دي ميستورا: مُيسّر دولي غير نزيه
حميدي العبدالله
ربما التزامات الحكومة السورية تفرض عليها اعتماد لغة دبلوماسية عند تقييم حقيقة دور مبعوث الأمم المتحدة لسورية ستيفان دي ميستورا، وهو ما عكسته تعليقات وزير الخارجية السوري وليد المعلّم على ما آلت إليه لقاءات المبعوث الأممي مع الوفود المعنية بالأزمة السورية.
لكن في الواقع، أنّ المبعوث الأممي يعبّر عن انحياز واضح إلى جانب المعسكر الذي شنّ الحرب على سورية، وهو لا يترك فرصة أو مناسبة إلا ويغتنمها لتمرير مواقف تدين الدولة السورية وحلفائها وتلتمس الأعذار للجماعات الإرهابية والدول المساندة لها.
لم يلتزم دي ميستورا بروحية تمثيله للأمم المتحدة وللدور المنوط به كميسّر للمفاوضات بين السوريين أنفسهم للوصول إلى تسوية تنهي الأزمة السورية، وكان دائماً أقرب إلى وجهة نظر القوى المنخرطة في الحرب الإرهابية على سورية.
جرى الإفصاح عن ذلك في التقييم الذي قدّمه إلى مجلس الأمن وزعم فيه أنّ التصعيد العسكري هو الذي أدّى إلى فشل جولة «جنيف 3»، ويقصد بذلك قيام الجيش بفكّ الحصار عن مدينتي نبّل والزهراء، حيث كان أكثر من 70 ألف مواطن سوري محاصرين في هاتين المدينتين، وفي طريقة تعامله مع تشكيلات المعارضة، حاول جاهداً أن يختزل المعارضة بجماعة الرياض وتجاهل بقية الأطراف الأخرى.
من البديهي الاستنتاج أنّ هذا الانحياز هو الذي أدّى إلى فشل المبعوثين السابقين، كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي.
لا شك أنّ المسؤولية عن هذا الفشل لا يتحمّل مسؤوليتها هؤلاء الموظفون وحدهم، بل السياسات التي ترسمها الأمم المتحدة، إذ من المعروف أنه منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، هيمنت الولايات المتحدة على مؤسسات الأمم المتحدة، وحوّلتها إلى استطالة لمؤسساتها الوطنية، بمعنى أنّ مؤسسات الأمم المتحدة، من الأمانة العامة، إلى المنظمات الفرعية، وانتهاءً بالمبعوثين الخاصين للأمين العام للأمم المتحدة، ومنهم دي ميستورا، وقبله الأخضر الإبراهيمي، وقبل ذلك كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، قامت الولايات المتحدة بتسميتهم كمبعوثين للأمم المتحدة، وجرى اختيار هؤلاء دون غيرهم لأنهم يعبّرون عن السياسة الأميركية ويعملون في خدمة الاستراتيجية الأميركية، وبالتالي طالما أنّ الولايات المتحدة ترغب في تحقيق شيء عبر هؤلاء فإنهم لا يردّون لها طلباً، ولأنّ سياسة الولايات المتحدة ليست سياسة بناءة في سورية، لذلك فشل كلّ المبعوثين الأمميّين ووصلوا إلى طريق مسدود.