نتائج القلق السعودي تجاه خطابات السيد نصرالله

جهاد أيوب

لم تكن السلطات السعودية تهتمّ بخطابات السيد حسن نصرالله، وكانت تترك الردّ لأتباعها من اللبنانيين، وايضاً لبعض من يتطوّع للهجوم والشتم للفت نظر خزينتها لا أكثر ولا أقلّ، وبعد وصول الملك سلمان الى سدّة الحكم اختلفت النظرة الى الخطاب الإعلامي وسياسة الدولة الحربية، فالملك الجديد ملمّ بالإعلام، ويتابع الكثير مما يصدر عنه، ويهتمّ لتصرفات الصديق والعدو معاً، فكيف اذا كان الخصم بمستوى وحجم الصدق والقول والفعل كالسيّد نصرالله؟!

وقد اعتمدت الردود على خطابات ومواقف السيّد من قبل السعودية على التابعين لها في لبنان إلى حين بدء الغزو السعودي الأميركي على اليمن، حينها أخذت الجهات المختصة هناك بمتابعة خطابات السيد ودراستها والوقوف عندها والردّ عليها بشخصانية، فالسيّد تعمّد في بداية تلك الحرب انّ يكثر من إطلالاته الإعلامية والكلام عن اليمن لكي يوضح الرؤية، ويشرح مكامن الخطر من تلك الحرب.

وتابعت جهات سعودية ولا تزال رصد نشاطات قيادات الحزب إعلامياً مهما كان دورها، كبيراً او صغيراً، فاعلاً او مجرد مؤيد، ووصلت الأمور الى إرسال أسماء إعلاميين لبنانيين يدافعون عن المقاومة ويعارضون غزو اليمن الى مؤسسات عربية وخليجية ولبنانية تحسب عليها مادياً تطلب منها عدم توظيف او التعاون مع الأسماء المرسلة تحت طائلة المسؤولية!

اليوم تشكل خطابات السيّد حسن نصرالله حالة خاصة في السياسة السعودية، وتصيبها بهستيريا مباشرة أكثر مما تصيب «إسرائيل»، تراقب بدقة وتدرس بعناية حتى الهجوم الشخصاني يكتب وينفذ بحذافيره، اقصد أنّ الأهمية السعودية هي ذاتها في الكيان الصهيوني لخطابات السيد وتحركات المقاومة، ونحن هنا لا نتحدّث عن تشابه الخطاب الإعلامي بينهما فقط، ولا عن المفردات المشتركة التي تستخدم في نشرات أخبارهما ومقالاتهما، وكيفية زرع النعرات الطائفية المعتمدة على تنفيذ ما يصدر عن الغرف السوداء، بل نشير الى تخوّف مملكة «داعش» من عودة تأثير كلام السيد على شارعها كما حدث بعد حرب تموز 2006 رغم صرفها مليارات الدولارات لتشويه صورته… هي اليوم خائفة من سلطة كلامه الواضح والعميق، والغني ببراهين سياسية يستطيع أي متابع تفهّمه وتلمّسه دون حاجة غلى إعلام السعودية، فالمتابع لغعلامها وسياساتها لم يعد يثق بما تقوله، خاصة بعد خروج عشرات المحللين من قنواتها وبالتحديد «العربية» ليقولوا انّ انخفاض سعر البترول أصاب إيران بالإفلاس، وفي أقلّ من ستة أشهر ستعلن طهران عجزها الاقتصادي، وستصاب بهزيمة عسكرية في سورية والمنطقة، وجراء ذلك سيتضرّر حزب الله، وسيسلّم أوراق اعتماده الى الحكومة اللبنانية، وانّ الرئيس بشار الأسد سيهرب مع أسرته الى روسيا… لكن النتيجة جاءت معاكسة ومغايرة لأحلام أقوال الخطاب السعودي، وها هو السيد حسن يطلّ بشكل دوري معلناً هزيمة مشروع السعودية ومن معها، ومفنداً خسارتها عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وهذا الواقع اربك الشارع الخليجي وتحديداً السعودي، بالطبع إعلامها خارج التغطية ولا تهمّه المصداقية، فقط اتجه إلى شتم السيّد حسن والمقاومة وإيران وروسيا وسورية مباشرة، وبكلام معيب!

وما حدث من قبل السعودية من ردود أفعال بعد خطاب السيد نصرالله الأخير دليل على انّ الحكام في السعودية يضيقون صبراً منه، وهم مستعدون لدفع المزيد من المليارات لتشويه سمعته وسمعة رجالات المقاومة، كما أنّ الاعلان عن تجميد الهبات الخاصة بالجيش اللبناني وقوى الأمن من قبل السعودية الآن، وفي هذه الظروف، جاءت كنصيحة من مستشار لبناني يعمل مع زعيم لبناني تابع للسعودية، وتأتي من باب إحراج الحزب داخلياً، علماً أنّ الثابت هو انّ الهبات السعودية قد تبخرت منذ أكثر من سبعة أشهر.

السعودية فرزت بعض الجهات الحكومية لمتابعة خطابات السيد، ودراسة ما تشكله من تأثير على شارعها والشارع العربي وأحداث اليمن وسورية، وهي بصدد أخذ إجراءات إعلامية مباشرة، ومنها التطاول على السيد والمقاومة بفضائياتها الحكومية، واستمرار الإعلام التابع لها في محاولة تشويه شخصه وحضوره، وايضاً قطع رزق بعض الإعلاميين والمستثمرين والتجار اللبنانيين والتضييق عليهم في الخليج، وقد نسمع بعد كلّ خطاب ارتدادات سعودية شبيهة بتجميد هبة الجيش!!

السعودية كانت ولا تزال تؤمن انّ بمقدورها شراء ذمم العالم بأموالها، وقد كبرت هذه المعادلة بعد ان نجحت في شراء غالبية الأقلام والسياسات والإعلام الغربي والعربي، وسعت الى تشويه الحقائق وتخدير العقول وتسطيح مجتمعاتها كما فعلت «إسرائيل» بفارق انّ السعودية تدفع المال لأميركا وتوابعها وأميركا تدفع المال والسلاح والمواقف والإعلام الى «اسرائيل»، وللأسف لا تقال هذه الحقيقة إلا في السرّ فجاء السيد حسن نصرالله وأعلنها بذكاء وببساطة، تاركاً لمملكة التآمر همجية التصرف والردود واستغلال أموالها في استغباء الناس دون ان تدرك انّ الآخرين يراقبونها!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى