السعودية وورقتها الأخيرة لمحاربة حزب الله

ناديا شحادة

السعودية التي تلقت الخسارة تلو الأخرى نتيجة تدخلها في ملفات المنطقة كالأزمة السورية ودعمها للإرهابيين لمحاربة الجيش السوري الذي استطاع أن يحقق العديد من الانتصارات في أغلب المدن السورية، مدعوماً بالطيران الروسي وحلفائه على الارض من مقاتلين إيرانيين ومجاهدي المقاومة اللبنانية التي أعلن سيّدها في العديد من خطاباته ان حزب الله لن يتخلى عن سورية، وجزم في خطابه الأخير الذي ألقاه خلال الذكرى السنوية التي أقامها حزب الله للقادة الشهداء في السادس عشر من الشهر الحالي أنه لن يسمح للجماعات الإرهابية وخلفها السعودية وتركيا وأميركا للسيطرة على سورية.

فالسعودية المربكة نتيجة خسائرها في سورية ترفع حدة التوتر السياسية في الساحة اللبنانية وتعلن حربها الاقتصادية على لبنان وتوقف الهبة للجيش والقوى الأمنية اللبنانية محملة حزب الله السبب الأول في اتخاذها تلك الخطوات، حيث اعلن مصدر مسؤول في التاسع عشر من الشهر الحالي إيقاف المساعدات المقررة منها لتسليح الجيش اللبناني عن طريق فرنسا وقيمتها ثلاثة مليارات دولار اميركي، وكذلك إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار اميركي المخصصة لقوى الامن الداخلي اللبناني، بسبب مواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظل مصادرة حزب الله اللبناني لإرادة الدولة، حسب تعبيره.

يؤكد الخبراء الاستراتيجيون على أن ما قامت به السعودية من إعلانها وقف الهبة للجيش اللبناني أدى إلى انقسام حاد في الأوساط اللبنانية وقابله رد فعل من بعض الساسة اللبنانيين في محاولة لمراضاة الرياض منها تمني رئيس الحكومة تمام سلام على المملكة إعادة النظر بقرارها قائلاً تلقينا بكثير من الأسف قرار المملكة المفاجئ القاضي بإيقاف المساعدات المخصصة لتسليح وتجهيز الجيش وقوى الأمن الداخلي، وما كنا نريد أن تصل الأمور إلى ما يخالف طبيعة العلاقات التاريخية بين البلدين، وكذلك حمل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري حزب الله مسؤولية وقف المساعدات، داعين الحكومة إلى ردع الحزب عن استمرار التهجم على الرياض، فتلك التصريحات التي جاءت في محاولة لإرضاء المملكة لم تنفع، وبقيت الأخيرة متمسكة بموقفها بل وصعدت أكثر، حين طالبت وزارة الخارجية السعودية في 24 شباط من مواطنيها مغادرة لبنان وعدم السفر إليه، وفي خطوة تلاها إعلان الإمارات منع مواطنيها من السفر إلى لبنان وخفض بعثتها الدبلوماسية فيه، لتجدّد بعد ذلك وزارة خارجية البحرين طلبها من جميع مواطنيها عدم السفر نهائياً إلى الجمهورية اللبنانية، ليؤكد بذلك الخبراء على أن موجة التصعيد السعودية ليست احتجاجاً على موقف بل هي عقاب جماعي متصاعد لوقف مصادر التمويل على لبنان هدفها الأول خنق لبنان اقتصادياً وتحميل حزب الله المسؤولية بذلك.

فمن خلال الإجراءات التي اتخذتها المملكة خلال الأيام الماضية بحق الجمهورية اللبنانية يدرك المتابع أن الرياض أعلنت حربها الاقتصادية على لبنان وتخلّت عن حليفها الأول تيار المستقبل الذي يعاني أصلاً من أزمة مالية خانقة من دون اهتمام سعودي، ليكون بذلك سعد الحريري في وضع لا يُحسد عليه مالياً وسياسياً.

وبذلك يكون السقف السعودي من خلف هذا التصعيد هو محاربة لبنان اقتصادياً والتصويب على حزب الله تطبيقاً لسياسة تفاهم اوباما ونتنياهو بحصر حروبهم في المنطقة بحزب الله، التي تمت في لقاء اوباما ونتنياهو في 10 تشرين الثاني 2015، حيث أكد اوباما في بداية لقائه بنتنياهو ان البيئة الأمنية في الشرق الاوسط قد تدهورت في الكثير من المجالات، مؤكدا انه سيناقش الوضع في سورية وكيفية مكافحة داعش وحزب الله.

فواشنطن وتل ابيب والرياض تخوض مغامرة جديدة، وباتت تسعى وراء هدف واحد هو استهداف حزب الله في محاولة لتغيير المشهد العام في المنطقة بعد فشلها جميعاً في سورية وفشلها في تحجيم الدورين الروسي والإيراني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى