ماذا بعد تحرير ريف اللاذقية الشمالي… وهل اقترب تحرير إدلب؟

هشام الهبيشان

بدا واضحاً لجميع المتابعين أنّ سلسلة المعارك للجيش العربي السوري، والتي جرت في الآونة الأخيرة في ريف اللاذقية الشمالي والشمالي الشرقي المشرفة بشكل واضح على ريف إدلب الغربي والجنوبي الغربي، ما هي إلا هدف من سلسلة أهداف استراتيجية كجزء من خطة ورؤية أكبر، لمسار الحسم العسكري التي يعمل عليها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، والتي ستسقط رهان بعض القوى الشريكة في الحرب على الدولة السورية، والتي حاولت في الفترة الماضية اتخاذ محافظة إدلب وريف اللاذقية الشمالي كنقطة ارتكاز في محاولة لإخضاع الدولة السورية لشروط وإملاءات تحاول بعض القوى الإقليمية الحليفة والشريكة والداعمة للمشروع الصهيو- أميركي في المنطقة فرضها على الدولة السورية.

اليوم، لا يمكن للدول الداعمة للمجاميع المسلحة، إنكار حقيقة أنّ خسارة المجاميع المسلحة لمواقعها في ريف اللاذقية الشمالي والشمالي الشرقي، شكلت ضربة قاسمة لكيانات المجاميع المسلحة بريف اللاذقية الشمالي وريف ادلب الغربي، فاليوم الجيش العربي السوري أصبح يطلّ بشكل واضح على المواقع المتقدّمة للمجاميع المسلحة بعمق محافظة إدلب من خلال تحريره الريف الشمالي من محافظة اللاذقية، وهذا بدوره سوف يشكل بمجموعه عبئاً ثقيلاً على الدول والكيانات الداعمة للمجاميع المسلحة بمحافظة إدلب، فاليوم هناك حديث واضح عن غرف عمليات يقودها ضباط مخابرات سعوديون وأتراك على الحدود التركية، هدفها إعادة تجميع ما تبقى من مسلحي ريف اللاذقية الشمالي وإعادة ترتيب أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة في عموم مناطق شمال وشمال غربي سورية، مع الأخذ في الحسبان قطع خطوط الإمداد العسكري بكلّ أشكالها التي كانت توفرها تركيا للمقاتلين في عموم هذه المناطق.

معركة إدلب اليوم تشكل أهمية استراتيجية، وهنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ محافظة إدلب بموقعها الاستراتيجي في الشمال الغربي لسورية تشكل أهمية استراتيجية في خريطة العمليات العسكرية السورية وتحتلّ أهمية استراتيجية، باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق شمال سورية ووسطها، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية المرتبطة بالجانب التركي، إضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بمدينة إدلب شرقاً وشمالاً وجنوباً، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لمحافظة إدلب في خريطة المعارك المقبلة بالشمال والوسط السوري بشكل عام وفي مناطق الساحل السوري بشكل خاص.

هنا، يمكن القول إنّ الجيش العربي السوري قد استطاع مرحلياً تسديد الضربة الأولى لهذه المجاميع الإرهابية المدعومة من الجانب التركي، وبدأ فعلياً برسم ملامح جديدة لطبيعة المعركة في عموم مناطق محافظة إدلب وريف حماة الغربي والشمالي بالوسط السوري، وقد أثمر هذا التسديد المباشر للضربة الأولى بريف اللاذقية الشمالي عن استعادة زمام المبادرة من قبل الجيش، وها هي طلائع الجيش اليوم تقف على مشارف العمق الاستراتيجي لريف إدلب الغربي جسر الشغور، وهذا ما أثمر مرحلياً مجموعة انهيارات واسعة في صفوف مسلحي «جبهة النصرة الجبهة الإسلامية» في معظم بلدات وقرى ريفي اللاذقية الشمالي والشمالي الشرقي.

ويمكن أن نقرأ وبناء على متغيّرات الساعات الأخيرة والتطوّر الملموس والنوعي في عمليات الجيش العربي السوري بعموم مناطق ريف اللاذقية الشمالي، أنّ خطط القادة الميدانيين في الجيش اتجهت بالمنحى الإيجابي، فخريطة العمليات العملياتية والتكتيكية والاستراتيجية وتبادل الأدوار والانتقال من خطة إلى أخرى والتكيّف مع ظروف المعركة بسلاسة ملحوظة، هذه المتغيّرات التي أدارتها بحرفية وحنكة ملحوظة القيادة العسكرية الميدانية للجيش السوري بريف اللاذقية الشمالي بمجموعها، أثمرت وبعمليات نوعية وخاطفة بضرب خطوط الدفاع الأولى لـ»جبهة النصرة « في ريف إدلب الغربي، من خلال تحرير مجموعة قرى وبلدات تشرف على جسر الشغور بشكل شبه مباشر، وبهذا يكون الجيش العربي السوري قد أمّن «مرحلياً» أولى مراحل التقدّم باتجاه عمق ريف إدلب الغربي.

ختاماً، في هذه المرحلة، وبعد أنّ أصبح الجيش العربي السوري على مشارف العمق الاستراتيجي لريف إدلب الغربي وخصوصاً بعد النجاح الملحوظ بتقطيع أوصال طرق إمداد المجاميع المسلحة من الجانب التركي، وبعد مجموعة انهيارات واسعة في صفوف مسلحي «جبهة النصرة الجبهة الإسلامية» وآخرها في قرى وبلدات ريف اللاذقية الشمالي، هنا تمكن قراءة الواقع وبشكل منطقي وأكثر واقعية، فتحرير ريف اللاذقية الشمالي شكل صفعة قوية للنظام التركي وللمجاميع المسلحة، ومن هنا سننتظر الأيام المقبلة التي ستعطينا إجابات منطقية وأكثر وضوحاً وواقعية من مجمل التغيّرات التي سنشهدها بالساحة العسكرية الإدلبية بشكل خاص وعموم الساحة العسكرية السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى