زيتوني: سعاده كشف مبكراً أهداف المشاريع الاستعمارية واتّباع نهجه الطريق الوحيد لخلاص أمتنا

بمناسبة الثامن من تمّوز ذكرى استشهاد باعث النهضة القومية الاجتماعية الزعيم أنطون سعاده، نظّمت مديرية كفرمشكي التابعة لمنفذية راشيا في الحزب السوري القومي الاجتماعي ندوة تحت عنوان «مرتكزات التفتيت الاقليمي واستراتيجية المواجهة»، حاضر فيها عضو المجلس الأعلى في الحزب د. وليد زيتوني، وحضرها منفذ عام راشيا زياد جمال وأعضاء هيئة المنفذية، منفذ عام حاصبيا لبيب سليقا، الأب إدوار شحادة ممثلاً المطران الياس كفوري، إضافةً إلى رؤساء بلديات ومختارين وفاعليات ومسؤولي الوحدات الحزبية في راشيا والبقاع الغربي وحشدٍ من القوميين والمواطنين.

بعد النشيدين اللبناني والقومي الاجتماعي، رحّب مذيع مديرية كفرمشكي طوني أيوب بالحضور، ثم استهلّ زيتوني محاضرته بالقول: «نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي، لا نستعيد الزمن، إنما نصنع التاريخ، نعجنه من تراب الأمة، ودماء المؤمنين الذين يردّون الوديعة التي طلبتها».

وأضاف: «من صدد إلى صفد، ومن كسب إلى النقب، ومن بيبلوس إلى بابل، ومن العريش إلى الخليج، المعركة واحدةٌ، والعدو واحدٌ، والجريمة واحدةٌ، موحِّدة بين أعداء الأمة». الثامن من تموز، بداية شفقٍ أطّل، قائلاً: «أنا أموت أما حزبي فباقٍ».

أما حزبي فباقٍ، قالها سعاده مطمئناً إلى نتائج بحثه في الأسباب التي جلبت على شعبه هذا الويل. وإلى النهضة التي وضع مداميكها ومنطلقاتها، مفتتحاً عهد البطولة المؤيدة بصحة العقيدة.

دشّنت الحرب العالمية الأولى مرحلة ضياع الهوية القومية في منطقتنا، باتفاقية احتفالية، أسمتها سايكس ـ بيكو. اتفاقية وضعتنا على خط الاشتباك الاستراتيجي المحدّد بجغرافيا الطوائف والملل والنِحل.

غير أنّ النتائج التي رسمتها الاتفاقية، لم تكن وليدة ساعتها عام 1916، إنما كان التحضير لها على قدم وساق من مديات بعيدة زمنياً. ففي لحظة بروز الدولة القومية في القرن التاسع عشر لم نكن جاهزين مادياً ومعنوياً لتلقف فكرة التحوّل العالمي الحاصل على المستوى السياسي، وبالتالي لم نتلمّس بعد، معنى الهوية القومية ومضمونها للأسباب التالية:

أولاً: وجودنا تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية التي كانت تعاني سكرات الموت نتيجة أوضاعها الاقتصادية المتردّية، وخسارتها العسكرية أمام القوى الاستعمارية آنذاك، خصوصاً تدمير أسطولها البحري في نافرين عام 1826، ثمّ عدم استقرار أوضاعها الداخلية عقب انقلاب الثلاثي القومي الطوراني على الخلافة العثمانية المتلبسة اللبوس الايديولوجي الديني.

ثانياً: تدخّل الدول الكبرى في المناطق التي تسيطر عليها الخلافة العثمانية تحت عناوين رعاية الاقليات الطائفية، ومن خلالها، ركزّت على المستشرقين والدلالين والإرساليات لضرب البنى الجيوثقافية الموجودة، التي كانت تحتفظ لتاريخه بخصوصياتها القومية.

ثالثاً: كانت المنطقة تعيش حالة اقتصادية مزرية كمحصّلة للجشع الامبراطوري العثماني من جهة، وكنتيجة للهجمة البدوية الصحراوية التي قامت بها قبائل العنزي القادمة من الجزيرة العربية من جهة أخرى، إذ فاقت بهمجيتها واتساعها ما فعله هولاكو.

رابعاً: تردّي الوضع العلمي والثقافي ودخول المنطقة في مرحلة الانحطاط بسبب الممارسات القمعية العثمانية وهجرة الكوادر العلمية، وتغلغل ثقافات غربية متعارضة مع القيم السائدة، لم تكن مستساغة في حينه، من قبل النخب المتلقّية.

خامساً: تحوّل عصبة الأمم إلى منظمة ضامنة لحقوق الدول الكبرى المنتصرة في الحرب، على حساب الدول والشعوب التي كانت تحت مظلة الدول المهزومة، إذ انتقلت هذه الشعوب من استعمار إلى آخر من دون أن يكون لها أيّ دور في تقرير مصيرها.

تحت مظلة هذا الواقع، وغياب الأطر السياسية والثقافية والاقتصادية المحلية الناظمة، تمدّدت المشاريع الجيوبولتيكة الإقليمية والدولية لتأمين مصالحها، اشتبكت وتشابكت على أرضنا وعلى حساب مصالحنا. فدخلنا في دوامة اشتباك دائم لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا.

أما التسميات التي أطلقت على هذه المنطقة. من الشرق الأدنى إلى الشرق الأوسط الجديد والشرق الاوسط الكبير أو الموسّع، فإنْ دلّت على شيء فإنها تدلّ على مضمون المشروع الجيوبولتيكي واستهدافاته. هي تسميات جغرافية متعالية تؤكد على مركزية الغرب وتبعيتنا. وبالتالي ترسم حدودنا استناداً إلى خطوط أمنها القومي بالجيوش الجرّارة والأساطيل المنتشرة في البحار المحيطة، والهيمنة السياسية والسيطرة الاقتصادية على برّنا. وعليه، واستناداً إلى حقائق التاريخ والجغرافيا والفكر العلمي الحديث سنستعيد تعبير «سورية الطبيعية» كإسم لهذه المنطقة، باعتبار هذا الاسم الأكثر التصاقاً بحضارة المنطقة وثقافتها.

لا شك، أنّ الاستعمار بأشكاله كافة، قد ركّز في المرحلة الأولى على تدمير البنى الثقافية الحضارية/الروحية باعتبارها جزءاً من العوامل المتغيّرة في تشكيل الأمة، ليتسنّى له في مرحلة لاحقة، النفاذ من التشرذم النفسي والثقافي إلى تقسيم الجغرافية بشكل يتناسب مع أهدافه أولاً، وثانياً كي يؤمّن هذا التقسيم بقاء الإقليم الجغرافي بعيداً عن إمكانية التفكير في استعادة وحدته.

إنّ «سايكس ـ بيكو»، وهي اتفاقية توزيع نفوذ بين قوتين استعماريتين، أفقدت سورية الطبيعية السيطرة المباشرة على شرق البحر الأبيض المتوسط من خليج الاسكندرون حتى قناة السويس، كما أفقدتها القدرة على التحكم بالممرات المائية وحركة التجارة والنقل، وأبعدتها عن موقع قبرص الاستراتيجي. وحجّمت بنفس الوقت قدرتها الطبيعية على المشاركة بمياه الخليج والبحر الأحمر.

باختصار، وضعت هذه الاتفاقية حداً لمعادلة قوة/سيادة التي تتمتع بها عادة الأمم في العالم، وهو ما أفقدها مركزها ودورها الجيو سياسي والجيوستراتيجي بعدما أفقدها دورها الجيوثقافي الحضاري في العالم. ولم تستطع منذ ذاك التاريخ أن تكوّن وضعاً يليق بها في مرحلة تنازع الأمم البقاء، بل جعلها في مهبّ مشاريع الآخرين.

لقد وضع سعاده مبادئ ثمانية أساسية، وجهد ألا يترك مجالاً للشك في صوابيتها التاريخية والجغرافية والعلمية. غير أنّ سعاده نفسه اعتبر، ولأجل استتباب كمال المبادئ، وجوب وضع استراتيجية شاملة، حدّد أهدافها بالمبادئ الإصلاحية وغاية الحزب، شارحاً الأسباب الكفيلة بتحقيق هذه المبادئ كشرط أساس لإقامة الدولة القومية التي هي بالضرورة دولة حديثة مدنية ديمقراطية. وللتأكيد على هذا الهدف اعتبر الحزب، وهو أداة تحقيق البعث القومي والنهضة القومية الاجتماعية، اعتبره دولة الأمة السورية المصغّرة. مرسياً أساسه الدستوري وقوانينه الناظمة. إذ قال: «إنّ وضعي الدستور هو أهمّ أعمالي بعد وضعي العقيدة»، شاملاً بالدستور كلّ المؤسسات الرئيسة والفرعية كنماذج لممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، فاصلاً بين السلطات في إطار تكاملي، معتبراً انّ النظام التسلسلي المركزي وقف على المؤسس صاحب الدعوة، لانتظام العمل في مرحلة التأسيس.

نستنتج مما تقدم أنّ سعاده أرسى الاستراتيجية الشاملة لقيام النهضة. ولعلّ بيان الثورة الأولى هو منهاج فعلي يُقاس عليه في كيفية وضع الاستراتيجية المرحلية من دون التعارض مع الاستراتيجية الشاملة.

… ومنفذية ألمانيا تقيم احتفالاً

قنديل: الصهيونية وزبانيتها من العربان يستخدمون قوى الإرهاب في هذه الحرب

أحيت منفذية ألمانيا في الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى استشهاد باعث النهضة الزعيم أنطون سعاده، باحتفال حضره المنفذ العام د. بسام قنديل، وأعضاء هيئة المنفذية وجمع من القوميين وأبناء الجالية.

بعد النشيد الحزبي وتلاوة بيان الثامن من تموز، ألقى قنديل كلمة تحدّث فيها عن المناسبة، واعتبر أن سعاده اغتيل لأنه امتلك المعرفة والحق، وقد اغتاله الحلف الصهيوني العربي الغربي، وهؤلاء لا يزالون اليوم يغتالون كلّ مقاوم، ويحاولون اغتيال كلّ مقاومة تهدّد وجود «إسرائيل».

وأضاف: «إن الصهيونية وزبانيتها من العربان، توافقوا على ضرب سورية وإضعافها، وتفتيت وحدة نسيجها الاجتماعي، وهم يستخدمون قوى الإرهاب في هذه الحرب».

وأشار قنديل إلى أن الغالبية من أبناء شعبنا يتمتعون بالوعي والانتماء، وبكلّ قواهم يدافعون عن سورية، وقد استطاعوا مع الجيش العربي السوري أن يقلبوا الموازين. وأكّد أن بوادر النصر تظهر واضحة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى