تلفزيون لبنان
من الثابت القول إن الثمرة الوحيدة لجولة الحوار الوطني اليوم كانت الاجتماع حول طاولة الوطن في زمن الشغور الرئاسي، والجولة المقبلة في التاسع من آذار، والرئيس نبيه برّي أكّد على الانعقاد حول جدول أعمال.
ويبدو هذا الجدول ضرورياً بعدما تشعّب الحوار حول غير ما قضية إلّا قضية الاستحقاق الرئاسي، وضرورة إتمامه في الجلسة الانتخابية في الثاني من آذار.
وفيما استحوذت قضية معالجة النفايات المتعثرة على كلام كثير في الجولة الحوارية، قالت أوساط وزارية إنّ الرئيس تمام سلام عازم على التصدي لهذه القضية بكل ما أوتي من دراية، سواء في مجلس الوزراء أم خارجه.
وفي الجو السياسي برز لقاء بيت الوسط بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجيه، الذي أكّد استمرار ترشحه للرئاسة، مشدّداً على التشاور مع الحلفاء، وشاكراً الرئيس الحريري على مبادرته.
وزار الوزير جبران باسيل بكركي موفداً من العماد ميشال عون، فيما زار الرابية ملحم رياشي موفداً من الدكتور سمير جعجع.
وفي الأشرفية حال غضب من جريمة قتل الشاب على أيدي شخصين تُجرى معهم التحقيقات، وسيتولّى القضاء محاسبتهما.
لنا عودة إلى تفاصيل ذلك بعد الإضاءة على الجولة الحوارية.
«أن بي أن»
الحوار إلى التاسع من آذار، لكن النقاش سينحصر بجدول الأعمال كما أعلن راعي الحوار. في جلسة اليوم توزّع الحديث بين ملفّات النازحين والنفايات إلى تحريك ملف الرئاسة بالنزول إلى المجلس النيابي، فطرح الاستحقاق من باب عدم دستورية حصر الترشّح بأقطاب 4، قد يترشّح 40 طامحاً، لم لا والمجلس هو من ينتخب من ينال الأكثرية الدستورية.
من عين التينة إلى بيت الوسط انتقل النائب سليمان فرنجية وسط حفاوة في الاستقبال أظهرها الرئيس سعد الحريري بزعيم المردة، رئيس المستقبل رحّب بفرنجية قبل وصوله، بإعلان المضيّ به مرشّحاً يتبنّاه، فبادله زعيم المردة بتحية على طريقته في الوفاء، فلا إحراج لمن دعمه ولا انسحاب، وفي الوقت ذاته بدا فرنجية في موقعه السياسي يؤكّد أنه لا يقوم بأمر إلا بالتنسيق مع حلفائه، مستنداً إلى حقيقة أن لا رئيس من دون توافق وطني. مضيّ فرنجية في طريقه السياسي توازيه خطوط مفتوحة بين «القوات» والتيار الوطني الحر حلّت مع موفد رئيس «القوات» إلى الرابية، ما يوحي بأنّ التموضعات باقية. فكيف يتبدّل المشهد إذاً؟
هل تراهن القوى على متغيرات إقليمية؟ تكتّل التغيير والإصلاح باتَ يلمّح بإمكانية القبول بانتخابات نيابية وفق قانون الستين، وهو طرح قدّمه منظّر القانون الأرثوذكسي إيلي الفرزلي. سيناريوهات داخلية بالجملة، فيما المشهد الإقليمي يحطّ في شمال سورية. تراجع في نسبة التهديدات التركية بالتدخّل البري رغم كل المناورات العسكرية والتصعيد الإعلامي، فأنقرة تواجه أزمة حقيقية لتحديد مسار تعاملها مع واقع الحدود مع سورية وسط إرباك بدا في انفجار سيارة مفخخة هزّ العاصمة التركية.
المساحات تسرقها الأحداث السياسية والعسكرية، لكن رحيل هيكل الصحافة العربية كان له وقع الألم على عملاق واكب الانتكاسات والانتصارات، ولم يضيّع البوصلة العربية. وبقي محمد حسنين هيكل حتى الرمق الأخير، رجل الوحدة على مساحتين متلازمتين عربية وإسلامية، له الرحمة.
«او تي في»
كل شيء يمكن أن ينتظر في بلد تُلغى انتخاباته النيابية ثمّ يحاضرون فينا عن الديمقراطية. كل شيء يمكن أن يؤجّل في بلد تُغتصب إرادة مواطنيه أربعة أعوام، ثم يخرج أحدهم ليعظ الناس عن الالتزام والاحترام والأصول والفصول… كل شيء يمكن أن ينتظر في بلد حوله البعض إلى فندق، ثم حمل أهله مسؤولية فراغه قبل أن يبشّرنا بوقاحة أنّ القرار الخارجي بتعيين رئيس لنا، لم ينضج بعد. كل شيء يمكن أن ينتظر، طالما أنّ رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري أولم قبل سنة كاملة لميشال عون، وأولم اليوم لسليمان فرنجيه، وفي زيارته المرجوّة بعد سنة، قد يولم لشريك ثالث، فيما يظل ينكر أنّه التزم مع شريكين سابقاً، ويؤكّد على ثباته في التزاماته لاحقاً. كل شيء يمكن أن ينتظر، طالما أنّ البعض يعدنا بكرة ثلج في شباط، ويعد مساكينه بعوسج من التين، ويراهن على حزم بعد يومين، وعلى رعد بعد ساعتين، وعلى ندم في كل مرة يعودون إلى إدراك ساعات التخلّي والحقيقة… كل شيء يمكن أن ينتظر، إلّا أمران اثنان أن تسرقونا بالملايين، أو أن تقتلونا بالسكاكين. سرقة الملايين ظهرت في ملف النفايات حتى افتُضح اليوم أمس تزويرها وكذبها ودجلها وعفنها ونتنها، والمسؤولون عنها أهل كرة الثلج أنفسهم. أما أن تقتلونا، كما تركتم مارسيلينو يموت، لمجرّد أن أجهزتكم فاسدة مثلكم، ولمجرّد أنّ أمنكم شاغر مثل نفوسكم، ولمجرّد أنّ تعييناتكم تنتظر محاصصتكم وأزلامكم ومحاسيبكم، فيما أنتم محصنون في مواكبكم والبلطجية، فهذا ما لن يقبل به اللبنانيون. ستيفاني، الخطيبة الشاهدة المفجوعة، تروي للـ»أوتي في» كيف قتل الوحشان خطيبها. رواية برسم كل مسؤول ومذنب ومجرم!
«المنار»
وترجّل عن صهوة يراعه، بعد صولات وجولات، بدأها من عمر الصحافة العربية، وأعطاها عمراً فيه أنبل الوقفات.
أستاذ في المهنة، ودليل في السياسة، وأصيل تجاه قضايا الأمة، وفلسطين العنوان. محمد حسنين هيكل رفيق الرفعة منذ أن بدأ المهنة، وما لوّثته السياسة رغم كل التناقضات.
رفيق ثورات المستضعفين، وحامل صوت الفقراء والمحرومين. سليل نهج العلم والمنطق والانفتاح، نقيض أصحاب الجهل والرجعية التي استحالت في زمن اليوم تكفيرية ظلامية.
مقاوم على طريقته، وسياسي بتقنيته، ومُحبّ على مقاييس القومية والعروبة والاستقلال. رحل هيكل بعد أن بنى هيكلاً من شرف المهنة عصياً على مغريات الأيام.
محمد حسنين هيكل، أكبر من كل الألقاب. خسرته الأمة بعد أن سخّر لها فكره وقلبه وقلمه ونقده البناء.. رحل هيكل ولم يخسر الرهان على مقاومة آلمت العدو وأوجعته في شتّى الجبهات، وعبّدت الطريق إلى القدس من انتصارات غزة ولبنان، وحجارة الضفة وانتفاضتها المتجددة.
«ام تي في»
قضيتا محاربة «إسرائيل» وتعثّر ترحيل النفايات أنزلتا الملف الرئاسي الذي حرّكه الرئيس الحريري إلى الدرجة الثالثة من الاهتمامات، فالسيد حسن نصر الله لم يجب أمس أول من امس عن الأسئلة الكثيرة المطروحة حول أزمة الشغور وكيفية الخروج منها، مفضّلاً التصويب على «إسرائيل» وتخويفها «بمني» قنبلة ذرية ابتدع الحزب خلطتها مزوجاً بين صواريخه وخزّانات «الأمونيا» في حيفا، علماً بأنّ الجاهزية العسكرية لمقارعة العدو يفترض تحصينها بالإفراج عن الرئاسة في لبنان.
قضية النفايات أيضاً، أزاحت الملف الرئاسي عن طاولة الحوار، فالحديث عن أوراق مزورة في ملف الشركة الناقلة أعاد القضية إلى نقطة الصفر. ولا يبدو حتى الساعة أنّ النضوج الأخلاقي بلغ في رؤوس بعض القيادات حدّ الانكفاء عن جنون الترحيل إلى عشرات المشاريع البديلة التي تجلب الأموال إلى صناديق الدولة، وتحترم البيئة وصحة الناس.
في هذه الأجواء ينعقد مجلس الوزراء الخميس، وتنعقد بالتزامن جلسة من جلسات محاكمة المجرم ميشال سماحة.
«ال بي سي»
في لبنان يُطعن شاب في وسط ساحة عامة حتى الموت فيعلو صراخ الطائفية والعنصرية كل الأصوات، فجأة يهبّ عنفوان الأمن الذاتي وحمل السلاح وحماية «منطقتنا» و«شعب الحوش» و«شو عم يعمل الفلسطيني والشيعي بنص ساحة ساسين؟»، وفجأة يخمد العقل ويخمد المنطق وينسى الجميع أنّ قبل مارسلينو زماطا كان هناك جورج الريف، وكان هناك إيف نوفل، وكان هناك العشرات من النساء والرجال الذين سقطوا غدراً، وكانت هناك دولة مغيّبة وقضاء مترهّل تهزّ أحكامه منظومات المتسلّطين مالياً وسياسياً. إذا كانت الدولة مغيّبة والقضاء مترهّلاً والسلطة فاسدة، فهذه مرآة لشعب يتقوقع خلف قضبان المذهبية والمناطقية، شعب متواطئ لا يحسن العيش إلّا بالواسطة، ولا يجرؤ على رفع الصوت ضدّ ما يجثو على صدره من روائح نتنة تفوح من صفقات النفايات المتراكمة في شوراعنا، ومن خطوط الإنترنت المهرّبة من فوق رؤوسنا، ومن ملفات الكهرباء والمياه والغذاء الفاسد، ومن آمال ضائعة مع حراك مدني تآكلته المناكفات الصغيرة.
كلّنا مسؤولون عن قتل مارسلينو وجورج وايف ما دام في كل منّا فسحة، ولو صغيرة، يعبر منها الحقد، وإلى حين أن يستفيق العقل فليعلو صوت والد مارسلينو، علّه يصل إلى ما بقي من دولة وما بقي من قضاء.
«الجديد»
جمهورية «شينوك» ترعى في المزارع اللبنانية. شركة ضائعة الصيت اعتلت فراغ لبنان، فأبرمت عقداً من مافيا إلى مافيات. فلا وزير الاحتلال للبيئة يعلم، ولا الوزير المنزوعة صلاحيته يدري، ولا لجنة البئية النيابية امتلكت الحقيقة. نائب يصرّح بالمجهول، وآخر ينفي المعلوم. وطاولة حوار غرقت بالنفايات إلى حدّ نسيان الرئيس والمرشحين والحكومة والانتخابات والقوانين، وتحقّقت زلّة لسان إحدى الصحافيات عندما تحوّل النقاش إلى طاولة حمار، حيث القطبة ظلّت مخفية. أمهلت «شينوك» حتى العاشرة من صباح غدٍ لتبيان حقيقة التزوير، وما إذا كنا قد وقعنا فعلاً في شرك عصابات النفايات التي قد تبرم معك عقداً وترميه في البحر. فوضى وبلبلة وقلة حيلة في ملف لا حل له سوى تلزيمه للبلديات، فإذا كانت لبكة الترحيل قد كلّفت الدولة مليار دولار فلماذا لم تأخذ الحكومة الطريق الأقصر عبر دفع المستحقات إلى البلديات، ولتتدبّر كل بلدية أمر نفاياتها. هيبة الحوار كسرتها روائح الترحيل، لكن لا شيء يمنع القادة اللبنانيين من استعادة الهيبة ولو على ظهر حوار. إذ تخطّى السياسيون اللبنانيون خجلهم وشغلوا محركات الرئاسة، فدارت العجلات من الرابية إلى بكركي فبيت الوسط. رسل رياشي – جبران حلقت على جناح الميثاقية المسيحية، وزعيم تيار المردة سليمان فرنجية زار بيت الوسط والتقى الرئيس سعد الحريري، معلناً من هناك أنّه لن يتنازل عن ترشيحه ولا يريد إحراج الحريري في ذلك، على قاعدة «ما بيسوى روح هلق كرمال الموجودين».. فيما كان زعيم المستقبل ينتظر مرشّحه عند باب البيت الوسطي قرابة الساعة الثالثة والنصف على التوقيت السعودي الظاهر على ساعة يده، قائلاً للصحافيين إنّه ملتزم هذا الترشيح ونقطة على السطر.
لقاء بيت الوسط الرئاسي جاءته صليات وهابية على جناح من وئام، ومن دون أن يكون رئيس تيار التوحيد قد أصابه أي تأنيب سياسي على تجريحات سابقة، فهو رفع اليوم أمس سقف انتقاداته متحدّثاً عن شيكات بلا رصيد يوزّعها الحريري على مرشّحين صدقوه، واعتقدوا أنّهم حصلوا على رصيد وصاحبه مفلس.