قالت له

قالت له: هل الحبّ مؤسّسة أم حالة؟ قال: وماذا تقصدين؟ فقالت: عندما كنّا نقرأ قصص الحب، كنّا نظنّ أنّ الحب غاية ترتجى، فلمّا نبلغها دخلنا جنّة عدن، ولمّا كبرنا ودخلنا لعبة الحياة والحب، تغيّرت الحال فصار ما نبلغه ونطاله هو الحبيب، ولمّا نبلغه ونصل إليه نشعر بالحب، لكنّنا نبقى نبحث مع الحبيب عن السعادة، فنظنّها في الزواج، فلمّا نقترب نكتشفه بناءً من الإسمنت والحجر بلا روح، وندخل تشابكات الشراكة في هموم واهتمامات لا مكان فيها للورد والعطر ولا حتّى للهواء الرطب، بل للأشواك والاخشاب والجفاف، فنعزّي النفس بأنّ بعد العسر يسراً، فندخل القفص الذهبي، فإذ لونه بريق مخادع والقفص قفص. نبيع الحرية ليشتري كلّ منّا لنفسه قيداً، ويصير كلّ منّا جيشاً والآخر قائداً يصدر الأوامر بِاسم الشراكة. وماذا سيقول الناس وما عساي أقول للناس، حتى تكون الأبوة والأمومة؟ فنكتشف أنها الفرح الذي يعزّي، ونصوغ بدائل للحبّ نسمّيها التفاهمات، ونحن كنّا نرفض التفاهمات أيام أحلام الحبّ، ويكبر الأولاد فنكتشف عكس ما تمنّيا، فهم ليسوا لنا كما نحن لم نكن لآبائنا وأمهاتنا، ننتظر الأحفاد وتكون التعزية الثانية، ونغادر الحياة غالباً قبل الاكتشاف الجديد، فهل الحبّ هو تلك الومضة التي ورّطتنا بمسيرة الخيبات والتعزية؟ أم تلك المؤسّسة التي تجمع بداية الطريق بمنتصفه ونهايته؟

قال لها: الحب هو الخدعة التي لولاها ما واصلنا الحياة ولا كان التناسل وكانت الأجيال، ومن حسن الحظ أنّ أحداً لا يخبر أحداً أنّ هذا هو الحب عملاً بصراخ السموأل، لا تخبر أحداً كي لا تموت المروءة عند العرب، وهنا كي لا يموت الحبّ بين الناس.

فقالت له: أنا لا أسألك حكمة القدّار والخالق وخدعة الأحلام وأسرارها، بل أسأل أنه إذا كان الحبّ حالة فالأحلى أن نقطع وننتقل من حب إلى حب قبل نفاد ذخيرة الشوق والانتظار.

قال لها: لو فعلنا ذلك لخسرنا النصف الثاني من العمر الذي تنخفض فيه قيمتنا المضافة، وقدرتنا التنافسية، وخسرنا أبناءنا والبنات ومتعة أن تكون لنا أسرة، البحث عن استمرار الحالة والمؤسسة لا يجتمعان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى