«القيق»… نموذج صارخ للانتهاكات «الإسرائيلية» بحق الصحافيين العرب
بشير العدل
انتهاكات الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين لم تتوقف فقط عند حدّ تجاوز الاتفاقات والمواثيق والقوانين الدولية، ولكنّها تجاوزت ذلك بكثير لتمتدّ إلى النواحي الإنسانية التي يجب أن تكون مقدَّمة على الأعراف والعوامل القانونية كلّها، لتقدّم مزيداً من الدلائل على أن كيان تمّ زرعه في المنطقة دون مراعاة لأيّ اعتبارات.
وقدّم الاحتلال الصهيوني نماذج كثيرة للانتهاكات القانونية والإنسانية، والتي تؤكد أن كيان في حاجة إلى مواجهة عربية – دولية لوقف ممارساته.
فإلى جانب عمليات التهجير القسري للفلسطينيّين، والمجازر بحق المدنيّين وتجريف الأراضي وإقامة المستوطنات، يواصل الاحتلال جبروته ضدّ الصحافيين العزّل ويمارس ضدّهم أبشع الممارسات التي تؤكد ضرورة مجابهته بما يتطلبه ذلك من محاكمات دولية لمجرمي الحرب «الإسرائيليّين».
ويمثل الصحافي الفلسطيني محمد القيق نموذجاً صارخاً لتلك الانتهاكات التي طاولت الحرث والنسل، فبعد أن دخل يومه الرابع والسبعين للإضراب عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال في 21 تشرين الثاني الماضي يتعرّض القيق لمأساة إنسانية في حاجة إلى تضامن عربي ودولي معها.
فبعد تلك المدّة تدهورت حالته وفقد القدرة على النطق وأصبح على جرف من الموت في وقت التزمت فيه النقابات والجمعيات والتنظيمات النقابية في الوطن العربي الصمت إزاء ما يحدث للقيق، وما هو إلا نموذج لما يعانيه الصحافيون الفلسطينيون من بطش قوات الاحتلال لا لشيء إلا لأنهم ينقلون حقيقة الممارسات «الإسرائيلية» البشعة بحق الفلسطينيين العزل الذين لا يملكون سوى الحجارة في مواجهة آلة الحرب «الإسرائيلية».
وحسبما أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أصبح القيق، وبعد قرار المحكمة العليا في الكيان الصهيوني بتجميد اعتقاله وإخضاعه للعلاج في مستشفياته، أصبح في وضع خطر، وفي حالة حرجة، بعد رفض إطلاق سراحه، وهو المطلب الأساسي للصحافي الفلسطيني.
وأعلنت محامية الهيئة هبة مصالحة أنّ حالته خطرة، وفقاً لتصريحات مسؤولين في المستشفى الذي يخضع فيه القيق للعلاج، والذين أوضحوا بأنه يتعرّض لحالة من الموت البطيء مما دفع بطاقم المستشفى لإعطائه العلاج دون موافقته لإنقاذ حياته.
وأمام تدهور حالته الصحية وفجاجة انتهاكات الكيان الصهيوني بحقه ظهرت أصوات تطالب بالتضامن معه وتحريره، كان منها لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة في مصر، ونقابة الصحافيين في فلسطين غير أنّ دعواتهما لا تتناسب مع حجم الخطر الذي يتعرّض له القيق، والذي يتطلب تضامناً أشمل وأوسع نطاقاً حتى يتمّ ردع الكيان الصهيوني.
ولعلّ حالة الصمت المريب والشجب الضعيف والتضامن المعدوم مع حالة القيق وأمثاله فتحت المجال أمام الاحتلال «الإسرائيلي» لممارسة مزيد من الانتهاكات بحق الصحافيين الفلسطينيين الذين تغضّ المنظمات المدافعة عن حقوق الصحافيين والإنسان في العالم الطرف عنها، خدمة للكيان الصهيوني في وقت ترتفع فيه أصواتها عندما يتعرّض بعض الصحافيين في دول أخرى لمساءلات قانونية، وهو ما يؤكد أنّ تلك الجهات تتعامل بازدواجية مفضوحة خدمة للكيان الصهيوني.
حالة القيق في حاجة إلى تضامن عربي قوي لوقف الانتهاكات «الإسرائيلية» بحق الصحافيين بشكل خاص والفلسطينيين بشكل عام، خاصة في ظلّ حالة الصمت المريب من جانب وسائل إعلام عربية تراجع اهتمامها بالقضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين لمصلحة قضايا داخلية مفتعلة.
كاتب وصحافي مصري
مقرّر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة