ريفي ينافس الحريري على الزعامة
هتاف دهام
أكدت جلسة مجلس الوزراء أمس، التي انعقدت على مدى 7 ساعات أنّ وزير العدل أشرف ريفي يتحرّك خارج السياق، وأنّ كلمة السرّ السياسية ليست معه. وضع الوزير المستقيل من الحكومة السلامية منذ يومين نفسه أمام تحدّي القدرة على الحفاظ على قوّة دفع لما أقدم عليه، خاصة أنّ صراع الاستقطاب الذي يخوضه على الجمهور السني لـ«المستقبل»، لا يشمل جمهور الآخرين، وخطوته قد تشكل آنياً وهجاً يستدعي الإعجاب من البعض والدعم والحماس، لكن الأمور تبقى في خواتيمها.
شكلت خطوته التي لم يتضح مسارها القانوني بعد، جزءاً من مناخ بدأ يتظهّر وهو ليس موجهّاً ضدّ رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد في البقاع، ولا ضدّ رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أو النائب محمد الصفدي أو رئيس حزب التحرّر العربي الوزير السابق فيصل كرامي في الشمال، ولا ضدّ رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد في صيدا، بل هو موجه ضدّ زعامة آل الحريري للطائفة السنية، ومحاولة انقلاب حقيقية على الواقع الجديد الذي تكرّس مع دخول الرئيس الشهيد رفيق الحريري عالم السياسة رسمياً عام 1992.
ورغم كلّ المحاولات الجارية لوضع أداء وزير العدل الأخير في إطار الانسجام مع موقف تياره والتضامن مع المملكة العربية السعودية، أو الاحتجاج على قضية الوزير السابق ميشال سماحة، ووضعها في إطار الأداء الوزاري لمجلس الوزراء، فإنّ طبيعة تطوّر علاقته بـ«بيت الوسط»، وتحديداً منذ ترشيح رئيس تيار المستقبل سعد الحريري رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، يسمح كما يقول مصدر مطلع لـ«البناء» بالوصول إلى استنتاج أنّ استقالة ريفي الأخيرة هي في وجه رئيس تياره شخصياً قبل أن تكون في وجه أيّ أحد آخر.
ويتحدّث المصدر عن اللقاء الذي جمعهما بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق منذ عشرة أيام في الرياض، واتفق خلاله على آليات عمل في بعض الملفات، لكن سرعان ما نفض الشيخ سعد يده منها، ما دفع بالوزير المستقيل إلى اتهامه بعدم الالتزام، وكان ذلك ذريعة من ذرائع الاستقالة، التي لم تتبع ولن تتبع بأيّ استقالات أخرى من الوزراء الزرق أو من 14 آذار.
ما قيل في الغرف المغلقة عن ردّ فعل رئيس تيار المستقبل واستغراب علني لمدير مكتبه نادر الحريري عندما سئل عن تصرّف الوزير الطرابلسي والردّ باستهزاء وسخرية على ما قام به «آه استقال؟ ما معي خبر»، يؤكد أنه رغم كلّ سياسة تبويس اللحى أمام الكاميرات في احتفالية «بيال» واحتمالية الوصل والجمع، يبدو أنّ العلاقة بين رئيس التيار الأزرق والوزير السابق بناء على الكلام الذي جرى بينهما في اللقاء الأخير في بيت الوسط وصلت إلى حدود القطيعة التي تكرّست بذهاب ريفي إلى استقبال الوفود من موقعه «الزعامي» في منزله الطرابلسي، وتحت ظلال المئات من اليافطات الممتدّة من البقاع الغربي إلى طريق الشام، وصولاً إلى ساحات الشمال، والعراضة الشعبية التي قام بها واستقباله 400 شخص نفذوا وقفة تضامنية معه، واستخدامه لخطاب شعبوي لا يركز على أصل العناوين السياسية، بقدر تركيزه على حالة التمايز عن الزعامة الحريرية وغيابه المتعمّد عن زيارة الشيخ سعد إلى عاصمة الشمال يوم الجمعة الماضي، بعد غياب حريري طويل عنها، وصل إلى حدّ أنّ البعض في البقاع الغربي ومجدل عنجر وطرابلس بدأ يتحدّث عن زعامة جديدة للطائفة السنية خرجت من التيار الأزرق مختلفة عن سردية الزعامات الأخرى من حيث التاريخ والإرث والوضعية.
يحاول ريفي الاستثمار شعبوياً على الشارع السني والشمالي بشكل عام، والشارع الطرابلسي بشكل خاص، مقدّماً نفسه من زاوية المنتفض على الممالأة مع الآخر والرافض للسياسات المعتمدة مع حزب الله، يسمّي الأشياء بأسمائها ويدغدغ عصبية معينة ذات عنوان مذهبي في توقيت صراعي تضطرب فيه المنطقة في نيران الطائفية، وكأنه «الفارس الحقيقي» لامتطاء هذه اللحظة، كلّ ذلك يرتبط بما يُقال همساً عن علاقة تربطه بالمملكة في خطواته الأخيرة كلّها، وتحديداً مع ولي العهد محمد بن نايف الذي يتحرك على خط موازٍ مع المعنيّ الأول في سياسة المملكة ولي ولي العهد محمد بن سلمان.