعد نرى ونسمع أيّ نشاط له بعد دخول النووي الأيراني حيّز التنفيذ ، هو أنّ الملف الرئاسي اللبناني صار مربوطاً بالسوري، وهذا يعني ببساطة مفرطة: لا رئيس في لبنان اذا لم توضع سورية على سكّة التسوية السياسية وعبر القرار 2254 وتفعيل شقيقه 2253، تسوية سياسية في لبنان مرتبطة تلقائياً بالعودة الحريرية الى السراي، مع الأخذ في الاعتبار المعطيات الإقليمية الراهنة والدولية كذلك، بالرغم من وجود تفاهمات بين الأفرقاء في لبنان بفضّ الاشتباك سياسياً في الفالق السني الشيعي في لبنان، وهذا ليس معزولاً عن حسابات المنطقة، فهل أسهم الجنرال ميشال عون في تصاعد كرئيس الأمر الواقع مغلّفاً بتوافق بين الأفرقاء اللبنانيين وسعد رئيساً للوزراء؟ تعليقات الوزير سليمان فرنجية على حديث أمين عام حزب الله قد توحي بذلك بعد أن قلب الجعجع سمير الطاولة على فريقه 14 آذار بدعمه الجنرال عون والذي لم يربك سوى فريق سعد الحريري فقط وحلفائه من الخارج، وأحدث استرخاء عند 8 آذار، كون الرئيس لن يكون الاّ من هذا الفريق، وفقاً للمشهد السياسي اللبناني الذي تفانى السيد حسن نصرالله في شرحه وتشريحه في حديثه السلس والهادئ الأخير 29 1 2016.
نعم لبنان يسرق استقراره وبالحدّ الأدنى من فم التنين الإقليمي الهائج، وهنا تصير كلّ المعطيات الأمنية من رأس بعلبك وعرسال الى جبل محسن مروراً بالحلوة المخيم، عناوين صغيرة في ظلّ المعطيات التي تهدّد مصائر دول من حول لبنان.
خصومة الرياض والدوحة!
ما يسود المنطقة الشرق أوسطية والعالم هو صراع بريطاني أميركي عميق جدّاً وشرس وهو في بعض جوانبه غير معلن، فالارتباطات الدولية للرياض والدوحة تجعلهما في وضع الخصومة، وهذا من شأنه أن يحثهما على البحث عن المشترك من القواسم للقيام بأدوارهما الوظيفية والأمنية والسياسية والعسكرية والاستخباراتية في المنطقة والعالم.
الأميركان وحلفاؤهم من بعض عرب وبعض غرب يسعون لجعل المنطقة الشرق أوسطية وتحديداً العربية منها، شظايا جغرافية وبشرية وتدار من أورشليمهم وورثة غولدا مائير، والتي قال عنها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران والتي دخلت في غرام مع أحد ملوك الشرق ولشدة قباحتها قال: يا الله تبدو وكأنّها سقطت للتو من مؤخرة يهوذا فهل أحد يعلم تضاريس مؤخرة يهوذا هذا؟ وفي خضم المذبحة قبل عام، والتي ارتكبتها منظمة أنصار بيت المقدس داعش مصر في الداخل السيناوي، حيث واشنطن تراقص الذئاب في سيناء لجهة التحالف معها لضرب مصر في العمق، المذبحة بحق جنود الجيش المصري واضطر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يقطع زيارته لإحدى الدول الأفريقية في حينه، كانت الخارجية الأميركية آنذاك تستقبل وفداً من حركة الإخوان المسلمين المصريين ومعهم بعض حلفائهم من الليبراليين، والتي ترتاح لهم توليفة الحكم الجديدة في الرياض، وهذا مؤشر حقيقي على وجود هيئات أميركية تعتبر حكم المشير السيسي انقلاباً، وتترحّم على عهد الرئيس محمد مرسي العيّاط النصير السلفي للديمقراطية الغربية من زاويتها لهذه الهيئات الأميركية البلدربيرغية.
السيسي والسعودية وليبيا…!
وهنا أتساءل السؤال التالي أيضاً: هل أزمة المارشال عبد الفتاح السيسي في ليبيا مؤشر قوي على المدى الذي ستذهب إليه السياسة السعودية الجديدة في المنطقة، بعد تولي الملك سلمان الحكم في الشقيقة الكبرى العربية السعودية ومرور عام على حكمه؟ وانْ كانت السياسة السعودية إزاء مصر تعتمد دوراً ترويضيّاً سياسياً للدور المصري، بحيث لا تكون مصر بمثابة ترمومتر العلاقات الخليجية الداخلية، وخاصةً على طول خطوط علاقات الرياض الدوحة؟ وهل ترضى مصر أن تكون بمثابة بندقية للإيجار، انْ لأيّ أحد وانْ للصديق؟ اؤمن أنّ مصر هي بندقية لشعبها ودورها ومجالها الحيوي، والكلّ يعرف قصّة التسريبات الأخيرة قبل عام وأزيد فيديوات التسجيل للرئيس السيسي من قبل جهات مقرّبة من مكونات جماعة الإخوان المسلمين المصرية، الاّ لتخدم فكرة واحدة وهي: استحقار السيسي للخليج، انّها الفتنة بعينها. فما يجري الآن وسيجري في الأيام المقبلة في قطر رغم النفي الأميركي، من مفاوضات ومحادثات من جهة الولايات المتحدة وحلف الأطلسي عبر ضبّاط استخبارات مع حركة طالبان بنسختيها، ليس جديداً حديثاً كما أشرنا آنفاً، وهو استمرار لمحادثات سريّة سابقة، جرت في أكثر من مكان في القارة الأوروبية، وأكثر من مرة قبل أكثر من ست سنوات وأزيَد، وكان للحركة الإسلامية العربية بنسختها الدولية، كلّ الدور لجهة التأثير في التوصل الى مرحلة التفاهمات السياسية والأمنية والعسكرية، مع حركة طالبان وأخواتها ونسخها المختلفة، حيث الأخيرة تثق بتلك الأطراف العربية الإسلامية، وهي مقرّبة من كوادر حركة طالبان، وكان لها أدوار عملية في إسنادهم وحركتهم، وقت القتال الجهاد الأفغاني، وقت التواجد السوفياتي في كابول.
وتتحدّث المعلومات والمعطيات الجارية هذه بحاجة الى بحث من جديد ، عن مفاعيل وتفاعلات الدور الإيراني النوعي والكمّي، على الساحة الأفغانية والباكستانية، فطهران تستطيع أن تلعب دوراً كبيراً الآن، وبعد افتتاح المكتب السياسي الطالباني في قطر قبل أزيد من ثلاث سنوات مع إعادة تفعيله الآن، رغم التورّط القطري التجسّسي لصالح «اسرائيل» وواشنطن وقبل إجراء العملية السياسية الرئاسية الأخيرة في إيران والتي جاءت بالرئيس حسن روحاني وفريقه السياسي البراغماتي العميق، هذا وقد كشفته المخابرات الإيرانية، والدور الإيراني هنا يجيء وبعد نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة والتي فاز فيها حسن روحاني رجل الدين المعتدل، فقد سهّلت طهران عملية التفاوض والتحادث السري الأميركي الطالباني في السابق، لاعتبارات المشهد الإقليمي في شبه القارة الهندية بالتعاون مع الصين وروسيّا، والتسهيلات اللوجستية والتقنية المخابراتية الإيرانية الآن، ليس فقط مع زعماء حركة طالبان بنسختيها الأفغانية والباكستانية وأخواتهما، بل ومع رموز تنظيم القاعدة وشبكة الزعيم جلال الدين حقّاني، وذلك عبر استخدام وتوظيف وتوليف قدرات أنصار وكوادر الزعيم قلب الدين حكمتيار، حيث الأخير حليف طهران الرئيسي في المسرح الأفغاني، وكوادر حكمتيار لهم علاقات وثيقة مع كافة أطراف لعبة المواجهات العسكرية، على الساحة الأفغانية والباكستانية، ولهم علاقات وثيقة مع المخابرات الباكستانية أيضاً، وشبكات مخابرات دولية أخرى تعمل في أفغانستان وباكستان، وكان لشبكة حكمتيار مسنودةً من شبكة حقاني، الدور البارز في دعم إيران، بالمزيد من المعلومات الاستخبارية التي أتاحت ومكّنت طهران من ملاحقة وتصفية شبكة تنظيم جماعة «جند الله» البلوشستانية، وزعيمها عبد الملك ريغي.
هذا وتشير المعلومات الحالية والمعطيات الجارية، عن وجود تحضيرات سياسية وأمنية، لجهة ترتيب سلسلة من جلسات حوار معمّق بين جيميس دوبينز المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان من جهة نشاطه المعلن خفيف ولا يكاد يذكر منذ أزيد من عام، في حين السريّ عميق مع تسريب هنا وتسريب هناك ، وأنصار ورجال الزعيم قلب الدين حكمتيار وكوادر شباكه، لفحص إمكانية التوصل الى تفاهمات ما، تفضي الى صفقة جزئية، قد تقود الى صفقة شاملة مانعة مع طالبان بنسختيها وأخواتهما.
محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
Www.Roussanlegal.0pi.Com
Mohd ahamd2003 Yahoo.Com