يرحلون وتبقى…
محمد شادي توتونجي
اختلف الكثير من المحللين منذ بداية الأزمة السورية المستمرة منذ ما يقارب الخمس سنوات على تسمية أو توصيف هذه الحرب الكونية بين خيارين:
هل هي الحرب على سورية، أم الحرب مع سورية؟
نعم أصاب الكثيرون بتحليلاتهم وقراءتهم من وجهات نظر مختلفة من كلا الفريقين، وأتفقوا في كلّ التحليلات التي قدموها، في كتاباتهم، و إطلالتهم التلفزيونية أو حوراتهم أو مقالاتهم الصحافية، على أنّ الحرب وسورية هما القاسم المشترك ولكن:
هنا أرغب في طرح مجموعة من التساؤلات التي ربما كانت واضحة منذ البداية والتي يمكن أن تحدّد الفرق بين كلمتي «مع» أو «على» وهي:
هل كانوا يقصدون جميعاً بكلمة سورية «سورية الأسد»؟
لو كانت سورية بغير هذا الأسد، فلماذا دفع نعاج قطر والوهّابية الأموال لمحاولات اغتياله إن كان فعلاً لا يعني هو بشخصه كلّ رمز للشرف والكرامة والقوة والسيادة والعروبة؟
لو كانت بغير هذا الأسد هل كانت لتخاض كلّ تلك الحروب عليها؟ هل كانت ستحشد لها كلّ قوات «ناتو» ومن لفّ لفيفها من عرب وأعاجم وعثمانين جدد ومتأسلمين اتخذوا الدين لبوساً لإرهابهم وعهرهم وشهواتهم لهزّ كيانها وتحييدها عن نهجها المقاوم وتغيير البوصلة التي ارتضتها لنفسها آلا وهي القدس؟ هل كانت ستحتضن كلّ فصائل المقاومة الفلسطينية وأمّنت لها معسكرات التدريب والحماية وكافة أنواع الدعم المادي واللوجستي على أرضها منذ أيام القائد الراحل حافظ علي سليمان الأسد؟
هل كانت لتحتضن كلّ العرب من العراق ولبنان وفلسطين عندما دمّرت بلدانهم وانتهكت حرماتهم جراء الغزو الديمقراطي الغربي الصهيو ـ أميركي وبتمويل بترودولاري؟
هل كانت ستقول للأميركي: لا «بكلّ بترغيبه وترهيبه» عندما كان له 150 ألف عسكري على حدودها مع العراق؟
هل كان رئيسها سيطلّ ويقول إن أردتموها حرباً مفتوحة فأهلاً وسهلاً بالحرب؟
هل كانت ستقول عام 2006 للنعاج والمستعربين: يا أشباه الرجال في زمنٍ عزّ فيه الرجال؟
لو غيرت مبادئها بغير الأسد، وانبطحت في عصر الانبطاح العربي والتهافت على التحالف مع الكيان الصهيوني، وتخلت عن دورها المقاوم والداعم للمقاومين في العالمين العربي والإسلامي وكلّ حركات التحرّر العالمي، هل كانت ستبقى تحت هذه الضغوط؟
لو كانت بغير هذا الأسد، هل كانت ستبقى موحّدة قوية صامدة شامخة لا طائفية فيها ولا أفرقاء لا مذاهب متناحرة؟
هل كان أبناؤها سيتمكنون من التعلم مجاناً من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية، ومن تلقي العلاج بأسعار رمزية وتتحمل الدولة كل باقي النفقات؟ هل كان شعبها سينعم بأمن «يبكي اليوم دماً لاستعادته»؟ هل كان جيشها سيبقى متلاحماً قوياً صامداً ملتفاً حول عرين أسده متحدياً كلّ إرهاب العالم لتبقى سورية بهذا الأسد شامخة سيدةً حرةً أبيةً صامدة؟
لو كانت هذه السورية بغير هذا الأسد، هل كنا سنرى الأمهات الثكالى على أبنائهن وبناتهن والنسوة على أزواجهن وإخوانهن وأخواتهن يقولون وهم يزفون شهداءهم وشهيداتهم إلى الجنة «فدى الوطن وقائد الوطن» ويطالبون بقية أبنائهم بالالتحاق بركب الشهداء لتبقى سورية الأسد حرة وشامخة؟ لو كانت سورية يحكمها أخوانيٌ منافق أو أعرابيٌ منبطح أو عميلٌ صيهو – أميركي كما هو الحال في أغلب الدول العربية هل كان كلّ هذ الحشد سيحشد لها ويستقدم لأرضها كلّ عهّار الكون من إرهابيين ومرتزقةٍ ووهابيين، وإخوانٍ شياطين، وعلماء مأجورين وللأسف خونة من أبنائها ليعرّوها ويستجلبوا لها كلّ هؤلاء من أجل مال ممزوج بدماء أهلهم في وطنهم؟
أعتقد يقيناً أنّ الكلّ متفق الآن على أنّ الرئيس الدكتور بشار الأسد هو القاسم المشترك لهذه الحرب الكونية على ومع سورية الأسد…
أسئلة مطروحة للجميع… وأعتقد أنّ جوابها واضح، وسيراه الكون بأجمعه ممثلاً بكلّ السوريين والعروبيين ملتفين حول أسدهم «بعد تتويجه زعيماً مكرّساً للأبد» في ساحات النصر في سورية قلب العالم النابض في احتفالات النصر المؤزّر المبين، هذه الساحات التي ستُرسم منها خرائط العالم الجديد بدماء أبناء سورية الشرفاء المقاومين أشرف الناس وأطهر الناس وأعز الناس، الذين آمنوا بحتمية انتصار الدم على السيف بمثلث لا يُقهر قائد وجيش وشعب مقاوم.
بل وأعتقد يقيناً أنّ العدو الصهيوني هو من أثبت صحة ما قلناه عن الحرب على الرئيس الأسد في مؤتمر مفكريه وقادته الأخير، الذي أشار إليه سيد المقاومة السيد حسن نصر الله في خطابه حيث خلص المؤتمرون إلى أنه أمام فرصة كبيرة لتغيير النظام في سورية، معتبرين أنّ سقوط النظام في سورية سيلحق ضربة قاصمة لمحور المقاومة، حتى أنّ العديد من أركان نظام الكيان الصهيوني صرحوا بأنّ «داعش» و»القاعدة» أقلّ خطراً على أمن الكيان الصهيوني ووجوده، لذلك يجب عليهم العمل بكلّ طاقاتهم مع حلفائهم الأتراك والسعوديين ومع الولايات المتحدة الأميركية من أجل تعطيل أي تسوية سياسية في سورية يقودها الرئيس الأسد ولا تؤدي إلى رحيله ولو كلفهم الأمر إدخال المنطقة والإقليم في حرب لعشرات السنين، لأنهم يعلمون وكما أكد الرئيس الأسد في لقائه الأخير مع محاميي سورية أنّ بقاء عروشهم وأنظمتهم مرتبط بحلّ الأزمة في سورية، وخصوصاً إذا كان الحلّ في صناديق الاقتراع حيث تقرّ الغالبية العظمى من وسائلهم الإعلامية ومؤسساتهم الإحصائية بفوز ساحق للرئيس الأسد فيها.
في النهاية لا بدّ لي من توجيه الشكر إلى الرئيس بشار الأسد وكلّ طاقمه الديبلوماسي والرئاسي والحكومي والأمني وكلّ القيادات العسكرية الوطنية الشريفة في سورية، وإلى الجيش العربي السوري ولجان الدفاع الوطني وكلّ الحلفاء من طهران إلى موسكو مروراً بالعراق والضاحية الجنوبية التي ترسم في كلّ لحظة تاريخاً من الشرف والعزة لهذا الوطن ولكلّ شرفاء هذا الكون…