ديمستورا يمرّر للجماعات الإرهابية رغباتها… لاستكمال فظائعها المماثلة للمجازر الصهيونية
محمد شريف الجيوسي
أعلن المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في مؤتمر صحافي وهو في حالة انفعال، تعليق محادثات جنيف بشأن الأزمة السورية حتى 25 شباط، في انحياز ظاهر لا يفترض من قبل وسيط دولي، بعد لقاء جمعه بوفد معارضة الرياض، برئاسة رياض حجاب الفارّ، بلباس سيدة بحسب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في لقاء جمعه في حينه مع الملك عبد الله بن عبد العزيز، مستهجناً خروجه فيما كان بقاؤه كرئيس للوزراء في منصبه، أفضل من وجهة نظر كيري، لتنفيذ مخطط إسقاط الدولة الوطنية السورية وتحويلها إلى دولة فاشلة.
وكان رئيس الوزراء الأردني الأسبق د. معروف البخيت قد أعلن لاحقاً بعد استقالة حكومته بفترة، أن الأردن قبل لجوء حجاب، بعد اتصال مع سورية وموافقتها ما يعني أنه لم يكن لدى دمشق أيّ أسف عليه، بل إنه كالدملة الذي يتمّ التخلص منها، ولا بدّ أنّ فراره كشف آخرين في وقت مناسب.
العبقري حجاب تحدث قبل أيام عن تخلي عواصم غربية عن مجموعته المعارضة في اعتراف صريح بتبعية ما اصطلح على تسميته بـ معارضة الرياض للعواصم الغربية المتخلية عنها، وبالتالي عدم امتلاك هذه المعارضة التي ترأسها استقلالية القرار.
وأتبع حجاب تصريحه الذكي هذا بالإعلان أنّ وفده قد ينسحب في حال استمرّت العمليات العسكرية السورية والروسية، ما يعني الاعتراف صراحة بارتباط مجموعته ومن يدعمها بالعصابات الإرهابية، بل ومخالفته لقرار مجلس الأمن الذي أعلن الحرب على الإرهاب بموافقة أميركية بريطانية فرنسية ولو لفظية ، ما يؤكد مجدداً عدم جدية الغرب وأطراف تابعة في محاربة الإرهاب.
إنّ الانتصارات الحاسمة التي تحققها الدولة الوطنية السورية، منذ أشهر تستدعي من المعارضة المرتبطة بالعصابات الإرهابية استعجال الحلّ السياسي لا تعطيله، حيث أنّ المعطيات العسكرية على الأرض والسياسية تجرى في غير صالحها، فضلاً عن أنها ليست المعارضة الوحيدة صاحبة القرار الوحيد في تقرير مستقبل سورية، فهناك المعارضة الوطنية في الداخل ومعارضة الخارج غير المنضوية في معارضة الرياض بحسب المصطلح المتداول، فضلاً عن الدولة الوطنية السورية، ومحور المقاومة الإقليمي والدولي، والتحالف الأميركي المراوغ الذي بات يدرك أكثر من تابعيه، أن المعادلة باتت مختلفة، وأنه لم يعد أمامه غير إعادة إنتاج سياساته وتدوير الدوائر، بأمل الخروج من مأزقه بأقلّ الخسائر وإن أمكن تحقيق بعض النقاط غير الحاسمة.
لكن الغريب أن ينفعل دي ميستورا، بالتحدث عن حصار قال إنّ الدولة الوطنية سورية تفرضه وأنها تمنع وصول إمدادات لمحاصرين، متبنّياً رواية مجموعة حجاب، ومتجاهلاً أنّ من يفرض الحصارات هي العصابات المسلحة على مناطق غير سنية لنحو 4 سنوات كنبّل والزهراء لمجرد كونهما غير قابلتين الرضوخ لإرادة العصابات الوهابية والتي بعد فك الحصار عنهما بساعتين، قرّرت مجموعة حجاب، الانسحاب من جنيف، فضلاً عن البغيلية في محافظة دير الزور، لموالاتها الدولة والتي ارتكبت فيها العصابات مجزرة طاولت نحو 400 مدني، ومن اختطفتهم العصابات الإرهابية من عدرا العمالية ومن قرى علوية في محافظة اللاذقية، ووضعتهم في سيارات مشبكة بالحديد، أشبه ما تكون بالأقفاص، وطافت بهم على مرأى من الناس، كما فعل الصهاينة بنساء بلدة الدوايمة الفلسطينية عام 1948 وطافوا بهن شوارع القدس، لإرهاب الفلسطينيين ودفعهم الى الاستسلام أو الهرب.
وأودعت العصابات الإرهابية المختطفين من عدرا ودوما كرهائن وأسرى، وتتعامل معهم بأسوأ ما تكون عليه المعاملة، الأمر الذي يعيق استعادة دوما لسيطرة الدولة إلى حين.
ولا تزال قرى بمحافظة إدلب محاصرة من قبل الجماعات الوهابية المسلحة كالفوعة وكفرايا، فضلاً عن 17 قرية للمسلمين الموحدين في جبل السماق بالمحافظة وهي: بنا نبل ـ قلب لوزه ـ بشندلنتي ـ كفر كيلا ـ عبريتا ـ جدعين ـ بشندلايا ـ كفر مارس ـ تلتيتا ـ حلي ـ كوكو ـ الدوير ـ عرشين ـ كفر بني… وفي سهل جبل السماق كفتين ـ بيرة كفتين ـ منارة الإخوان.
وقد فرضت العصابات الإرهابية على مواطني هذه القرى اعتناق الوهابية، في مخالفة صريحة لكلّ الشرائع السماوية والوضعية وللمفاهيم الإنسانية والحضارية.
إنّ اشتراط دي ميستورا وقف العمليات العسكرية ضد العصابات الإرهابية، فضلاً عن كونه مخالفاً لقرار مجلس الأمن المتعلق بالموقف المعلن من الإرهاب، يعني إتاحة الفرصة للدول والجهات الداعمة للإرهاب مدها بأسباب استمراره والاحتفاظ بالمناطق التي ما زالوا يسيطرون عليها حتى الآن، كما يعني استمرار محاصرتهم للمناطق التي سبقت الإشارة إليها، والاستمرار في استخدام من اختطفتهم من عدرا والقرى العلوية الـ 13 كرهائن.
ما يريده دي ميستورا وفريق معارضة الرياض، تكرار تجربة الهدن التي فرضت على العرب في عام النكبة عام 1948، حيث تلقت العصابات الصهيونية خلالها إمدادات عسكرية ملائمة، مكنتها من احتلال أراض فلسطينية جديدة وطرد المواطنين الفلسطينيين منها وارتكاب نحو 80 مجزرة ونيف وثّقها مؤرخ يهودي، لم تشر إلى بعضها المصادر العربية.
إنّ الموضوعية والهدوء النسبيين اللذين كانا يتبديان لدى دي ميستورا، تجليا في المؤتمر الصحافي عن نزق وانحياز وسلوك غير موضوعي، وسواء كان ذلك تحت تأثير الضغوط المفروضة عليه، أو أنه حان وقت تسديد استحقاقات مرسومة، فإنّ لذلك معنى واحداً، وهو أنّ الطرف الآخر، فقد أعصابه وبات يتصرف على طريقة الأرض المحروقة، وهو على أي حال أيّ الطرف الآخر لم يكن بعيداً عن هذه الممارسات طيلة سنوات الغزو الـ5 الموشكة على الانتهاء حيث لم تكن هذه العصابات لتعمل على الاستقرار أو حتى الاستيلاء على الحكم في الدولة السورية وإنما تدميرها، إدارة وجيشاً ومقدرات وإنجازات وبنى تحتية ومعالم حضارية وقيماً اجتماعية وإنسانية، لكنها الآن باتت أكثر شراسة ودموية وتشتتاً فيما بينها، ومفتقدة أي قدر من التعقل ربما كانت تمتلكه بالحد الأدنى، ما يعني أيضاً أن مجموعة حجاب ربطت ذاتها بعواصم إقليمية باتت ترى أن هزيمة هذه المجموعة نهائياً هزيمة لها بالذات، لذلك فهي ستعمل على أخذها بعيداً جداً، نحو الكارثة، بأمل أن تنجو من تداعيات الهزيمة، لكنها في واقع الأمر، رغم التضحيات المقبلة، ستقدّم هدية كبرى للدولة والشعب السوري ولمحور المقاومة، وسيدرك كل من بقي في مخيلته بعض وهم حقائق ما جرى ويجري في سورية والمنطقة العربية.
m.sh.jayousi hotmail.co.uk