حـبـر الـكـلام
يوسف عادلـه
خمسون درجة صعدتها، بل أكثر
اتكأت على حافة القهر، وحافــة الدروب.
خمسون ردحــاً من الزمــن
ترنحــت وأترنح، مثقلاً ما بين بين.
أتحاشى الهوى والهاوية،
سنة إثر ســـنة
يدهمني الضغط ولا أعبأ، يتراكم ولا أنثني!
أتوكأ على عصا الصبر والصابرة
نفس مطمئنة
أواصل الســـعي..
بأكثر ما أحتمل وأتحمل! يدهمني السكْرُ والسُّكَرْ،
لا أتوانى ولا أنكفئْ!
أُحَمدلُ، أٌبَسملُ،
أشُد أزري بإزار المسيح
وعناء الجُلجُلــة
وبكل من له، ولها جاه أو شفيع…
أنادي هامساً، بالكاد يُسمع، لمن يأبَه
أو تأبَه: يا…
ولا مَـــنْ!
أبلغ الستين صاعداً
أتوكأ على عصا الترحال في مسعى الرحيل
أتكل على ما تبقى من حُطام العَزم
أتشـــبث بحبل السُــرّه
أتوسل متحاشياً العويل:
يا أمـــــي… أنا يوســــف
ألم يزل لي منكِ دفءُ رأفَـــةٍ
ورجوة تُرجـــى؟
طالني البغض، احتواني التباغضُ
زلزلنــي، وما انكفأت !
سادَ التكاذبُ مزهوّاً
تحلّلت عرى التحابُبِ،
احتدمَ الطيشُ الجهولُ
والفتكُ فتكٌ بالبنيةِ والبنيانْ
فما أبقـــى… ولنْ!
استشرى الفقرُ
فنمَتْ آلاف الأوباء
ومن الأفنان تدلّت
أعناق الأثداءْ
منها سمعتُ قولة: تباً… تباً
من بَعدُ… هالــة هلّت هلالاً وصليباً
شّدت الأزر وأعلت الهمـــة.
أصعدُ الدرجةَ المتبقّية
لذروة الرّجوة والمرتجى
لأرى ما تخبئه لي عيناها
من حبر الكــلام
وما تبقى بسوريّتي
من عام لــعـــام!
كاتب وشاعر أديب من كتاب «البناء» القدماء في الستينات، عضو اتحاد الصحافيين السوريين، قوميّ من منفذية السلمية.