خريطة المنطقة والحرب ضدّ «داعش»… إعادة ترسيم أم لملمة تفكّكات؟
إعداد وترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق
تدور في الأروقة الغربية أحاديث كثيرة عن خريطة المنطقة وتغيّرها بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب الطاحنة الدائرة فيها، لا سيما بعد الحملة الأخيرة ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي الذي احتل مناطق واسعة من العراق وسورية. لا بل أنّ تقارير إعلامية غربية تحدّثت عن تلاشي خريطة «سايكس ـ بيكو» التي قسّمت المنطقة مطلع القرن الماضي إلى منطقتَي نفوذ بريطانية وفرنسية، تمخّضت عنها الدول التي نعرفها الآن.
وفي خضمّ الحديث عن تقسيم المنطقة إلى دويلات جديدة، تبرز إلى العلن إمكانية إنشاء دولة كردية مستقلة في أجزاء من العراق وسورية. كما أنّ العراق معرّض أيضاً للتقسيم إلى دولة شيعية وأخرى سنّية.
في التقرير التالي الذي كتبته ليز سلاي لصحيفة «إندبندنت» البريطانية، تحاول الكاتبة المقاربة بين الأحداث على الأرض لا سيما الخسارات التي يُمنى بها تنظيم «داعش»، وإمكانية إعادة رسم المنطقة. مشيرة إلى بروز بذور صراعات طائفية لا سيما في العراق، وموليةً الشأن الكردي أهمّية لافتة. ناقلةً عن السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد قوله: «يساهم الأميركيون في إقامة منطقة كردية تتمتع بحكم ذاتي من جانب واحد، ولن يقبل السوريون العرب بذلك. وهذا سيقود إلى تقسيم سورية، ما سيصعب من مهمة القضاء على داعش».
كما نقلت عن الكولونيل يادغار هيجران، الذي يقود القوات على امتداد جزء من خطّ الحدود في المنطقة الكردية الواقعة في شمال العراق قوله: «لن نتقدّم أكثر على هذه الجبهة لأنها أرض عربية. لو أنه يجب على أحد تحرير تلك المناطق فهم العرب، لأنه لو قام الأكراد بتحريرها ستشتعل حرب عرقية».
كتبت ليز سلاي في صحيفة «إندبندنت» البريطانية:
على طول الحدود المتعرّجة في «دولتهم»، يتراجع مسلّحو «داعش» أمام تقدم القوات الحكومية التي اكتسبت بعض القوّة.
وفي خضمّ هذه العملية، تُرسَم حدود اقطاعيات جديدة، وتُزرَع بذور صراعات جديدة محتملة. فالحرب التي تسعى الولايات المتحدة الأميركية من ورائها أساساً إلى منع وقوع هجمات في المستقبل على أميركا، تخضع للتشكيك في أسبابها من كلّ من المقاتلين الشيعة والسنّة والأكراد في كلّ من العراق وسورية، الذين يسعون غالباً خلف مصالح متضاربة تشوّش على الهدف الرئيس، والمتمثل بإلحاق الهزيمة بـ«داعش».
في شمال كل من العراق وسورية، ينشغل الأكراد برسم حدود دولتهم الكردية الجديدة. بينما توسّع الميليشيات الشيعية، وهي القوة الأكبر في العراق، من نفوذها في المناطق التي تسكنها غالبية سنّية شمال العراق. وتركز الحكومة السورية جهودها على استعادة الأراضي التي استولت عليها «المعارضة» خلال «التمرّد» الممتد منذ خمس سنوات، بينما يقاتل «المتمرّدون» السوريون المنقسمون بشدة على جبهتين، إحداهما ضدّ الحكومة والأخرى في مواجهة «داعش».
في ظل هذه الصورة الفوضوية، يعتبر «داعش» إحدى الجماعات المتعدّدة التي تتنافس للسيطرة على دولتَي العراق وسورية الآخذتين في الانهيار، وهو انهيار حدث في جانب كبير منه بسبب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، و«الثورة السورية» التي اندلعت عام 2011.
ربما يتمّ أو لا يتمّ القضاء على «داعش» قريباً، ولكن سلسلة من الهزائم لحقت بالتنظيم في الشهور الأخيرة في شمال سورية وشمال العراق ومؤخراً في الرمادي، أثارت الآمال في أن القضاء على التنظيم أقرب ممّا كان متصوراً.
وأضحى جلياً أن الانتصار على المسلحين لن يضع حدّاً لحمام الدم في المنطقة، وذلك حسبما يرى فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلّية لندن للعلوم السياسية والاقتصادية.
يقول جرجس: «لا يجري التفكير كثيراً في مرحلة ما بعد المسلحين، والمرحلة التالية ستكون دموية وفوضوية وغير مستقرة مثل الحالية». وأضاف: «لقد تغيّر قلب الشرق الأوسط. لم يعد هناك وجود لنظام الدولة الهشّة».
وعلى طول بعض خطوط المواجهة، غدت الطريقة التي تعيد بها المعركة رسم خريطة الشرق الأوسط محل التركيز.
رجال ونساء من مختلف المشارب يقاتلون بشجاعة كبيرة جهاديين مسلحين بشكل جيد، وفي بعض الحالات وهم يحملون بنادق صيد امتلكتها عائلاتهم منذ أزمنة بعيدة. ولكن لا خطة واحدة توحّدهم، ولا هدف شاملاً يجمعهم، إنما أحجية غامضة فقط تتألف من شظايا مدمّرة مما تبقى من سورية والعراق.
تقدّم الأكراد سوريّاً
تتشكل إحدى قطع الأحجية على طول الطريق المعروف بِاسم «M4» والطريق السريعة الدولية من قبل القاطنين بجواره. فهي تربط بين شمال العراق وساحل البحر الأبيض المتوسط في سورية، وقد استُغلّت كطريق للإمدادات من قبل «داعش» عبر الحدود التي أزيلت تقريباً بين كلّ من سورية والعراق.
وفي شمال سورية، يجاور الطريق خط المواجهة بين حدود «دولة داعش» والأراضي التي تسيطر عليها الأقلية الكردية في سورية، الذين يعتبرون شركاء أميركا الوحيدين ذوي الفعالية في الحرب. وتقع الرقة، عاصمة «دولة داعش» والهدف القادم للحملة العسكرية الأميركية، على بعد 30 ميلاً إلى الجنوب.
لكن مدينة الرقة العربية لا تمثل أولوية لقوة وحدات حماية الشعب الكردية المشغولة بتعزيز مناطق سيطرتها في الشمال السوري. خلال السنة المنصرمة، وسّعت وحدات حماية الشعب من مساحة الأراضي التي تسيطر عليها بنسبة 186 في المئة، في مقابل تقلّص المساحة التي يسيطر عليها «داعش» بنسبة 14 في المئة، ما يجعلها الرابح الأكبر في الحرب الأوسع.
تتجه أنظار وحدات حماية الشعب نحو مقاطعة عفرين المعزولة الواقعة في أقصى شرق محافظة حلب، والمحاطة بأرض يسيطر عليها خليط من «المتمرّدين». وفي سبيل ذلك، انتقل تركيز القتال إلى تلك المنطقة، ما وضع الأكراد في مواجهة مع مجموعات «الجيش السوري الحرّ» المحلية، ويحتمل مع تركيا قريباً، التي تعهدت بمنع إنشاء مقاطعة كردية في المنطقة.
بقيت جبهة الرقة في يد طيف من «المتمرّدين» السابقين الذين طردوا من المدينة من قبل «داعش». إنهم يقاتلون وهم يرتدون الصنادل، ويحملون بنادق كلاشنكوف قديمة على طول حاجز أرضي في الصحراء، يقع جنوب بلدة «عين عيسى» بالضبط. وتتّسم علاقاتهم مع الأكراد بالتوتر، وقد جرى تجاهلهم في الجهود التي يبذلها البنتاغون من أجل تسليح حلفائه من السنّة لاستعادة السيطرة على الأراضي التي استولى عليها تنظيم «داعش».
إلا أن أيّ استراتيجية تعتمد على مواجهة قوة كردية لـ«داعش» في المناطق العربية ستؤدّي إلى تدهور الأمور لا إلى تحسينها، وفق ما يقوله روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سورية، والذي يعمل الآن في مؤسسة الشرق الأوسط.
يقول فورد: «يساهم الأميركيون في إقامة منطقة كردية تتمتع بحكم ذاتي من جانب واحد، ولن يقبل السوريون العرب بذلك. وهذا سيقود إلى تقسيم سورية، ما سيصعب من مهمة القضاء على داعش».
الخط الفاصل ببن العرب والأكراد
تتكشف معضلة مشابهة عبر الحدود في المنطقة الكردية الواقعة في شمال العراق على ميدان المعركة الواقع جنوب بلدة «مخمور» التي كان يسكنها ذات يوم العرب والأكراد جنباً إلى جنب، والتي أدّى وقوعها في أيدي «داعش» في آب 2014 إلى التعجيل في حملة القصف الجوي الأميركي. سيطر «الجهاديون» على البلدة بالكاد 48 ساعة قبل أن تتدخل المقاتلات الأميركية فتراجع التنظيم، وذلك في أول مؤشر على أن القصف الجوي قد يثبت أنه عنصر حاسم في وقف تمدّد المسلّحين ثم عكسه.
لم يتغيّر خط المواجهة منذ ذلك الحين. تمتد متاهة من الخنادق والمتاريس الترابية وأكياس الرمل عبر سهول محافظة نينوى الخصبة في شمال العراق، التي تفصل بين المقاتلين، وتشكل أيضاً الحدود الجنوبية للأراضي التي تسيطر عليها حكومة كردستان كجزء من الدولة الكردية غير المعلنة.
وتتشكل الأودية الواقعة خلفها من العرب بالكامل، وتقول قوات البيشمركة الواقفة على طول الخط أن لا نيّة لديها للتقدم، على الرغم من اعتقادهم بأنّ لديهم القدرة على ذلك.
يقول الكولونيل يادغار هيجران، الذي يقود القوات على امتداد جزء من الخط: «لن نتقدّم أكثر على هذه الجبهة لأنها أرض عربية. لو أنه يجب على أحد تحرير تلك المناطق فهم العرب، لأنه لو قام الأكراد بتحريرها ستشتعل حرب عرقية».
لكن هذه الحرب اندلعت بالفعل من نواحٍ عدّة. فبلدة «مخمور»، التي تمتدّ على طول الحدّ الفاصل بين العرب والأكراد عبر شمال العراق، جرى التنافس عليها طويلاً، وكانت من بين المناطق المستهدفة في برنامج إعادة توطين العرب فيها من قبل صدّام حسين في الثمانينات من القرن الماضي. حيث روقبت الأودية الكردية ومُنحت أراضيهم لمستوطنين عرب قدموا من أجزاء أخرى من البلاد. وقد سيطرت البيشمركة على البلدة بعد الاجتياح الأميركي في 2003، وفرّ منها عدد من العرب.
وفي ظلّ الدستور العراقي الجديد، كان من المفترض تسوية الوضع النهائي عبر إجراء استفتاء، ولكن هذه الخطة أصبحت محل جدال منذ أن اشتعلت الحرب ضدّ «داعش».
يقول رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود برزاني إن الأكراد لن يتنازلوا عن أيّ أراضٍ استعادوها. وقد أعيد الحديث عن إجراء استفتاء حول انفصال إقليم كردستان.
ويقول مسرور برزاني، قائد الأمن القومي في كردستان: «ثمة حاجة إلى اتخاذ قرارات شُجاعة، والنظر إلى الوقائع وترك الناس يقرّرون ما يريدونه. لقد تفتّت العراق. والسنّة يعتقدون بوحدة البلاد فقط إذا ما حكموا هم. ويعتقد الشيعة بالمثل. ولا تعريف واحداً لمعنى وحدة العراق. ولن تفلح محاولات الحفاظ على وحدة البلاد على حساب رضا الناس».
الانتصارات الشيعية
لا يتفق ما يقوله الأكراد مع وجهة نظر مقاتلي الميليشيات الشيعية التي تقاتل «داعش» على مسافة 40 ميلاً إلى الجنوب خارج مصفاة نفط «بيجي» المدمّرة. استعيدت السيطرة على المصفاة أخيراً في تشرين الأول بعد أكثر من سنة من المعارك ذهاباً وإياباً، مع لعب الميليشيات الشيعية التي تقاتل تحت مظلة الحشد الشعبي ـ المعروفة بوحدات التعبئة الشعبية ـ دوراً أساسياً في تأمين الانتصار إلى جانب وحدات الجيش العراقي، وذلك وفقاً للحكومة ووحدات الجيش العراقي على أرض الواقع.
انتقل خط المواجهة الآن إلى شمال غرب جبال «مكحول»، وهي سلسلة من التلال الاستراتيجية الجرداء التي تطلّ على المصفاة، وأيضاً على الطريق السريعة الرئيسة المؤدية إلى الموصل، المدينة الأكبر التي يسيطر عليها «داعش» وهدف رئيس للحرب.
تعتبر هذه أيضاً أراضٍ سنّية، والتي تتعرّض الآن لـ«اجتياح» من شيعة يقاتلون بعيداً عن ديارهم في الجنوب الشيعي في البلاد ـ يدفعهم، حسبما يقولون، نداء قادتهم الدينيين. وعلى طول الطريق السريعة التي يبلغ طولها 200 ميل المؤدّية شمالاً إلى «بيجي» من بغداد، تقع أنقاض المدن والقرى السنّية، التي دمرتها الغارات الجوّية والمدفعية في معركة طرد «داعش».
«نحن ننفذ أوامر المرجعية» ـ السلطات الدينية الشيعية في النجف ـ كما قال عبد الستار أهوان، واحد من أكثر من عشرين رجلاً احتشدوا على التلال بينما كانت تتطاير الرصاصات وقذائف الهاون في سماء المنطقة. وقد ارتدى، جنباً إلى جنب مع عدد من المقاتلين، شارة تحمل وجه الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني، ما يؤشّر إلى الولاءات المختلفة التي تعقّد المعركة.
إلا أن المقاتلين الشيعة يقاتلون من أجل عراق موحّد، حسبما أصرّ اثنان من قادة كتائب «سيد الشهداء»، ميليشيا شيعية أرسلت أيضاً مقاتلين إلى سورية، في مقر قيادة يقع وراء الخطوط الأمامية على حافة بلدة قريبة من «بيجي». يقول علاء الحسيني، الذي أتى من النجف ويرتدي عمامة: «إن قوات الحشد تتألف من أبناء العراق ودورنا المحاربة من أجل العراق»، ما يشير إلى دوره كمستشار دينيّ للمقاتلين. ويضيف: «نحن جميعنا عراقيون، سنّة وشيعة، وقد وحّدتنا هذه الأزمة». وترفرف خلفه أعلام الميليشيات الشيعية المشاركة في معركة «بيجي»، التي أفرغت من سكانها منذ فترة طويلة ودمرت تقريباً الآن.
كيان منفصل للسنّة
بالنسبة إلى عدد قليل من العراقيين السنّة المشاركين في المعركة ضدّ «داعش» التنظيم السنّي المتطرّف، فإن رمزية مثل هذه المشاهد، التي تُبث على نطاق واسع على شاشة التلفزيون، واضحة ومثيرة للقلق.
«عامرية الفلوجة» الواقعة في محافظة الأنبار في غرب العراق، هي واحدة من عدد قليل من المدن السنّية التي ظلت آمنة من هجوم «داعش» على معظم المناطق السنّية في البلاد السنة الماضية، وهي أيضاً واحدة من أولى المناطق حيث يجري حشد السنّة المحليين في المعركة ضدّ «داعش». عاد مئات من رجال العشائر السنّية المحلية الذين درّبتهم القوات الأميركية هناك في أواخر تشرين الأول، وشنّوا هجومهم الأول في تشرين الثاني، جنباً إلى جنب مع قوات الجيش العراقي.
سار الأمر على ما يرام. انهار خطّ الجبهة الذي صمد منذ تقدّم «داعش» في أوائل 2014 في غضون 36 ساعة. واستعادت العشائر السيطرة على ثلاثة أميال إضافية أو نحو ذلك من الأرض. وبالكاد يمكن تمييز الخط الأمامي الجديد عن القديم، باستثناء الخندق القديم الذي حُفر في الصحراء وامتلأ بالأكياس البلاستيكية وقوارير المياه، في حين يجري حفر خندق آخر. وهذا يضع أيضاً المقاتلين على مسافة ثلاثة أميال أقرب إلى الفلوجة، وهي المدينة العراقية الأولى التي استولى عليها «داعش» منذ ما يقارب سنتين.
وبينما الحال كذلك على طول خطوط الجبهة الأخرى، يقول المقاتلون إنهم واثقون أنهم يستطيعون بسهولة استعادة المزيد من الأرض، وربما الاستيلاء على الفلوجة نفسها إذا ما حصلوا على الدعم الكافي من الحكومة العراقية، والحلفاء مثل الولايات المتحدة الأميركية.
قال فيصل العيساوي، وهو زعيم عشائري محلي يقود القوات على طول امتداد واحد من الخطوط الأمامية: «حالما رأوا قواتنا، ولّوا هاربين. ما زال لديهم بعض القوة، ولكنها ليست كما كانت قبل سنة انقضت. فقد أدّت الضربات الجوّية إلى إضعافهم وكسر هيكلهم. وكل أسبوع يقومون بإعدام أربعة أو خمسة من عناصرهم لأنهم رفضوا إطاعة الأوامر أو حاولوا الانقلاب ضد قادتهم».
ولكن، كان من الصعب الحصول على الأسلحة في هذه الجبهة المهملة، حيث القتال الفعلي أمر نادر الحدوث. فلا يرتدي أيّ من المقاتلين العشائريين زيّاً عسكرياً، وهم مسلحون ببنادق بعضها قديم، امتلكتها أسَرهم لأجيال، وفقاً لأحد المقاتلين، الذي قال إنه في الستين من عمره، ولكنه بدا أكبر سناً.
كانت الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة متردّدة في تسليح العشائر السنّية خوفاً من تمكين المنافسين المحتملين، ويتساءل السنّة هنا بالفعل حول مستقبلهم في العراق الذي يهيمن عليه الشيعة الآن أكثر من أيّ وقت مضى.
يقول شاكر العيساوي، رئيس بلدية «عامرية الفلوجة»، بينما كان يتفقد رجاله على خط الجبهة: «حتى أولئك الموالين للحكومة المركزية ويحاربون داعش يعاملون مثل الأجانب من قبل الحكومة المركزية».
هو من بين عدد صغير، إنما متزايد من السنّة الذين بدأوا في تبنّي فكرة تشكيل كيان مستقلّ لهم، على غرار الإقليم الكردي في الشمال.
«إذا شعر شعب الأنبار بالاحترام، كعراقيين، سيكونون موالين لنا وسيقاتلون داعش. لكنّنا لا نحظى بالاحترام، وأخشى أن الحلّ الوحيد هو دولة سنّية».
قال صهيب الراوي، حاكم محافظة الأنبار في مقابلة في بغداد قبل الانتصار الأخير للقوات الحكومية العراقية في الرمادي إنها ليست وجهة نظر سائدة بين العراقيين السنّة.
«إنها ليست فقط فكرة سيئة، لا بل ستكون بمثابة كارثة»، كما قال مستشهداً بمعركة الرمادي، التي خاضها الجيش العراقي، كدليل على أن العراق يمكنه البقاء موحداً. «كان العراق دائماً أمة موحدة وقوة إقليمية كبيرة. ومن مصلحة الجميع أن يبقى موحّداً».
«ولكنهم ليسوا متّحدين»، كما يقول جرجس، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد، الذي لا يشكك في ما إذا كان يجب تقسيم العراق أو سورية كجزء من الحل النهائي، ولكن في ما إذا كان يمكن تنفيذ هذا الحل على الإطلاق. كما قال: «اللغز هو كيف يمكنك توحيد هذه الدول مرة أخرى؟ لقد تفكّكت إلى مليون قطعة».