اليمن بعد عام العدوان… صمود أسطوري وانهيار مفاجئ لقوى العدوان

هشام الهبيشان

ها هي الحرب السعودية على اليمن تقارب على نهاية عامها الأول، دون تحقيق أي من نتائجها، سوى تسليم أجزاء واسعة من الجنوب اليمني لـ«القاعدة» و«داعش»، انّ ما جرى في اليمن خلال هذا العام الذي أوشك على نهايته يؤكد أنّ هناك أنماطا عدة واهدافا خبيثة وحربا شعواء تشنّها السعودية وبعض من يدعمها بحربها على اليمن، فاليوم هناك معلومات موثقة تقول إنّ الدولة اليمنية تتعرّض لحرب استنزاف كبرى، وتشير إلى أنّ هناك ما بين 23 إلى 27 ألف مسلح متطرف يقاتلون في شكل كيانات مستقلة مثل «القاعدة» و«داعش»، أو في صفوف ما يسمّى «ميليشيات المقاومة الشعبية وأنصار هادي»، وتفيد المعلومات عينها، بأنّ هناك مخططاً ما تحضّره بعض القوى الإقليمية يستهدف إدخال الدولة اليمنية بكلّ أركانها بحرب استنزاف طويلة عن طريق الزجّ بآلاف المقاتلين «المتطرفين» إلى ساحات المعارك، وهؤلاء بمعظمهم هم عبارة عن أدوات في يد أجهزة استخبارات الدول الشريكة في الحرب على اليمن.

وهنا لا يمكن مطلقاً إنكار حقيقة أنّ أدوات الحرب المذكورة كادت، خلال فترة ما، أن تنجح في إسقاط الدولة اليمنية في الفوضى العارمة، لولا يقظة القوى الوطنية اليمنية منذ اللحظة الأولى لانطلاق الحرب عليها، فقد أدركت هذه القوى حجم خطورة الحرب مبكراً، وتنبّهت لخطورة ما هو آت، ورغم ما جرى في جنوب اليمن وبعض مناطق شماله، ورغم حجم الدمار الهائل الذي أصاب «تعز ومأرب وصنعاء إلخ… بعد ما يقارب العام على هذه الحرب العدوانية، ما زال واضحاً أنّ اليمنيين يملكون من جولات الصمود جولات وجولات، وما يدلل على كلّ ذلك هو صمود اليمنيين في شمال اليمن والعمل على استعادة جنوبه والتعمّق والسيطرة على مناطق بالجنوب السعودي.

ومع استمرار فصول الصمود اليمني أمام موجات الزحف المسلح بمحيط العاصمة «صنعاء» من قبل هذه القوى، وانكسار معظم هذه الموجات سابقاً على مشارف مدينتي تعز ومأرب، فاليوم تسعى الدول الشريكة في الحرب على اليمن إلى الانتقال إلى حرب الاستنزاف لكلّ موارد وقطاعات الجيش اليمني وحلفائه في محاولة أخيرة لإسقاطهم.

ورغم حجم الدمار الذي أفرزته حرب الاستنزاف للجيش اليمني وحلفائه، فما زال الجيش اليمني وحلفاؤه ممثلين بالقوى الوطنية قادرون على أن يبرهنوا للجميع أنهم قادرون على الصمود، والدليل على ذلك قوة وحجم التضحيات والانتصارات التي يقدّمها الجيش اليمني وحلفاؤه «أنصار الله»، والتي انعكست مؤخراً بظهور حالة واسعة من التشرذم لما يسمّى «أنصار هادي والمقاومة الشعبية» و «القاعدة«، في مناطق واسعة من شمال وشمال غرب وشمال جنوب اليمن.

ومن هنا نستطيع أن نقرأ ومن خلال ما جرى مؤخراً بمحيط العاصمة صنعاء، أنّ الأدوار والخطط المرسومة، في شنّ الحرب على اليمن، قد تغيّرت، وآخر الخطط التي ما زالت تعمل بفعالية نوعاً ما حتى الآن على الأرض هي حرب الاستنزاف للجيش اليمني وحلفائه، وإذا استطاعت «مرحلياً« القوى الوطنية اليمنية أن تصمد وبقوة كما صمدت أمام خطط سابقة، فستفشل استراتيجية إضعاف واسقاط الجيش اليمني وحلفائه، والسبب أنّ خطة الاستنزاف التي تنتهجها أطراف العدوان على اليمن لها أمد معيّن وستنتهي بانتهاء مدة صلاحيتها، وبذلك تكون اليمن الدولة أمام آخر خطط الحرب المباشرة عليها، بعد أن تحسم مبكراً هذه الحرب المفروضة عليها.

ختاماً، ما جرى في محيط العاصمة صنعاء يحتم على القوى الوطنية اليمنية وبكلّ أركانها، تمتين الجبهة الداخلية أكثر وأكثر، حتى وإنْ كان ذلك على حساب تنازلات مجتمعية ومصالحات وطنية كبرى وعقلانية تقوم بها هذه القوى الوطنية، للتخفيف من وطأة وآثار هذه الحرب على البنية المجتمعية الداخلية في اليمن، وإنْ نجحت في ذلك واستطاعت بناء تحالفات جديدة مع قوى مجتمعية وسياسية في الداخل اليمني، من خلال تنازلات عقلانية ومهيكلة تقدّم لهذه القوى، ستكون بلا شك قد قطعت شوطاً كبيراً في مشروع الانتصار الأكبر على حلف دولي كان وما زال يطمح إلى إسقاط الدولة اليمنية بكلّ أركانها. ولمن يحتفلون بانتصارات إعلامية في محيط العاصمة صنعاء نقول: لا تتسرّعوا، وانتظروا خواتيم المعركة، فالحرب سجال، صولات وجولات، ولننتظر خواتيمها، مع اليقين الكامل بانهيار مفاجئ لقوى العدوان في المرحلة القريبة المقبلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى