الأسد: مستعدّون لحماقات آل سعود وأردوغان لكننا لا نقيم حساباً لمن ينفّذ الأوامر الحريري يبدأ «برمة العروس»… ويجسّ النبض البلدي… بانتظار قمة سلمان ــ بوتين
كتب المحرر السياسي
تصاعدت السخونة السياسية والعسكرية المحيطة بشمال سورية، بعد نهار طويل من المواجهات تحت النيران التركية تمكّنت خلاله لجان الحماية الكردية من تمشيط تل رفعت من آخر بقايا الجماعات المسلحة من «جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، ولم تفلح عمليات نقل مئات المقاتلين من إدلب إلى جبهتي اعزاز وتل رفعت في تغيير الصورة التي بدا أنّ الحدود الراهنة للتورّط التركي العسكري غير كافية لتعديلها.
ارتفعت الحرارة السياسية بفعل فشل الجرعة الراهنة من التورّط التركي العسكري، فبدأ الحديث عن التورّط البري يرتفع ليتلوه كلام سعودي مشابه، وجاء الردّ الروسي واضحاً حاسماً حازماً أنّ النيران الروسية ستكون بانتظار أيّ تدخل سعودي تركي بري في سورية، بعدما كان رئيس الحكومة الروسية ديمتري ميدفيديف تولى لمرتين متتاليتين التحذير من مخاطر اللعب بالنار والانزلاق إلى حرب إقليمية قد تتحوّل إلى نوع من الحرب العالمية، لكن المواقف الأميركية والفرنسية والألمانية كانت قد تكفلت بتعرية الموقف التركي من أيّ تغطية غربية وتركته أعزلَ.
الرئيس السوري بشار الأسد الذي تحدّث لنقابة المحامين السوريين وفروعها وكوادرها في شرح مفصّل عن مسار الأزمة السورية، توقف أمام العملية السياسية وما يُحكى عن وقف للنار مبدياً الاستعداد لكل ما يحقن الدماء ويسهّل تطبيق القرار الأممي 2254 على قاعدة أنّ الحلّ سوري ــــ سوري، وأنّ السيادة والدستور مقدّسان غير قابلين للمساومة، معتبراً أنّ صمود السوريين وانتصارات جيشهم وثبات حلفائهم وما أنجزه التموضع الروسي في الحرب هي السبب في التبدّل في لهجة الذين شنّوا الحرب على سورية وجلبوا الإرهابيين، لكسر ثوابتها ومشروع الدولة الوطنية فيها وتفتيت مكوناتها وإعادة تركيب الدولة على أسس طائفية، لتفقد الدولة مصدر قوتها الذي يمثله استقلالها وتصير مجموعة كانتونات متناحرة تابعة تعتمد في قوتها بوجه الداخل على دعم الخارج المتعدّد لمكوناتها المتعدّدة، فتصير شركة مساهمة أجنبية بأسماء سورية كما هو حال وفود المعارضة إلى جنيف اليوم، وبعدما فنّد دعوات هيئة الحكم الانتقالي ومراميها وخلفياتها، وربط كلّ مسار ينتقل بسورية إلى الاستقرار والإصلاح بالدستور، توقف أمام ما يقوله الأتراك وآل سعود عن نيات التدخل في سورية، فقال إنّ سورية مستعدّة لمواجهة أيّ حماقات لأنها تدرك أنّ مصير هؤلاء صار مرتبطاً بما يجري في سورية، لكنها لا تقيم حساباً لما يقولون لأنهم مجرد أدوات لدى أسيادهم ينفذون التعليمات، والحرب اليوم صارت تعبيراً عن توازنات دولية حساسة ومعقدة لا يملك اللاعبون الصغار كأردوغان وآل سعود أن يكونوا مقرّرين فيها.
لبنانياً وفي مناخ التصعيد المحيط بما يجري في سورية وحولها، وانتظار الاختبارات التركية والسعودية لآخر هوامش وفرص الحضور على مائدة التفاوض الإقليمية بقوة دور ما يجري انتزاعه في سورية، قبل أن يحين موعد الخامس عشر من آذار والزيارة المقرّرة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو ولقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لترصيد حصاد المواجهات وتهيئة منصات التسويات والحلول وفقاً لناتج آخر الفرص والهوامش، بدا حضور الرئيس سعد الحريري إلى لبنان وحديثه عن البقاء لمدة طويلة تعبيراً عن تهيئة وضعيته لتلقي ناتج التطورات التي ستسبق وتلي زيارة الملك سلمان إلى موسكو، سواء بجعل تياره أشدّ تماسكاً أو بلملمة تشظّي جبهته في فريق الرابع عشر من آذار، أو بإلقاء رؤوس الجسور اللازمة لحوارات باردة مؤهّلة لتصير أشدّ حرارة عند الضرورة مع الخصوم أو مع حلفاء الخصوم على الأقلّ.
في قلب هذا الانتظار والاستعداد للاستحقاقات يقوم الحريري بجسّ نبض بلدي لاستكشاف القدرة على خوض غمار الانتخابات البلدية من عكار إلى العرقوب وإقليم الخروب وطرابلس حيث يواجه تياره أوضاعاً صعبة، قبل أن يقرّر الخطوة النهائية تجاه الانتخابات التي قد يصير ربطها بالانتخابات النيابية إذا تسارع الاستحقاق الرئاسي في الربيع، فتؤجل تقنياً، كما تقول دوائر وزارة الداخلية لستة أشهر، وفي هذا توفير على الدولة وعلى منظمي الحملات والماكينات معاً، وربما يكون الحريري في طليعة المحتاجين إلى مثل هذا التوفير من جهة، ولتأجيل يجعل الاستحقاق البلدي لاحقاً للرئاسي، فيخوضه على البارد.
الحريري: إقامتي في لبنان ستطول
لا تزال عودة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى لبنان والمواقف السياسية التي أطلقها في ذكرى 14 شباط وما تحمله من رسائل في أكثر من اتجاه، تتصدّر المشهد الداخلي ومحور اهتمام لدى الأوساط السياسية والإعلامية فحركت الجمود القائم رئاسياً وإن لم تلُحْ بعد في الأفق أي مؤشرات لتسوية على هذا الصعيد، بينما حسم الحريري خلال زيارات لعدد من الشخصيات والأحزاب السياسية في قوى 14 آذار، بأن إقامته في «بلده الأم» ستطول وأنه سيشارك في جلسة انتخاب الرئيس في الثاني من آذار المقبل التي لن تقدّم أي شيء يذكر حتى الآن.
واستهلّ الحريري زياراته من السراي، حيث التقى رئيس الحكومة تمام سلام، وأكد الحريري أن «إقامتي في لبنان ستطول هذه المرة، وسأشارك في جلسة 2 آذار لانتخاب رئيس»، معتبراً أن «لا سبب لتعطيل الانتخابات الرئاسية بخاصة أن المرشحين من 8 آذار»، ومشيراً إلى أن «التعطيل جريمة في حق الدستور».
وإذ لفت إلى أنه سيلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال رداً على سؤال عن احتمال زيارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون: «لن ألتقي المرشحين للرئاسة، لكن مَن يريد زيارتي في بيت الوسط فأهلاً وسهلاً به، ولا فيتو من جهتي على أحد».
..وزار الصيفي
وعرّج الحريري إلى الصيفي، حيث التقى رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل. وأعلن الحريري بعد الاجتماع أن «التزامنا بالنائب فرنجية واضح ونحن ضمن هذه اللعبة الديمقراطية ويجب أن نمارسها، ولا يمكن إجبارنا على أن يكون هناك مرشح واحد، مع كل احترامنا للعماد عون»، مشيراً إلى أن «على الجميع أن ينزل إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس الجمهورية وهذه الطريقة الديمقراطية لانتخاب الرئيس».
بدوره قال الجميل: «على الجميع الالتزام بالنزول إلى المجلس وبممارسة حقنا بالانتخاب وبنتائجه وهنا أهمية الموقف الذي يتخذه دولة الرئيس بغض النظر عن الاختلاف الموجود بين حزب الكتائب وتيار المستقبل بموضوع الترشيح، إنما نحن متفقون على أهم من الترشيح وهو ممارسة الحياة الديمقراطية وتطبيق الدستور والاعتراف بالنتائج واحترام المسار الديمقراطي».
الهبر لـ«البناء»: لن ننتخب مرشح 8 آذار
وقال عضو كتلة الكتائب النائب فادي الهبر لـ«البناء» إن «حديث الحريري والجميل تمحور حول عنوان أساسي هو ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ القاتل للبلد وتطبيق الدستور، لأنه واجب وطني على النائب النزول للمجلس النيابي وانتخاب أحد المرشحين وليس هناك أي عذر للغياب على مدى 35 جلسة».
وأضاف الهبر أن «زيارة الحريري جاءت للمباركة لحزب الكتائب بعد تجديد البيت المركزي الكتائبي الداخلي وهي الزيارة الأولى للحريري بعد تولي الجميل رئاسة الكتائب».
.. وننتخب فرنجية بشروط
وعما إذا كان الحريري قد طلب من الجميل دعم ترشيح فرنجية، شدّد الهبر على أن «شروطنا واضحة لانتخاب فرنجية، هي التزامه بالخط السيادي واحترام الدستور لأن رئيس الجمهورية هو رمز ووحدة لبنان، وهو الذي يقسم اليمين على الدستور». وأعلن أن «نواب الكتائب سيشاركون في جلسة 2 آذار وفي كل الجلسات بمعزل عن المرشحين ولن يقبلوا بالتعيين ولن ينتخبوا لمرشح من قوى 8 آذار ومن بينهم فرنجية إلا إذا اقترب من الوسطية».
لقاء غسيل قلوب في معراب
وختم الحريري زياراته في معراب في محاولة لغسل القلوب مع رئيس «القوات» سمير جعجع بعد الغضب «القواتي» على كلام الحريري في خطاب البيال بحق جعجع. وأشار الحريري بعد اللقاء إلى أن «ما عنيته بالأمس في احتفال البيال أنه لو حصلت كل المصالحات بشكلٍ أبكر كان لبنان أفضل، وأنا لا ألوم جعجع وما يجمعني بالحكيم أكبر، وهناك أمور أهم حصلت بالخطاب، وشباب المستقبل والقوات ضيّعوا فحوى الخطاب».
ولفت الحريري إلى أن «هناك 3 مرشحين، ويجب حث الجميع للحضور إلى المجلس النيابي وانتخاب الرئيس، وهذا حق للجميع». واعتبر أن «على كلا المرشحين و«القوات» الحضور إلى المجلس النيابي، ومقاطعة الجلسات ليس حقاً دستورياً».
ورداً على قول أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أن 8 آذار انتصرت، قال الحريري: «فليذهبوا ويقطفوا الانتصار الذي حققوه».
وبيان توضيحي للأمانة العامة
وقد سبق زيارة الحريري معراب، بيان توضيحي للأمانة العامة لـ«تيار المستقبل» أكدت فيه «أن الدكتور سمير جعجع كان وسيبقى محل احترام تيار المستقبل وأن العبارة التي توجه بها الرئيس سعد الحريري إليه، في احتفال الرابع عشر من شباط، لم تقصد من قريب او بعيد، تحميل القوات اللبنانية مسؤولية تأخير المصالحة المسيحية، إنما قصدت التعبير، بكل محبة وأمانة، عن تمنيات الرئيس بحصولها منذ سنين».
ولقاء مرتَقَب مع فرنجية
وفي إطار الزيارات واللقاءات التي يجريها الحريري، من المتوقع أن يلتقي الوزير فرنجية في بيت الوسط في الأيام القليلة المقبلة، إلا أن مصادر تيار المستقبل نفت علمها بهذه الزيارة، وأكدت أنها لم تحدد بعد.
وكان الحريري قد التقى وزير العدل أشرف ريفي وعضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت في بيت الوسط.
الفراغ الرئاسي سيطول
وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن «الحريري بدأ العمل على لملمة فريق 14 آذار»، كما بدأ العمل على ترميم العلاقة وترتيبها مع حزب «القوات» التي لم تصل إلى حد القطيعة بعد، واستبعدت أن يشكل حضور الحريري شخصياً إلى لبنان بداية لتسوية معينة في الملف الرئاسي».
وشددت المصادر على أن «الحريري كان واضحاً في خطابه لجهة تجديد دعم ترشيح فرنجية للرئاسة وهو مستمر بهذا الترشيح»، ولم تستبعد المصادر أن يبدأ الحريري حوارات مع مرشحين آخرين لا سيما مع العماد عون إلا أنها استبعَدَت انتخاب رئيس في جلسة 2 آذار المقبل التي ستكون كجلسة 8 شباط، وتوقعت أن تطول مدة الفراغ الرئاسي».
حوري: لقاءات رئاسية وتنسيق المواقف
ووضع عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري الزيارات واللقاءات التي يقوم بها الحريري في إطار «بذل الجهود لمحاولة البحث عن حلول لإنهاء الفراغ الرئاسي وللتواصل مع أطراف 14 آذار لتنسيق المواقف على هذا الصعيد». ورأى حوري أن الخلاف بين الحريري وريفي حمّل أكثر من حجمه، معتبراً أن زيارة ريفي للحريري تثبت أن لا خلاف بينهما، مضيفاً أن المحكمة الدولية تسلك مسارها القضائي ومن غير المطلوب أن يتكلم الحريري في خطابه بالتفصيل عنها كما قضية الوزير السابق ميشال سماحة تسلك طريقها القضائي أيضاً».
وإذ أكد أن الحوار موجود وقائم بين الرئيس الحريري والعماد عون عبر الوزير نهاد المشنوق، شدد حوري على أن لا خلاف بين «المستقبل» و«القوات» رغم الاختلاف بينهما على الملف الرئاسي، كما هو الحال في فريق 8 آذار وليس في 14 آذار فقط». وأكد حوري مشاركة المستقبل في جلسة 2 آذار، لكنه استبعد أي مستجدات حتى ذلك الوقت، معتبراً أن «الكرة ليست في ملعبنا بل في ملعب الآخرين».
جنبلاط: مواكب المرشحين تتجه نحو المجلس
وجدّد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط دعمه للمواقف التي أطلقها الحريري. وقال عبر «تويتر»: «على ما يبدو أن مواكب المرشحين تتجه نحو المجلس النيابي، أحدهم قادم في قطار على عجلة من أمره والآخر على متن قارب، أتمنى أن يصل في الوقت المناسب». وأضاف: «يبدو أن صورة الرئيس المقبل بدأت تتضح».
.. ونصرالله يُطلّ اليوم
على صعيد آخر، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم في ذكرى الشهداء القادة في احتفال يقيمه حزب الله في المناسبة في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وستشكل التطورات على الساحة الإقليمية محور خطاب السيد نصرالله، بحسب مصادر مطلعة، التي رجحت لـ«البناء» أن «لا يتوجه السيد نصرالله بردٍ قاس على خطاب الحريري، كما أنه لن يصدر إشارات إيجابية تجاه الحريري، لأن الأخير لن يتقدم أي خطوة في الملف الرئاسي».
كما سيركز السيد نصرالله، بحسب المصادر على معركة حلب و«الصراخ التركي – السعودي وتهديدهما بالتدخل العسكري في سورية»، وسيشدد على أن هذا التهديد المباشر بالتدخل يثبت ويظهر دعم تركيا والسعودية للمجموعات الإرهابية وأنهما لم يحركا ساكناً لمحاربة هذه التنظيمات بل قدّما كل الدعم لها كي تسيطر على مساحات جغرافية في سورية، وكما سيؤكد السيد «الاستعداد والجهوزية لمواجهة أي تدخل عسكري وسيبشر بهزيمة المعتدين».
ولفتت المصادر إلى «أن السيد نصرالله سيتحدث بالملف الرئاسي وسيرد كرة التعطيل إلى ملعب الآخرين»، ولفتت إلى أن «وجود الحريري في لبنان لن يقدّم ولن يؤخّر، لأن المعركة محتدمة في حلب وغيرها التي ستفرض نفسها على الواقع الداخلي وستغير المعادلات في المنطقة، لذلك الحريري بانتظار جلاء هذه التطورات، وهذا ما يفسر خطابه الناري تجاه حزب الله».