البلديات… أزمات متجدّدة والحلم كان بتعديل القانون
تحقيق قاسم صفا
ثمة مشكلة واضحة يعرفها الجميع مع اقتراب نهاية مدّة عمل المجالس البلدية الحالية التي انتُخبت أو عُيّنت أو فازت بالتزكية عام 2010. هذه المشكلة الخلافية التي ينتجها القانون الحالي للانتخابات البلدية والاختيارية لم تعد خافية على أحد لأنّ القانون الحالي إذا لم تقم الهيئات السياسية الحاكمة بتعديله، فإن ذلك يعني التمديد للمشكلة، وإن تبدّلت المسمّيات أو تغيّر الأشخاص أو تنوّعت التحالفات، فإن إنتاج مجالس بلدية بالقانون الحالي ذاته، يعني إنتاج مشاكل اجتماعية وعائلية وسياسية أخرى تضاف إلى الأزمات التي يعيشها الوطن.
وقد حلم البعض، أن يمارس العمل البلدي بغضّ النظر عن القانون الحالي، أن يمارس دوره وفق الواقع والمرحلة المعاشة أو بحسب نسب الوعي الاجتماعي والثقافي الذي تتحلّى به الشريحة الاجتماعية الواحدة في نطاق عمل المجلس البلدي. لكن الممارسة جاءت عكس ذلك، إذ تمسّك الجميع بالصلاحيات وفق القانون الحالي، لأنّ رؤساء البلديات يمارسون القانون الحالي بدقّة بما يحفظ حق الرئاسة في أكثر من 85 في المئة من القرارات البلدية.
ولو أنّ المجالس البلدية محكومة بالتوافق بما تملي عليه مصالح الناس من دون القانون العثماني القديم الذي على أساسه تقوم البلديات الآن، لما وصلنا بعد أقل من ستّ سنوات، إلى بلديات من دون مجالس بلدية، وبلديات بأنصاف وأرباع المجالس، وأعضاء مجالس بلدية تدور عليها القرارات للتوقيع وهي في بيوتها.
وليس القانون الحالي هو الأزمة الوحيدة التي تواجه المجتمع اللبناني لخوض غمار انتخابات مجالس بلدية جديدة، بل ثمة عدد من الأزمات والحسابات الخاصة للمكوّنات السياسية اللبنانية. وكما أنها تختلف بين مكوّن وآخر من الجنوب إلى الشمال وغيرهما من المناطق اللبنانية.
إنّ أزمة النفايات التي يعيشها لبنان من أبرز عوامل الخوف من خوض انتخابات مجالس بلدية، لأنّ البلديات مسؤولة عن هذه الأزمة وهي بالقدر نفسه من المسؤولية مع الدولة. لأن بعض البلديات قد أوجدت حلولاً ناجعة لمشكلة النفايات في نطاق عملها، لا بل تحوّلت النفايات إلى مصدر إنتاج للبلدية يعود عليها بالنفع والربح المادي.
واللافت، القول إن التمويل المالي من قبل الحكومة اللبنانية من أبرز الأسباب لإجراء الانتخابات. فهذا القول لطيف جدّاً نسبة إلى الأسباب التي ذكرناها، وأهمّها قانون انتخابي جديد وعصري لمجالس بلدية واختيارية جديدة وعصرية.
الحسيني
رئيس اتحاد بلديات قضاء صور عبد المحسن الحسيني عكس وجهة النظر السائدة ولم يتخوّف من إجراء الانتخابات البلدية في هذه الأجواء. مشيراً إلى أنّ ما يحصل في المنطقة له علاقة بالعمل السياسي والعسكري ويجب فصله تماماً عن هموم المواطنين.
وقال بضرورة إجراء الانتخابات البلدية لأنها تعيد تنشيط المجالس وهيكليتها، وتُدخل دم الشباب إلى العمل الإنمائي الذي يحتاج إلى خبرات تستطيع أن تتعامل مع المجتمع المدني وأفكاره وآرائه الجديدة.
وأكد أنه ليس متخوّفاً من هذا الاستحقاق من أن ينعكس بشروخات جديدة في مجتمعاتنا إذا ما استطاعت القوى السياسية المتواجدة في كل منطقة من لبنان، أن ترتب بيتها الداخلي بطريقة ديمقراطية هادئة كما جرت العادة، لأنّ العمل البلدي يحتاج إلى جهود الجميع.
وأشار الحسيني إلى الأزمات الاجتماعية والبيئية التي يعاني منها لبنان وقال: إذا ما أرادوا أن يعطى للبلديات هذا الحق، عليهم أن يفرجوا عن أموال الصندوق البلدي المستقل. رافضاً أن تحمّل الدولة المواطن مبالغ إضافية لحلّ مشكلة اجتماعية والوقوع في مشكلات أخرى.
وعن قانون الانتخابات الحالي قال الحسيني: نحن هو القانون، التوافق هو القانون، القانون هو لحلّ خلافات المجالس البلدية التي تريد أن تنمّي بلادها بصورة مميّزة لا تحتاج إلا إلى التوافق والمحبة، ولكننا كنّا نتمنى أن يعدل القانون ليبنى على الشيء مقتضاه.
«الوكالة الوطنية للإعلام»