جنّية الحبّ

قالت له: هو العمر يمضي برحلته، والفصول تكاد كلّها شتاء، تمطر حزناً يسري متفرّعاً في شراييني، رغم تجذّر حبّك في أعماقي، ولقائي بك حتى في أحلامي. أخاف أن يمضي العمر من دون أن ألتقي من أتنّفسه حبّاً في كلّ لحظات حياتي.

قال لها: أخشى أنك تحلمين بهجراني، فسكنك الخوف من رحيل العمر، من دون لقائي.

قالت له: كان لي موعد معك، ولقاء أنتظره كلّ صباح ومساء، هناك في الأفق البعيد، نركض سوياً ونضحك وتتموّج أجسادنا فوق العشب الأخضر الكثيف. وكلّما اقتربت لألامسك، يغادرني طيفك وترحل من قربي.

قال لها: لا تصنعي حواجز تجعل الأحلام هواجسَ. ولا تقتربي من واقع الخوف فهو سلاح يفتك بأمنياتك، فتعجزين عن حبّي حتى في خيالك.

قالت له: لقد كان لي موعد ولقاء، والآن أصبحت كمن دون موعد ومن دون أمل باللقاء، فلا الأفق فسيح ولا السفح قريب.

قال لها: ومتى كان انتظار الحبيب معلّقاً على حكاية في الأحلام؟

قالت له: منذ أن رهنت عمري كلّه وأنا لك في انتظار، فقد أصبح المرج الأخضر يباساً، ولم أعد أسمع صوت الضحكات.

قال لها: هل مات الشوق الذي كان يذيب فؤادي صرخة تنهض بي وتجعلني فارساً مغواراً رغم كلّ آهاتي؟

قالت له: ومتى كانت صرخة الشوق من أنثى تصنع فرساناً؟

قال لها: عندما شعرت أنّني أعيش لك ولأجلك، وأنت وحدك من تستحقين أن أنحني لك بكلّ ما منحني إياه حبّك!

قالت له، والغنج يتململ خجلاً: أتعلم حبيبي؟ سأبوح لك بسرّ.

قال لها: قولي يا ملاكي.

قالت له: ما زال قلبي يصدح بأنين الأشواق، وما زلتُ أسمع صدى الضحكات، وأرى أن هناك أزهاراً جميلة تنبت وتفرّع أغصانها من جديد. فهل تسمح لي أن أصبّ شوقي لك خمراً وجمراً يسعد قلبك ويرضيك؟

قال لها وهو يهزّ رأسه معجباً: أقسم أنك جنّية سلّطت عليّ سحرها، وقتلتني بسهام شوقها، وتسألين بعد كلّ هذا الإذن والسماح؟

سناء أسعد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى