حزب الله لبلامبلي: استقرار لبنان أولاً
هتاف دهام
سقط المشروع الغربي في سورية وانتقل الى العراق. خطفت سيطرة «داعش» على المناطق العراقية الأنظار عن تحركاتها في المدن والأرياف السورية. جاء العدوان على غزة ليستقطب الاهتمام العربي والاقليمي عما يحضّر للعراق من تقسيم، إذ لم يعد من أحد يهتمّ ويتابع ما يجري في العراق من تطورات. بدأت الحرب على غزة ليتوالى معها إطلاق الصواريخ لخمس مرات من الجنوب اللبناني باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، من جانب أشخاص ينتمون الى «الإخوان المسلمين» وعلى علاقة بالاستخبارات القطرية في محاولة لإشعال جبهة الجنوب.
مَن أطلق الصواريخ من حاصبيا وصور كان يبغي من وراء ذلك توريط حزب الله بحرب مع «اسرائيل»، وسحب مقاتليه من القلمون، ما يسهّل على المجموعات المسلحة الدخول من القلمون عبر عرسال الى البقاعين الغربي والاوسط، لا سيما انّ البؤر الإرهابية والخلايا النائمة موجودة في البقاعين ومرتبطة بـ«النصرة» التي تنتمي اليها المجموعات الموجودة في جرود عرسال. حزب الله ليس في وارد فتح جبهة الجنوب رغم إمكاناته وقدراته الكبيرة على فتح جبهات عدة في الوقت عينه. ما يهمّ الحزب ويضعه في أولوياته، استقرار لبنان والعمل لمنع انزلاقه الى الحريق الذي يضرب المنطقة، ومتابعة المعركة الدفاعية في سورية وتنظيف المناطق المحاذية للبنان من المسلحين وتحديداً من «جبهة النصرة»، على رغم تأكيد المقاومة أنّ ما يحصل في غزة هو تهديد على مستوى المنطقة، وان موقف المجتمع الدولي غير كافٍ، فهناك حاجة لإدانة دولية للممارسات «الاسرائيلية» بحق المدنيين والأبرياء.
وتقول مصادر قريبة من الأمم المتحدة أنّ حزب الله أبلغ منسق الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي التقى في المجلس النيابي عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض موقفه من الأحداث الأخيرة في الجنوب. كما استفسر المبعوث الأممي فياض عن الآفاق العسكرية في الجنوب، وعما ينتظر الساحة الجنوبية؟ وهل من الممكن ان يفتح حزب الله حرباً مع اسرائيل؟ مبدياً تخوّفه من ان تتفاقم الأمور جنوباً، مشدّداً على ضرورة حماية الاستقرار وعدم تعريضه للخطر.
لا تبدي الأمم المتحدة والدول الاوروبية اهتماماً باستقرار الجنوب فقط، وهو الذي ينعم به منذ آب 2006، بل تهتمّ لحماية القوات الدولية اليونيفيل التي تتألف من 5000 عنصر موزعين في المناطق الجنوبية، فالأوروبيون سيلجأون في حالة تدهور الوضع جنوباً الى سحب قواتهم في غضون 48 ساعة، وهذا ما أبلغه ضباط «اليونيفيل» لنظرائهم اللبنانيين في معرض الحديث عن إطلاق الصواريخ. إلا انّ مصادر مطلعة تؤكد انّ الوضع ممسوك جنوباً من حزب الله والجيش اللبناني، وأنّ إطلاق الصواريخ ليس إلا خروقات صغيرة لا تقدم ولا تؤخر.
تنظر الأمم المتحدة الى الشغور الرئاسي بأنه سيوصل الى شلل في عمل المؤسسات، والى تنامي المنظمات الإرهابية التي انتقل نشاطها الى لبنان. ويؤكد بلامبلي الذي كُلف متابعة الملف الرئاسي مع الكتل السياسية تزامناً مع إعادة إحياء الحراك الغربي، موقف المجتمع الدولي بضرورة الإسراع لملء الشغور في سدة الرئاسة»، فممثل بان كي مون لا يتحدث عن مبادرة دولية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وإنما عن أهمية تواصل القوى السياسية مع بعضها بعضاً والإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية من دون انتظار تطورات الخارج، لأنّ الانتظار لن ينفع إن كانت الانتخابات الرئاسية ستوصل رئيساً وسطياً في النهاية، إذاً لماذا لا يتمّ اعتماد ذلك الآن بدلاً من ترقب ماذا سيجري إقليمياً ودولياً؟
يقول بلامبلي ذلك ويعي في الوقت عينه أنّ الضوء الأخضر لانتخاب الرئيس لم يأتِ بعد، كما حصل قبل فترة حين شكلت الحكومة الحالية بعدما كان الرئيس تمام سلام استنفد خلال 11 شهراً من التكليف كل إمكانات التشكيل بالاستناد إلى العنصر الداخلي فقط، ولذلك يدرك بلامبلي ومعه السياسيون اللبنانيون ان لا انتخابات رئاسية في لبنان أقله قبل ثلاثة أشهر، لأن لا مؤشرات توحي بقرب إتمام الاستحقاق الرئاسي، لا بل انّ الوضع بات أسوأ من الفترة الماضية مع انقطاع الاتصالات بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، ليصل الأمر الى تعطيل المجلس النيابي ومجلس الوزراء وإلى حدّ التهديد بعدم صرف رواتب الموظفين!؟