السعودية و«إسرائيل» متفقتان: العدو هو حزب الله

ناصر قنديل

– رغم كلّ حجم العلاقة الأميركية السعودية تاريخياً، بقي التعاون بين «إسرائيل» والسعودية محصوراً ببعض الأقنية السرية، حتى لو كانت تتمّ بعلم صانع القرار، ولم يكن التحفظ مجرّد مراعاة للرأي العام، أو خشية ردود أفعال تنعكس على مكانة المملكة المتطلعة لقيادة عالمين عربي وإسلامي يجمعهما التطلع لتحرير فلسطين. ورغم العداء السعودي المعلن والعملي لقيادة جمال عبد الناصر كانت المملكة تخوض حروبها العربية تحت شعار أنها تملك الوصفة الأفضل من الخيارات المغامرة لتحرير فلسطين، وهي وصفة العلاقة المميّزة بواشنطن، لكن العلاقة مع «إسرائيل» وتطبيعها بقي رسمياً من محرمات السعودية، رغم شكوك كثيرة حول عدم صدقية هذا التحريم.

– الذي يجري اليوم يتخطى التحليلات الاتهامية المبنية على الشكوك والفرضيات في ما يخصّ الماضي، الذي يبقى يحتمل التأويل، لأنّ ثمة تناقضاً جوهرياً كان يحول في الماضي دون التحالف يتصل بتطلع متعاكس لجهتين تثق كلّ منهما بأنّ لديها ما يكفي من أسباب القوة لتكون المهيمنة على المنطقة ذاتها، وسقف ما تعد به القوة الأخرى هو ضمان الحدّ المقبول من المصالح والأمن لها. هكذا كان موضوعياً واقع النظرتين «الإسرائيلية» والسعودية لبعضهما وهذا ما لم يعد قائماً، فالمنطقة التي كانا يتنافسان على قيادتها وزعامتها والهيمنة عليها، منذ نهاية الحقبة الناصرية، طوال أربعة عقود قد تغيّرت كثيراً، ولم تعد لـ«إسرائيل» بعد حروبها الخاسرة في لبنان وفلسطين، ولا للسعودية بعد تكسّر رماحها في سورية واليمن، وبعد نهوض إيران، فرص وآمال باستعادة الماضي وأحلامه، ولا بات في يد أميركا أن تفعل ما يفيد في تعويم معادلات الماضي، بعدما جرّدت جيوشها وأساطيلها منذ عقد كامل وما يزيد وفشلت في تثبيت إمبراطوريتها الجديدة، بعيد انهيار الاتحاد السوفياتي وها هي تتأقلم مع الوضع الجديد وتسلّم بأنّ الأمور لم تعد لها كما تشتهي، مع إيران جديدة تضطر إلى التفاهم معها، بوجود حضور روسي يتخطّى حدود المألوف سابقاً ويفرض إيقاعه على الأحداث.

– لا ترتاح السعودية و«إسرائيل» لما تصفانه بالخنوع الأميركي، ولكنهما لا تملكان قدرة الانفراد مع حلفاء آخرين لتغيير المعادلات، فتنصاعان للمسارات التي قرّرت واشنطن سلوكها في التعامل مع الدور الروسي والنهوض الإيراني، وهي مسارات الاحتواء، وتسعيان للانخراط في المسار السوري الجديد للإمساك بفرص جديدة للانقضاض، لكنهما تتفقان وتحظيان بمباركة أميركية لاتفاقهما، بأنّ حزب الله هو العدو، وأنّ إلحاق الأذى به يُسهم في تحسين المعادلات التي تحيط بالسياسة الأميركية، وأنّ حرمانه من المشاركة في الصورة التذكارية للنصر في سورية، الذي كان شريكاً أساسياً في صناعته، سيفقد هذا النصر الكثير من البريق، وسيفقد الحلفاء الكثير من القيمة المضافة، عدا عما يرويه ذلك من عطش «إسرائيلي» سعودي للانتقام ممن يعتبرونه سبباً في كلّ ما لحق بمشاريعهم من هزائم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى