الأمم المتحدة ووقف الحرب على اليمن
حميدي العبدالله
بعد حماس كبير للبحث عن حلّ سياسي ينهي الحرب على اليمن من قبل الأمم المتحدة، وبعد عقد جولة أولى فاشلة من المناورات في جنيف بين الأطراف اليمنية، كأنّ المبعوث الأممي في إجازة، والمواعيد التي ضربت لعقد جولة جديدة من الحوار تمّ تجاهلها بشكل كامل، ويمكن القول إنّ جهود الأمم المتحدة متوقفة بالكامل، على الأقلّ الآن، في البحث عن حلّ سياسي ينهي الحرب ويجنّب اليمن ويلاتها.
لا شك أنّ ثمة أسباباً تفسّر هذا الغياب الكامل وتجاهل ما يجري على الأرض من قتال يتسبّب بالمزيد من الكوارث والمآسي.
نظرياً، يبدو أنّ تجاهل الأمم المتحدة وغياب أيّ جهد جدّي لحلّ الأزمة يعود بالدرجة الأولى إلى فشل الجولة السابقة من الحوار التي فشلت فشلاً ذريعاً.
لكن لا يبدو أنّ هذا هو ما يفسّر غياب الأمم المتحدة. مثلاً في ليبيا فشلت الأمم المتحدة أكثر من مرة في اجتراح الحلّ، أو فشلت الحلول التي توصلت إليها، لأنها حلول أسقطت على الأطراف الليبية، ولم تكن ولادة تفاهم بين الأطراف الليبية الفاعلة، لكن كلّ ذلك الفشل لم يقعِد الأمم المتحدة عن الإسراع في عقد جولات جدّية من الحوار وبسرعة للتوصل إلى حلول، حتى وإنْ كانت هذه الحلول نظرية وبعيدة عن الواقع.
في اليمن غياب الأمم المتحدة تفسّره أسباب سياسية أخرى، من أبرز هذه الأسباب أنّ الأمم المتحدة بدلاً من ممارسة الضغط على الأطراف المنخرطة في الحرب لدفعها إلى قبول وقف إطلاق النار والبحث عن تسوية سياسية، تترك الأطراف تتقاتل وتنهك بعضها بعضاً لعلّ ذلك يجعل الأطراف أكثر عقلانية وأكثر استعداداً لقبول منطق التسوية.
لكن ما فائدة جهل الأمم المتحدة إذا كانت التسوية ستحلّ فقط بعد أن تحل الكارثة في اليمن. إذا كان من مبرّر لجهود الأمم المتحدة، فإنه يكمن في حقن الدماء وتوفير المزيد من الخراب. ولكن عندما يتحدّد أنّ الحلّ يأتي بعد أن تنهك جميع الأطراف، ففي مثل هذه الحال لا مبرّر على الإطلاق لجهود الأمم المتحدة، لأنّ الأطراف، مستعدّة للبحث عن حلّ قائم على التسوية عبر التنازلات المتبادلة، وعندها لا حاجة إلى دور الأمم المتحدة أو على الأقلّ، فإنّ دور الأمم المتحدة سيكون ثانوياً، وليس هو الأساس في الوصول إلى الحلّ.
لا شك أنّ الأمم المتحدة، وبسبب تبعيتها للولايات المتحدة تتحوّل شيئاً فشيئاً لتصبح عصبة أمم جديدة، أيّ أنها عاجزة عن الاضطلاع بدور وقف النزاعات والصراعات قبل استفحال خطرها.