تحذيرات كلابر من الحرب الالكترونية ومخاطر اختراق وقرصنة الأقمار الاصطناعية

أخبار نتائج الانتخابات التمهيدية تتصدّر معظم الاهتمامات وسلّم الأولويات لدى النخب الفكرية والوسائل الإعلامية على السواء.

نتائج جولة انتخابات ولاية نيو هامبشير جاءت مواكبة للتوقعات المسبقة فالفائزان كانا دونالد ترمب عن الحزب الجمهوري، وبيرني ساندرز عن الحزب الديمقراطي وما رافقها من انسحاب بعض المرشحين في قائمة الحزب الجمهوري، والهزيمة الكبيرة التي تلقاها مرشح المؤسسة الحزبية ماركو روبيو، الذي جاء في المرتبة الخامسة.

سيستعرض قسم التحليل أبرز التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة، وفق شهادة مدير الاستخبارات الوطنية، جيمس كلابر، الذي رفع مرتبة «الحرب والقرصنة الالكترونية» الى الصدارة وكذلك استعراض حال ترسانة الأقمار الاصطناعية الأميركية التي تعاني من جملة من الثغرات والتحديات التقنية.

سورية

جدّد المجلس الأميركي للسياسة الخارجية رفضه للغارات الجوية الروسية في سورية، متناغماً بذلك مع خطاب الحكومة الأميركية. وقال انّ سياسة روسيا لمكافحة الإرهاب «معيبة وانتقائية الى أبعد حدّ». وزعم انّ السياسة الروسية «تؤجّج لهيب التشدّد في الشرق الاوسط»، وعوضاً عن معالجتها «للاضطرابات التي تعصف بالأقلية المسلمة داخل حدودها، تقوم الحكومة الروسية بتصدير الازمة».

السعودية

استعرض معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ما اسماه «التحوّل الملموس في السياسة الخارجية السعودية»، منذ تسلّم الملك سلمان مقاليد الحكم، اذ انه «يتبع نهجاً سعودياً أشدّ حزماً… وعدوانية» في الشؤون الاقليمية مما يضعها «أحياناً على تعارض بصورة صارخة مع السياسات الإقليمية المترابطة لواشنطن». وأشار المعهد الى تجسّد التباين بين الرياض وواشنطن «وانحرافها عن السياسات التي تتبعها إدارة اوباما»، خاصة في الملف السوري وإعلان وزير الخارجية السعودي انّ بلاده «ستستمرّ في دعم العارضة السورية من أجل إزاحة الأسد بالقوة». واوضح انّ مشاعر «قلق حقيقي تسود واشنطن للنهج السعودي الجديد لما يمثله من تحوّل بعيد عن التحالف التاريخي الوثيق مع واشنطن». ورجّح المعهد استمرار السعودية في نهجها الراهن «في المستقبل المنظور… وزيادة أنشطتها دون اعتبار لرغبات الولايات المتحدة».

اليمن

ألقى معهد كارنيغي الضوء على بعد إضافي لأزمة السعودية في اليمن في سعيها لإيجاد موطئ قدم على بحر العرب، سمّاها «الحلفاء الاشكاليون»، الذين بحكم إفراط طموحاتهم السياسية ومحدودية إمكانياتهم الإقليمية المتاحة قد ساهموا «بتعقيد القتال… وتعارض مصالحهم مع التطلعات السعودية» لا سيما في الجنوب. واوضح انّ السعودية عاودت الرهان على القائد العسكري السابق، علي محسن الأحمر، الذي أضحى بالنسبة اليها «أكثر أهمية من بحاح أو هادي.. في سياق الأهداف التي تتوخاها السعودية في اليمن». واضاف انّ السعودية في عهد الملك سلمان «أعادت الأهمية للبراغماتية التقليدية… باحتضانها كلّ القوى، في اليمن وخارجه، التي لا تشكل تهديداً مباشراً لها». وأردف انه بالرغم من الغارات الجوية السعودية التي لا تنقطع «لم يتمكّن حلفاء المملكة بعد من استعادة السيطرة على العاصمة. لا يستطيع رجال علي محسن الأحمر القيام بذلك كونهم يفتقرون إلى العدد الكافي من الحلفاء ذوي المواقع المناسبة في صفوف العشائر هناك. فخصوم المملكة من أبناء العشائر يتمتعون بحضور أكثر استراتيجية في صنعاء». كما لفت الانظار الى انّ «تنظيم القاعدة… لم يتعرّض لقصف سلاح الجو السعودي»، وزعم انّ السعودية «لا تزال ترغب في وحدة اليمن.. بما يتفق مع مصالحها».

مصر

تصدّر معهد المشروع الأميركي مطلقي الدعوات العلنية لنقد السياسة الأميركية الرامية إلى تغيير النظم الرسمية، متسائلاً ان «كان الانقلاب على الرئيس حسني مبارك أفضل الخيارات»، وما رافقه من توترات عصفت بفئتي «الليبراليين العلمانيين والأقليات». وأوضح انّ «جهود إعادة الجنيّة الى القمقم، سواء من قبل السعوديين في مصر.. او وزير الخارجية الأميركي جون كيري في سورية لن تفلح». واضاف انّ جموع «الغربيين وأولئك في الشرق الاوسط الذين لا زالوا يؤمنون بحتمية تحقيق الحريات السياسية والاقتصادية… منخرطون في صراع طويل وشاق». وأردف انّ قادة المنطقة «نجحوا في صياغة المستقبل وفق معادلة ثنائية تفاضل بين إرهابيين اسلاميين او الطغاة العلمانيين.. ومن تبقى من الليبراليين ليسوا في وضع لمناطحة السيسي او الدولة الاسلامية».

الإنفاق العسكري

في سياق تناوله لمبرّرات التسلّح القصوى للدول العربية رصد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «تحوّلات في نماذج الحاجة للتسلح.. اذ انّ الصراع العربي- الاسرائيلي لم يعد يشكل حافزاً شاملاً لزيادة الإنفاق على التسليح لما ينوف عن عقد من الزمن»، وفي حال دول الخليج بدأت مرحلة التغيير منذ أزمة العراق والكويت في عام 1990 – 1991. واردف انّ «الحافز الرئيس للتسلح أضحى المنافسة بين الدول العربية في الخليج وإيران».

ليبيا

ناشد معهد أبحاث السياسة الخارجية صنّاع القرار «التحلي بالجدية لمواجهة مشكلات منطقة الشمال الأفريقي،»، خاصة بعد إحجام «الولايات المتحدة وأوروبا عن توفير الدعم المطلوب للقوى الديمقراطية والليبرالية» في ليبيا. وشدّد على انّ الحلّ لا يكمن في أيّ من خياري «التدخل العسكري او انعزال أميركا، بل توفير الدعم للمجتمع المدني والتنمية الاقتصادية.. والتحوّلات السلمية». وأوضح انه يمكن الاقتداء بنموذج المغرب الذي «تبنى تطبيق سياسات مختلفة عن جيرانه.. وتصدّر الملك محمد السادس تطبيق إصلاحات دستورية شاملة». ولفت الأنظار الى انّ النص الدستوري الجديد «يضمن الحقوق القانونية للمرأة والأقليات الدينية.. وتقليم أظافر إجراءات عفا عنها الزمن». كما أشاد المعهد «بتقلص حصة الدولة» في المشاريع والمؤسسات وإتاحة الفرصة «للقطاع الخاص توفير حزمة متزايدة من الخدمات تتراوح بين الاتصالات اللاسلكية والمصرفية».

تركيا

اعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان واتهامات ساقها ضدّ الولايات المتحدة بأنها «فورة تدلّ على تنامي هوّة التباعد بين الحليفين بشأن سورية». وكرّر المعهد الانتقادات الداخلية للإدارة الأميركية التي حشدت الدعم الدولي مبكراً للازمة السورية «حول هدف الإطاحة بالرئيس الأسد.. بينما ابتعدت واشنطن تدريجياً وصولاً لهدفها الراهن بتسليط الجهود على مواجه تهديد الجهاديين في سورية، وداعش بصورة خاصة». واوضح انّ «انقرة فضلت الثبات عند سياستها الداعية لاولوية تغيير النظام.. على الرغم مما يرافقها من كلفة استضافة نحو مليوني لاجئ سوري».

الكرد

استعرض معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مستقبل الاقليم الكردي في شمال العراق في ظلّ تنامي التصميم المحلي والإقليمي والدولي على تحرير مدينة الموصل «عاصمة الخلافة»، التي تتداخل فيها سيطرة قوات البيشمركة على بعض التخوم المطلة على المدينة، والتي لم تتلقّ اجورها منذ أربعة اشهر بسبب «الأزمة الاقتصادية في كردستان». واوضح انّ السؤال الرئيس بالنسبة لقادة اقليم كردستان هو «آلية ادارة الموصل بعد التحرير.. وتوفير ضمانات بعدم تكرار الأخطاء التي تؤجج الصراع الطائفي». وخلص بالقول الى انّ قدرة «اقليم كردستان على مواجهة تنظيم داعش.. تحتاج الى دعم شركائنا الدوليين». كما أشار المعهد الى حضور «ممثلين اكراداً الى واشنطن الاسبوع الحالي في اطار السعي إلى تأمين وتنسيق مساعدات طارئة للحرب ضدّ تنظيم داعش».

استعرض صندوق مارشال الالماني آفاق القتال المتصاعد بين القوات العسكرية التركية وقوات حزب العمال الكردستاني والذي أضحى «يقلق الجمهور العام لاستشعاره انّ حرباً تدور رحاها» في تلك المنطقة. وزعم الصندوق انّ «أغلبية كبيرة من السكان تحمّل حزب لعمال مسؤولية إنهاء السلام الذي ساد البلد على امتداد بضع سنوات، ويؤيدون جهود الحكومة إنهاء وجود الحزب عبر الوسائل العسكرية». ومضى بالقول انّ لغة الحوار غابت عن الأجواء العامة، وأشدّها دلالة كان ردود الفعل الغاضبة للشعب والحكومة التركية على عريضة موقعه من نحو 1.100 أكاديمي، معظمهم أتراك، مطلع العام الجديد، يناشدون الحكومة وقف إجراءاتها العسكرية.

جبهة أعداء جديدة

لا تجهد الدولة التي كانت عظمى في استحضار معارك واعداء لتبرير «فراديتها وتميّزها»، من جانب، وديمومة تشغيل اقتصاد الحرب من الجانب الآخر.

بعد إعادتها لروسيا على صدارة قائمة الأعداء الوجوديين، والالتفاف شرقاً لمواجهة الصين، استحدثت المؤسسة الأميركية الحاكمة جبهة الفضاء الخارجي وما يترتب عليها من تخصيص موازنات إضافية تثقل كاهل الميزانية العامة.

في مطلع الأسبوع الفائت، وبينما كانت الجهود منصبّة على معالجة لقاء جنيف بشأن الملف السوري، خصصت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ جلسة استماع لمدير أجهزة الأمن الوطني، جيمس كلابر، محذراً من تفاقم وتيرة الهجمات الالكترونية والتي من شأنها «تقويض مكانة الولايات المتحدة اقتصادياً وكذلك الأمن الوطني».

واستعاد كلابر النزعة المتأصلة المعادية لروسيا متهماً القوات الروسية «بإنشاء جهاز قيادة العمليات الالكترونية لشنّ هجمات» ممنهجة، كما جاء في تقرير صادر عن قيادة الاستخبارات سلّمه للجنة الكونغرس. وأضاف التقرير عدة دول أخرى في مصاف مصادر التهديد للأمن الأميركي: الصين، إيران وكوريا الشمالية.

أما روسيا، وفق رؤية كلابر، فتشكل «أعظم تهديد الكتروني للمصالح القومية الأميركية.. وأشدّ خطراً عما كان يعتقد سابقا».

يُشار الى انّ كلابر يأتي من صلب معسكر صقور الحرب في المؤسسة الحاكمة، وتربطه صلات وثيقة مع وزير الدفاع الأسبق روبرت غيتس، وأحد أعوان وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، وشارك الرئيس الأسبق جورج بوش الأب في مجموعة «إيران كونترا»، او الفضيحة المعروفة باسم إيران – غيت.

كما تجدر الإشارة في هذا السياق الى وثيقة صادرة عن البنتاغون، تموز 2015، تحدّد معالم «الاستراتيجية العسكرية الأميركية» لضمان وحدانية سيطرتها على مفاتيح العالم عبر إشاعة العنف «لحماية اراضي الوطن الأمّ.. وصون المصالح القومية… وتعكس الوثيقة خارطة الطريق الاستراتيجية – تصميم المؤسسة الحاكمة القوي على الاستمرار بسياسات التدمير ونشر الحروب والفوضى الى ان يتمّ القضاء على كافة المنافسين التقليديين والصاعدين على السواء.

أميركا مصدر القرصنة

نشرت صحيفة «واشنطن بوست»، تشرين الثاني 2013، مقتطفات من «وثائق عالية السرية»، اوضحت فيها انّ الاستخبارات الأميركية «شنّت نحو 231 هجوم الكتروني عام 2011»، استهدفت قوى ومنظمات دولية، من بينها إيران التي تعرّضت منشآتها النووية لهجومي «ستكسنت وفليم»، مصدرها الولايات المتحدة.

وافادت وكالة «رويترز» للأنباء، 29 أيار 2015، انّ الولايات المتحدة شنّت هجوماً الكترونياً شبيهاً بفايروس ستكسنت على منشآت كوريا الشمالية، 2009 و 2010 «لكن جهودها فشلت» في تحقيق المطلوب «وفق ما افاد به اخصائيون في العمليات السرية». وعزت الوكالة فشل القرصنة الأميركية الى «عدم تمكّن الخبراء الأميركيين التعرف واختراق الأجهزة المركزية للبرنامج النووي الكوري.. نظراً لإفراطها في تطبيق السرية وقدرتها على فصل أجهزة الاتصالات الخاصة بذلك».

وفق محتويات وثائق المتعاقد السابق ادوارد سنودن، نقلت صحيفة «ان ار سي هانلدزباد» الهولندية انّ وكالة الأمن القومي الأميركي «زرعت فايروسات ضارة في نحو 50.000 جهاز كمبيوتر على امتداد العالم.. لسرقة معلومات وبيانات حساسة».

اوضح جيمس كلابر في شهادته سالفة الذكر انّ بلاده تعرّضت لسلسة هجمات الكترونية متطوّرة في العام الماضي، والصقت تهمة قرصنة شركة سوني للأفلام السينمائية بكوريا الشمالية.

يُشار الى انّ الصين ايضاً وجهت لها اتهامات بالقرصنة الضخمة العام الماضي عقب اختراق بيانات إدارة الرعاية الصحية المركزية والاطلاع على نحو 80 مليون ملف طبي فضلاً عن اتهامها ايضاً باختراق شبكة أجهزة مكتب إدارة شؤون موظفي الدولة ونسخ ما لا يقلّ عن 22 مليون بيان بالغة الحساسية والخصوصية، من ضمنها بيانات تخصّ مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان.

وحذر كلابر من انضمام فريق من أصحاب العقيدة لجهود القرصنة، لا سيما لعناصر تزعم بتأييد داعش عقب اختراق بعض بيانات قيادة القوات الأميركية.

وأضاف انّ القراصنة الأجانب «يشنّون هجماتهم دون رادع ويقومون بمهام استطلاع، وتجسّس، وشنّ هجمات الكترونية في الفضاء الخارجي نظراً ليسر سبل الوصول للهدف والكلفة المتدنية، والمردود الذي بانتظارهم، والتهرّب من ايّ عواقب جادة».

وطمأن كلابر أعضاء الكونغرس على سلامة الشبكات المصرفية الكبرى والطاقة الكهربائية والتي تخضع لإجراءات وقاية شديدة وتبعد شبح الاختراق والقرصنة، مشدّداً على انّ الولايات المتحدة تمتلك «قدرات هجومية» في هذا الشأن دون الخوض في التفاصيل.

تبلور التهديدات

أقرّ كلابر انّ كلا من روسيا والصين تمتلكان «برامج اختراق الكترونية بالغة التطوّر، تتبعهما كوريا الشمالية وإيران اللتين تعززان قدراتهما الالكترونية على الدوام».

وخصّصت البنتاغون بنداً إضافياً في ميزانيتها العسكرية لمواجهة «تهديدات في طور التبلور»، قيمته 6.7 مليار دولار للإنفاق على عمليات الحماية والقرصنة الالكترونية، بزيادة قيمية عن مخصّصات العام الماضي بنسبة 16 «لمواجهة التهديدات المتنامية، ومصادرها أيضا».

ومن صلاحيات البنتاغون تعزيز هيكلية «قيادة الحرب الالكترونية»، التي تنوي رفدها بنحو 6.000 موظف واستكمال طواقمها الإدارية العام المقبل، موزعون على 133 فريق متعدّد الاختصاص في كافة أذرع القوات المسلحة.

في هذا الصدد، توصلت الحكومة الأميركية الى «اتفاق انفراج الكتروني» مع الصين في شهر ايلول الماضي، بيد انّ معظم المؤشرات تدلّ على عدم ثقة أعضاء الكونغرس بفعالية الاتفاقية، وتعزّزت شكوكهم في أعقاب إعلان الصين عن تطويرها لسلاح «المدفع العملاق»، الذي يؤهّلها لبسط سيطرتها بمراقبة الاتصالات الالكترونية خارج حدودها.

أعرب رئيس لجنة القوات المسلحة، جون ماكين، في جلسة الاستماع سالفة الذكر، عن عظيم قلقه من استمرار اعتماد سلاح الجو الأميركي على صواريخ روسية الصنع لحمل معدات للفضاء الخارجي على رأسها أقمار اصطناعية متعددة الأهداف والتطبيقات. يذكر انّ المركبة الفضائية الأميركية من طراز «اطلس 5» تسير بصواريخ اطلاق روسية الصنع من طراز ار دي 180 .

وفي معرض إجابته قال كلابر انه يفضل عدم الاعتماد على صناعة الصواريخ الروسية، لما تتضمّنه من ثغرات تضرّ بالأمن القومي الأميركية، والى ان يحين موعد الانتهاء من التجارب على صواريخ أميركية لشركات خاصة، ابرزها «سبيس اكس».

والى ذلك الحين، تستمرّ برامج الفضاء الأميركية الاعتماد الكلي على صواريخ روسية لإطلاق حمولتها في المدار الخارجي للكرة الأرضية، واستمرار الجدل والانتقادات السياسية لقصور التقنية الأميركية عن مثيلتها الروسية.

ردّد كلابر تعبير «التقنية المتبلورة» على أعضاء الكونغرس بغية حشد مزيد من الدعم للميزانيات المقترحة، والتي تندرج تحت عنوان «انترنت الأشياء»، وتتضمّن مختلف أجهزة الاتصالات على كافة انواعها وارتباطها بشبكة توزيع الكهرباء وتقنية الذكاء الاصطناعي، والتي بمجموعها تشكل ثغرات أمنية محتملة للبنية التحتية المدنية وشبكات الأجهزة الحكومية.

من بين تلك الأجهزة، الهواتف اللاسلكية، اجهزة التلفزيون، اجهزة الكمبيوتر، نظم الأمن المنزلي والتجاري، والتي توظف في مهام التجسّس على الأفراد داخل منازلهم وبث البيانات للدوائر الحكومية المعينة. في هذا الصدد، لم تقدّم شركة مايكروسوفت لبرامج الكمبيوتر اتهامات الاخصائيين لها بأنّ أحدث إصداراتها من برنامج «ويندوز 10» يرسل بيانات تحدّد رقم ايّ جهاز يتمّ ربطه بشبكة الانترنت الى أجهزتها المركزية «بضع آلاف المرات يومياً».

الأمر الذي يضاعف من حجم المخاوف الأمنية لعموم الشعب على قدرة الأجهزة الأمنية القيام بتحديد هوية المستخدم ومراقبته ورصد تحركاته ونشاطاته وبيانات أخرى خاصة تعينها على ميل المستخدم للتجنيد، او على أقلّ تعديل فوزها باختراق شبكات النظم او الحصول على بيانات تؤهّلها للدخول الآمن.

الصين وقرصنة الاقمار الاصطناعية

شدّد كلابر في شهادته على تنامي قدرات الصين التقنية «وتنفيذ أعمال تجسّس الكترونية ضدّ الحكومة الأميركية، وحلفائها، والمؤسسات الأميركية» الهامة. ارتكز كلابر في اتهاماته الى دراسة أجراها طاقم من أربعة مهندسين صينيين في مركز البحوث الدفاعية ومقرّه مدينة شنغهاي، بعنوان «دراسة حول حرب الكترونية في الفضاء».

تفيد التقارير المنسوبة الى الدراسة المذكورة بأنّ الصين تعدّ لخوض حرب في الفضاء الخارجي تشمل هجمات على أقمار اصطناعية ثنائية الاستخدام، مدنياً وعسكرياً، اتساقاً مع فلسفتها «حرب الشعب الرقمية». وشدّدت الدراسة على ان توصل الصين لامتلاك القدرة على شنّ حرب الكترونية في الفضاء الخارجي امر حيوي لتحديث القوات العسكرية الصينية.

وأوضحت الدراسة وفق المصادر الأميركية انّ «الحروب الاستراتيجية في زمن تقنية المعلومات أضحت حروباً الكترونية… وبرز الفضاء الخارجي كساحة منافسة ساخنة في مجال الصراع على السيطرة الالكترونية».

تدرك الصين، بقياداتها السياسية والعسكرية، أهمية اعتماد الولايات المتحدة على سلسلة الأقمار الاصطناعية وحيويتها في نقل البيانات الالكترونية، وعرّضتها لهجمات مباشرة، اضافة لتعرّض المركبات الفضائية لخطر الاختراق نظراً لطبيعة مهام الحماية المحدودة المتوفرة للأقمار الاصطناعية في مكافحة التشويش.

وتشير المصادر الأميركية الى وثيقة صينية أخرى صادرة عام 2005 حول نظم تحديد المواقع العالمية، وعزم القيادة العسكرية في الصين التوصل لتدمير او على الأقلّ تعطيل عمل تلك النظم التي تعمل بالأقمار الاصطناعية. تتعاظم أهمية تلك النظم في التطبيقات العسكرية الأميركية اذ تستخدمها البنتاغون في التصويب الدقيق لصواريخها الموجهة.

وأضافت المصادر نقلاً عن الوثيقة ايضاً انّ من شأن هجوم صيني «للقضاء على مجموعتين من تلك النظم من الأقمار الاصطناعية بث البلبلة وتعطيل سبل الإرسال والاستقبال لبيانات الخدمات الملاحية على مدار الساعة.. والتداعيات الناجمة عن تعطيل قدرات التصويب الدقيق لا تبدو غافية على أحد».

تنقسم الهجمات الالكترونية على الأقمار الاصطناعية الأميركية الى قسمين: القتل اللين والقتل المميت.

يرمي القتل اللين الى تعطيل او الحاق الضرر بنظم الاتصالات الموجهة للأجهزة الأم على الأرض باستخدام أجهزة تشويش وشنّ هجمات على شبكات الكترونية محلية وخداع الأقمار الاصطناعية بتلقيمها معلومات تعتقد انّ مصدرها الولايات المتحدة بدلاً من الصين.

أيضاً إطلاق هجمات بالفيروسات الالكترونية، سرقة البيانات والتلاعب بمضامينها، تعطيل سبل الوصول الى الشبكات، و«تفجير قنبلة شبكية من شأنها شلّ حركة او تدمير شبكة معلومات الخصم على الفور. تتميّز إجراءات «القتل اللين بالخداع واخفاء الهوية، ومن الصعوبة بمكان رصدها وتعقبها».

يشار الى انّ وزارة الدفاع البريطانية أجرت تحقيقات استخدمت فيها هجمات الكترونية لشنّ هجمات مميتة ضدّ أقمار اصطناعية. واوضح أحد خبراء الدفاع البريطانيين، مارك آدامز، انّ وزارة الدفاع اطلقت هجوماً افتراضياً قام به قراصنة استطاعوا السيطرة على أحد أو بعض الاقمار الاصطناعية البديلة ووجهوها لتصطدم بأقمار حقيقية بالغة الأهمية.

واوضح انّ تلك الثغرة حقيقية ومثيرة للقلق نظراً لاحتواء عدد من جيل تلك الأقمار الاصطناعية على معدات تحكم قديمة ولم يدخل في حسبان تصميمها تزويدها بالقدرة على التصدي لهجوم الكتروني. اما برنامج الفضاء الأميركي الذي «عفا عنه الزمن فيعتمد بشكل متزايد على شبكة من أقدم الأقمار الاصطناعية.

الأقمار الاصطناعية الحديثة أيضاً عرضة للاختراق، اذ انّ غالبية الأقمار التي تدور حول الكرة الارضية أعدّت وتمّ تصميمها في عصر سبق إدراك الخبراء لخطورة الهجمات الالكترونية.

من أبرز حوادث الاختراق والسيطرة، برزت مجموعة من القراصنة عام 1999 استطاعت التحكم بقمر اصطناعي للاتصالات العائدة لوزارة الدفاع البريطانية، مما تسبّب باتخاذ الحكومة اجراءات فورية خاصة في أجهزة الاستخبارات والدفاع. وبعد بضع سنوات استطاع قراصنة آخرون اختراق شبكة كمبيوتر محصّنة تتبع الحكومة الأميركية واستنساخ برامج كمبيوتر معقدة تخصّ آليات التحكم بالأقمار الاصطناعية الأميركية.

تساق الادّعاءات الى انّ الصين استطاعت إلحاق الضرر بأقمار اصطناعية أميركية وأخرى تعود لمحطة الفضاء الروسية.

التهديدات «المتبلورة» لا تقتصر على أقمار اصطناعية للأغراض العسكرية. فالاحتياجات المدنية وسبل الاتصالات الحديثة تعتمد بصورة لا متناهية على الأقمار الاصطناعية لتيسير الاتصالات والخدمات الملاحية ونظم التحكم بالسير.

طواقم الإسعافات وأجهزة الشرطة المدنية تعتمد بصورة متزايدة على نظم تحديد المواقع العالمية. ويحذر الكثيرون من الاخصائيين بحجم الضرر الذي قد ينجم عن نجاح مجموعة إرهابية السيطرة على تلك النظم وأقمار الاتصالات. في هذا الصدد، أفاد رئيس الاستخبارات العسكرية الأميركية، فينسنت ستيوارت، امام لجنة القوات المسلحة المذكورة انّ «الولايات المتحدة لا تمتلك سياسة متماسكة تتعلق بالهجمات الالكترونية». واضاف بصحبة جيمس كلابر ان القوات العسكرية الأميركية بحاجة ماسة الى توجيهات سياسية واضحة للتعامل مع الهجمات الالكترونية وتطوير استراتيجية تردع هجمات تستهدف شبكات الكمبيوتر.

واستغلّ رئيس اللجنة جون ماكين الفرصة لتوجيه انتقاد لإدارة الرئيس أوباما قائلاً «حسب فهمي، لا تتوفر لدينا سياسة تتعلق بالردع، او هل ينبغي علينا الردّ، وان كان نعم فكيف نردّ؟ اليس من المفضل ان تتوفر لدينا سياسة» محدّدة المعالم.

وكالة الأمن القومي «سربت» خريطة توضح مواقع الهجمات الالكترونية التي قامت بها الصين ضدّ الولايات المتحدة. وقالت شبكة ان بي سي للتلفزة، 30 تموز 2015 انها اطلعت على الخارطة المصنفة «سرية»، توضح نحو 600 هدفاً يعود لمراكز حكومية وشركات خاصة وقعت «ضحية تجسّس الكتروني من الصين» على امتداد خمس سنوات، أبرزها في المدن الصناعية والكبرى الأميركية.

وطمأنت الشبكة الجمهور الأميركي في تقريرها بالقول انّ وكالة الأمن القومي «استطاعت رصد وتقدير حجم الضرر الناجم عن عمليات التجسس الالكترونية للصين.. بيد انها أحجمت عن تحديد الهيئات والشبكات المتضرّرة».

وفي وقت لاحق من العام الماضي، تعرّضت شبكة هيئة الارصاد الجوية الاسترالية الى «هجوم الكتروني كبير» من الصين، على الأرجح، وفق انباء شبكة ايه بي سي للتلفزة، 2 كانون الاول 2015. واضافت انّ هيئة الارصاد منكبة على بناء أضخم جهاز كمبيوتر متطور هو الاول من نوعه في أميركا، بكلفة اولية بلغت 77 مليون دولار. اللافت في تقرير الشبكة انّ شبكة كمبيوتر الهيئة «مرتبط بشبكة وزارة الدفاع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى