المقداد: قرار وقف الأعمال العدائية لن يُعيق الجيش السوري عن مكافحة الإرهاب

أعلنت الخارجية السورية أمس، قبول وقف الأعمال القتالية في البلاد، وذلك وفق اتفاق أعلنت عنه الولايات المتحدة الأميركية وروسيا مساء أول من أمس، مؤكدة استمرار الجهود العسكرية في مكافحة الإرهاب ضد جماعة «داعش» وجبهة النصرة الإرهابيتين.

وأكد مصدر مسؤول في الوزارة: «أن الحكومة السورية أعلنت استعدادها لاستمرار التنسيق مع الجانب الروسي لتحديد المناطق والجماعات المسلحة التي سيشملها هذا الوقف طيلة مدة سريانه، لضمان نجاح تنفيذ وقف الأعمال القتالية في الموعد المحدد في يوم السبت المقبل 27 شباط.

وأشار المصدر إلى أن دمشق تشدد على أهمية ضبط الحدود ووقف الدعم الذي تقدمه بعض الدول للمسلحين ومنعف هذه الجماعات من تعزيز قدراتها أو تغيير مواقعها تفادياً لما قد يؤدي إلى تقويض الاتفاق.

وأكد المصدر أن سورية تتمسك بحق قواتها المسلحة في الرد في أي خرق يقوم به الإرهابيون ضد المواطنين أو الجيش السوري.

وأوضح المصدر أن الحكومة السورية وعبر موافقتها على وقف الأعمال القتالية تؤكد حرصها على وقف سفك الدم السوري وإعادة الأمن والاستقرار تنفيذاًَ للإرادة الشعبية للسوريين في وحدة سورية أرضاً وشعباً.

وكان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أكد أن قرار دمشق بالموافقة على وقف الاعمال القتالية هو «قرارٌ مدروسٌ بشكل عميق وجريء بعد مشاورات عميقة مع الأصدقاء الروس».

المقداد وفي تصريحات، للزميلة «الميادين»، رأى أن القرار» لن يعيق الجيش السوري عن مكافحة الإرهاب وهو سيحقق انتصارات جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة».

وقال المقداد على هامش ملتقى فكري أقامه حزب البعث في دمشق إن «تحديد موعد إجراء الانتخايات التشريعية في 13 نيسان المقبل لا علاقة له بالتفاوض السياسي»، مشدداً على أنه لا يمكن أن تسمح الدولة السورية بأي فراغ بأي مكون من مكونات الدولة.

وكان الرئيس بشار الأسد أصدر المرسوم رقم 63 لعام 2016 المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني في 13/4/2016.

وفي السياق، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن طهران كانت تؤكد منذ البداية على وقف إطلاق النار في سورية وهي واثقة من التزام الحكومة السورية به.

وقال أمير عبد اللهيان في تصريح الثلاثاء، بحسب «إرنا»، إنه من غير الواضح التزام الجماعات المسلحة المرتبطة بالتيارات الإرهابية بوقف إطلاق النار بسورية لأنها تستفيد من الفوضى.

وأضاف أن الجمهورية الإسلامية في إيران تبذل قصارى جهدها للمساعدة على مكافحة الإرهاب ووقف إطلاق النار بشكل دائم والتسهيل في عملية تقديم المساعدات الإنسانية وعقد حوار سوري – سوري شامل تحت إشراف الأمم المتحدة.

من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكد أن بلاده تدرس خيارات لخطة بديلة في حال لم يصمد وقف إطلاق النار في سورية، وإذا لم تشهد البلاد مرحلة انتقالية قريباً بحسب تعبيره.

وقال كيري أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي في جلسة بخصوص طلب الموازنة السنوية للوزارة: «نحن في طريقنا لمعرفة ذلك في غضون شهر أو شهرين، معرفة ما إذا كانت هذه العملية الانتقالية جادة حقاً… وعلى الرئيس السوري بشار الأسد اتخاذ بعض القرارات الحقيقية حول عملية تشكيل حكومة انتقالية» كما قال. وأضاف: «إن لم يحدث ذلك… هناك بالتأكيد خطة خيارات يجرى النظر فيها» بحسب رأيه.

وفي ما يشبه الاوهام، أشار كيري إلى أنه من الصعب الإبقاء على سورية موحدة و«يفوت الأوان» إذا استغرق إنهاء القتال فترة أطول. وتابع كيري أنه حتى إذا سيطرت القوات الحكومية على مدينة حلب فمن الصعب الاحتفاظ بأراض في سورية.

من جهة ثانية، أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا أنه سينشئ فريق عمل لمراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية في سورية فور سريانه منتصف ليل السابع والعشرين من الشهر الحالي. وأوضح دي ميستورا أن اللجنة وموسكو وواشنطن سيراقبون التزام جميع الأطراف الهدنة التي استنثي منها داعش وجبهة النصرة وفصائل إرهابية أخرى.

في سياق متصل نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر قريب من المباحثات السورية ــ السورية أنّ استئناف المشاورات في سويسرا سيؤجّل إلى الأول من آذار المقبل. وأشار المصدر إلى أنّ دي ميستورا سيعلن تأجيل المحادثات التي كان مقرراً عقدها يوم الخامس والعشرين من الشهر الحاليّ.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إنشاء مركز تنسيق في قاعدة حميميم بريف اللاذقية لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية والمساعدة في عملية المفاوضات بين الحكومة والمعارضة.

وبين المتحدث باسم الوزارة، اللواء إيغور كوناشينكوف أمس أن «مركز التنسيق هذا، الذي باشر عمله، يهدف إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية». وأكد أنه «بإمكان قوى المعارضة الملتزمة بوقف إطلاق النار التواصل مع المركز على مدار الساعة من خلال رقم هاتف موحد، حيث سيتم تقديم أقصى مساعدة لكل من يتوجه إلى المركز لتنظيم الاتصال مع ممثلي السلطات السورية».

خط ساخن للتنسيق

في غضون ذلك، أفاد المكتب الصحافي في وزارة الدفاع الروسية بأنه دعا ممثل قسم شؤون الدفاع لدى السفارة الأميركية في موسكو إلى الوزارة وتم تسليمه المعطيات الروسية للخط الساخن الأساسي والاحتياطي .

جاء ذلك بتكليف من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما عقب المكالمة الهاتفية بينهما الاثنين 22 شباط، حيث توصلا خلاله إلى اتفاق وقف إطلاق النار في سورية.

وذكر المكتب أن الوزارة تنتظر الحصول على معلومات عن معطيات الخط الساخن الأميركي في أقرب وقت.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن أنه ونظيره الأميركي باراك أوباما اتفقا على بيان مشترك لوقف إطلاق النار في سورية، ابتداء من السبت المقبل 27 شباط.

ردود الفعل

تتابعت ردود الفعل الدولية بعد الإعلان عن البيان الروسي الأميركي المشترك حول اتفاق وقف إطلاق النار في سورية والذي سيبدأ السبت المقبل.

فمن جانبها أعلنت لندن على لسان وزير خارجيتها فيليب هاموند، في بيان الاثنين أن الاتفاق حول الهدنة في سورية سينجح فقط «في حال غيَّر فيها نظام بشار الأسد وحلفائه روسيا في المقام الأول من سلوكهم جذرياً»، بحسب البيان.

وأضاف هاموند أن الاتفاق إذا ما تم تطبيقه بالكامل وبنزاهة سيكون خطوة مهمة للحد من «مستوى العنف المرعب في سورية»، وبالتالي سيؤدي إلى تسوية سياسية طويلة الأمد.

وفي ردود الفعل الروسية، قال قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي المجلس الأعلى للبرلمان إن اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما حول سورية يستحق دعم مجلس الأمن الدولي. وأضاف كوساتشوف: «اتفاق وقف إطلاق النار في سورية مهم جداً، والأهم من ذلك، النجاح الدبلوماسي الروسي الأميركي المشترك على مستوى رئيسي البلدين».

ويرى كوساتشوف أن هذا الاتفاق يسمح بإخراج جميع الجماعات الإرهابية، أو تلك التي ليس لها علاقة بالنزاع الداخلي، أو التي استخدمته بشكل علني لأغراض خاصة بها، من إطار النزاع بين السلطة والمعارضة.

ويعتقد كوساتشوف أنه بهذا الاتفاق الثنائي ستحدث نقلة نوعية في التعاون الروسي الأميركي بمجال مكافحة الإرهاب.

عربياً، رحبت القاهرة بالبيان المشترك الصادر عن روسيا والولايات المتحدة والذي أعلنت فيه الدولتان التوصل إلى اتفاق هدنة في سورية.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن «هذه الخطوة تعتبر خطوة مهمة وضرورية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، ووضع حد لأعمال العنف وتوفير بيئة داعمة للعملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، وصولاً إلى اتفاق كامل لوقف إطلاق النار وتحقيق التسوية السياسية للأزمة السورية». وأضاف البيان أن «الفترة المقبلة تتطلب التزام جميع الأطراف بتنفيذ الاتفاق وإعلاء مصلحة الشعب السوري الذي تفاقمت معاناته نتيجة استمرار القتال والعنف».

من جانبه رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سورية. كما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قبيل توجهه إلى العاصمة الروسية أن الحل السياسي للأزمة السورية يبدأ من التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وكان وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني أشاد بالاتفاق الذي توصل إليه وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري حول شروط وقف إطلاق النار في سورية قبل إعلان الرئيسين الروسي والأميركي الاتفاق نهائياً على البيان المشترك.

وكشف الوزير للصحافيين خلال زيارته إلى أنقرة أول من أمس أن سلسلة من اختبارات الجدية والإمكانية ستجرى قبل «الساعة 12 من يوم الجمعة 26 شباط»، الأمر الذي من شأنه أن يسمح بإعلان وقف إطلاق النار بشكل تام.

من جانبه، أشار نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش إلى أن أنقرة ترحب بخطط وقف القتال في سورية، لكنها ليست متفائلة من أن تتمخض المفاوضات السورية بشأن الانتقال السياسي عن نتيجة إيجابية، بحسب تعبيره.

جاء هذا في مؤتمر صحافي عقده بالقصر الرئاسي في العاصمة أنقرة، عقب اجتماع مجلس الوزراء أمس، وقال قورتولموش إن «هدنة وقف إطلاق النار المذكور، لا تشبه مثيلاتها في السابق، ونأمل أن تكون قابلة للتطبيق».

وأوضح قورتولموش أنه وفقاً للاتفاق فإن «مرحلة 6 أشهر خصصت للمفاوضات، يعقبها 18 شهراً لتشكيل حكومة مؤقتة، تنقل البلاد إلى الانتخابات، والمرحلة الديمقراطية»، معرباً عن أمله أن «تسير المراحل بالشكل الصحيح»، بحسب تعبيره.

ميدانياً، أعلن مصدر عسكري إعادة الأمن والاستقرار إلى قريتي عين الغزال ومزعلة وعدد من التلال الحاكمة بريف اللاذقية الشمالي الشرقي بعد القضاء على آخر تجمعات التنظيمات الإرهابية المرتبطة بنظام أردوغان.

وقال مصدر عسكري لـ «سانا» إن وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية نفذت عمليات عسكرية مكثفة بريف اللاذقية الشمالي الشرقي «أعادت من خلالها الأمن والاستقرار إلى قريتي عين الغزال ومزعلة وعدد من التلال الحاكمة».

وأشار المصدر إلى أن وحدات الجيش «أزالت العبوات الناسفة والألغام بعد أن خاضت معارك تتناسب مع الطبيعة الجغرافية دمرت فيها آخر تحصينات وتجمعات التنظيمات الإرهابية وفرار العديد من أفرادها تاركين جثث قتلاهم وأسلحتهم».

وسيطرت وحدات من الجيش بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية أمس على جبلي القاموع والكفر سند وعدد من النقاط الاستراتيجية وأعادت الأمن والاستقرار إلى قرية كروم خسار شمال شرق مدينة اللاذقية بنحو 55 كم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى