كوريا الشمالية والتحذيرات الدولية

حميدي العبدالله

تواصل كوريا الشمالية بناء قدراتها الدفاعية للحفاظ على استقلالية قراراها الوطني. ولوحظ مؤخراً أنّ ثمة إجماع دولي عبر عنه قرار مجلس الأمن الذي يدين لجوء بيونغ يانغ إلى تعزيز ترسانتها العسكرية ضدّ النشاطات التي تقوم بها كوريا الشمالية.

لكنّ بيونغ يانغ لم تكترث للتحذيرات والنداءات وصرح أكثر من مسؤول فيها قائلاً إنّ من يتخلى عن برنامجه النووي سيلاقي المصير الذي لقيه معمر القذافي وصدام حسين، وفي هذا إشارة واضحة إلى أنّ امتلاك عناصر القوة الرادعة وحده الذي يعوق ويعطل تدخل الدول الأخرى في شؤون دولة ذات سيادة ويوفر لشعبها حرية الخيارات والإرادة.

واضح أنّ بيونغ يانغ لم تقدم تنازلات في مسألة بناء القوة الذاتية لا للأعداء ولا للأصدقاء.

بديهي أن لا تستجيب كوريا الشمالية لطلبات الولايات المتحدة والحكومات الغربية، لأنّ بيونغ يانغ ترى في الولايات المتحدة قوة احتلال، إذ لا يزال آلاف الجنود الأميركيين يرابطون على أرض كوريا الجنوبية منذ الحرب الكورية في مطلع عقد الخمسينات من القرن الماضي.

ومعروف أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها يجاهرون بسعيهم إلى انتزاع كلّ عناصر القوة من كوريا الشمالية، بل يسعون إلى تحويل كوريا الشمالية إلى جرم يدور في فلك السياسة الأميركية على غرار ما تقوم به كوريا الجنوبية التي تشكل مستعمرة أميركية بكلّ ما للكلمة من معنى.

لكنّ كوريا الشمالية لم تكن حازمة في مواجهة الأعداء، بل إزاء الأصدقاء عندما طالبوها بالتخلي عن عناصر قوتها، وتحديد القوة النووية والقوة الصاروخية، ولذلك لم يستجب المسؤولون في كوريا الشمالية لنداءات موسكو وبكين التي تطالبها بوقف برنامجها النووي والصاروخي، ولهذا لوحظ أنّ الصين وروسيا صوتتا في مجلس الأمن لصالح قرار ساهمت في وضعه وصياغته الولايات المتحدة.

لا شك أنّ بيونغ يانغ تنطلق من حسابات مفادها أنّ الدول الصديقة لن تسارع إلى دخول الحرب إلى جانبها في حال تعرضت لعدوان من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وهي نجحت في تحقيق ذلك، لا سيما بعد تجربة القنبلة النيترونية بعد قنابلها الذرية، واليوم تجري المزيد من التجارب الناجحة على صواريخها الباليستية، وهذا يعني تكامل القدرة الردعية، الأمر الذي يجعل كوريا الشمالية، ليس فقط دولة مستقلة بقدراتها الذاتية، بل قوة قادرة على ردع كلّ من تُسوِّل له نفسه الاعتداء عليها.

اعتباراً من الآن لم تعد سياسة الشجب مجدية، سواء عن طريق مجلس الأمن، أو عبر البيانات المنفردة، وإنّ أقصر الطرق إلى استقرار شبه الجزيرة الكورية هو احترام استقلال وسيادة كوريا الشمالية والكفّ عن استفزازها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى