الحريري يحضر جلسة 2 آذار: اللانصاب زائداً واحداً
هتاف دهام
أخذت المراجعة الحريرية السياسية التطورات الاستراتيجة في المنطقة بعين الاعتبار. تريد المملكة العربية السعودية الغارقة في وحول اليمن أن تستبق التطورات الميدانية في سورية لا سيما في حلب التي تصبّ في مصلحة الجيش السوري والمقاومة، ومن شأنها أن ترسم معادلات جديدة، بالإبقاء على الورقة اللبنانية والمحافظة على اتفاق الطائف صيغة اللاتوازن في الحكم قدر الإمكان.
إنّ الحيوية الحريرية المستجدّة هي في إطار اصطفاف نزاعي حول الرئاسة أكثر مما هي قرار من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بتسهيل إجراء الاستحقاق الرئاسي، ووصف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط السياسي لخطاب الحريري بـ«الممتاز» يثير أسئلة عمّا قصده جنبلاط المتخوّف من «السوخوي». لا يتعدّى ما يقوم به بيك المختارة القلق من رئيس جمهورية يأتي على السجادة الإيرانية، البروباغندا السياسية التي تحاول أن تلاقي عودة الشيخ سعد إلى البلد وتفتعل بالتوازي معها حيوية وإيحاءات تشير إلى أنّ الأمور في مكان ما قد تحرّكت، علماً أنّ التوتير الذي تحدثه الرياض على مستوى الإقليم والذي شكلت مواقف رئيس التيار الأزرق الأخيرة استجابة وصدى له، يدلّل بالمنطق الحالي أنّ أوان الرئاسة لا يزال بعيداً ولم يحِن بعد.
يحاول رئيس تيار المستقبل أن يجعل من عودته إلى بيروت في هذا التوقيت حدثاً سياسياً يتجاوز الركود القائم. يرغب من خلال التصريحات التي أطلقها وأكد فيها ضرورة انتخاب رئيس من منطلق اللعبة الديمقراطية أن يقرن القول بالفعل، وبأنّ مواقفه التي أطلقها من «بيال» ستحدث تحريكاً في الواقع الرئاسي بتجاوز حال الستاتيكو القائم. وواضح أنّ مفردة الإعلان عن ثلاثة مرشحين إلى رئاسة الجمهورية رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، النائب هنري حلو والتوجه إلى المجلس على أساس هذه القاعدة هي كلمة السرّ المتفاهم عليها بين بيت الوسط وكليمنصو وآخرين لتكون العنوان للحظة السياسية الحالية، فصورة الرئيس المقبل بدأت تتضح، بحسب تغريدات جنبلاط، ومن المعروف أنّ تأمين نصاب الثلثين لجلسة مثل التي يدعو المستقبل إلى انعقادها عنوانها الطبيعي سيكون فوز فرنجية بالانتخابات الرئاسية، وبالتالي مَن سيؤمّن نصاب الثلثين لجلسة يعلم الحريري إلى أين ستؤدّي كخيار.
كلّ ما يقوم به الشيخ سعد لا يؤشر إلى القدرة على إحداث اختراق في ظلّ معادلات التوازن القائمة والمعروفة لكلّ الأطراف، أما لعبة إلقاء الحجج على الفريق الآخر التي اعتمدها في خطاب ذكرى 14 شباط ليست أكثر من لعبة تشاطر سياسي سبق للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن أكد في إطلالته الأخيرة أنها لن تؤدّي إلى أيّ مكان، حينما اعتبر أنّ عدم الحضور إلى البرلمان وتأمين نصاب الثلثين هو جزء من اللعبة الديمقراطية، وبالتالي كلّ هذه الحركة من اللقاءات السياسية مع رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، والدبلوماسية التي اقتصرت حتى يوم أمس على السفراء المحسوبين على محوره الغربي والخليجي السفيرين الفرنسي ايمانويل بون والسعودي علي عواض العسيري والقائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز تساوي صفراً أمام المنطق التصعيدي الذي واجه به الحريري حزب الله في خطابه الأخير، ويثبت أنّ هذه الخطوة الهجومية على المقاومة مضمَرة وتأتي في قالب معدّ سلفاً وبإتقان من قبل راعي الاحتفال الشباطي، غير أنّ هذا المنطق كما تقول مصادر مطلعة لـ«البناء» لن يحظى باهتمام الأمين العام لحزب الله اليوم في إطلالته في مناسبة ذكرى الشهداء القادة، والإهمال له يأتي في الإطار السياسي المدروس والمتعمّد، فالملفّ الرئاسي أشبعه السيد نصرالله بحثاً لساعة وعشر دقائق الشهر الفائت، ولذلك ليس هناك من احتمال أن يتطرّق إلى هذا الاستحقاق، فما من جديد يضيفه على موقفه المبدئي والأخلاقي والسياسي، فهو سيركز على هذه المناسبة الغالية، وعلى المقاومة وطبيعة الصراع مع العدو الإسرائيلي والصراع المستجدّ مع الإرهابيين التكفيريين على الحدود الشرقية وتطورات المنطقة.
لن تخرج جلسة الثاني من آذار المقبل بأيّ جديد، ونزول الحريري شخصياً للمرة الأولى إلى ساحة النجمة لن يؤدّي في المضمون العددي إلى أيّ تغيير عن الجلسات التي سبقت، ودخوله القاعة العامة عندما تدقّ ساعة المجلس محاطاً بنواب تياره على رأسهم فؤاد السنيورة ونهاد المشنوق «لن يشيل الزير من البير»، لكن الحريري يحاول أن يضفي من خلال الإعلان عن نزوله شخصياً واقعاً نوعياً يتجاوز الواقع العددي الذي لم يفض إلى أيّ جديد، خاصة أنّ قدمَيْ رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لن تطأا قاعة المجلس، ولن يدخل إلى أيّ جلسة لا يحضرها نواب حزب الله وسيبقى ملتزماً بذلك حتى لو كان مرشحاً…