كتب المحرّر السياسي
يبدو الشهر الذي يفصلنا عن القمة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، شهراً مليئاً بالأحداث والمفاجآت، ومعها مزيد من الدماء والنفط، فالأسعار التي تهاوت بحرب بدأتها السعودية لإضعاف روسيا وإيران بدأت تنهش موازناتها واحتياطياتها التي فقدت ربعها حتى الآن، وسيكون تنظيم سوق النفط أول بنود القمة، لتكون سورية والدماء شلال ببركة المال السعودي البند الثاني. وهناك في سورية بدأت محاولة تحقيق التوازن الذي بشر به وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد انتصارات الجيش السوري وحلفائه، بقيام تنظيم «داعش» نظرياً وكلّ فروع «القاعدة» عملياً، بعمليات تفجير انتحارية حصدت قرابة الثلاثمئة من المواطنين في ريف دمشق وأحياء حمص بين شهيد وجريح.
في هذه الحرب المفتوحة خلال شهر فاصل، يواصل الجيش السوري وحلفاؤه التقدّم خصوصاً شمال سورية، وصولاً حتى الحدود التركية، وهناك قرب لواء الإسكندرون سقط القيادي القومي أدونيس نصر، الذي شيّعه القوميون أمس في مدينة الشويفات اللبنانية، وحضروا ألوفاً لإعلان ثباتهم على خيار القتال في سورية وقد قدّموا عشرات الشهداء على هذا الطريق، الذي قال الوزير علي قانصو في كلمته باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي مودّعاً الشهيد أدونيس، إنه طريق فلسطين والوحدة والمقاومة، وطريق بناء الدولة القادرة على حماية النسيج الوطني الواحد.
وفي هذه الحرب المفتوحة رضخ الأميركيون بشخص وزير خارجيتهم جون كيري للشروط التي وضعها الرئيس بشار الأسد للقبول بأيّ وقف للنار، وهو اعتبار الوقف منتهياً وساقطاً مع أيّ تبدّل في وضعية خطوط القتال يظهر تعزيزاً للمواقع أو تحشيداً لقدرات أو توضيعاً لسلاح، أو تهريباً أو سعياً إلى تهريب عتاد ومعدّات وذخائر.
حتى منتصف آذار سيتواصل السباق لتجميع أوراق القوة، وسيسعى السعوديون إلى إرباك معسكر المقاومة، كما وصفت مصادر مطلعة أهداف ما وصفته بالضجة المفتعلة حول مكرمات سعودية للبنان يجب أداء واجب الولاء والطاعة، والتنازل عن المواقف إكراماً لها، متسائلة عن سر اختيار التسليح الخاص بالجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، كميدان لترجمة العقاب السعودي، والمنطق يقول إنّ من يريد الاستغناء عن سلاح المقاومة يذهب لتعزيز الجيش وقدراته، وإنّ قوى الأمن تشكل بصورة أو بأخرى ميدان نفوذ قوي لجماعة السعودية بقيادة تيار المستقبل، فكيف يستقيم الهدف مع الوسيلة؟
اللغز السعودي تفاوتت تفسيراته بين روايتين جديدتين في الوسط الإعلامي، واحدة لصحيفة «لوموند» الفرنسية وثانية للمغرّد السعودي «مجتهد»، فلدى العودة إلى عدد صحيفة «لوموند» الفرنسية بتاريخ 19 كانون الثاني 2016، أيّ قبل شهر فقط، يتبيّن أنّ الأمر مرتبط بشكل الاتفاق بين باريس والرياض، وأنّ الأخيرة بدأت بإعادة النظر بالاتفاق منذ فترة لأسباب لها علاقة بالتغييرات التي حصلت داخل المملكة في أعقاب وفاة الملك عبد الله. وبحسب المعلومات التي نشرتها الصحيفة آنذاك فإنّ وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان اشترط إطاراً جديداً للعلاقات الثنائية الفرنسية السعودية. وسألت الصحيفة في هذا الإطار عما إذا كان نجل الملك الجديد يريد استبعاد المسؤولين السابقين الذين كانوا يتولون ملف تجارة الأسلحة حتى وفاة الملك عبد الله؟ الصحيفة كشفت عن رسالة لمحمد بن سلمان بعثها إلى باريس يطلب فيها استبعاد الوسيط التاريخي في مجال بيع الأسلحة الفرنسية في السعودية شركة «أوداس» ODAS، والشركة المذكورة، التي تساهم فيها الدولة ومصانع الأسلحة، أبرمت عقوداً بمئة مليار يورو مع السعودية بين عامي 1974 و2014. ووفق «لوموند» فإنّ الرياض سمحت للشركة بإنهاء العقود الحالية، لكن محمد بن سلمان لم يعد يريد وسطاء وينتظر ضمانات، مضيفة أنّ الأمير السعودي طلب إبرام اتفاق جديد من دولة لدولة في مجال بيع الأسلحة يضمن علاقات مباشرة مع المصانع.
عدّدت الصحيفة الأسباب التي منعت تنفيذ الصفقة على الشكل التالي: الشكوك السياسية اللبنانية، غياب رئيس للجمهورية، والتغييرات في الرياض، بالإضافة إلى الخلافات بين محمد بن سلمان وولي العهد محمد بن نايف. يُضاف إلى ذلك خلافات فرنسية – فرنسية. وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال زيارة رئيس الوزراء مانويل فالس إلى الرياض في أكتوبر 2015 لم يتمّ توقيع أيّ اتفاق مدني أو عسكري.
في الجانب العسكري نقلت «لوموند» عن مسؤولين في فريق وزير الدفاع جان إيف لودريان انتقاداتهم لرئيس «أوداس» الأميرال ادوارد غيو الرئيس السابق لأركان الجيوش الفرنسية، في وقت يدور السؤال حول ما إذا كان يجب حلّ «أوداس» أو إبقاؤها، وأيّ بنية يمكن أن تحلّ مكانها في وزارة الدفاع؟ «لوموند» كشفت أيضاً أنّ لائحة الأسلحة التي ستسلّم إلى لبنان شكلت محور نقاشات طويلة من بينها مع «الإسرائيليين» الذين يخشون، كما السعوديين، وصول هذه الأسلحة إلى أيدي حزب الله. ووفق الصحيفة فإنه منذ بداية صيف 2015 بدأ المسؤولون الجدد في الرياض يعيدون النظر في العقد، كما الكثير من العقود الأخرى التي كانت تمّت الموافقة عليها قبل التغيير الملكي.
في المقابل قدّم المغرّد السعودي «مجتهد»، رواية مختلفة فقال إنّ سبب إعلان وقف الهبة السعودية للجيش اللبناني، يعود إلى فشل مفاوضات إطلاق الأمير السعودي عبد المحسن بن وليد بن عبد العزيز آل سعود، الموقوف في 26 تشرين الأول العام الماضي، بتهمة تهريب طنّين من المخدّرات، والذي بات يُعرف بـ»أمير الكبتاغون».
وأوضح في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنّ قرار إيقاف المساعدات السّعودية للبنان، ليس له علاقة بسيطرة «حزب الله» على الجيش اللبناني، ولا بسياسات الحكومة اللبنانية، مشيراً إلى أنّه «مرتبط بانهيار مفاوضات إطلاق سراح الأمير المعتقل بتهمة تهريب مخدرات».
ووفقاً لوصف «مجتهد»، أنّ «حزب الله» كان «يمارس الابتزاز هذه المدّة مؤمّلاً آل سعود، بأنه يمكن أن يُطلَق سراح الأمير الموقوف إذا نفّذت مطالب معينة»، مشيراً إلى أنّ «آل سعود وافقوا على المطالب التي يمكن التستّر على تنفيذها، لكن رفضوا المطالب المحرجة، لأنها خطرة على شرعيتهم ومصداقيتهم المحلية والإقليمية».
وتابع: «لم يصلني حتى الآن اللحظة المحدّدة التي أدّت لانهيار المفاوضات ويأس آل سعود من احتمال التمكّن من إطلاق سراحه، وربما تتضح الصورة لاحقاً».
ولفت «مجتهد» الانتباه، إلى أنّ «الحكومة السعودية تأمل أنها بإعلان القرار بهذا الصوت العالي ستضطر كلّ الأطراف اللبنانية للضغط على حزب الله لإطلاق الأمير، ثم تعيد المساعدات».
وأكّد أنّ المساعدات ستعود إذا ما أطلق الأمير «لكن لن تُعلَن حتى لا تنفضح العلاقة، بل ربما يتأخر الإعلان أسابيع أو أشهر. والله أعلم».
بين الروايتين كان الرئيس سعد الحريري يهدّد بأنّ الأمور لن تمرّ بسلام، ما لم تتخذ الحكومة موقفاً حاسماً للتضامن مع المملكة، بينما كان وزيره أشرف ريفي يقدّم استقالته، وسط روايات متعدّدة لأسباب الاستقالة أو الإقالة أيضاً.
«القومي» يشيّع البطل أدونيس نصر
شيّع الحزب السوري القومي الاجتماعي الرفيق البطل أدونيس نصر مسؤول الإعلام الحربي في «نسور الزوبعة» في مأتم حزبي وشعبي حاشد، حيث تقاطر القوميون الاجتماعيون والمواطنون بالآلاف إلى مدينة الشويفات لوداع الشهيد البطل، وسط هتافات حزبية وأناشيد وأغانٍ قومية.
وألقى رئيس المكتب السياسي المركزي في الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو كلمة باسم مركز الحزب استهلها مخاطباً الشهيد بالقول: يا رفيق أدونيس، أيها الشهيد البطل، ماذا أقول في وداعك؟ فكلّ كلامٍ مهما كان بليغاً لن يفيك حقّك. ماذا يقول الكلام في حضرة الشهادة؟ ماذا يقول الحرف إنْ نطقَ الدم؟ أأتحدث عن عمق إيمانك بعقيدتك والتزامك بحزبك وها أنت تذهب فيهما إلى النهايات، إلى الاستشهاد؟
وأين كان استشهادك؟ في اللاذقية. فأيّةُ عقيدة عظيمة هذه العقيدة القومية الاجتماعية التي قدِمَتْ بك وأنت اللبناني الماروني الهويّة لتُقاتل الإرهاب على أرض الشام؟ وشدّد قانصو على أنه لم يبقَ في لبنان إلّا بقعة ضوء واحدة هي معادلة القوة، معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ولولا هذه المعادلة لكانتِ العصابات الإرهابية اجتاحت لبنان من أقصاه إلى أقصاه. فهل يسلّم أولئك المنهزمون بهذه الحقيقة، ويمسكون ألسنتهم عن شتم هذه المعادلة؟ ولفت إلى أنّه عدا هذه المعادلة كلّ شيء في حالة استنقاع. فلا رئيس جمهورية، ولا حكومة منتجة، ولا مجلس نيابياً يقوم بمهامّه، والنفايات تقيم سمومها بيننا ومعنا، والكهرباء من سيّئ إلى أسوأ، ومثلها المياه والصحة وفرص العمل. ألا بئس هذا النظام الطائفي الذي لا يولّد غير الأزمات والمنازعات، ألا بئس طبقة سياسية هي في معظمها، تحمي هذا النظام البائس وتقفل الأبواب على إصلاحه، بل تتغنّى به وتقدّمه وصفة لمعالجة أمراض المنطقة! فعلاً اللي استحوا ماتوا..
وشدّد على «أن لا مستقبل للّبنانيين إلّا بتطوير هذا النظام السياسي باتجاه لا طائفي، ومدخل هذا التطوير قانون جديد للانتخابات النيابية يعتمد النسبية ويقوم على لبنان دائرة انتخابية واحدة، ومن خارج القيد الطائفي».
التفاصيل ص. 4 5
ريفي أعلن استقالته من الحكومة
إلى ذلك طغى القرار السعودي إلغاء الهبات المخصصة للجيش اللبناني والقوى الأمنية على المشهد السياسي الداخلي بخلفياته وتداعياته. وفي خطوة تصعيدية، أعلن وزير العدل اللواء أشرف ريفي في بيان استقالته من الحكومة بزعم «الإساءة للمملكة العربية السعودية وموقف وزير الخارجية جبران باسيل في جامعة الدول العربية وممارسات دويلة حزب الله، التي لا تقيم اعتباراً للبنان ومصلحته»، بحسب ما قال ريفي، الذي دعا الحكومة إلى «تقديم اعتذار للمملكة وقيادتها وشعبها»، مضيفاً: «لا بل أدعوها إلى الاستقالة، قبل أن تتحوّل إلى أداة كاملة بيد حزب الله».
أُقيل أم استقال؟
ولم تنفِ مصادر نيابية في تيار المستقبل، كما لم تؤكد لـ«البناء» أن تكون استقالة ريفي قد جاءت بطلب من الرئيس سعد الحريري نتيجة الخلاف القائم بينهما، إلا أن مصادر مطلعة قالت لـ«البناء» إن «الحريري قال لريفي «إما تستقيل أو تُقال»، فقطع ريفي الطريق على إقالته واستقال لتحقيق مكسب سياسي». وتساءلت مصادر أخرى: «هل خطوة ريفي فردية أم خطوة تسبق خطة جماعية يجري الإعداد لها من فريق المستقبل وأراد ريفي أن يميّز نفسه؟».
ونفى مصدر وزاري لـ«البناء» علم رئيس الحكومة باستقالة ريفي، وأوضح أن «هذه الاستقالة لا تزال شفهية ولم يقدّم ريفي استقالته خطياً إلى رئاسة الحكومة حتى الآن»، مضيفاً أن «الرئيس تمام سلام سيقف على أسباب الاستقالة وسيتخذ القرار بشأنها في ضوء جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية اليوم».
وعقب قرار ريفي، تجمّعت حشود شعبية أمام منزله في طرابلس، وأطلق المشاركون فيها هتافات مؤيدة لموقفه ومطالبة الرئيس تمام سلام بتقديم استقالة الحكومة.
ومن المتوقع أن يكلّف مجلس الوزراء وزيرة المهجرين اليس شبطيني بالوكالة للقيام بمهام وزير العدل فور قبول رئيس الحكومة الاستقالة.
«14 آذار» تصعد من بيت الوسط
ومواكبة للتصعيد السعودي ضد لبنان، عقدت قيادات قوى «14 آذار» اجتماعاً في «بيت الوسط»، حضره الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة وعدد من الشخصيات السياسية والحزبية.
وأكد المجتمعون في بيان تصعيدي ضد حزب الله، أن «قوى 14 آذار تحمّل حزب الله وحلفاءه ومَن يسير في ركابه مسؤولية افتعال هذه المشكلة الخطيرة وغيرها من المشكلات، كما مسؤولية ضرب استقرار لبنان المالي والأمني والمعيشي، كما أنها تكرر المطالبة بانسحاب حزب الله من القتال الدائر في سورية والمنطقة التزاماً بسياسة النأي بالنفس».
وأعلن الرئيس سعد الحريري، في دردشة مع الصحافيين بعد الاجتماع، أنه «إذا الحكومة لم تتخذ مواقف في جلسة مجلس الوزراء الغد اليوم الاستثنائية، فسيكون هناك كلام آخر». وذكر أن «الهبة السعودية كانت «ماشية» لكن، وبفضل ذكاء بعض السياسيين، وصلنا إلى هنا».
وكان الحريري قد حمّل «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، مسؤولية موقف المملكة، وأشار من دار الفتوى بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى اتصالات تجري لمحاولة تسوية الأمر».
وهدّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بأنه «إذا لم تقم الحكومة بخطوات جدية جداً، فطبعاً ستكون واردة استقالات أخرى».
.. وجنبلاط ناشد المملكة
وناشد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في تصريح قيادة المملكة العربية السعودية، «إعادة النظر بقرارها»، آملاً «معاودة الدعم لتمكين الجيش من مواجهة التحديات الإرهابية المتنامية، لأن أي سلاح آخر لن يعوّضه، فواهم مَن يظن أن سلاحاً آخر سيُقدَّم إلى لبنان».
.. والمشنوق: استقالة الحكومة أحد الخيارات
وبالموازاة، واصل وزير الداخلية نهاد المشنوق إطلاق التهديدات، متحدّثاً عن إعلان كبير من بيروت اليوم في حضور القيادات والجهات المعنية كلها وفي حضور الرئيس سعد الحريري. وقال المشنوق: «لا أرى في هذه الخطوة السعودية إلا إعلان مواجهة وليس انسحاباً من لبنان». وأعلن أن «استقالة الحكومة خاضعة للمناقشة وهو واحد من الخيارات».
.. والخارجية تردّ…
وردّت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان على تحميلها مسؤولية القرار السعودي بإلغاء الهبات، وأوضحت أن «الوزارة كانت أول من بادر في لبنان إلى إصدار موقف رسمي على لسان وزير خارجيتها دانت فيه التعرّض للبعثات الدبلوماسية السعودية في إيران ولأي تدخل في شؤونها الداخلية». وأشارت إلى أن الموقف الذي عبرت عنه «جاء مبنياً على البيان الوزاري وبالتنسيق مع رئيس الحكومة، وهو موقف قائم على الحفاظ على الوحدة الوطنية من دون التعرض للتضامن العربي».
جلسة استثنائية للحكومة اليوم
وفي ظل التصعيد في المواقف، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة استثنائية مخصصة للبحث بالقرار السعودي والخطوات التي يمكن أن تتخذ لمعالجة الأمر مع المملكة العربية السعودية، وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أن «الرئيس سلام سيعمل على لملمة تداعيات القرار السعودي ليس على الحكومة فقط، بل تداعياته على الاقتصاد الوطني وعلى التحويلات المالية إلى لبنان وعلى العاملين اللبنانيين في الخليج». وأكد درباس «أن لا مصلحة لأي طرف بتطيير الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي الحاصل». وشدّد على أن «على ضوء اجتماع الحكومة اليوم سيتقرر تشكيل وفد إلى السعودية برئاسة سلام للبحث بخلفيات القرار السعودي والطلب من المملكة العودة عن قرارها وللتأكيد على العلاقات الأخوية بين المملكة ولبنان». وأوضح درباس أن «باسيل لم ينسق مع رئيس الحكومة موقفه لجهة بيان التضامن مع الدول العربية في الجامعة العربية، لكن سلام أبلغ باسيل تأييده لموقفه الذي رفض التعرّض لحزب الله».
الخطوات تتوقف على موقف الحكومة
وقالت مصادر نيابية في المستقبل لـ«البناء» إن «الخطوات التي ستتخذها 14 آذار في ما يتعلق بالقرار السعودي تتوقف على الموقف الذي سيصدر عن الحكومة اليوم، فإذا أخذت موقفاً يعالج المشكلة كان به وإذا لم تتخذ أي موقف يصحح الخطأ الذي ارتكبه باسيل، فعندها لكل حادث حديث».
ولفتت المصادر إلى أن «خلال اجتماع القاهرة زوّر باسيل الصورة ونقلها بشكل خاطئ إلى رئيس الحكومة، بحيث أن بيان اجتماع القاهرة لم يأت على ذكر حزب الله لا من قريب ولا من بعيد». وأوضحت المصادر أن «لبنان يقف على الحياد بحالة الخلاف بين الدول العربية، أما إذا كان الخلاف مع إيران، فعليه أن يقف مع الدول العربية».
أميركا لـ«14 آذار»: إياكم والعبث بالأمن
واعتبرت مصادر في 8 آذار في حديث لـ«البناء» أن «بيان 14 آذار فارغ المضمون وكرّر مواقف سابقة ولم تمتلك هذه القوى الجرأة حتى لتسمية إيران باسمها في البيان»، واستبعدت المصادر أي انفجار أمني حتى الآن، وكشفت أن الولايات المتحدة أبلغت فريق 14 آذار أن «قولوا ما تشاؤون في السياسة، لكن إياكم والعبث الأمني»، وتضيف المصادر: «لأن الانفجار الأمني في هذا الظرف يعاني فيه فريق 14 آذار من تشتت وتناحر وغياب قوة تنظيمية وميدانية للقتال، فإن أي انفجار أمني سيرتدّ عليه سلباً وسيعطي فريق 8 آذار فرصة للإطاحة باتفاق الطائف».
وشدّدت المصادر على أن «كل حملات 14 آذار لن تسبب أي إرباك لحزب الله الذي ينظر إليها باستخفاف وعدم اكتراث ويعرف أن ما يحصل هو سباق وتنافس بين مرتزقة للحصول على شيكات من السعودية التي لم تعُد تستطيع أن تعطي شيكات نتيجة تردي وضعها المالي».
ورأت مصادر أخرى أن «بقاء الحكومة مرتبط بأعصاب سلام وتحمّله للهجمات والضغوط التي تتعرّض لها الحكومة، فإذا وصل الأمر حداً لا يُحتمل فإنه سيقدم استقالته لأنه يعرف «البير وغطاه» في مسألة الهبات، حيث أبلغه الوزير المشنوق منذ ثمانية أشهر بأن الهبة توقفت ويعرف سلام بأن إيقاف الهبة لا علاقة له بمواقف باسيل أو حزب الله من السعودية، بل بالوضع الداخلي في السعودية وعلاقتها مع فرنسا».
هل اتُخذ قرار تفجير لبنان؟
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «السياق التصعيدي في الداخل مرتبط بوقائع غير محلية، إذ لا يمكن فصل تفجيرَي حمص والسيدة زينب عن محاولة أخذ لبنان إلى مكان يتجاوز حالة المساكنة في البلد الذي يوفر حداً أدنى من الاستقرار الأمني والسياسي»، وتساءلت: «هل هناك مَن قرّر إدخال لبنان في أتون النار من خلال ضرب مرتكزات الاستقرار بشكل ممنهج؟».
وأوضحت المصادر أن «لا يمكن حصر القرار السعودي بالملف الرئاسي، بل المعركة أكبر»، ولفتت إلى أن «حزب الله لديه تجربة طويلة مع إسرائيل ومع الإرهاب ومع الداخل تثبت أن لعبة لي الأذرع غير مجدية وسيحول التحدي إلى فرصة وسيأتي الرد المنتظر من حيث لا يتوقعه أحد».
التطورات المتسارعة أبعدت الملف الرئاسي عن الأضواء إلا من بعض الزكزكات الإعلامية بين الحريري وجعجع، حيث أجاب الحريري ممازحاً عن احتمال سحبه ترشيح النائب سليمان فرنجية: «لا، ربما الحكيم يجب أن يسحب ترشيحه لميشال عون، ونحن مستمرون وملتزمون بترشيحنا». وسارع جعجع إلى الردّ على اقتراح الحريري قائلاً: «بتمون شيخ سعد بس شو رأيك تعمل العكس»؟.
اللاقرار في ملف النفايات
على صعيد ملف النفايات، فلم تتوصل اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الأزمة خلال الاجتماع الذي عقدته في السراي أول أمس، برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام إلى أي قرارات، على أن تستكمل مباحثاتها بعد ظهر اليوم.
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» «إن لا قرار سياسياً حتى اللحظة لإنهاء أزمة النفايات»، وتحدثت المصادر عن عرقلة داخل مجلس الوزراء من البعض للوصول إلى الحل». وشدّدت على أن «حل المطامر الصحية يبقى أفضل بكثير من المكبّات العشوائية التي نشهدها اليوم في الشوارع».
الوفد النيابي إلى واشنطن
في ظل التوتر الداخلي، غادر بيروت وفد برلماني لبناني ضمّ النواب: ياسين جابر، محمد قباني، ألان عون، باسم الشاب، وروبير فاضل، ومستشار رئيس المجلس النيابي علي حمدان والسفير أنطوان شديد بتكليف من الرئيس نبيه بري، لزيارة الولايات المتحدة الأميركية وإجراء محادثات في الكونغرس الأميركي ومع عدد من المسؤولين في وزارتي الخارجية والخزينة لمناقشة تداعيات القرارات والإجراءات المالية الأميركية الأخيرة في حق حزب الله.
السعديات استعادت هدوءها
أمنياً، استعادت منطقة السعديات هدوءها بعد الاشتباكات المسلحة التي شهدتها بين شبان من البلدة، ونفّذ الجيش اللبناني انتشاراً واسعاً في المنطقة وقام بعمليات دهم بحثاً عن المشاركين في المعارك وأوقف متورطين فيها.