المقاومة تفاجئ العدو برفض المبادرة المصرية والمطالبة بفك الحصار نتنياهو يهدد باجتياح غزة وواشنطن تحذره من الغزو البري
حسن حردان
ما إن أعلنت مصر مبادرتها لوقف النار بين المقاومة الفلسطينية و«إسرائيل» من دون شروط مسبقة حتى سارعت حكومة العدو إلى الموافقة عليها، غير أن المقاومة فاجأت الجميع برفضها الحازم أي وقف للنار قبل التوصل إلى اتفاق يلبي جميع مطالبها، ولهذا فلا قيمة لموافقة الطرف «الإسرائيلي» على وقف النار من جهته، ولم يحدث في حالات الحرب أن يتم وقف النار ثم التفاوض.
هذا الموقف القوي من المقاومة وضع قادة العدو أمام تحد كبير، فهم متخوفون من أن تفرض عليهم المقاومة شروطها للتهدئة، ويريدون العودة إلى التهدئة من دون شروط وكأن شيئاً لم يكن.
ولهذا اندفع رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو نحو تصعيد قصف القطاع، والتلويح مجدداً بشن عدوان واسع النطاق، وإعادة احتلال غزة تحت عنوان أن الوضع في المنطقة يسمح له بذلك، والعالم يدعم «إسرائيل» بالذهاب حتى النهاية في مثل هذا الخيار، على حد زعمه.
غير أن المقاومة بجميع مكوناتها أعلنت أنها لن ترضخ للتهديد «الإسرائيلي» وهي مستعدة للمواجهة الميدانية مع جيش الاحتلال وردها على القصف الصهيوني سيستمر ولن يتوقف وهي لن تقبل أن تبقى غزة تدفع ثمن العدوان كل مرة، ولهذا لا بدّ من كسر هذه المعادلة وإجبار العدو على فك الحصار الكامل عن القطاع وضمان حق الشعب الفلسطيني في الرد على أي اعتداء صهيوني لا سيما أنه خاضع للاحتلال.
من هنا فإن المقاومة التي دفعت مئات الشهداء وآلاف الجرحى إلى جانب تدمير المنازل والمؤسسات ودور العبادة، ليس هناك ما تخسره من مواصلة المقاومة والقتال، ولذلك بدا واضحاً أن موقف الفصائل الفلسطينية كان موحداً في رفض قبول مبادرة التهدئة المصرية باعتبارها لا تلبي حاجات الشعب الفلسطيني، ومثل هذا الموقف مستمد أيضاً من موقف شعبي راديكالي لا يقبل بأي موقف مساوم ودون مستوى التضحيات.
وبدا واضحاً أن موقف فصائل المقاومة الفلسطينية كان موحداً في رفض قبول مبادرة التهدئة المصرية باعتبارها لا تلبي حاجات الشعب الفلسطيني، لا سيما أن الوساطة المصرية ساوت بين العدو الصهيوني المحتل والمعتدي والشعب الفلسطيني المعتدى عليه وعلى أرضه، ولم تقف على مطالب المقاومة، ولهذا وجد فيها العدو مخرجاً من مأزقه بعد فشله في تحقيق أهداف عدوانه وسارع إلى تلقفها، والآن يحاول استخدام رفض المقاومة لها غطاءً لتبرير مواصلة عدوانه وإطلاق العنان لشن هجوم بري مراهناً على إحداث شرخ بين فصائل المقاومة وبينها وبين الشارع الفلسطيني وهو ما لم يتحقق.
انطلاقاً من ذلك فإن المعركة باتت اليوم صراع إرادات تسعى فيها المقاومة إلى كسر المعادلة القائمة على الحصار واستمرار العدو في اعتداءات كلما أراد من دون أن يدفع الثمن.
فإقدام العدو على الهجوم البري يدخله في حرب استنزاف طويلة المقاومة جاهزة لها فيما هو يراهن على حسمها بوقت قصير لأنه لا يحتمل حرباً طويلة، ويبدو أن «إسرائيل» إذا لم تشعر بمزيد من الألم وتتكبد كثيراً من الخسائر وتصل إلى طريق مسدودة في خياراتها العسكرية، لن تقدم التنازلات وتتراجع أمام المقاومة، ولهذا يبدو أن الوصول إلى ذلك يحتاج إلى وقت إضافي من استمرار المواجهة في سياق ما يمكن وصفه بـ«معركة عض الأصابع» التي يستطيع الشعب الفلسطيني الصمود فيها وتحمل تكاليفها، أكثر من «الإسرائيليين».