لماذا غطّت واشنطن التلويح بالعدوان البرّي؟

حميدي العبدالله

في اليوم الرابع على العدوان الجوّي والمدفعي الذي استهدف قطاع غزة، وبعد اضطراب في الموقف الأميركيّ الذي عبّرت عنه مواقف الإدارة المتناقضة التي تشدّد من ناحية على ضرورة العودة إلى التهدئة، ومن ناحية أخرى على حق العدو الصهيوني في الاعتداء على غزة… إذن بعد هذا ارتباك الذي عكس اضطراب مواقف حكومة العدو الصهيوني، أعلن السفير الأميركي في «تل أبيب» بتاريخ 11-7-2014 دعم الولايات المتحدة لأيّ عدوان برّي تقوم به «إسرائيل».

وورد هذا الإعلان بعد ساعات قليلة على تصويت داخل المجلس الوزاري المصغّر برئاسة نتنياهو على قرار يقرّ قيام جيش العدو بعملية برّية في قطاع غزة، ما يؤكد أنّ التلويح بالعدوان البرّي حصل في أعقاب ضوء أخضر من الولايات المتحدة، ووافقت عليه إدارة أوباما على عكس مواقفها المعلنة التي تدعو إلى التهدئة.

ويؤكد الموقف الأميركي الجديد أنّ الولايات المتحدة لا تعارض أيّ قرار تتخذه حكومة «إسرائيل»، وإذا كان هناك من تردّد برز في مواقف الإدارة الأميركية حيال تصعيد العدوان وتوسيعه جواً وبراً، فإنّ هذا التردّد لا يعبّر عن موقف مستقلّ لإدارة أوباما عن الكيان الصهيوني، بل هو تردّد طبيعيّ لأنّ المؤسسة العسكرية والأمنية في الكيان الصهيوني تعارض التورّط في عدوان واسع على غزة، وتدعو إلى وقف إطلاق النار، والعودة إلى تفاهمات التهدئة المعمول بها منذ عام 2012، يوم صدر بيان عن البيت الأبيض الأميركي يشدّد على ضرورة العودة إلى تهدئة عام 2012.

لكن من الواضح أنّ مواقف الإدارة الأميركية لا تحمل جديداً، فالمعيار الذي تحاكم فيه هذه المواقف، وقياس ما إذا كان هناك تغيّر في مواقف الإدارة الأميركية أم لا، يكمن في مواقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن. إذ عقد مجلس الأمن اجتماعاً في اليوم الرابع على العدوان، وطالب المندوب الفلسطيني بإصدار قرار يدين العدوان ووقفه على قطاع غزة.

لكن إذا كان صعباً توقّع أن توافق الإدارة الأميركية والحكومات الغربية على إدانة «إسرائيل» في عدوانها على غزة، فكان متوقعاً على الأقل أن يسارع مجلس الأمن إلى إصدار قرار يدعو إلى التهدئة والعودة إلى تفاهمات 2012 بناءً على تصريحات المسؤولين الأميركيين، ورغبة أطراف داخل حكومة العدو. لكن حتى هذا لم يحدث، بل عطلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إمكان صدور قرار عن مجلس الأمن يطلب وقفاً فورياً لإطلاق النار والعودة إلى التهدئة، ما يؤكد أنّ واشنطن كانت تنتظر القرار «الإسرائيلي» لكي تقرّر ماهية وطبيعة القرار الصادر عن مجلس الأمن.

العدوان «الإسرائيلي» الجديد هو، في ضوء هذه المعطيات، عدوان «إسرائيلي» أميركي، وبالتالي هل تعلن الولايات المتحدة موقفاً واضحاً، على الأقلّ من شعوب المنطقة التي توهّمت أن الولايات المتحدة باتت صديقة لها؟ أم تستمرّ المواقف على حالها؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى