زهرمان: الاستقالة سبب الخلاف مع ريفي والحريري يفضِّل التريُّث والصبر لمصلحة البلد

حاورته روزانا رمال ـ تحرير محمد حمية

أكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب خالد زهرمان أنّ «المستقبل رضخ وتنازل بقبوله بيان الحكومة الأخير لخوفه من ارتدادات أمنية تهدِّد الاستقرار في لبنان»، معتبراً أنه «لولا سطوة السلاح لما كان فريق 14 آذار ليوافق على هذا البيان الذي لم يُرض السعودية أيضاً»، موضحاً أنّ «قرار السعودية منع مواطنينها من السفر إلى لبنان ودعوتها رعاياها إلى مغادرته، جاء نتيجة رفضها البيان الذي لم يغير شيئاً في موقف لبنان تجاه السعودية».

وأشار زهرمان في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» إلى أنّ ما يقوله وزير الخارجية جبران باسيل «يُجافي الحقيقة ويناقض البيان الوزراي، لأنّ السعودية أكثر دولة تفهمت التركيبة اللبنانية وهي لا تقوّي فريقاً على آخر كما تفعل إيران».

ودافع زهرمان عن وزير العدل أشرف ريفي، موضحاً أنّ الأخير «ليس من ضمن منظومة المستقبل بل هو حليف وخلافنا معه حول إصراره على الاستقالة من الحكومة وقلب الطاولة لكنّ الرئيس سعد الحريري فضّل التريث والصبر لمصلحة البلد».

وفي الملف الرئاسي، اعتبر زهرمان أنّ «الحريري أقدم على خطوة ترشيح فرنجية لوجود خطر من استمرار الفراغ يصل حدّ تهديد الكيان والجمهورية»، مشككاً بدعم حزب الله ترشيح عون للرئاسة، وقال: «لا يستطيع حزب الله إلزامنا بانتخاب عون، وندعو الجميع للنزول إلى المجلس لانتخاب الرئيس وإذا فاز عون سنذهب إلى الرابية ونبارك له ونعتبره رئيساً لكلّ اللبنانيين، لكننا حالياً لا نريده رئيساً».

وخيّر زهرمان الفريق الآخر بين انتخاب رئيس من المرشحين الحاليين وبين الذهاب إلى مرشح توافقي من خارج الأقطاب الأربعة والاصطفافات الحزبية»، وربط بين التسوية الرئاسية في لبنان والتسوية الشاملة في المنطقة، «التي لم تنضج بعد».

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً:

هل يمكننا أن نعتبر أنّ المواقف السعودية الأخيرة تجاه لبنان بداية لتصعيد سيتطور أكثر؟

المواقف العربية والتزام لبنان بالإجماع العربي لا يتناقضان مع سياسة النأي بالنفس، لأنّ لبنان من مؤسِّسي جامعة الدول العربية ولديه التزامات دولية وعربية لا يستطيع الخروج منها تحت عنوان النأي بالنفس. السعودية كان لديها الكثير من الصبر على تحمُّل الأذية والشتائم التي تعرضت لها في المرحلة السابقة، رغم مدّ المملكة يد العون إلى لبنان في كلّ المرحل، منذ الحرب الأهلية وقدمت هبة غير مسبوقة تمثلت في أربعة مليارات، ورغم ذلك كان ردّ الجميل لها لا يتماشى مع حجم وقوفها إلى جانب لبنان، لكنّ الذي «قسم ظهر البعير» هو عدم وقوف لبنان الرسمي إلى جانب المملكة في قمتي القاهرة وجدة، وقد استغربت السعودية هذا الموقف.

فاجأت السعودية لبنان وضمّته إلى ما يُسمّى «التحالف الإسلامي ضدّ الإرهاب» من دون أن تنتظر موقف الحكومة رغم امتعاض عدة أفرقاء من إدخال لبنان في هذا التحالف. كيف تفسرون ذلك؟

ـ لبنان عضو في منظمة الدول الإسلامية واتصال السعودية برئيس الحكومة تمام سلام بشأن هذا الأمر كان نوعاً من إعلان النوايا والسعي إلى ضمّ لبنان إلى التحالف، لكنّ هذا الأمر يعود للدولة اللبنانية ويجب مناقشه في الحكومة واتخاذ القرار بشأنه وفقاً للسبل الدستورية. المشكلة الأساسية للسعودية هي رفض لبنان ضمّ صوته إلى الإجماع العربي فيما خصّ إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد.

لكنّ الوزير باسيل أعلن رفضه واستنكاره لهذا الاعتداء وحتى إيران رفضت ذلك، فهل هذا خروج عن الإجماع العربي؟

السعودية عاتبة على الموقف الرسمي الرمادي وموقف الخارجية اللبنانية في قمة القاهرة، واستنكار باسيل لاحقاً في أحد الاجتماعات لا ينفي أنّ لبنان أبعد نفسه عن الانضمام إلى الإجماع العربي في استنكار الاعتداء على السفارة والقنصلية.

الرياض دعمت اتفاق اللبنانيين على سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، فأين المفاجئ في موقف لبنان في الجامعة العربية الذي استند إلى سياسة النأي بالنفس عن باقي الأزمات، ولماذا لا تتفهم السعودية التركيبة اللبنانية؟

البيان الوزاري لهذه الحكومة ينصّ على الالتزام بمقرارات الحوار الوطني في المجلس النيابي والقصر الجمهوري التي تنصّ على التزام سياسة تحييد لبنان والنأي بالنفس، عدا الالتزام بالقضية الفلسطينية وبالشرعية الدولية وبالإجماع العربي. ما يقوله باسيل بعيد عن الحقيقة ويناقض البيان الوزراي، السعودية أكثر دولة تفهمت التركيبة اللبنانية ولا تقوي فريقاً على آخر كما تفعل إيران. لقد وافقنا على البيان الأخير للحكومة خوفاً منّا على الاستقرار.

ألا تعتقد أنّ هناك أسباباً أخرى كانت تعرقل تنفيذ الهبة السعودية قبل موقف باسيل في الجامعة العربية وحتى قبل مواقف حزب الله ضدّ السعودية بسبب حرب اليمن؟

ـ المكرمة السعودية تنقسم إلى قسمين، الأولى عبارة عن 3 مليارات والثانية بقيمة مليار وهذا المبلغ عليه إشكالية لأنه أقر من أموال الملك عبدالله الخاصة وحصلت إشكاليات لاحقاً بصرفه بعد توزيع التركة على الورثة. أما هبة الـ3 مليارات، فقد تمّ توقيع كلّ العقود اللازمة المتعلقة بها بين السعودية وفرنسا ووضع جدولة تصنيع وتسليم، لكنها تأخرت لاعتبارات الروتين الإداري وموضوع التصنيع وهي ترتبط بتسليم فرنسا هذه الأسلحة الثقيلة للبنان.

هناك حديث عن علاقة غير جيّدة بين السعودية وفرنسا منذ الانفتاح الفرنسي على إيران والتعاون التجاري بينهما، وهناك من قال إنّ إلغاء الهبة كان نتيجة هذه العلاقة؟

هذا خلاف إقليمي ـ دولي لا يعنينا، ولو كان صحيحاً لكانت السعودية طلبت من فرنسا وقف تصنيع الأسلحة، لكنّ المصادر الفرنسية تقول إنه لا يوجد أي طلب سعودي لوقف التصنيع.

لكن هناك معلومات عن امتعاض فرنسي من القرار السعودي بوقف الهبات؟

فرنسا وقفت متفرجة مع الولايات المتحدة لسنوات على لبنان وهو يعاني ولم تقدما شيئاً، على فرنسا أن تقدم للبنان ثم تنتقد السعودية. السعودية مأخذها على موقف رسمي ضدّها في الجامعة العربية وليس على موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وحزب الله، والقول إنّ هذا الموقف تمّ تنسيقه مع رئيس الحكومة عقّد الأمور أكثر لكنّ الرئيس تمام سلام نفى وجود أي تنسيق، وقال إننا نسقنا بما خصّ ذكر حزب الله، لكن في موضوع عدم استنكار الاعتداءات على السفارة السعودية في إيران لم ننسق.

هل تعتقد أنّ السعودية أمس هي نفسها السعودية اليوم؟

السعودية ما زالت إلى جانب لبنان، لا تتخلى عن اللبنانيين بل لديها مشكلة مع هذه السلطة والمنظومة اللبنانية الفاسدة التي هي اليوم رهينة في يد حزب الله. قام الرئيس سلام بجهد كبير لإقناع فريق معين لحضور وزرائه الجلسة الحكومية لإخراج البيان في الحكومة، نحن نرضخ ونتنازل لخوفنا من ارتدادات أمنية وتهديد الاستقرار في لبنان، لكنّ حزب الله حشرنا في الزاوية، إما الرضوخ وإما الذهاب إلى حرب في كلّ الملفات، وما صدر عن الحكومة خير دليل ولولا سطوة السلاح لما كان فريق 14 آذار ليوافق على البيان الذي لم يُرض السعودية أيضاً وقرارها منع مواطنيها من السفر إلى لبنان ودعوتها رعاياها إلى مغادرته ردّ على رفضها البيان الذي لم يغير شيئاً في موقف لبنان تجاه السعودية.

ما هي أسباب التباعد بين الرئيس سعد الحريري والوزير أشرف ريفي؟

في تيار المستقبل وقوى 14 آذار نقف على حدّ السكين، إما ندفع إلى التنازل في مكان ما وإما نتخذ موقفاً حاسماً ربما تكون تداعياته خطيرة. الرئيس الحريري يقول إننا مستمرون في الحوار مع حزب الله، رغم أنه لا يُترجم على الأرض، لتخفيف الاحقتان والاحتكاك بسبب تصرُّفات سرايا حزب الله، ووافقنا على صورة بيان لا تمثل صورة لبنان ولا ترضي اللبنانيين. الوزير ريفي ليس من ضمن منظومة «المستقبل» بل هو حليف وخلافنا معه أنه يقول «طفح الكيل» وآن الأوان لكي نخرج من الحكومة ونقلب الطاولة لكنّ الحريري يقول علينا أن نصبر وهناك مصلحة البلد، لذلك فإنّ الخلاف ليس استراتيجياً بل حول مقاربة الملفات وطريقة التعاطي معها.

يقال إنّ مرجعية ريفي في السعودية أصبحت قوية، فهل جاء قرار استقالته وخروجه عن الحريري ارتجالياً؟

سبق واتخذ ريفي قرارات لا تتماشى مع رؤية «المستقبل»، وموضوع استقالة وزراء التيار طُرح ويُطرح بشكلٍ يومي في اجتماعاتنا وهناك أطراف داخل التيار تريد وقف الحوار مع حزب الله والخروج من الحكومة، لكنّ المنظم في المستقبل عليه أن يلتزم بقرار التيار، أما ريفي فهو غير منظم ولديه هامش ليقول لا.

ما هو سبب تكون هذه القاعدة الشعبية المؤيّدة لريفي التي نشاهدها في طرابلس؟

سياسة حزب الله بحشر «المستقبل» في الزاوية تصبّ في صالح التطرف وتضعفنا وأحد حسنات مواقف ريفي أنه يحاول لمّ الشارع، لأنّ الناس كفرت بنا وتكوّنت لديها شكوك بأنّ الاعتدال لن يؤدي إلى نتيجة ما أضعف ثقتها بتيار المستقبل، وهذا أحد الأخطاء المُميتة التي يرتكبها حزب الله بحقّ «المستقبل» وسيدفع الجميع ثمنه في المستقبل.

يُقال إنّ ريفي يلمّ الشارع الطرابلسي من أجل التغطية على فضيحة إرسال مقاتلين لبنانيين للقتال في الحرب السورية ودعمه للمجموعات المسلحة فيها وفشل رهانه على إسقاط النظام، ما رأيك؟

لا شك أنّ مجموعات من طرابلس ذهبت إلى سورية للقتال إلى جانب المعارضة وكنا نمنعهم من ذلك ونقول لهم إنّ هذا القتال لا يقدم ولا يؤخر لأنّ القضية السورية أكبر من لبنان. لا دور لريفي في إرسال مسلحين إلى سورية، أما في موضوع طرابلس، فهناك بؤرة أمنية مغطاة إقليمياً ومحلياً وكانت تستخدم لإرسال رسائل سياسية، ما دفع بعض الشبان في طرابلس إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم ومنطقتهم ضدّ مسلحين في جبل محسن، وتطور الأمر لاحقاً إلى مجموعات قامت بأعمال إرهابية واعتدت على الجيش وهؤلاء يجب أن يُحاكموا، لكنّ ريفي قصد بقوله هؤلاء «أولادي»، من يدافع عن منطقته وليس من اعتدى على الجيش أو فجر أحزمة ناسفة في الضاحية الجنوبية، ولاحقاً جاء القرار بسحر ساحر لتطبيق الخطة الأمنية في طرابلس، ما يعني أنّ هناك قراراً سياسياً بإبقاء هذا الجرح الأمني مفتوحاً.

هل تخشون اهتزازاً أمنياً في لبنان؟

المخاوف موجودة دائماً، لكنّ رهاننا على وجود غطاء دولي وإقليمي بمنع الانفجار الأمني وعلى بعض العقلاء الذين يعملون لتحصين الساحة الداخلية. استقرار لبنان معجزة في ظلّ ما يحصل في المنطقة، الجميع خاسر إذا اهتزّ الاستقرار.

مبادرة رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بدعم ترشيح العماد ميشال عون والمصالحة المسيحية أظهرت الأول كزعيم حريص على حقوق المسيحيين وحولته إلى زعيم لمسيحيي 14 آذار، فهل بات الحريري يواجه مشكلة زعامة جعجع المسيحية وريفي السنية؟

الحريري وصل إلى قناعة بأنّ البلد في مهبّ الريح إذا لم تُجرَ انتخابات رئاسية، وأقدم على خطوة ترشيح فرنجية لوجود مخاوف من استمرار الفراغ تصل حدّ تهديد الكيان والجمهورية، لكن هناك فريقاً ينتظر الخارج لتحسين شروطه في الداخل.

في أي مرحلة أصبحت مبادرة ترشيح فرنجية وهل يبذل الحريري جهوداً لإقناع حلفائه به؟

الحريري يقوم باتصالات على هذا الصعيد، ولا «فيتو» لدينا على أحد، فلننزل إلى المجلس النيابي بما أنّ كلا المرشحين من 8 آذار.

لكنّ 8 آذار لن يذهب إلى المجلس بمرشحين، كما أنّ فرنجية أعلن أنه لن يشارك في أي جلسة إلا بمشاركة حزب الله؟

فرنجية يعني أنه ينزل إلى المجلس إذا نزل حزب الله، وبالتالي الأمر مرتبط بالحزب.

ألا ترى إيجابية في موقف حزب الله بأنه لا يريد إيصال مرشحه عون من دون التوافق مع الجميع لا سيما «المستقبل»؟

أشك أن يكون حزب الله يريد عون، كما أنه لا يستطيع إلزامنا بانتخابه، إذا نزلنا إلى المجلس وفاز عون سنذهب إلى الرابية ونبارك له ونعتبره رئيساً لكلّ اللبنانيين. لا نريد عون رئيساً للجمهورية حتى الآن، فإما الذهاب إلى المجلس لانتخاب أحد المرشحين، وإما الذهاب إلى حلّ وسطي توافقي أي مرشح من خارج الأقطاب الأربعة ومن خارج الاصطفافات الحزبية.

هل ارتفع «الفيتو» السعودي على عون بعد موقف باسيل في الجامعة العربية؟

بالتأكيد، للأسف عون يرفض أن يكون لكلّ اللبنانيين بل هو فريق ومصطف ورئيس صدامي ومن هذا المنطلق حتى الآن نرفضه، ولكن إذا غيّر مواقفه لاحقاً، لكلّ حادث حديث. هناك صعوبة بأن يتحمل البلد رئيساً من فريق فنحن بلد التسويات.

ألا يُعتبر فرنجية رئيساً لفريق وهل رشحتموه فقط لحرق المرشحين الأربعة للوصول إلى رئيس وسطي في نهاية المطاف؟

اخترنا فرنجية لأنّ المسيحيين حصروا الترشيح بأربعة مرشحين في بكركي وفُرض علينا الاختيار من بين هؤلاء الأربعة ولتفادي مشكلة ذهبنا وتنازلنا، كانت مبادرة ترشيح فرنجية وهي ليست مناورة فلنذهب إلى المجلس لنثبت ذلك، ورغم خلافاتنا العميقة مع فرنجية لا سيما صداقته مع الرئيس بشار الأسد إلا أنّ الحريري رأى خلال الحوار معه عدداً من القواسم المشتركة من بينها الحفاظ على الطائف، ليس لدينا ثأر مع عون، لكن عليه أن يبرهن أنه رئيس وسطي جامع لنتحاور معه.

خمس سنوات على الأزمة السورية والرئيس بشار الأسد ما زال موجوداً وهناك اتفاق دولي وحوار بين النظام والمعارضة، هل تعتبر أنّ مبادرة فرنجية انتصار للفريق الآخر في ظلّ بقاء الأسد ورهاناتكم على سقوط النظام في سورية؟

منذ البداية دعمنا كلّ الثورات في العالم العربي، الآن المشهد يختلف عن مشهد العام 2012. النظامان السوري والإيراني استجلبا التطرف إلى سورية وقضيا على مفهوم «الثورة»، هذا مسؤولية تلكؤ المجتمع الدولي واستجلاب الإرهاب من العالم إلى سورية.

هل تعتقد أنّ التسوية الرئاسية في لبنان تنتظر تسوية الأزمة السورية وجنيف 3؟

إلى حدٍّ ما نعم وهذا مؤسف، لا شك أنّ هناك جهداً داخلياً لانتخاب رئيس لكن يجب ألا ننسى وجود بُعد إقليمي ولا يبدو أنّ هناك صورة تسوية في المنطقة، لأنّ التسوية في لبنان ستكون جزءاً من هذه التسوية الشاملة.

يمكن متابعة هذا الحوار على قناة «توب نيوز»:

Webtv live youtube streaming channel: topnews

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى