غزة تناديكم… سيُهزم الجمع ويولون الدّبُر

د. رائد أبو داير

اقترب عدد الشهداء في غزة إلى ما يقرب الـ 200 شهيد والجرحى إلى أكثر من 1700 وتدمير أكثر من 1000 منزل، وما زال العرب ينتظرون ويترقبون، فمنهم من يترقب حزناً ولكنه عاجز، ومنهم من يقرأ خوفاً ولكنه غير مبالٍ، ومنهم من يقرأ فرحاً شامتاً، ولم يعلموا أن في الغد القريب لن يجدوا بواكي لهم .. لا من عربي ولا غير عربي، ولكن الأهم في المشهد الذي يُرسم برسم الدم في غزة أن هذه الأيام أوصلت الفلسطيني في الشتات بوجه عام، والفلسطيني في الداخل بوجه خاص، والفلسطيني في غزة على وجه الخصوص أن: «الدماء هي التي تصنع المعادلة، وأن قواعد الاشتباك التي حاول الغرب صوغها في المنطقة ساق الله إليها الدم الفلسطيني لتتحول إلى قواعد ارتباك، فعندما نرى أن رأس الدبلوماسية الدولية وزير الخارجية الأميركي جون كيري يقضي ساعات طويلة من يومه لمتابعة مجريات الإجرام الصهيوني على غزة، نعرف حينها أن الفوضى الخلاقة التي تريدها ونجحت في جزء منها الولايات المتحدة، إنما ستتحول إلى فوضى عارمة، وبالـتأكيد أن الرهان فشل للمرة الثالثة بعد فشل 2009 وفشل 2012، كما ونحن نتابع الإعلام الغربي نجده يعيش التعجب والاستغراب الشديدين من فشل منظومة الأمن في استنباط حالة الجاهزية عند المقاومة الفلسطينية، والتساؤل الأغرب إذا كان حال غزة هكذا، فما بال حال المستضعفين في مناطق أخرى من العالم، والمفتوحة لهم المعابر والسدود والحدود.

إن الحرب على غزة في هذا الشهر المبارك الكريم إنما لها دلالتها ولها ما بعدها، ولا يمكن لأي فلسطيني القبول أن معادلة التهدئة تكون بأن يقبل أهل غزة الاستمرار تحت حصار فلسطيني متمثل في التسلط على رقاب الناس بمنع رواتبهم، وكبت حرياتهم وكأنهم يملكون مفاتيح الرزق وهو لم يدركوا بعد أنهم موظفون عند أصغر طفل فلسطيني، أو حصار عربي متمثل أن تكون حياة الناس مرتبطة بمنظومة إعلام كاذبة، تهدف إلى التحريض على غزة، فلابد لأي نظام عربي بدلاً من أن يحتضن الفلسطيني أينما كان وُتفتح له الحدود، ولا من حصار دولي فإن معادلة الحصار علينا في مينائنا ومطارنا ومعاناتنا وعيشنا يجب أن تنتهي.

اليوم العرب مدعوون إلى أن يتغيروا لأن غزة كانت وستبقى غزة لا تمحوها الجغرافيا والتاريخ، والذي يحاول الانسلاخ عن جغرافيته وتاريخه سيكون مجبراً على أن يعود، أو أن يجهّز نفسه ليتجاوزه التاريخ.

غزة اليوم لا تستجدي نظاماً، ولكن تتمنى على الشعوب أن تكون عند حُسن الظن بها، لأنها تدرك أن فلسطين في سويداء القلوب عند جميع المستضعفين في الأرض، غزة اليوم تدعوكم لأن تثوروا ثورة الجياع والعطشى للعزة والكرامة، تدعوكم لأن تناصروا غزة بدعائكم ومالكم وأقلامكم، غزة تقول لكم أروا الله أولاً ومن ثم الغرب والمتآمرين أنكم أهل النخوة والعزة، لأن غزة على موعد قريب معكم، عندما يُهزم الجمع ويولون الدّبر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى