قائد المنطقة الوسطى الأميركية: سورية تتجه نحو النصر الكبير والبداية حلب جلسة الإثنين بلا نصاب رئاسي… وفرنجية يشارك عون وحزب الله المقاطعة
كتب المحرر السياسي
أرخت التطورات العسكرية المتسارعة في شمال سورية بثقلها على عواصم حلف الحرب على سورية، الذي تشظى إلى معسكرين منذ التموضع الروسي في الحرب السورية، حيث واشنطن تعمل من ضمن منظومة التسوية على حجز مقعد سياسي لحلفائها، ومن ضمن الحرب على الإرهاب تدعوهم إلى حجز حصة من الجغرافيا السورية، وفي المقابل تقف أنقرة والرياض على ضفة الدعوة إلى تعقيد فرص الحلّ السياسي بالبقاء على سقف مرتفع ينسف البحث عن تسوية يتمثل بالانتقال من المطالبة برحيل الرئيس السوري كشرط للتسوية إلى التسليم بأنّ شأن الرئاسة سوري سوري، ليتبنّى المفاوضون الذين احتلت لهم مقاعد المعارضة ضمّت بين صفوفهم جماعات مسلحة من تنظيم القاعدة كجيش الإسلام وأحرار الشام، الدعوة إلى التمسك بهيئة حكم انتقالي بالاعتماد على بيان جنيف الذي طواه القرارالأممي 2254 بدلاً من حكومة دستورية في ظلّ الرئاسة السورية نصّ عليها القرار تمهيداً لانتخابات تحدّد الأحجام والأدوار في المؤسسات الدستورية.
جاءت تجربة الفشل في جنيف رغم التواطؤ الأميركي بدعم وتغطية وفد الرياض بتركيبته المفخخة من جهة والمبتورة بغياب الأكراد وتشكيلات معارضة أخرى من جهة ثانية، ووقفت فرنسا على ضفة أقرب إلى الموقفين التركي والسعودي، ووقف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في ذات الضفة، متخلياً عن مهمته في تشكيل الوفد المعارض وفقاً لأحكام القرار الأممي لتكون شاملة كلّ الأطياف، كما تخلى عن مهمته في إصدار لائحة بالتنظيمات الإرهابية التي لا تشملها أحكام العملية السياسية من وقف للنار وإفراج عن المعتقلين، ومشاركة في الوفود التفاوضية، متذرّعاً باجتماع فيينا الثاني وما بدا أنه تكليف للرياض بالتشاور لترتيب وضع وتوحيد الفصائل المعارضة، ومثله تكليف للأردن لإجراء المشاورات اللازمة لتصنيف التنظيمات الإرهابية، علماً أنّ مسار القرار الأممي جاء بعدما تعثّر اجتماع نيويورك الذي دعا إليه وزير الخارجية الأميركية جون كيري، بسبب رفض موسكو وطهران المشاركة قبل تصحيح ما ارتكبته كلّ من الرياض وعمّان في تشكيل الإطار المعارض، وفي إهمال لائحة التنظيمات الإرهابية، وفي نيويورك قبيل صدور القرار الأممي، بعد تفاهم أنتجته زيارة كيري إلى موسكو وارتضت بسببه الخارجيتين الروسية والإيرانية المشاركة يتضمّن تكليف دي ميستورا بالمهمتين، ما يفترض أن لا يحدّد موعد انعقاد لقاء جنيف قبل إنجاز المهمتين، لكن دي ميستورا تواطأ وتلكأ عمداً ليفرض أمراً واقعاً لحساب السعوديين، وإحراج الحكومة السورية فتقاطع بسبب مخالفة الدعوة للقرار الأممي، لكن القيادة السورية فاجأت بالحضور وبتكتيكها التفاوضي القائم على التمسك بالحلّ السياسي والإصرار على تسلّم لائحة بالمفاوضين باسم المعارضة للبدء بالمحادثات وهو ما بقي يحاذر الوقوع فيه دي ميستورا لعلمه أنّ أسماء إرهابيّين مثل محمد علوش سترد في عداد الوفد ما سيضعه في موقف حرج.
جاءت التطورات العسكرية المدروسة في الريف الشمالي لحلب، لتقول إنّ الخاسر من المماطلة هو الخاسر في الميدان، وإنّ الدولة السورية تأتي للعملية السياسية من موقع القوي، الذي يملك البدائل، وبعد فك الحصار عن نبّل والزهراء، حدث الانهيار المزدوج، فانهارت الأجسام العسكرية المدعومة من تركيا والسعودية، وأصيب الوفد المفاوض بالانهيار.
تستثمر واشنطن حال حلفائها والهستيريا المسيطرة عليهم، وتنصح الرياض وأنقرة بعدم إضاعة الوقت والمسارعة إلى حشد بري يشارك في الحرب على «داعش»، فيسبق الجيش السوري إلى الرقة، ويمسك بجزء من الجغرافيا يجري تسليمها للقوى التابعة لتركيا والسعودية، وجعل وحدة سورية الجغرافية رهناً بالتوافق مع هذه الجماعات تفاوضياً، وفي هذا السياق جاء الكلام المتصاعد التركي والسعودي عن تحضيرات برية للتدخل في سورية، بعدما تفاءل للحظات بعض جماعاتهم أنّ المقصود الدخول على خط القتال ضدّ الجيش السوري، قبل صدور التوضيحات التي تقول إنّ روسيا تمتلك قوة حضورها لأنها جاءت تحت عنوان الحرب على الإرهاب، وتحاول تركيا والسعودية فعل الشيء نفسه.
وزير الخارجية الأميركية جون كيري منح الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا والسعودية فرصة تنفس بالدعوة إلى وقف النار، بمعزل عن شروط تصنيف الجماعات الإرهابية، وهذا شرط من شروط القرار 2254 الذي اتهم كيري روسيا وسورية بمخالفته، لأنّ أيّ تحضير تريده أميركا مع حلفائها يحتاج قدرة ووقتاً.
السؤال حول القدرة والسرعة مشروع أيضاً، في ظلّ الاهتمام التركي بمناطق سيطرة الجماعات الكردية ورفض أميركا المساس بحضورهم، وفي ظلّ التورّط والاستنزاف الذي يعيش السعودي آثاره في اليمن.
الوقت المتسارع لا يترك مجالاً للتردّد والانتظار وفقاً لقائد المنطقة الوسطى للجيوش الأميركية، الذي يقيم في أنقرة، والذي نقلت مواقع أميركية عسكرية أهمّها موقع «انتليجنت ديفانس» عنه قوله إنّ الطريق أمام الجيش السوري للنصر الكبير يبدو سالكاً إذا انتهت معركة حلب كما تبدو صورتها الراهنة مع الحصار المحكم على المسلحين بداخلها، والانهيار الذي يعيشونه معنوياً بعد قطع طريق إمداداهم من تركيا وحجم النيران الروسية، ودرجة الاندفاع التي يتحرك عبرها الجيش ومساندوه الذين يبدون بالآلاف.
لبنانياً، تبدو صورة جلسة الثامن من شباط، الإثنين المقبل، التي كثرت الرهانات بعد الترشيحات المتعدّدة على جعلها جلسة انتخاب رئيس، شبيهة بصورة ما سبقها من جلسات، بعدما صار مؤكداً مقاطعتها من نواب كتلتي «الوفاء للمقاومة» و»التغيير والإصلاح»، وإعلان «كتلة لبنان الحرّ الموحد» أنها تشارك عندما تشارك كتلة «الوفاء للمقاومة»، ليعود المشهد النيابي التقليدي الذي ساد ما قبل ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب فرنجية، وترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للعماد ميشال عون، بحيث يتصرف نواب «القوات» و»التيار الوطني الحر» كلّ في اتجاه، ونواب كتلة فرنجية وكتلة المستقبل، كلّ في اتجاه، ويتموضع كلّ طرف في معسكره الأصلي عملياً، فيقف فرنجية وعون في خندق واحد وفي المقابل جعجع والحريري في خندق مقابل.
مساعٍ خجولة عشية جلسة الإثنين
عشية جلسة الانتخاب الرئاسية الـ35 والتي بات مصيرها شبه محسوم كمصير الجلسات السابقة لناحية فقدان النصاب، سجلت أمس مساعٍ خجولة في الربع الساعة الأخيرة لتأمين النصاب في جلسة الإثنين وانتخاب رئيس.
ولهذه الغاية زار وفد من كتلة زحلة النيابية ضمّ النواب: شانت جنجنيان، إيلي ماروني، جوزيف معلوف وطوني أبو خاطر الرابية والتقوا رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون، وبعد اللقاء أكد معلوف مشاركة كتلة زحلة في جلسة الإنتخاب المقبلة». وأضاف: «نتمنّى أن تتبلور بعض الأمور ليوم الاثنين ولا يزال أمامنا 48 ساعة».
وبعدها انتقل الوفد إلى معراب للقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ودعا ماروني بعد اللقاء كلّ النواب الى «المشاركة في جلسة 8 شباط ليمارسوا دورهم ويكفوا عن تعطيل الانتخابات الرئاسية». وأكّد «مشاركة حزبي القوات والكتائب في جلسة الاثنين».
لتنازل الجميع لإنجاز الإستحقاق
وأشار النائب أبو خاطر لـ«البناء» إلى أنّ «اللقاء مع عون تناول ملفات الساعة وما يجري على الصعيد الرئاسي والإنتخابات البلدية، ونقلنا وجهة نظر أهالي زحلة إلى كلّ من عون وجعجع كما نقلناها الى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أول من أمس، وخصوصاً أنّ وفد الكتلة يضمّ تنوّعاً سياسياً من المستقبل والقوات والكتائب».
وأضاف أبو خاطر: «صحيح أنّ كلّ طرف اليوم لديه رؤية خاصة في الملف الرئاسي، لكن لا مانع أن نتفق، لا سيما بعد لقاء معراب التاريخي، حيث كان يُقال في السابق إنّ سبب الأزمة الرئاسية هو التباعد المسيحي، أما اليوم فقد اتفق المسيحييون على نقاط جوهرية، لذلك على كلّ القوى السياسية التنازل قليلاً لإنضاج الاستحقاق الرئاسي وانتخاب الرئيس». ودعا القوى السياسية كافة إلى تلقف هذا الإتفاق بين المسيحيين، «لانه يصبّ أخيراً في مصلحة الوطن لا سيما أنّ الجميع يعلم أنّ فريقاً واحداً لا يستطيع أن يقود البلاد كما يريد».
الوفد سيستكمل زياراته
وأفادت مصادر «قواتية» «البناء» أنّ «وفد الكتلة سيستكمل زياراته اليوم ويزور رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان الوفد سيزور رئيس تيار المرده سليمان فرنجية، قالت المصادر: «زيارة فرنجية ليست مدرجة على جدول زيارات وفد الكتلة وإنْ كنا منفتحين على الجميع، لكن هذا الأمر يحتاج الى تنازلات من هنا وهناك».
وعن الانتخابات البلدية أوضحت المصادر «أنّ الاتفاق بين القوات والتيار الوطني الحر له وزن كبير وسينعكس على الانتخابات البلدية، وإنْ عاشت زحلة فترة طويلة تحت كنف العائلات».
باسيل يلتقي السفير الفرنسي
في المقابل، التقى وزير الخارجية جبران باسيل في قصر بسترس، السفير الفرنسي إيمانويل بون الذي غادر من دون الإدلاء بأيّ تصريح.
فرنجية: الرئاسة محطة ولا خلاف مع حلفائنا
وأكد رئيس «تيار المرده» النائب سليمان فرنجيه «أنّ الأمور إيجابية، وأنّ الظروف السياسية هي التي توصل رئيس الجمهورية»، مشيراً الى أنّ «الرئاسة محطة وأن لا خلاف مع حلفائنا».
وخلال عشاء في قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجية. تطرق فرنجية الى الوضع في الشمال ولبنان والمنطقة، داعياً الى «عدم الانجرار الى السجالات الإعلامية او عبر مواقع التواصل الاجتماعي» .
وتوجه فرنجيه الى القاعدة الشعبية قائلاً: «أنتم الأساس ومن هذه القاعدة انطلق الرئيس سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية، ومن هذه القاعدة سأنطلق اذا كانت لديّ الحظوظ للفوز برئاسة الجمهورية».
الوضع الرئاسي «بلا رئاسة»
وأكدت مصادر نيابية في كتلة «لبنان الحُرّ الموحّد» لـ«البناء» أنّ «قرار الكتلة بالنزول الى المجلس النيابي والمشاركة في جلسة الإثنين أو أيّ جلسة انتخاب تليها، مرتبط بمشاركة حزب الله وكتلة الوفاء للمقاومة». ورجحت المصادر أن «لا يتأمّن النصاب في جلسة الإثنين وبالتالي سيكون مصيرها التأجيل كسابقاتها». ووصفت الوضع الرئاسي الحالي بـ«بلا رئاسة».
وإذ نفت أيّ اتصالات في الوقت الحالي بين بنشعي والرابية، لم تستبعد المصادر أن تشهد الأيام المقبلة حواراً بين عون وفرنجية حول الملف الرئاسي.
سلام: لا معطيات لحصول توطين
في غضون ذلك، أعرب رئيس الحكومة تمام سلام عن ارتياحه لحيثيات مؤتمر لندن لدعم سورية ودول الجوار، واللقاءات التي عقدها على هامشه، وأكد أمام الوفد الاعلامي المرافق «أننا لم نلمس أيّ إجراء او موقف حتى اللحظة يقول بأنّ هناك توطيناً للسوريين ونحن لم نتنازل عن المطالبة بعودتهم إلى بلادهم، كما لم يتخذ في لبنان حتى اللحظة أيّ إجراء يؤدّي الى التوطين، وما شهدناه لا يشير الى أيّ معطيات في هذا السياق». وأوضح سلام أنه «لا يمكن معرفة حصة لبنان من المؤتمر لأنّ الامر يحتاج الى مزيد من الوقت ليُبتّ شكلها النهائي».
بو صعب لـ«البناء»: لا شروط على لبنان
وزير التربية الياس بو صعب الذي رافق سلام الى مؤتمر المانحين، أكد لـ«البناء» أنّ «حصة لبنان من المبالغ المالية في مؤتمر لندن لم تحدّد بعد ولا صحة لمبلغ ملياري دولار، بل هناك خطة قدّمها لبنان وعلى أساسها ستقرّر الأمم المتحدة في خلال أسبوع وستوزع الحصص المالية على أساس المشاريع المقدّمة من الدول ومن ضمنها لبنان».
ونفى الوزير بو صعب وضع أيّ شروط دولية على لبنان مقابل تلقيه المساعدات المالية، ووصف مخاوف البعض من أنّ عمل السوريين في لبنان سيؤدّي الى توطينهم بـ«الوهم»، وطمأن إلى أن «لا خوف من موضوع التوطين، لأنّ العمال السوريين في لبنان يعملون أصلاً في الزراعة والصناعة والمقاولات ولا مانع من توفير فرص عمل جديدة ضمن هذه القطاعات وفي إطار القوانين اللبنانية».
وأضاف بو صعب: «أنّ تلقي لبنان مساعدات لتوفير فرص عمل للسوريين في لبنان في قطاعات كالزراعة، هو مصلحة للبنان، لأنّ ذلك يشجع هذه القطاعات ويعود بالفائدة على أرباب العمل، لأنّ لبنان يحتاج الى عمال في هذه القطاعات ولأنّ من واجب المجتمع الدولي مساعدة لبنان اقتصادياً لحلّ أزمة النزوح».