القافلة تسير

ردّاً على بعض الإساءات والافتراءات التي وردت على بعض صفحات التواصل الاجتماعي، والتي تنال من شخص رئيس بلدية صور ومن شخصيات ورموز تتعلّق بالمقاومة وحركة أمل، ردّ رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق بمقال منحه عنوان: «القافلة تسير» وقال فيه:

منذ أعلن الإمام السيّد موسى الصدر نهضتنا من الحرمان وزرع بذور الأمل فينا، شربت دماؤنا تلك العقيدة وآمنّا أنّ مسارنا ومصيرنا لن يكونا بأمان إلا في نهج خطّ فيه الإمام عبد الحسين شرف الدين حروفه الأولى، ومضى الإمام الصدر يؤسّس أبجديته، وحفظه الرئيس نبيه برّي بعينيه.

ولأن انتماءنا واضحٌ، مضينا في صور في العمل البلدي والتنظيمي والجهادي. فروينا المدينة بثقافة تحافظ على صور، مدينة بحجم أمّة تجتمع فيها المذاهب وتنمو فيها الأديان، فكنّا نموذجاً في العيش المشترك والسلم الأهلي وحماية الأمن الاجتماعي.

وذلك طبعاً لم يكن تنظيراً إنشائياً، بل عملنا منذ ثلاثين سنة على إنجاز البنى التحتية للمدينة، عبّدنا طرقاتها وحفظنا تراثها ووضعناها على مسار المدن السالكة نحو الحضارة.

في زماننا، عادت صور حقّاً عروساً سياحية على شواطئ المتوسط. وفتحنا مؤسساتنا وإداراتنا لمشاريع أممية حملتها إلينا مؤسسات دولية رأت فينا ما يستحق، فمنحتنا من مواردها ما يؤكدّ ثقتها بتجربتنا في تنفيذ المشاريع الكبيرة. فكان الإرث الثقافي والمراكز الثقافية وترميم السوق القديم والشوارع المضاءة والأرصفة الآمنة.

في زماننا عاد كلّ شارع ينبض بالحياة وسجّلت العُطل الصيفية تراكماً مشهوداً في عدد السياح والزوّار، وافتُتحت مؤسسات تعليمية واجتماعية واقتصادية وتجارية غير مألوفة في غير مدينة من لبنان.

في زماننا ساد الأمن أزقتنا وقلوب أهلنا حين كان الوطن يفتقد للحظات اطمئنان وأمان. فكان شارع المشاة وعرس الميناء وماراتونات السلام ومهرجانات الفنّ والغطس والسباحة.

في زماننا كنّا أوفياء للسابقين فكرّمنا كبارنا وسمّينا شوارعنا بأسماء عظمائنا، وكنّا ذخراً داعماً لكلّ منتدى وجمعية وجامعة تعمل لرفع راية الثقافة والأدب وحفظ تاريخنا وتراثنا ورجالنا من الضياع.

في زماننا فتّشنا عن بيوت الفقراء ورفعنا بسواعدنا أسقفها ورمّمنا بعرق جبيننا جدرانها وأبوابها، وأمّنّا لمئات الشبّان والشابّات فرص عمل تقيهم جوع الحياة وذلّ السؤال.

في زماننا سهرنا لينام الآخرون، وعلّمنا أبناءنا في الشرطة معاني مذهلة في النبل والعطاء.

في زماننا قافلةٌ تسير تبني بجدارة، ويحاول البعض أن يهدم فيفشل. قافلتنا تسير تحمل مدينتنا وتحميها. لن يستطيع الموتورون الآتون من رحلة الفساد والرشوة والتزوير أن يخرجوها عن عقيدتها.

نحن، وبكلّ فخر، تاريخنا موسى الصدر فأرونا تاريخكم الذي تزعمون. نحن المقاومة، وهم تراث مجهول الهوية والانتماء. نحن البحر والنون والقلم، وما يسطّرون، وما يكتبون إلا الفتن والابتزاز والتكريمات الوهمية الباحثة عن إنجاز يشبه بيوت العنكبوت.

نحن الأخلاق الفاضلة وحرّية الكلمات المنضبطة، وهم لوحات الشتائم والغرور الفارغ والقضايا السخيفة على صفحات «فايسبوك» وأشياء أخرى تشبه الإسفاف الإعلامي في زمن الظلمات.

نحن باقون ومستمرّون بفضل قيمنا وأخلاقنا وثابتون في مسؤولياتنا حيث تكون لمسيرتنا مصلحة في ذلك، وحيث تستنسب قيادتنا ذلك.

ولكلّ فارغ وعاطل عن العمل إلا من نشر الوباء، لكلّ ملك افتراضي احتلّ بوهمه وخياله عرشاً مصنوعاً من الخفّة، لا يحاضرنّ في العفة والشرف ولا يراهننّ أحد على ضعف ذاكرة الناس. فالماضي القريب لا يزال نصب أعيننا، فالتاريخ السياسي المشبوه والسجلّ الوظيفي حافل بالزيف، مهما صال أو جال وسوّق لنفسه مستعملاً أدواته الرخيصة من التضليل وتشويه الحقائق لن يتجاوز أرنبة أنفه. ومهما استعمل حبره الأسود لترجمة عقده النفسية المزمنة فهو زبدٌ يذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في القلوب.

لكلّ من يحاول الاعتداء على تاريخنا وقيمنا وانتمائنا، اقرأ تاريخ صور واعتبر وهدّئ من روعك وتمهّل قبل التطاول على عقول أعطت وأنتجت، وكفى ابتزازاً، واقتلع تلك الخسّة من رأسك فأنت ومن يدعمك يتبعكم الغاوون «ألمْ تَرَ أنهم في كلّ وادٍ يهيمون». و«يأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى