اعتراف أميركي بانتصار بوتين… وبان كي مون يحترف التحيّز

ما زالت مواقف الأمم المتحدة حيال قضايا عدّة، يشوبها الغموض، إذ إن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون غالباً ما يبدي «قلقه» فقط إزاء ما يجري في الشرق الأوسط، وغالباً ما يتحيّز إلى الدول التي تشارك في التآمر ضد شعوب هذه المنطقة، ليكتمل عقد التآمر، من أروقة القرار في عدد من الدول، إلى الإعلام، فمنظّمات من شأنها ـ في الحالات العادية ـ أن تكون راعية للسلام لا للحرب.

في هذا الصدد، تطرّقت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية إلى التصريحات التي أدلى بها سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون، والتي اتّهم فيها روسيا بعرقلة مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية. إذ ردّت المتحدّثة الرسمية بِاسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا على انتقادات بان كي مون في شأن عرقلة مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية، وتدهور الأوضاع الإنسانية في سورية. وقالت: «عن قصد أو عن غير قصد، أصبح السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون متورّطاً في الحملة الإعلامية التي تشنّها وسائل الإعلام الأجنبية الهادفة إلى تشويه الدور الذي تلعبه روسيا في تسوية الأزمة السورية، خصوصاً دور القوات الجوّية الفضائية الروسية، والمزاعم حول سقوط ضحايا بين المدنيين نتيجة الغارات التي تنفّذها… كنّا دائماً وما زلنا ننطلق من أن تصريحات مسؤول المنظمة الدولية يجب أن تتناسب ومنصبه الذي يحتّم عليه أن يحافظ على الموضوعية وعدم الانحياز. ولكن هذا لم يحصل هذه المرّة».

إلى ذلك، قال روجر كوهين في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن الرئيس الروسي حقّق نصراً فعلياً في سورية، وأصبح ذلك ممكناً بفضل عجز إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وتشتتها، هي التي جعلت من سورية مقبرة دامية للمعتقدات الأميركية.

«إيزفيستيا»: روسيا تتّهم بان كي مون بالتحيّز

تطرّقت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية إلى التصريحات التي أدلى بها سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون، التي اتّهم فيها روسيا بعرقلة مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية.

وجاء في المقال: ردّت المتحدّثة الرسمية بِاسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا على انتقادات سكرتير عام الأمم المتحدة في شأن عرقلة مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية، وتدهور الأوضاع الإنسانية في سورية. وقالت ماريا زاخاروفا في ردّها على تصريحات بان كي مون: «عن قصد أو عن غير قصد، أصبح السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون متورّطاً في الحملة الإعلامية التي تشنّها وسائل الإعلام الأجنبية الهادفة إلى تشويه الدور الذي تلعبه روسيا في تسوية الأزمة السورية، خصوصاً دور القوات الجوّية الفضائية الروسية، والمزاعم حول سقوط ضحايا بين المدنيين نتيجة الغارات التي تنفّذها».

وكان بان كي مون في خطابه أمام مؤتمر الأوضاع الإنسانية في سورية المنعقد في لندن، وفي تصريحاته لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية قد حمّل عملياً روسيا مسؤولية تعرقل مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية وتدهور الأوضاع الإنسانية في سورية.

وقالت زاخاروفا في ردّها: «كنّا دائماً وما زلنا ننطلق من أن تصريحات مسؤول المنظمة الدولية يجب أن تتناسب ومنصبه الذي يحتّم عليه أن يحافظ على الموضوعية وعدم الانحياز. ولكن هذا لم يحصل هذه المرّة. لذلك نؤكّد من جديد أنّ هدف الغارات الجوّية التي تنفّذها طائرات القوات الجوّية والفضائية الروسية في سورية، هو القضاء على التهديدات الإرهابية في سورية. ولم تقدّم لنا أيّ جهة ما يثبت سقوط ضحايا مدنيين نتيجة هذه الغارات. ونذكّر في الوقت نفسه بأنّ جميع دول الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة تتجاهل طلباتنا المتكرّرة في شأن التحديد المشترك للأهداف. من ناحية ثانية نلاحظ أنّ ما تسمّى المعارضة المعتدلة، لم تتوقف عن القيام بعمليات عسكرية في مختلف أنحاء سورية، ولكن وسائل الإعلام الغربية لا تشير إليها».

بحسب رأي بان كي مون، كما نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» يوم 5 شباط الجاري، إنّ توقف مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية له علاقة برفض روسيا وقف دعمها لتقدّم قوات الأسد باتجاه حلب. وإنّ ازدياد دعم روسيا نظام الأسد «سلبيّ للغاية» في عملية التسوية، وهو ما يهدّد وقف إطلاق النار.

وأضاف بان كي مون: «إنّ استمرار الغارات الجوّية والعمليات المشروعة ضدّ الإرهابيين، أدّت في الوقت نفسه إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير مبانٍ. ولكن بدلاً من مناقشة المسائل المهمة غرقنا في قضايا جانبية مثل موضوع من ندعو إلى حضور المفاوضات ومن نرفض دعوته وهو الموضوع الذي أثارته السلطات السورية».

وقد ردّت زاخاروفا على هذه الاتهامات، فقالت إن المعارضة الراديكالية التي يحرّكها المموّلون الأجانب هي بالذات من طرح شروطاً مرفوضة للبدء بالمفاوضات، بعكس الوفد الرسمي للسلطة ووفد «المعارضة الوطنية».

وقالت المتحدثة بِاسم الخارجية الروسية: «نحن ندعو إلى أن تكون مفاوضات جنيف مبنيّة على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي المرقّم 2254، وسوف نلتزم بهذا خلال اجتماع اللجنة الدولية لدعم سورية الذي سيُعقد في ميونيخ يوم 11 شباط الجاري، وندعو الجميع إلى تقييم الأوضاع من دون تحيّز».

«نيويورك تايمز»: بوتين انتصر فعلياً في سورية

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في مقال كتبه روجر كوهين، إن الرئيس الروسي حقّق نصراً فعلياً في سورية، وأصبح ذلك ممكناً بفضل عجز إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وتشتتها، هي التي جعلت من سورية مقبرة دامية للمعتقدات الأميركية.

وأضاف كوهين أنّ سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سورية واضحة بشكل كاف، وتتلخّص في تعزيز موقف حكومة الرئيس السوري بشار الأسد والاستمرار في قصف مواقع «المعارضة» حتى الاستسلام وقطع أيّ محاولات للغرب في تغيير النظام باستخدام «الثرثرة» الدبلوماسية في جنيف، ومنع تغيير الوضع في سورية.

ويرى الكاتب أن ما يقلق في كلّ هذا أنّ سياسة الرئيس الروسي في سورية يصبح من الصعب عدم تمييزها عن سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإعلانات الولايات المتحدة «مجرّد كلام»، وفعلياً، من يطلب الموسيقى في سورية هو بوتين، ويرجع ذلك إلى عدم وجود سياسة واضحة لأوباما.

ويشير الكاتب إلى مدينة حلب التي أصبحت برأيه محاطة بشكل كامل بالقوات الحكومية. ويضيف كوهين: «مدينة حلب باتت في عزلة، وسبب ذلك تشتّت إدارة أوباما».

ويقول: «التصريحات المتكرّرة من قبل حكومة الولايات المتحدة التي تقول إن سورية لا تشكّل عنصراً أساسياً في مصالح الولايات المتحدة القومية وإنه يجب بأيّ طريقة تجنّب أيّ حرب جديدة في الشرق الأوسط، أدّت إلى تحوّل السياسة الأميركية إلى سياسة يتبعها بوتين، ولموافقة ضمنية مع هدف موسكو التي وبثمن قليل ستهزم داعش أيضاً».

ويرى الكاتب أن العذاب السوري لأوباما هو ما أنتج الهجمات الإرهابية في باريس وسان برناردينو. وأنه العذاب السوري لأوباما ساهم بشكل كبير في انهيار محتمل لنواة الاتحاد الأوروبي، الذي يعود أعضاؤه مرّة أخرى إلى مراقبة الحدود الوطنية بسبب أزمة اللاجئين.

ويؤكد الكاتب أن سورية أصبحت عاراً على إدارة أوباما، وفشلاً بحجم يغطّي على كلّ الإنجازات التي حقّقها الرئيس في السياسة الداخلية. سورية أصبحت مقبرة دامية للمعتقدات الأميركية.

ويضيف كوهين: «نقطة التحوّل كانت مع الأسلحة الكيماوية، أوباما تسبّب في تقويض الثقة في كلمة أميركا، وتسبب في غضب مستمر من الدول السنّية الحليفة، وتسبّب في تعزيز موقف الأسد وفتح الطريق أمام بوتين لتحديد مصير سورية».

وقال كوهين إنه فات الأوان لانتظار أيّ تغييرات في سياسة أوباما في سورية، ومع ذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تزيد من عدد اللاجئين السوريين لتخفّف بطريقة أو بأخرى الأزمة في أوروبا.

وأضاف: «إذا سمحنا للخوف بإملاء السياسات، فسينتصر الإرهابيون، أما بالنسبة إلى بوتين، فقد انتصر فعلياً في سورية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى