إلى صديقي الذي لم يمُت

فدى دبوس

«أنا الشهيد… تذكروني عندما تحتفلون بالنصر»… هذه هي الكلمات التي ابتدأت بها شهر شباط، في أول شهر الحب سطّرت كلماتك على صفحتك الخاصة وأعلنت شهادتك قبل موعدها. كنت على يقين بأنك لن تموت إلاّ شهيداً على أرض أحببتها وعشقتها حتى الشهادة.

ثم عدت يا صديقي في العاشر من الجاري لتكتب وتعترف بحبك لسورية وتقول «سورية يا ضي العين» فسورية يا صديقي كانت حبيبتك الأولى التي مجّدتها في كتاباتك وأحلامك وكلماتك، عشقتها وافتديتها بدمائك.

وأعلنت شهادتك مجدداً عندما كتبت : «لا وطن ينتصر إن لم ينتصر الشهيد بداخلنا»، وكأنّك كنت تخبرنا بطريقة أو بأخرى أنك أنت الشهيد الذي نزفّه، أنّك أنت الشهيد المنتظر أيها البطل.

عدت وأكّدت أنك الشهيد من جديد عندما كتبت من جديد في الخامس عشر من الجاري: «ليس المهم أن يموت أحدنا، المهم أن تستمروا»، لتعلن حبك الكبير في السابع عشر من الجاري وتقول لحبيبتك المجهولة: «أنت وسورية محور حياتي»، فعيد الحب عندك كان عيدين وها أنت تنطلق إلى حبيبتك الأولى سورية الحبيبة، تذهب إليها بشغف العاشق، ببطولة لا بعدها بطولة، تذهب لترسم الحبّ والعشق على ترابها.

يومها يا صديقي رحلت، وابتدأت رحلتك إلى الأرض التي تعشقها، توقفت كتاباتك التي كنّا نتابعها على مواقع التواصل الاجتماعي، فجأة وبعد ذاك اليوم تحوّلت أنت إلى نجم للتواصل الاجتماعي.

نعم أدونيس أنت رحلت، لم نصدّق الخبر، وكيف لنا وأنت من كان يقنعنا بأن الحياة جميلة وأنه علينا الإفادة من كلّ لحظاتها، كيف نصدّق هذه الموجة من الشحنات السلبية التي اجتاحتنا بعد استشهاد من كان يزرع فينا طاقات إيجابية لا حصر لها.

ها هي الحمرا اليوم فارغة إلّا من الحزن على من كان يتجوّل على طرقاتها يزرع البسمة على وجه كل شخص كان يلتقي به ولو لبرهة. كانت كلمتك الأولى والأخيرة: «عيشوا، انبسطوا، سهروا، كلوا ما في شي بيستاهل الزعل، يا فدى العمر قصير كتير استغلّي كل لحظة لتتركي أثر بعدما تفلّي»، هذه كانت كلماتك يا صديقي، ولكنك كنت تعلم أن الحياة قصيرة.

لطالما حاربت من أجل القضية وتصدّيت في النقاشات لكل من يحاول أن يمسّ سورية بكلمة واحدة، كنت ذاك المشاكس الذي لم تتسع له الطرقات ليمشي بها ويبسط حبّه على كل زاوية من زواياها، أخلصت في عملك حدّ التفاني، عشقت قضيتك حتى الشهادة وها أنت اليوم في عرسك بطل لا مثيل له.

وبعد أن كانت صورك على صفحتك وصفحات أصدقائك فقط، باتت صورك اليوم على جميع الصفحات وما عادت صورة عادية بل باتت صورة لشهيد دافع عن القضية حتى آخر نقطة دم في عروقهم، فاصطادته أيادي الغدر لتخلّد ذكراه الدائمة، حققت شهرة لا مثيل لها يا صديقي وبتّ أنت محور مواقع التواصل الاجتماعي اليوم.

غريب هو هذا الموت الذي يأخذ منّا أعزّ أصدقائنا. غريب هو هذا القدر الذي وبلمحة بصر يمنعنا من رؤية أشخاص فجأة، فيقسو علينا ويسلبنا أشخاص كنّا اعتقدنا أن الموت لن يكون قريباً منهم فهم أكثر من يحبون الحياة.

وداعاً يا صديقي من عليائك وسنشهد لك بأن النصر بات قريباً، فاسمك عنوان للنصر وسنبقى على الوعد أوفياء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى