«14 آذار» تواصل تأييدها للقرار السعودي وتحريضها على لبنان ودعوات إلى بدائل تسليحية للجيش

تواصلت في اليومين الماضيين ردود الفعل على إعلان السعودية وقف الهِبتين المقرّرتين للبنان وسط حملة تهويل واسعة لـ«قوى 14 آذار» على لبنان واللبنانيين العاملين في الخليج، مؤيّدة حجب المساعدات التسليحية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي من أجل مواجهة الإرهاب، كما كان مُعلَناً عن أهداف الهِبتين، رافعة وتيرة التحريض الخطير ضدّ حزب الله ووزارة الخارجية.

وفي الموازاة، رفضت «قوى 8 آذار» هذا التهويل والضغط على لبنان، داعيةً إلى البحث عن بدائل لتسليح الجيش، وتحديداً الطلب من إيران التي سبقت وأبدت استعدادها لذلك بُغية متابعة الجيش مهمّة المحافظة على أمن لبنان وسيادته، ومواجهة الجماعات الإرهابية التي تهدّد استقراره.

بيان الخارجية

وفي مقابل الحملات التي تشنّها «قوى 14 آذار» على وزارة الخارجية وتحميلها مسؤولية القرار السعودي، أصدرت الوزراة بياناً أكّدت فيه أنّ «العلاقة بين الجمهورية اللبنانية والمملكة العربية السعودية ليست علاقة ظرفية مرتبطة بظروف عابرة، بل هي علاقة تاريخية عميقة مبنيّة على روابط وثيقة بين الدولتين والشعبين. وبالتالي، فإنّ الموقف السعودي المُستجدّ لا يُلغي الحرص الذي يُبديه اللبنانيون، المقيمون والموجودون في المملكة، بالحفاظ على هذه العلاقة، ولا يوقف الجهد الدائم الذي تقوم به الخارجية لحماية هذه العلاقة ممّا يُسيء إليها خارجاً عن إرادة الوزارة والحكومة اللبنانية، مع أهمية التفهّم السعودي لتركيبة لبنان وظروفه، وموجبات استمرار عمل حكومته واستقراره».

وأكّدت الخارجية «أنّها كانت أول من بادر في لبنان إلى إصدار موقف رسمي على لسان وزير خارجيتها، أدانَ فيه التعرّض للبعثات الدبلوماسية السعودية في إيران ولأيّ تدخُّل في شؤونها الداخلية، وأعلن تضامنه معها في هذا المجال كما أعادت تأكيد هذا الموقف في محطات عدّة، ومنها في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة بطريقة خطّية وبتوقيع من الوزير نفسه، وفي اجتماع منظمة العمل الإسلامي خطّياً من قِبل سفير لبنان في المملكة العربية السعودية».

وأشارت إلى أنّ «الموقف الذي عبّرت عنه جاء مبنيّاً على البيان الوزاري، وبالتنسيق مع رئيس الحكومة كما هو معروف، ومن ثمّ من خلال عرضه من قِبل الوزير على طاولة الحوار الوطني وفي داخل مجلس الوزراء، موافقاً على مراجعته إذا قرّرت الحكومة ذلك وهو ما لم تفعله وهو موقف قائم على الحفاظ على الوحدة الوطنية من دون التعرّض للتضامن العربي ولصدور أي موقف نابع عنه، حيث أنّ الموقف المبدئي الدائم الذي اعتمدته الحكومات اللبنانية الأخيرة هو عدم الدخول في نزاعات إقليمية، بل اعتماد مقاربة توفيقية، وإذا تعذّر ذلك فالاكتفاء بالنأي بلبنان بحسب مقرّرات الحوار الوطني والبيان الوزاري، وهو الأمر الذي تمّ تفهمه وتشجيعه دائماً من قِبل إخواننا العرب، إلّا إذا أصبح المطلوب من لبنان الآن أن يدخل في قلب هذا الصراع، وفي أحد محاوره».

ورأت الخارجية أنّ «المواقف اللبنانية التي تصدر محاولةً الاستفادة السياسية الرخيصة من موقف المملكة من دون أن تتحمّل المسؤولية في تقديم البديل وتحمّل تبعاته، هي مواقف تزوّر حقيقة الموقف اللبناني السليم، وتسبّب في زيادة التشنّج في العلاقة اللبنانية – السعودية، وفي المزيد من التوتير الداخلي، وتشجّع المملكة على المزيد من الإجراءات في إطار مراجعة العلاقة اللبنانية – السعودية، وتضع مصالح اللبنانيين على محكّ المراهنات الداخلية لأصحابها في موضوع الرئاسة».

وأكّدت الخارجية أنّها «ستبقى تعبِّر عن مواقف الحكومة اللبنانية ومصالح اللبنانيين، وتحمل همّهم. وتسعى للاعتناء بالمنتشرين اللبنانيين الذين ما قدّموا سوى الخير للبنان وللدول التي عملوا فيها».

اجتماع «14 آذار»

ومساء أمس، عقدت قيادات قوى «14 آذار»، اجتماعاً في منزل الرئيس سعد الحريري بوادي أبو جميل حضره الحريري، الرئيس فؤاد السنيورة، الوزيران ميشال فرعون ونبيل دو فريج، رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون، النائب جورج عدوان ممثّلاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وعدد من نوّاب «14 آذار» واللقاء الديمقراطي، إضافةً إلى شخصيات سياسية وحزبية.

وصدر بيان عن المجتمعين حمّل «حزب الله وحلفاءه ومن يسير في ركابه مسؤولية افتعال هذه المشكلة الخطيرة وغيرها من المشكلات»، وكرروا «المطالبة بانسحاب حزب الله من القتال الدائر في سورية والمنطقة إلتزاماً بسياسة النأي بالنفس».

وطالبوا الحكومة اللبنانية بـ«إحترام الدستور وقرارات الشرعية الدولية والاجتماع فورا لاتخاذ موقف واضح وصارم، يؤكد التزام لبنان بالتضامن والإجماع العربي ورفض أي تعرض أو انتهاك لسيادة أي دولة عربية». كما كرروا تأييدهم الكامل للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي «في رفضهم المس بسيادة او استقلال أية دولة عربية».

وقال الحريري، في دردشة مع الصحافيين «إذا الحكومة لم تتخذ مواقف في جلسة الغد اليوم الاستثنائية، فسيكون هناك كلام آخر».

وكانت كتلة «المستقبل» النيابية هاجمت بعد عقدها اجتماعاً طارئاً برئاسة السنيورة، بشدّة، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وحزب الله.

ودعا المكتب الإعلامي للرئيس نجيب ميقاتي، «جميع الأفرقاء اللبنانيين إلى مراجعة ما حصل، والتنبّه إلى خطورة إطلاق المواقف التي تُسيء إلى لبنان وعلاقاته التاريخية مع الأخوة العرب، وفي مقدّمهم المملكة العربية السعودية، وتُبعده عن الإجماع العربي الذي يشكّل مظلّة أمان واستقرار يحتاج إليهما لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى».

بدوره اعتبر رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، أنّ الجيش اللبناني والقوى الأمنية المختلفة بحاجة ماسة للدعم السعودي، لا سيّما أنّ هذه القوى «بذلت وتبذل جهوداً استثنائية لحفظ الأمن والاستقرار».

من جهته، اعتبر مُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أنّ «محاولة إفساد العلاقة التاريخية بين لبنان والمملكة العربية السعودية هي محاولة فاشلة، فلبنان وشعبه هم مع الإجماع العربي في قراراته التي تحفظ كرامة ووحدة كل الشعوب الإسلامية والعربية».

ودعا في بيان، جميع اللبنانيين إلى «التعقّل وعدم الانجرار إلى فتن سياسية تعرّض لبنان لأخطار هو بغِنى عنها».

وفي السياق نفسه، رأى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أنّ «الموقف الخليجي الأخير الذي أعاد النظر بالعلاقة مع لبنان جاء متأخراً، وكان يجب أن يأتي قبل ذلك». وقال خلال حديث تلفزيوني: «لا أرى في هذه الخطوة إلّا إعلان مواجهة، وليس انسحاباً من لبنان. وغداً سيكون هناك إعلان كبير من بيروت في حضور كل القيادات والجهات المعنية، بحضور الرئيس سعد الحريري».

مراد

ورأى رئيس حزب «الاتحاد» الوزير السابق عبد الرحيم مراد، في بيان، أنّ «المواقف الأخيرة في علاقات لبنان العربية، تركت مخاوف على الدور التاريخي الذي لعبه لبنان في أمّته العربية، لأنّ لبنان لا يحتمل مواقف تُسيء إلى علاقاته العربية التي نصّ عليها اتفاق الطائف، وفي مقدّمها العلاقة مع المملكة العربية السعودية التي كانت دائماً السبّاقة لفهم ظروف لبنان، ودعمه في مختلف المجالات. ما يقتضي أن يكون الموقف الرسمي حريصاً على هذه العلاقات التي كانت دائماً مُسانِدة للبنان في إطار التضامن العربي وإجماعه».

أضاف: «أنّ القرار الأخير الذي اتّخذته المملكة العربية السعودية المتعلّق بالهِبة للمؤسسات الأمنية اللبنانية، لم يكن تخلّياً عن لبنان، وإنّما هو محاولة لتصحيح العلاقات مع لبنان من زاوية الحرص عليه في إطار العلاقات العربية التي تحفظ للأمة أمنها واستقرارها، وهذا يتطلّب من كل القوى السياسية اللبنانية تغليب مصلحة الوطن على أي مصلحة أخرى، ليبقى لبنان خارج التجاذبات، ويعطيه حصانة من مخاطر دفع فواتير لا يحتمل دفعها».

من جهته، علّق أمين الهيئة القيادية في «حركة الناصريين المستقلين – المرابطون» العميد مصطفى حمدان، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على قرار السعودية بإلغاء هِبة المليار و3 مليارات التي قدّمها التويجري باسم الملك الراحل عبد الله للجيش اللبناني، والتي وصفها حمدان بأنّها «رشوة لعودة سعد الحريري إلى لبنان، والتمديد لميشال سليمان وعهده الأسود» ، باستحضار ما قاله الرئيس جمال عبد الناصر يوم حرب اليمن « بأنّ جزمة كل شهيد أشرف من تاج آل سعود، وأنّ العرب لن يروا النور أبداً في ظلّ بقاء نظام آل سعود»، بحسب تعبيره.

بدوره، أكّد رئيس مجلس قيادة «حركة التوحيد الإسلامي» عضو «جبهة العمل الإسلامي» و«اتحاد علماء بلاد الشام» الشيخ هاشم منقارة، في تصريح، أنّ «القرار السعودي بوقف المساعدات الداعمة لتسليح الجيش وقوى الأمن «أمر مستغرب، وغير مبرّر، وغير مقنع، وغير أخوي»، وقال: «إنّه قرار متسرّع لأنّ الجميع يدّعي محاربة الإرهاب، والجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية حقّقا إنجازات مهمّة في مكافحة الإرهاب عجزت عنها دول كبرى، وعلى هذا الأساس، فإنّ القرار السعودي لا يصبّ في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة، وندعو القيادة السعودية إلى إعادة النظر فيه، لأنّ محاربة الإرهاب وتعزيز قدرات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية يخدم بشكل مباشر وغير مباشر الأمن والسلام في المنطقة كلّها والعالم».

وسأل عن تزامن القرار السعودي بقطع المساعدات عن لبنان مع عودة الحريري، «وكيف لمسؤول لبناني برتبة رئيس وزراء سابق وأمثاله من السياسيين أن يؤيّد قراراً بوقف المساعدات عن بلده؟».

وسأل إمام مسجد الغفران في صيدا الشيخ حسام العيلاني، عن «توقيت القرار السعودي وقف الهِبة العسكرية للجيش والقوى الأمنية، في الوقت الذي يعمل فيه هذا الجيش وهذه القوى الأمنية على ملاحقة الجماعات الإرهابية؟ وهل يصبّ في مصلحة لبنان؟ وهل يعبّر هذا القرار عن محبّة السعودية لشعب تستهدفه الجماعات الإرهابية بصواريخها وسياراتها المفخخة التي تقتل الأبرياء وتختطف بعض عناصر الجيش والقوى الأمنية؟»، وختم: «على السعودية تأكيد هذه المحبة بالأفعال وليس بالأقوال».

واعتبر الأمين العام «للتيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد، أنّ القرار السعودي «يأتي في سياق التصعيد والضغط على لبنان لقبوله الانضمام إلى ما يسمى الحلف الإسلامي العسكري الذي تقوده السعودية، والطلب من الدولة اللبنانية بأن يكون ثمن إيصال المساعدات العسكرية نزع سلاح المقاومة ووضع الجيش والقوى الأمنية في مواجهة المقاومة، وقطع الطريق على دخول حزب الله إلى سورية»، لافتاً إلى «أنّ القرار السعودي هدفه أيضاً إدخال لبنان في أتون الصراع السوري، وإنهاء تحييده عن هذا الصراع، وإشعال الفتنة المذهبية».

ورأى «أنّ الردّ على القرار السعودي يأتي من خلال تأمين البدائل من مصادر ودول أخرى لتسليح الجيش على مستوى عال، من دون شروط مسبقة، أو رهن قراره لهذه الدولة أو تلك، وبالذّات من دولتي روسيا وإيران».

وأكّد رئيس هيئة حوار الأديان الدكتور محمد شعيتاني، في تصريح، أنّ «العلاقات التاريخية بين المملكة السعودية ولبنان يجب أن تسود وتستمر، وليس من المقبول إقحام لبنان في صراعات المنطقة ومعاقبته أو محاسبته على حياده في سعيه، لتجنّب التداعيات الكارثية لحروب المنطقة وصراعات الدول، ولعبة الأمم».

ودعا المسؤولين اللبنانيين إلى «البحث عن بدائل تسليحية أخرى للجيش إذا أصرّت السعودية على قرارها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى