أزمة السيولة وتمويل المشروعات في مصر

بشير العدل

مع استمرار الأداء الضعيف لمؤشرات البورصة المصرية واستقرارها في المنطقة الحمراء لأغلب الجلسات والتحركات الضعيفة للمؤشر الرئيسي EGX30 تحت مستوى 6000 نقطة، تبدو إشكالية كبيرة تواجه السوق المصري في تمويل المشروعات، وتحديداً الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي يفرض على الحكومة المصرية أعباء اقتصادية إضافية تضاف إلى أعبائها الأساسية التي تتمثل في تراجع معدلات النمو وزيادة البطالة وتوقف بعض القطاعات الرئيسية عن تنمية موارد الدولة مثل قطاع السياحة الذي يتعرّض لانتكاسة، خاصة في ظلّ الانعكاسات السياسية عليه.

ولم تكن تلك الانعكاسات مقتصرة على القطاعات الحيوية في الدولة وقد تسبّبت بنضوب مواردها، إنما كانت هناك قرارات حكومية غير مدروسة تركت آثاراً سلبية على الاستثمار الأجنبي وتحديداً في سوق المال كان منها فرض الضريبة على الأرباح الرأسمالية وهو القرار الذي تهاوت بسببه مؤشرات البورصة واستقرّت في المنطقة الحمراء لفترات ليست قصيرة حتى بلغ الأمر إلى خسائر مالية ضخمة تجاوزت 20 ملياراً في بعض الجلسات، ما دفع الحكومة والدولة إلى التراجع عن تنفيذ القرار لما له من أثر سلبي على أداء البورصة التي سيطرت عليها عمليات جني الأرباح ومن ثم خسارة في رأس المال السوقي.

ولأنّ البورصة المصرية تمثل أداة رئيسية لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإن كان أداؤها لا يعكس حالة الاقتصاد القومي، فقد تنبهت الحكومة لضرورة تجاوز أخطاء البورصة فتوقفت عن قرار ضريبة الأرباح الرأسمالية واتجهت إدارة البورصة إلى اتخاذ إجراءات تشجيعية منها استحداث مؤشرات جديدة منها EGX50، فضلاً عن الاهتمام ببورصة النيل وكلها وسائل الهدف منها تشجيع عمليات القيد في البورصة وضخّ أموال إضافية للسوق كوسيلة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهو ما سبق أن أعلن عنه رئيس مجلس إدارة البورصة د.محمد عمران الذي استطاع أن يصل بأداء البورصة من ناحيتي القياس والأداء إلى مصاف البورصات العالمية غير أنّ القرارات الحكومة والأوضاع السياسية حالتا دون إتمام نجاح الجهود التي اتخذتها إدارة البورصة.

ولم تكن الأوضاع التي تشهدها مصر وحدها سبباً في تراجع أداء البورصة وظهور أزمة السيولة، لكنّ البورصة لا تعمل بمعزل عن البورصات العربية الأخرى التي تأثرت بعوامل دولية في مقدمتها تراجع أسعار النفط والأزمة المالية في الصين ومن قبلها في اليونان ما فرض على البورصة المصرية وغيرها من البورصات العربية أداء ضعيفاً غير أنّ اقتصادات الدول الأخرى تختلف كثيراً عن الاقتصاد المصري الذي يعاني نزيفاً حاداً منذ أكثر من 5 سنوات هي زمن الفوضى السياسية التي شهدتها مصر.

ثمثل السيولة أزمة في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر تزداد خطورتها مع التراجع الحاد في أداء البورصة والخسائر اليومية التي تُضاف إلى رصيد مؤشراتها، ما يعني أنّ الحاجة أصبحت ملحة إلى إعادة النظر في الأوضاع الاقتصادية بشكل عام حتى لا يكون تأثير أداء البورصة أكثر خطورة على التنمية الاقتصادية في البلاد.

مقرّر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة

eladl254 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى