سلام: نجاح مؤتمر لندن مرهون بتطبيق الالتزامات
أعلن رئيس الحكومة تمام سلام «أنّ لبنان غير قادر وحده على تمويل العبء الهائل للنازحين السوريين»، لافتاً إلى «أنّ الاحتياجات الإنسانية السنوية لا تحظى بالتمويل الكافي».
وقال سلام في كلمة ألقاها في مؤتمر المانحين في لندن أمس: «إنّ المأساة التي أصابت السوريين ودفعت أعداداً هائلة منهم إلى النزوح هرباً من المذبحة الدائرة في بلادهم، لم تقتصر آثارها عليهم وحدهم، بل تعدَّتهم لتطال شعوباً وبلداناً أخرى».
وأضاف: «الفقر والبؤس اللذان حملهما مليون ونصف مليون نازح سوري إلى لبنان، فاقما الفقر والبؤس الموجودين أساساً في بلدنا، وساهما في توليد آفات ناجمة عن الاكتظاظ الهائل والظروف غير السليمة التي يعيش فيها النازحون، في بلد يعاني أصلاً من محدودية الإمكانات وضعف الخدمات. ومع ذلك، فإنّ شعب لبنان وحكومته، اللذين يعتبران أنّ وجود النازحين السوريين على الأرض اللبنانية لا يمكن أن يكون إلا موقتاً، تعاملا مع الوافدين بما يفوق ما تفرضه المعاهدات الدولية وما تقتضيه القيم الأخلاقية وحقوق الإنسان».
أضاف: «بطبيعة الحال، كان لذلك ثمن كبير دفعه الاقتصاد اللبناني: ارتفاع ملحوظ في نسب البطالة والفقر، وتراجع لنسبة النمو إلى الصفر، فضلاً عن نقص حادّ في كلّ شيء، من عدد المقاعد في المدارس إلى الطاقة الاستيعابية للمستشفيات إلى إمدادات الكهرباء والمياه وغيرها».
ورأى «أنّ هذا المؤتمر يجب أن يكون مناسبة لتأكيد أنّ الحلّ الوحيد للأزمة السورية حلّ سياسي، وهو طريق مليء بالمصاعب التي رأينا نموذجاً منها في جنيف أمس، كذلك مناسبة لتأكيد أنّ النهاية الوحيدة لمأساة النازحين تكمن في عودتهم إلى حياتهم الطبيعية في بلدهم»، وقال: «على العالم أن يدرك أنّ هناك خطراً فعلياً من تدفق موجات نزوح جديدة إلى ما هو أبعد من دول الجوار السوري، وأن يتنبه إلى عدم تحويل تجمعات النازحين إلى أرض خصبة للإرهاب».
وأكد «أنّ هذه الوقائع يجب أن تدفع مؤتمرنا نحو إدخال التغييرات اللازمة على المقاربة المعتمدة حتى الآن وإدخال تحسينات على آليات المساعدة، عبر تفعيل نظام التعهدات الحالي وإيجاد طرق جديدة تضمن دفع المساهمات بصورة فعلية».
وأعلن سلام «أنّ لبنان غير قادر وحده على تمويل هذا العبء الهائل»، لافتاً إلى «أنّ الاحتياجات الإنسانية السنوية لا تحظى بالتمويل الكافي، ما يعني نقصاً في مقاعد الأطفال في المدارس وضموراً يومياً في الحصة الغذائية للنازح. إنّ لبنان سيصبح في وقت قريب عاجزاً عن منع انطلاق موجات من النازحين إلى شواطىء بعيدة، مع كلّ ما تمثله من تهديد للأمن الاستقرار».
ورأى أنّ «هذا المؤتمر يجب أن يشكل نقلة في الاستجابة الدولية للأزمة. الوقت إلى نفاد، وجميعنا يلمس خطورة الوضع». وقال: «إنّ لبنان يعتبر أنّ نجاح مؤتمرنا هذا مرهون بتطبيق حزمة من الالتزامات المتبادلة بين الحكومة اللبنانية وجميع الشركاء الدوليين»، داعياً إلى «أن نرتقي جميعاً إلى مستوى التحدي ونتعالى على الاعتبارات الضيقة»، ومعتبراً «أنّ زيادات متواضعة في الميزانية قد تساعد في حفظ التوازن الاجتماعي وصون القيم الاجتماعية لعقود طويلة».
وعلى هامش المؤتمر عقد سلام سلسلة لقاءات أبرزها مع نظيره البريطاني دايفيد كاميرون، ونظيرته النروجية إرنا سولبرغ، المستشارة الإلمانية أنجيلا ميركل، العاهل الأردني عبدالله الثاني، ورئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو.
وفي ختام المؤتمر، تحدث سلام قائلاً: «نحن راضون جميعاً عن النتائج والتعهد بما يقارب الـ 11 مليار دولار، ويبدو أنها المرة الاولى التي يصل فيها تعهد مالي إلى هذا العدد. لذلك نشدد على أهمية هذا التعهد وتسهيله، مع تأمين الآليات الضرورية لإتاحة تقديم المبالغ ودفعها وإرسال كلّ هذه الاموال والهبات إلى الدول المحتاجة، وتلبية كلفة العمل الذي يتم تنفيذه أكان في التربية أو التعليم أو فرص العمل والفرص الاقتصادية لسد احتياجات أوجه هذه الأزمة ككل».
وأضاف: «الأضرار اللاحقة بالشعب السوري لا تتوقف لذلك، نشدّد على أهمية الوصول إلى حلّ سياسي للأزمة السورية وللأوضاع الأخرى المتعددة في المنطقة والعالم. إذاً، من الضروري الوصول إلى جهد مشترك عالمي لمواجهة ذلك، ونحن نحث ونطلب، خصوصاً من الدول الكبرى التي تتمتع بالوسائل والسلطة والنفوذ، لا سيما أوروبا، أن تصل إلى حل».
وختم: «نحن لن نستسلم وسنمضي قدماً، ونتطلع الى اجتماعات ومؤتمرات أخرى في المستقبل لنتقاسم ونتشارك الصعوبات».